يبشر المذيع والمذيعة الشابان جموع المشاهدين المتجمهرين أمام الشاشة بقرب موعد الفقرة الأشهر في برنامجهما الصباحي المنوع: فقرة "الرياضة والرشاقة". يقترب المذيع من زميلته قائلاً إن الفقرة المحببة إلى قلبها باتت وشيكة. تنظر إليه المذيعة نظرة شريرة تنبئ بقدر غير قليل من التأنيب الذي لا يمكن ترجمته إلى كلمات على الهواء، فتنهره بكلمتين هما مزيج من الجد والهزل... وتبدأ الفقرة: الپ"كوتش"في الأمام وخلفها سيدتان تتبعان حركاتها. الزي الرياضي الموحد لثلاثتهم عبارة عن"تي شيرت"أحمر قصير وسروال أسود"سترتش"مرصع بالإكسسوارات اللماعة مع قدمين حافيتين. أما علامة البدلة الرياضية الفارقة ف"إيشارب"مربوط بحنكة على منطقة الأرداف وتتدلى منه عشرات القطع المعدني اللامعة التي تصدر أصواتاً اشبه بحفيف الأشجار. تبدأ الفقرة بعد"صباخ الكير"بالغة النعومة التي تلقيها"الكوتش"على المشاهدين بلهجة مصرية مدغدغة تنم عن أنها خبيرة أجنبية في مجالها. ثم تنطلق شارحة الخطوات، بينما السيدتان في الخلف تجتهدان بمنتهى الجدية والانتباه للحاق بها."هز الوسط هو الأساس... واهد، اتنين، تلاتة، أربأة...". تلتقط"الكوتش"أنفاسها، وتعيد"الإيشارب"إلى مكانه بعدما تغير موقعه. ثم تعلو الموسيقى وكأنه فرح بلدي... ومع دقات الطبلة الأخيرة ترفع"الكوتش"ذراعيها إلى أعلى، لتعلن انتهاء الفقرة الرياضية واعدة جمهورها العريض بمزيد من التمارين مع"ليزا اللذيذة". تعود الكاميرا إلى الاستوديو، لتفضح حواراً ساخناً بين المذيع والمذيعة أثناء انشغال"الكوتش"ليزا"اللذيذة"بلياقة المشاهدين. ربما يكون توبيخاً من المذيعة لزميلها على"اتهامها"بمتابعة فقرة لياقة كهذه وانتظارها بفارغ الصبر - على حد قوله... من دون أن يمنع هذا المذيع من شكر"ليزا اللذيذة"على جهودها، ثم يقول مرتجلاً:"إحنا مش بس نحاول تعليمكم الرقص الشرقي، لكن كمان نحاول أ أ أ... الحقيقة أنا مكسوف". وتنتقل الكاميرا بسرعة إلى المذيعة التي ترمقه بنظرة أشد توبيخاً من المرة الأولى، وتتدارك الموقف لكن يبدو كلامها وكأنه دفاع عن تهمة، فتقول:"طبعاً الرقص الشرقي فن شأنه شأن بقية الفنون الأخرى". وتصمت برهة باحثة عن إضافة أخرى:"وهذا طبعاً إضافة إلى أنه يساعد على فقدان الوزن وشد العضلات". ولا تقف حدود التجديد والإبداع عند هذا الحد في الفضائية الجديدة التي تملأ شوارع مصر وجرائدها ومجلاتها بإعلاناتها التي تحض الجميع على مشاهدة نوعية مبتكرة من الإعلام، ولكن تأتي نشرة الأخبار أشبه بپ"الجلسة البلدي"التي تجمع ربات البيوت بعد انصراف أزواجهن إلى اعمالهم، وذلك على غرار"ما شوفتيش حصل إيه إمبارح؟ مش بوش قال للأمريكان إنه زعلان على إللي حصل في الجامعة وغضبان من ضرب النار". فتتدخل اخرى قائلة:"بس ما تنسيش إنه كمان قال حاجة مهمة. الراجل بوش مصمم على ان الناس العادية تخلي معاها أسلحة تحمي بها نفسها". ولا يبقى في النشرة الإخبارية"المبتكرة"ذات المضمون الجديد والزاوية المتفردة سوى تذييل الأخبار بعبارات مثل"قطيعة"أو"يا دي المصيبة"أو"يا داهية دقي". وهي العبارات ذاتها التي حتماً يطلقها فريق آخر، ولكن بالعربية الفصيحة وذلك ترحماً على حال لغة الضاد وعلى مفهوم الرياضة الذي بات يفصل بينه وبين"ليزا اللذيذة"شعرة أرفع من شعرة معاوية.