أظهرت دراسات وتقارير حكومية خليجية أن الدول الأعضاء في مجلس التعاون، تواجه درجات مختلفة من الفقر في أوساط مواطنيها وتسعى إلى معالجتها عبر برامج وخطط اجتماعية وتنفيذ مسوحات اقتصادية في شكل مستمر. وأفادت دراسة أعدها المستشار الإقليمي في قضايا الفقر في الدول العربية، ضمن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، أديب نعمة، أن بلدان دول المجلس الست تتميز بمستوى دخل عال عموماً ما يجعل معدلات الفقر منخفضة في شكل عام، والفقر المدقع والجوع غير موجودين عملياً، أو موجودان بشكل ضئيل لا يُعبر عنه إحصائياً. وأكدت أن متوسط إنفاق المواطن من فئات الدخل المنخفض في الكويت بلغ 11.8 دولار في اليوم، وفي قطر 10 دولارات للقطريين و3.8 دولار لغير القطريين. ومن ضمن المجموعة الخليجية، حدّدت البحرين نوعاً من خط الفقر الوطني لسد الحاجات الأساسية الغذائية وغير الغذائية للأسرة البحرينية يعادل إنفاق 5 دولارات للشخص الواحد في اليوم، ووجدت الدراسة أن 11 في المئة من السكان هم دون هذا الخط. أما قطر فحددت خطاً للفقر النسبي هو 40 في المئة من الدخل الوسيط، ولم تشر إلى نسبة السكان الذين يعيشون تحت مستواه. وخلص الخبير الاقتصادي والإحصائي عبدالحميد عبدالغفار في ورقة عمل أعدها حول الفقر في البحرين، إلى عدم وجود خط رسمي للفقر فيها، مشيراً إلى أن أحدث الإحصاءات عن الأوضاع المعيشية للبحرين تفيد بأن خط الفقر للفرد فيها هو 59 ديناراً شهرياً للفرد الواحد، وخط فقر الأسرة المكونة من 6 أفراد 336.8 دينار، وأن الأسرة تخصص 26.7 في المئة من دخلها للإنفاق على الغذاء، و3 في المئة للرعاية الصحية، و4 في المئة للتعليم، علماً أن الدولة توفر خدمتي التعليم والرعاية الصحية حتى أعلى المستويات مجاناً أو شبه مجّان. بينما تخصص الأسرة للإنفاق على المسكن 27.4 في المئة، و13 في المئة للنقل والمواصلات، في حين يمتلك 78 في المئة من البحرينيين مساكنهم الخاصة، ويبلغ متوسط عدد الغرف في المسكن خمساً، ومتوسط كثافة الإشغال 1.4 شخص في الغرفة الواحدة. وأكد عبدالغفار أن حجم المعونة الحكومية ارتفع في شكل كبير، إذ بلغ عدد الأسر المدعومة 9947 بواقع 19016 فرداً وباعتمادات بلغت نحو 9.5 مليون دينار في 2006. أما جملة المبالغ في 2007 فبلغت 11 مليون دينار، بخلاف المعونات الأهلية التي تقدمها الصناديق الخيرية إلى فئات اجتماعية تعيش حالة من البؤس الاقتصادي والاجتماعي في البحرين. وبدأت وزارة التنمية الاجتماعية في البحرين مطلع 2007 تنفيذ قانون جديد للضمان الاجتماعي وصرف مساعدات اجتماعية، رفعت قيمتها من 50 إلى 70 ديناراً للفرد، وللأسرة المكونة من أكثر من 5 أشخاص من 100 إلى 150 ديناراً. إلى مساعدات أخرى تقدمها الوزارة منها تخصيص 10 إلى 20 ديناراً في شكل خفض لرسوم الكهرباء والماء، وتوزيع أسهم في مجمعات عقارات السيف التجاري، إضافة إلى توفير التدريب المجاني لأبناء الأسر المحتاجة، والإعفاء من الرسوم الدراسية، ورسوم البلديات والأشغال والإسكان. أما أوجه الدعم الأخرى فتتمثل في دعم المواد الغذائية، والصحة، والبنزين، والكهرباء والماء، والتعليم. وأفادت وزارة الشؤون الاجتماعية السعودية في ورقتها حول"تجربة المملكة العربية السعودية في قياس خطوط الفقر ومؤشراته"، قدمتها إلى ورشة عمل عقدت أخيراً في صنعاء، أن السعودية كغيرها من دول العالم تعاني من وقوع بعض مواطنيها في دائرة الفقر، وتبذل الحكومة السعودية جهوداً كبيرة للحد من هذه المشكلة. وأشارت ورقة العمل إلى المساعدات التي تقدمها السعودية لمكافحة الفقر وتشمل الضمان الاجتماعي لضمان تلبية الاحتياجات المالية للمستفيدين، وتعويض الزيادات التي طرأت على تكاليف المعيشة، وبنك التسليف السعودي لمساعدة المواطنين على مواجهة احتياجاتهم الضرورية، وصندوق التنمية العقاري لتوفير السكن اللائق للمواطن، إلى جانب دور القطاع الأهلي في مكافحة الفقر. وفي الكويت كشفت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في ورقة عمل أعدتها حول