"نحن لا نقيم طويلاً على الأرض، لكننا ندين لها بالكثير. غابتنا مريضة، وشواطئنا مثقلة بالتلوث وتربتنا مسمومة في مناطق كثيرة. يتغير المناخ في شكل مقلق. لا ندري كيف نتخلص من النفايات. وكلنا مسؤولون. نحن لا نحترم بيئتنا، وقد أصبحنا نسأل: إلى متى تظل الأرض مكاناً صالحاً للعيش"؟ تردّدت تلك الأسئلة وغيرها على ألسنة الذين حضروا"اللقاء العربي الثاني لمسؤولي البيئة في الجمعيات الكشفية العربية"أخيراً. ونظمّت اللقاء"المنظمة العربية الكشفية"بالتعاون مع"الاتحاد العام للكشافة والمرشدات في الجماهيرية الليبية". والحال أنها المرة الثانية التي تستضيف فيها ليبيا هذا اللقاء الذي عقد في"مركز تدريب الكشافة والمرشدات"في غابة"جود دائم"في طرابلس الغرب. وحضره أكثر من خمسين مسؤولاً من الكشّافة العرب. حماية البيئة والحوار مع"الآخر" وفي حديث الى"الحياة"، قال أبو راوي حسين الشيباني الذي قاد هذا اللقاء"إن هذا المحفل البيئي الكشفي يهدف للرقي بمستوى مسؤولي البيئة للجمعيات الكشفية العربية، وتعريفهم بالتحديات التي تواجه منطقتنا العربية ولنتبادل الخبرات والآراء والأفكار التي تساعدنا على التخطيط لبيئة أفضل وتسهم في إيجاد استراتيجية موحدة للحفاظ على بيئتنا العربية". حضر اللقاء الكشفي الدكتور عاطف عبد المجيد المدير الإقليمي والأمين العام ل"المنظمة الكشفية العربية"الذي أكّد التزام الأمانة العامة المبادرات الشبابية البيئية عربياً. وشدّد على ضرورة أن يكون للحركة الكشفية دور إيجابي فاعل في حماية البيئة، كاستثمار حقيقي يقدم للأجيال الحالية والمستقبلية، من أجل صنع عالم أفضل. وفي سياق هذا النشاط، اعتبر عبد المجيد أن اللقاء يمثّل جزءاً أساسياً من أهداف"المنظمة الكشفية"ورؤيتها ومهمتها. وأكد أيضاً أن المنظمة ذاتها تسعى الى بناء شراكة قوية مع منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية من أجل تحقيق هذه الأهداف. وفي هذا الإطار، اتفقت"المنظمة الكشفية العربية"و"جمعية الدعوة الإسلامية العالمية"مثّلها الدكتور إبراهيم الربو على التعاون والتنسيق المشترك من خلال أجندة للنشاطات المشتركة بينهما. وأكّد الربو أن"جمعية الدعوة"تسعى الى تطوير جهودها في مجال حماية البيئة، باعتبارها مهمة لصيقة بالدين والحضارة. وأعرب عن اعتقاده بأن الدين ليس مجرد عبادات، ملاحظاً"أن الإسلام حياة وأسلوب وعلم وإسهام في الحضارة الإنسانية... وقد نص القرآن الكريم في مواضع شتى على احترام الأرض وعدم إفسادها. وكذلك ربط بين الإيمان والعمل الصالح. دخل الإسلام الصين وأندونيسا وأدغال أفريقيا بأناس قدموا أعظم الأمثلة في حسن المعاملة والخلق. وقدموا نماذج اقتدى الناس بها... لا تكون الدعوة للإسلام بالكلام، ولا تتغير الصورة المشوهة عنه في عين الأخر بالكلام بل بالأفعال والأعمال الصالحة، وخصوصاً حماية البيئة وصونها". يذكر أن اللقاءات الكشفية العربية بدأت عام 1998، واستضافت الإمارات العربية اللقاء الأول الذي تركّز حول الثقافة البيئية. وعقد اللقاء الثاني عام 2000 في الإمارات أيضاً. وتحدث فتحي فرغلي نائب الأمين العام ل"المنظمة الكشفية العربية"، عن هذه الأمور إلى"الحياة"، فقال:"خلال اللقاء الثاني، وُضِعَت خطة عمل للمنظمة في مجال البيئة خلال العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين... ونُظمت لقاءات كشفية حول دمج النشاطات البيئية في مناهج الكشافة وبرامجها، بداية من اللقاء الذي عقد في سلطنة عُمان في 2002، وتلاه لقاء في 2004 تمحور حول الحفاظ على المحميات الطبيعية في الكويت. ودرس لقاء القاهرة 2005 دور الكشافة في قضايا التصحر والمياه. وتناول لقاء القاهرة التالي في 2006 في المركز الكشفي العربي قضايا تتصل بالتوعية الكشفية. وتلاه لقاء سابع استضافته الجماهيرية وركّز على مشكلتي تغير المناخ وقضية المياه. شهد هذا العام استضافة الجماهيرية أيضاً اللقاء الثامن". وفي إطار الخطة البيئية العشرية للمنظمة، جرى إصدار عدد من الأدلة المطبوعة حول دمج النشاطات البيئية في برامج الكشافة، مثل الدليل البيئي المعروف باسم"ساهم في إنقاذ العالم"، إضافة إلى أدلة لمعاونة القادة في المهمات التدريبية. وفي سياق متصل، نبّه فرغلي إلى أهمية إدخال مواضيع البيئة في التعليم المبكر، مركزاً على دور المدرسة في غرس قيم التطوع والعمل الجماعي وخدمة المجتمع