ما يميز برنامج "قناة خمس نجوم" الذي تقدمه هالة سرحان على قناة "روتانا موسيقى"، هو أنه يذهب إلى مناقشة قضايا التلفزيون ذاته، وإنْ كانت هذه المناقشة غير جدية، بل تجري في إطار من الدعابة والمرح، ووفق أسلوب يحرص، من خلاله، القائمون على البرنامج، الابتعاد من"الرصانة". لا سجالات، ولا مماحكات كتلك التي نراها في برامج القنوات الإخبارية، بل حوارات"مسلية"تحاول أن تطرح سجالاً هادئاً بلا خصومة أو غضب. بعدما تعرِّف المذيعةُ المشاهدَ بضيفها عبر أسئلة تتسم بالتلقائية والعفوية، التي تطغى، غالباً، على أسلوب سرحان، وكأنها لا تلتزم أي إعداد مسبق، فأسئلتها تتوالد من رحم الأجوبة المقدمة، تعيِّن المذيعة الضيف في منصب افتراضي، إذ تمنحه حق امتلاك فضائية تلفزيونية، مع الاحتفاظ لنفسه بإدارة هذه القناة. هنا، يحق للضيف اختيار اسم للقناة، واختيار الأشخاص الذين سيتعاون معهم، ويتحدث عن طبيعة فضائيته القادمة، ويبدأ ببث المواد الإعلامية في محطته المفترضة. في الواقع، إن هذا المنصب الافتراضي الجديد الذي يجد الضيف نفسه فيه، يجعله مرتبكاً، فمهنته، في الأساس، إما ممثل أو مطرب أو ما شابه، وحين يجد نفسه مالكاً، ومديراً لمحطة تلفزيونية فإنه يتورط من حيث لا يدري، وعليه عندئذ أن يجتهد كي يضع العناوين العريضة لتوجهات محطته وسياساتها حتى تكون مقبولة ومشاهَدة. كان ضيف إحدى الحلقات النجم السوري جمال سليمان، الذي اختزل في عنوان قناته المفترضة حال الفضائيات العربية، فهو اقترح أن يكون اسم القناة"رؤية"، أو"حلم"وهذا العنوان، وبعيداً من التأويلات المعمَّقة، يشير، ببساطة، إلى توق لولادة قناة فضائية تتسم بالموضوعية في الطرح، والاستقلالية في الرأي. هذه الأمنية هي أشبه بحلم يراود المشاهدين من المحيط إلى الخليج، حتى أن الفنانة المصرية بشرى، التي ارتأى سليمان أن يعينها كمديرة للبرامج في محطته الجديدة، اقترحت، بدورها، عنواناً لا تبتعد دلالاته من دلالات العنوان الذي اقترحه"مديرها"سليمان، فهي اختارت كلمة"الشفافية"عنواناً للمحطة، وهي بذلك عبّرت، من جانبها، عن واقع الفضاء العربي الذي تحجبه أقنعة وستائر سميكة كفيلة بحجب الحقائق، وطمس الوقائع، والاكتفاء بتلك الأحداث التي ترضي"أولياء الأمر"، لتبقى"الشفافية"، والحال كذلك، كلمة مؤجلة في قواميس الفضائيات العربية. البرنامج، الذي تبلغ مدته ساعتين، يقدم من داخل استوديو يتمتع بديكور جميل ومتقن، وهو يسير وفق إيقاع محبب، وضمن قالب خفيف الظل: فقرات غنائية، رقص، طرائف... لكن ثمة فقرات تبدو مقحمة"وطويلة كالفقرة التي تتعلق ب"طبق القناة"، إذ اضطر"المدير ومالك القناة جمال سليمان"إلى الانهماك في طبخ"الملوخية بالفراخ"بينما كان يقرأ، قبل قليل، نشرة أخبار عن سياسة جورج بوش والأوضاع في الأراضي العربية المحتلة! فضلاً عن أن زاوية التصوير من الأعلى التي يلجأ إليها المخرج تربك البصر من دون مبرر. أما ما يسجل للبرنامج فهو انه مبتكر، ويمزج بين الجد والمزاح في توليفة تجذب شرائح واسعة من الجمهور.