لعلها اقرب إلى صيغة الكترونية من الاستيلاء على العقول، تلك الالعاب البصرية الهائلة التي تطلع من الشاشات اللامعة للكومبيوتر. وقد باتت راهناً"كلمة السر"التي تفتح مغارة"علي بابا"الرقمية، ليطلع منها ما يأخذ بعيون الاجيال الشابة ويأسر أيديها حتى لا تستطيع فكاكاً من لوحة المفاتيح، فتضرب عليها باستمراراً طلباً للمزيد من إشباع الرغبات الدفينة، التي يبدو انها لا تشبع أبداً. وزاد في سحر الالعاب الالكترونية وقوتها انها تُلعب عبر الانترنت. ماذا يكون شعورك حين يكون اللاعب الآخر معك، سواء حليفك لعباً أم خصمك، شخصاً تفصلك عنه الكرة الارضية ومسافاتها؟ ليس فقط انه شعور يصعب وصفه، بل اننا نعايش الجيل العربي الاول شباباً ومراهقين، بل وحتى بعض الاطفال الذي يختبر هذا الشعور الافتراضي بالمعنيين المجازي والتقني. والارجح ان الآثار العميقة للالعاب الالكترونية لم تكتمل حلقاتها... بعد. وطريّةّ في الذاكرة"مذابح"جماعية ارتكبها مراهقون في المانيا وأميركا، نُسبت إلى الآثار النفسية للالعاب الالكترونية، ولو بصورة نسبية. وكذلك فإن بعض الاختصاصيين يتحدث عن تلك الالعاب، وما توّلده من آثار، باعتبارها المثال الابرز لظاهرة ادمان الكومبيوتر والانترنت. فهل سيأتي من يصفها بأنها"أفيون العصر الالكتروني"؟ أيدٍ عربية في الألعاب الساحرة اذا فكرنا في المدى العميق الذي تصل اليه ألعاب الكومبيوتر والانترنت، يتضح لنا بسهولة أهمية ألا تبقى أيدي العرب قاصرة عن أدراك مفاتيح هذا السحر، وقد فاتهم ذلك في أمور جمّة، وكثير منها أشد أهمية من الالعاب. لذا، يحس المرء ببعض الاطمئنان عندما يعلم ان أيدي عربية من مصر، باتت تمسك ببعض المفاتيح العلمية للالعاب الالكترونية. وأخيراً، بدا ان بعض الاختصاصيين المصريين حققوا دخولاً قوياً إلى هذا القطاع الحيوي من تكنولوجيا المعلومات. اذ حصلت شركة"ايه ايه تكنولوجيز"AA Technologies المصرية على توكيل لإطلاق منتجات شركة"بومتاون"Boomtown العالمية، إضافة إلى رخصة لتوطين الالعاب الالكترونية لتلك الشركة في المنطقة العربية. والمفارقة ان الاعلان جاء بُعَيد شراء شركتي"اياكس"وپ"بلاكستون"الاميركيتين شركة"بومتاون"التي تلاقي ألعابها الرقمية، بما فيها العاب الانترنت، رواجاً في الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وفي السياق نفسه، عقدت شركة"ايه ايه تكنولوجيز"اتفاقيتي تعاون مع شركتي"لينك نت"في مصر وپ"اتصالات"في الامارات. كما تعتزم ابرام عقود مشابهة مع شركتي الاتصالات في السعودية والكويت. وفي لقاء مع"الحياة"، كشف المسؤولون في تلك الشركة عينها نيّتهم استثمار نحو 50 مليون دولار عام 2006 ، ما يوفر فرص عمل لأكثر من ثلاثمئة مصري. وكذلك قررت الشركة اختيار مصر مقراً ادارياً، فيما اختيرت دبي مقراً اقليمياً للترويج. "الحياة"التقت الرئيس التنفيذي للشركة أشرف اسكندر للوقوف على رؤيته لاعمال شركته وعلاقتها بتطور المعلوماتية وانتشار الشبكات الالكترونية في الدول العربية. وفي ما يأتي الحوار: ما الذي تقدمونه عربياً؟ وما هي خبرتكم الفعلية في الالعاب الالكترونية؟ - أولاً يسعدنا أن نشير إلى أننا نحتفل راهناً بمرور عشرة أعوام على انطلاقتنا في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. وقد عشنا فيها الكثير من النجاحات... نحن ننظر إلى شركة"ايه ايه تكنولوجيز"باعتبارها جسراً قوياً نحو المستقبل... نعمل من خلال فريق متميز من المحترفين في قطاعات الأعمال والتكنولوجيا والتسويق. ولذا، نُقدّم خدمات القيمة المضافة إلى العملاء في قطاع الاتصالات لتمكينهم من تحسين قدرتهم على تأمين العائدات وضمانها وكسب حصة أكبر من السوق وتحقيق ربح أكبر لاستثماراتهم. وتتنوع خدماتنا بين إنشاء الهياكل الأساسية لقطاع اتصالات الخليوي بالصوت والبيانات ورسائل الاستدعاء، إضافة إلى اتصالات التجوّال"الرومينغ" Roaming وتقديم خدمات الانترنت وبروتوكول الشبكات الالكترونية اللاسلكية وغيرها. ما هو المفهوم الاساس في عمل شركة"بومتاون"للالعاب الانترنت؟ - ترتكز الفكرة الجوهرية لشركة"بومتاون"على ثلاثة عناصر أساسية، هي: مقهى الانترنت، ومجتمع الانترنت، ونظام العضوية. وتحظى مقاهي الانترنت بشعبية هائلة، عربياً ودولياً، وتتمتع بقاعدة ضخمة من الزبائن، وتنمو بسرعة لافتة. وتعتمد هذه المقاهي العصرية على نظام منح حق الامتياز التجاري، بما يكفل جذب هواة الألعاب الالكترونية الى هذه المقاهي. ونحن نتعهد أن نحدث ثورة في ألعاب الانترنت في المنطقة لأن قدرة الإبداع لدى الشركة العالمية كبيرة، وتثير لدينا الحماسة لتحقيق النجاح. أين مقركم الرئيس؟ وهل نشهد مكاتب أخرى قريباً؟ - مقرنا الرئيس مُوَزّع بين مصر ودبي، اذ يستقر مكتب إدارة العمليات في مصر، ويقطن مكتب التسويق في دبي... نُخطّط للتوسّع صوب دول عربية واقليمية اخرى. أي نظام أعمال تنتهجه شركتكم في الشرق الأوسط؟ - نعتمد كثيراً على مبدأ الشراكة؟... نتعاون مع مبتكري التكنولوجيا ومطوريها. يجيء شركاؤنا الرئيسون من الدول الاسكندنافية، وهؤلاء رواد في بناء هياكل الاتصالات في العالم. ويأتي في مقدم هؤلاء شركة"سيغماتيل"، وهي المتخصصة في خدمات الصوت والبيانات والإشارات ضمن خدمات الاتصالات. وتليها شركة"ماش"التي تعمل في مجال بيانات شركات الخليوي، ثم شركة"إكسبونكارد" المتخصصة في البطاقات الذكية. تُضاف الى تلك الشركات كلها شركة"بومتاون"التي تُعدّ من كبريات صُنّاع ألعاب الانترنت. مستقبل الواقع الافتراضي وعلاقاته هل يقتصر نشاط" بومتاون"على ألعاب الانترنت؟ - لا. دعني أولاً أرسم لك صورة سريعة لمستقبل هذا النوع من الالعاب الافتراضية. تصوّر فريقين لكرة القدم، يضم كل منهما 11 لاعباً... وتخيّل ان هؤلاء موزعون في ارجاء المعمورة، لكنهم منخرطون في مباراة كرة قدم إلكترونية على الانترنت، ويتابعهم 100 ألف مشاهد. هذا ما يسمى تقنياً باسم"الواقع الافتراضي" virtual reality. لا يمكن اختزال هذا النشاط في مجرد ابتكار الألعاب وتقديمها للعميل، بل يجب أن نفكر في مسألة الجمع بين أشخاص واقعيين يتنافسون ضد بعضهم بعضاً ويحاول الجميع أن يحقق الفوز. تجري تلك الامور ضمن مناخ مناسب للتعلم والتفوق. علاوة على ذلك، يوجد في هذا المشروع جانب مهم متعلق بالعمل التجاري. إذ نجلب نشاطاً تجارياً، ونفتح أبواباً لتكوين الصداقات، وفرصاً للأعمال التجارية والمزادات والإعلانات وإرسال ونشر رسائل محددة وغيرها. كيف تصف تطلعاتكم المستقبلية؟ - لدينا راهناً التكنولوجيا التي تدعم أربع مباريات في كل بلد، وأربعة لاعبين من كل جانب. وقد اقتربنا من الموعد المُحدّد لتدشينها في مصر ودبي. وعندما نواصل مسيرتنا في هذا المجال، ستزداد التكنولوجيا تطوراً لتشبه الالعاب الافتراضية"نظيرتها"الحقيقية أو بالعكس، وبما يمكن من تقديم مباريات"حقيقية"لكرة القدم، تضم 11 لاعباً في كل فريق، بغض النظر عن موقعه على الكرة الارضية. وكلما ازدادت الألعاب تطوراً ازدادت إثارةً ونمت جاذبيتها الاجتماعية وتزايدت فرص الأعمال التجارية التي تجلبها. نحاول تكوين مجتمع لاعبي الانترنت. وهناك الملايين من مستخدمي هواتف الخليوي ومشتركي الانترنت في المنطقة، وأعدادهم في ازدياد مستمر كل عام. ونتمنى أن نصل بعدد مشتركينا إلى 250 الفاً نهاية العام الحالي. ويمكن أن نزيد إلى خمسة ملايين بنهاية 2008. والحال ان الأفكار الجديدة لدينا تستفيد من الجيل المقبل في الهواتف الخليوية وانتشارها المتوقع في المنطقة. بالنتيجة، نحن متفائلون. ماذا عمن ينتهك قواعد اللعب؟ - إننا نمتثل بصرامة الى كل القواعد الأخلاقية المتبعة في هذا القطاع. ونفحص بعناية أنواع الألعاب التي نقدمها، وأعمار اللاعبين، ونوعية اللغة المستخدمة وغيرها. ما الفارق الحقيقي بين العاب شركة"بومتاون"ومنافسيها؟ - يكمن الفارق الحقيقي في القيمة المضافة في تلك الألعاب. لا يتعلق الأمر بالألعاب فحسب، بل أيضاً بالمجتمع الكامن وراء هذه الألعاب، أي بقوة مضمونها وقدراته. لنتذكر، مثلاً، ان إحدى أكبر قصص النجاح في أوروبا هي قصة"التدريب التنظيمي"، الذي يُدرّس اساليب إدارة العمل على الشبكة الدولية للكومبيوتر في مقاهي الانترنت بدلاً من تدريسه في الفصول الدراسية العادية. ونسعى لنقل تلك التجربة وخبراتها إلى مجتمعات المنطقة. ونحاول الاسهام في تكوين المجتمع الجديد، حيث يؤدي مفهوم"الواقع الافتراضي"دوراً رئيسياً في العلاقات بين أفراده.