تجربة الممثل حسن عويتي التلفزيونية تلفت انتباه النقاد والمشاهدين على حد سواء، فعويتي الذي جاء إلى الدراما السورية من تجربة مسرحية كان خلالها مخرجاً متميزاً وقدّم عدداً من الأعمال المسرحية منذ سبعينات القرن العشرين، نجح في تحقيق حضور أيضاً على الشاشة الصغيرة وبالذات في السنوات الخمس الأخيرة. حسن عويتي هو ممثل الأدوار الثانية ولكن الأساسية في المسلسلات السورية ومن خلالها حقق جائزة أحسن ممثل السنة الماضية. يمكن هنا أن نتذكر عدداً من الأدوار التي لعبها عويتي ببراعة لافتة، خصوصاً دور"المختار أبو عايد"في"التغريبة الفلسطينية"مع المخرج حاتم علي و"موفق"في"ليس سرابا"مع المخرج المثنى صبح وسواهما الكثير من الأدوار التي حملت باستمرار طبيعة تركيبية تتجاوز تبسيطية الأدوار الأحادية، وتحتاج فهماً ولياقة فنية عالية جعلتنا نتمتع معه بأداء فيه الكثير من الحرفيات العالية، ولكن فيه كذلك سمات الشفافية والتعبيرية الغنية. كان لافتاً هذه السنة أداؤه دور"موفق"في"ليس سرابا"وهو دور اعتمد بدرجة كبيرة على تنويع الانفعالات من خلال ملامح الوجه، وكان عويتي فيه الممثل النجم الذي يشد انتباه المشاهدين ويقنعهم. هو دور يقع في مساحة الحرية بعيداً من أية نمطية، ولذلك قدّمه حسن عويتي بلمساته الشخصية التي جعلتنا نتابع الخط العام الذي يربط الدور بالعمل، وأعني هنا الخراب الاجتماعي العميق الذي يواجهه المثقف التنويري بكثير من التطلع للمستقبل بأمل على رغم كل الإحباطات. بين المسرح والتلفزيون يمكن ملاحظة جهوده في العمل كمستشار درامي في عدد من المسلسلات السورية، وهو دور يضعه في قلب الفعل الدرامي ويمنحنا كمشاهدين أفقاً مغايراً، خصوصاً في تحقيق"مناخ"العمل الذي هو جوهر الإبداع التلفزيوني درامياً، خصوصاً في تلك المسلسلات التي تحمل أفقاً ثقافياً أو حتى تاريخياً وتحتاج إخراجياً إلى إقامة نوع من"هارموني"سلس يتفاعل مع جماليات الصورة والحلول الإخراجية المبتكرة لمخرجي الأعمال التي تميز بها حسن عويتي، والتي حققها المخرجون السوريون الأهم في الدراما اليوم. هي كلها مزايا الفنان الناجح، الموهوب وبالغ الرّهافة، لكنها في الوقت ذاته المزايا التي تجعلنا نستغرب كيف لم يقدم حسن عويتي على خوض تجربة الإخراج التلفزيوني إلى اليوم؟