والعناية بالبيئة. تجارب كشفية في حماية البيئة وتعددت نشاطات اللقاء، فشملت محاضرات حول البيئة مثل التغير المناخي والتلوثين النووي والإشعاعي وتراكم الغازات المُلوّثة في الهواء وأثره في الصحة. وكذلك تضمن نشاطات عملية مثل ورشة العمل الخاصة بإعداد القادة والقائدات في مجال التوعية والتربية البيئية. وفي حديث الى"الحياة"، لاحظت الدكتورة سكينة بن عامر المشرفة على هذه الورشة"أن التربية البيئية تتصل مباشرة بالتربية الكشفية، ذلك أن الهدف الأساسي للحركة الكشفية هو تنمية قدرات النشء والشباب بدنياً وعقلياً وروحياً واجتماعياً من أجل أن يصبحوا مواطنين إيجابيين، ويساهموا في خدمة مجتمعاتهم المحلية والإقليمية والعالمية. ومن هذا المنطلق فإن الحركة الكشفية تكمل دور المدرسة والبيت ووسائل التثقيف، في إكساب الأطفال والشباب المفاهيم والسلوكيات اللازمة للتعامل الواعي والإيجابي مع البيئة. وجرى تدريب القادة على تطوير المناهج والبرامج الكشفية وعلى أساليب مساعدة الفتية والشباب على التعرف الى المشاكل البيئية، وإدراج الحفاظ على البيئة ضمن المشاريع الشخصية في دورات التأهيل القيادي وترسيخ مبدأ الوقاية". وفي هذا الإطار أيضاً نظمت ورشة عمل حول إنتاج وسائل التوعية البيئية. كما عُرِضَتْ تجارب الاتحادات الكشفية في عدد من الدول العربية. وأكد البدري لوزان ممثل"الحركة العامة للكشافة والمرشدات في ليبيا"اهتمام الكشافة الليبية بمفهوم الشراكة مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص والجمعيات الأهلية. وبيّن أن العام الجاري شهد مشاركة الكشافة في حملة غرس مليون شجرة في ليبيا"، مُبيّناً أن دورها تجاوز عملية الغرس إلى العناية بالشجرة مستقبلاً. كما شاركت الكشافة الليبية في حملة كبرى لجمع الأكياس البلاستيكية، وتمكّنت من جمع مئة وخمسة أطنان من الأكياس البلاستيكية في بنغازي. وساهمت أيضاً في حملة لجمع الأدوية المكدسة في المنازل والتي كانت في غالبيتها منتهية الصلاحية! وعرضت الكشافة الجزائرية تجربتها في المعسكرات البيئية وحملات جمع المخلفات الصلبة، وتعليم القيم البيئية من خلال ألعاب مُبسّطة. وعرضت تونس إحدى تجاربها في التوعية حول سوء استخدام العبوات البلاستيكية وجمع المخلفات المنزلية. وقدمت الإمارات بعض تجاربها في مجال حماية الحياة البرية والحدّ من التصحر. كما عرضت البحرين تجارب عن حماية الشِعاب المرجانية في الخليج العربي. وخلال هذا اللقاء، أجرى قادة الكشافة زيارات ميدانية منها زيارة مصفاة الزاوية وزيارة إحدى شركات الغاز الطبيعي ومتحف الهيئة العامة للبيئة. وفي ذلك المتحف، أكدت الدكتورة فاطمة وفاء اهتمام الجماهيرية بقضية البيئة، وقالت إنها من أوائل الدول العربية التي أصدرت تشريعات لحماية البيئة مثل القانون رقم 7 لعام 1982، كما أسست"المركز الوطني لحماية البيئة"الذي غيّر إسمه في العام 2000 ليُصبح"الهيئة العامة للبيئة". كما أصدر مؤتمر الشعب العام القانون رقم 15 للعام 2003، الذي تناول حماية البيئة وتحسينها. وأفرد هذا القانون باباً متخصصاً لمفهوم"الأمان الحيوي"BioSafety. وأكدت وفاء الاهتمام الرسمي بالمشاركة الجماهيرية، إذ جرى إنشاء مكتب للنشاط الأهلي، كما عُقِدَت أول اتفاقية للهيئة مع العمل الأهلي، مع الحركة العامة للكشافة عام 2000. وكان لقاء طرابلس 2008 فرصة أيضاً للتعريف بالمشروع الوطني للتربية البيئية في ليبيا والذي يُركّز على دمج مفاهيم البيئة في مناهج التعليم بالمدارس. ويحمل شعار"البيئة: تعلم عنها ومنها ولأجلها". ونالت البيئة الساحلية حصة الأسد من الاهتمام في"اللقاء العربي الثامن لمسؤولي البيئة في الجمعيات الكشفية العربية"، الذي حمل شعار"بيئتنا مستقبلنا". وخصصت نشاطات عدة للبيئة الساحلية، مثل المشاركة مع"مركز اليوم العالمي"الأهلي و"نادي باب البحر للغوص والرياضات البحرية"، في حملة تنظيف شاطئ وقاع البحر المتوسط تحت شعار"البحر والشمس"المُقتبس من حملة عالمية تجرى في مدن متوسطية عدّة. وساهم الكشافون أيضاً بحملة نظافة لجانب من الشاطئ في طرابلس. كما تعرفوا الى المشروع الوطني لحماية السلاحف البحرية في ليبيا، الذي استطاع إنقاذ عدد كبير من السلاحف البحرية وتوفير ظروف ملائمة لموائلها الطبيعية. كما شهدوا عروضاً مصوّرة عن محميات بحرية. نشر في العدد: 16656 ت.م: 10-11-2008 ص: 36 ط: الرياض