تجربتها في مجال الفقر ومقاييسه، أن عدد المستفيدين من سياسة المساعدات الاجتماعية ازداد من 27319 ب 63.3 مليون دينار كويتي في 2005، ليصل إلى 34737 مستفيداً بمبلغ 74.4 مليون دينار في 2007. وحتى شباط فبراير 2008 بلغ المستفيدون 34764. ويشمل قانون المساعدات العامة في الكويت فئات الشيخوخة، وأسر الطلاب، والأيتام، والأرامل، والمطلقات، والمرضى، والعجز المادي، والبنات غير المتزوجات، وأسر المسجونين، والتائبين، والكويتيات المتزوجات من غير مواطنين، والعسكريين غير الكويتيين، وأيتام شؤون القصر. وأشارت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الكويتية إلى خدمات إضافية يقدمها قطاع المساعدات الاجتماعية، إضافة إلى خطط ومشاريع نفّذت لمكافحة الفقر، منها بيت الزكاة الكويتي الذي قدم 17.8 مليون دينار مساعدات اجتماعية شهرية ومقطوعة، وقروضاً حسنة إلى 23877 أسرة. وبلغ عدد الأسر المتعففة المستفيدة من مساعدات البيت 211 ب 530 ألف دينار للواحدة. وأنفق البيت 73 ألف دينار على مشروع كسوة اليتيم استفاد منها 4700 يتيم، و52 ألفاً على مشروع حقيبة الطالب استفاد منها 6 آلاف طالب. كما تحارب الأمانة العامة للأوقاف الحكومية، والجهات الأهلية الفقر ايضاً. وفي الإمارات العربية المتحدة بلغت قيمة المساعدات الاجتماعية 783 مليون درهم إماراتي في 2005 استفاد منها 31541 حالة يصل عدد أفرادها الى 69 ألفاً. وتضم هذه الحالات الشيخوخة والبنات غير المتزوجات والترمل والطلاق والهجران وزوجة غير المواطن، واليتيم والعجز الصحي والمادي، والطلاب المتزوجين وأسرة المسجون ومجهولي الوالدين والمعوقين. وكان رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان أصدر قراراً برفع قيمة المساعدة الاجتماعية إلى مستحقيها بنسبة 75 في المئة في 2005. وبموجب هذا التعديل أصبحت قيمة المساعدات الاجتماعية للفرد الواحد 2200 درهم شهرياً ما رفع قيمة المساعدة الاجتماعية إلى 1.2 بليون درهم سنوياً، لتوفير مستوى معيشي لائق للفئات المستفيدة من المساعدات في ضوء ارتفاع أسعار بعض المواد. وفي سلطنة عمان تحصل أسر الضمان الاجتماعي على منحة مالية تضاف إلى قيمة المعاش الضماني المستحق لمناسبة الأعياد من كل عام، بمعدل نصف قيمة المعاش الشهري المستحق أي أنها تحصل في السنة على 13 معاشاً. وإلى جانب المعاش الشهري تحصل أسرة الضمان على رسوم إدخال التيار الكهربائي والمياه والعلاوات المرضية، والمساعدات الطارئة ومشاريع موارد الرزق ومساعدات الكوارث. كما تحصل على الإعفاء من رسوم الأراضي واستخراج جواز السفر واستخراج البطاقات الصحية والعلاج واستخراج الصكوك الشرعية والوثائق، والإقامة في بنايتي الرباطالعماني بالحرم المكي أثناء تأدية مناسك الحج والعمرة. ويفرض قانون الضمان الاجتماعي في قطر دخلاً لكل مواطن قطري، وتوفر الدولة المعاش الشهري للأرملة والمطلقة والأسرة المحتاجة، والمعوق واليتيم والعاجز عن العمل والمسن وأسرة السجين والزوجة المهجورة وأسرة المفقود. ومع أن التعليم المجاني متوافر لكل القطريين ويفرض القانون التعليم الأساس الإلزامي، فإن الدولة، ومن منطلق مكافحة الفقر والحد من ظاهرته، وفرت فصول التعليم المسائي لمحو الأمية لأن الأمية سبب من أسباب الفقر بالنسبة للفرد، ينعكس في أسرته. لذا نظّم برامج محو الأمية في الأحياء السكنية وهو نظام موازٍ للتعليم النظامي حتى الحصول على الشهادة الثانوية. وتلعب منظمات المجتمع المدني والهيئات المستقلة دوراً مهماً من خلال سداد رسوم التعليم في المدارس الخاصة لأبناء المقيمين من الأسر المحدودة الدخل، ودعم شراء الكتب الدراسية والحقائب والمواصلات. وتقدم الحكومة القطرية برامج الضمان الاجتماعي، ونظام التقاعد والمعاشات، ومساعدات صندوق الزكاة، والوقف. إلى جانب برامج تقدمها منظمات غير حكومية مثل برنامج دعم الأسر المحتاجة، وتنمية القدرات الذاتية للموارد البشرية، وتعزيز فرص التشغيل والعمل، ومشاريع التشغيل الذاتي، ومشروع دعم الطلاب والمؤسسات التعليمية.