مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (10885) نقطة    موعد اعلان النصر عن ضم جواو فيليكس وحقيقة التعاقد مع أنتوني    الفريق الأمريكي يحقق اللقب الحادي عشر في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    الخريجي يلتقي نائب وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني    مُحافظ الطائف يلتقي رئيس جمعية "بصمة" للخدمات الإنسانية    نائب أمير جازان يستقبل مدير مركز الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني بالمنطقة    أمير القصيم يرعى تدشين فعاليات اليوم العالمي لالتهاب الكبد الفيروسي    وفد من "الثقافة" يزور "مركز الملك فيصل" لتعزيز التعاون البحثي    انطلاق جائزة كفاءة الطاقة في دورتها الأولى لعام 2025    فندق فوكو يعلن عن ترقية طلال القحطاني كمدير للمبيعات    وزير الخارجية يصل نيويورك للمشاركة في ترؤس الاجتماع الوزاري لمؤتمر حل الدولتين    تحت رعاية خادم الحرمين .. انطلاق المنتدى السعودي للإعلام فبراير المقبل    بنك التنمية الاجتماعية يُطلق المرحلة الثانية من مبادرة "بنك الفن"    مكتب "الندوة العالمية" في نيجيريا يُثمّن جهود المملكة    مبادرة توعوية عن البدع في شهر صفر والدعوة إلى اجتنابها    البيئة تطرح مشروع تحديث دليل المهن والمنشآت البيطرية عبر منصة استطلاع    ابتكار جهاز يقيس ترطيب الجسم لتجنب الإصابة بالجفاف    قافلة مساعدات مصرية تتجه إلى معبر كرم أبوسالم في طريقها إلى غزة    فريق طبي سعودي يستعد لاستقبال توأم ملتصق من جامايكا    دراسة سعودية: بعض أدوية الطوارئ تحتفظ بجودتها بعد انتهاء الصلاحية    موجة حارة على المنطقة الشرقية    امطار على جتوب المملكة ورياح نشطة على عدة مناطق    ارتفاع أسعار النفط    إقلاع طائرات بولندية وأخرى تابعة لحلفاء لحماية المجال الجوي    دور المملكة الريادي تجاه القضية الفلسطينية امتداد أصيل لمواقفها التاريخية    وزارة الرياضة تُطلق برنامج "حكايا الشباب 2025"    ضبط 4 مخالفين لاستغلالهم الرواسب في الشرقية    بعد أربعة أيام من المواجهات الدامية.. تايلاند وكمبوديا تقتربان من وقف إطلاق النار    الفلبيني"كارلو بيادو" يتوج ببطولة العالم للبلياردو 2025    مشاورات سورية – إسرائيلية لاحتواء التصعيد    اعتقال صاحب «السفارة الوهمية» بالهند    إحالة 26 مخالفة لحماية الآثار للجهات المختصة    أحمد العوضي..«علي كلاي» في رمضان    "مانجا للإنتاج" تعزز المحتوي الإبداعي المحلي    عقدت اجتماعها الدوري برئاسة المفتي.. هيئة كبار العلماء تستدعي خبراء لتقديم رؤى متخصصة    محمية الأمير محمد بن سلمان تحتفي بولادة أول"وعلين نوبيين"    تعكس قوة وتنوع الاقتصاد السعودي.. 9 مليارات ريال فائض تجاري خلال شهر    إحباط تهريب 75,000 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    إيقاف مصنع منتجاته تهدد السلامة.. الغذاء والدواء: ضبط 471 منشأة مخالفة وإغلاق 28    عملية تجميل تمنع امرأة من السفر    بعثة الأخضر للصالات تصل بانكوك للمشاركة في بطولة القارات الدولية    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تحتفي بولادة أول «وعلين نوبيين»    الهلال الأحمر بجازان يُحقق المركز الأول على مستوى فروع المملكة في الاستجابة للحوادث المرورية والبلاغات الطارئة    علي مجرشي يُعلق على تمديد تعاقده مع الأهلي    القادسية يستهل المرحلة الثانية من الإعداد في إسبانيا بتواجد الوافدين الجدد    "كبار العلماء" تعقد اجتماعها ال(97)    22%النمو السنوي لإنتاج الذهب بالسعودية    أمير الشرقية يلتقي رئيس مجلس أمناء جامعة عبدالرحمن بن فيصل    براك بخصوص سلاح حزب الله: الكلمات لا تكفي    وزير الخارجية: مؤتمر تنفيذ حل الدولتين يأتي استنادًا لموقف المملكة الثابت تجاه القضية الفلسطينية    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام البريطاني بجدة    مختص: استشارة الزوج لزوجته وعي عاطفي لا ضعف في القيادة    ولادة "مها عربي" في محمية عروق بني معارض    القيادة تعزي رئيس روسيا الاتحادية في ضحايا حادث تحطم طائرة ركاب بمقاطعة آمور    المرور: تجاوز الأبعاد المسموح بها يزيد احتمال الحوادث    نور تضيء منزل الإعلامي نبيل الخالد    المدينة المنورة تحيي معالم السيرة النبوية بمشروعات تطويرية شاملة    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بداية ساخنة وشديدة التوتر للعام الجديد 2006 : القدر إقتص من شارون لكن في نهاية الأمر كلهم ... إسرائيل !
نشر في الحياة يوم 08 - 01 - 2006

بدأ العام 2006 على أكثر من مفأجأة تحيط بالمنطقة وتؤشر لمراحل تغييرية في أكثر من إتجاه وعلى غير صعيد. فغياب آرييل شارون بالموت السريري أو النهائي أدى وسيؤدي إلى حال إرباك لدى الجانب الإسرائيلي والجانب الفلسطيني من دون أن نتحدث عن الأسى الذي يحز في نفس الرئيس جورج دبليو بوش الذي يمضي أيامه ولياليه في الصلاة من أجل راحة صديقة وحليفه، ومن دون أن ينسى إسباغ صفة"رجل السلام"عليه.
وفيما لم يتمكن الفلسطينيون من التخلص من شارون حرباً أم سلماً، أنتحاراً أم تفاوضاً. جاء القضاء والقدر لإنقاذهم. وكان شارون حتى اللحظات الأخيرة من بدء صراعه الأخير مع الموت يستعد لبداية سياسية جديدة كأنه لا يزال في أول العمر وهو في السابعة والسبعين، فعمل على تغيير جلده وحزبه فهجر"ليكود"لينشئ"كاديما"والتي تعني"إلى الأمام"، وتمكن من استقطاب العديد من الوجوه الإسرائيلية التقليدية والبارزة للإنضمام إليه، من شيمون بيريز الذي هجر بدوره حزب العمل إلى شاؤول موفاز وزير الحرب بالإضافة إلى عدد آخر من أعضاء الحكومة الحالية، ساعياً بذلك إلى اتخاذ موقع حزبي له في يمين الوسط. وأكدت استطلاعات الرأي، وآخرها يوم الجمعة، أن الحزب الشاروني الجديد سيحصل على نسبة أربعين في المئة من الاصوات، وسيأتي في المرتبة الثانية حزب العمل بقيادة عمير بيرتس وسيحل"ليكود"بقيادة نتايناهو في المركز الثالث. فهل أن هذه النتائج تعكس فعلاً اتجاهات الرأي العام الإسرائيلي وأن التعاطف مع شارون حتى وهو على فراش الموت يعبّر عن مدى تأييد الإسرائيليين لهذه الأسطورة التي تدعى شارون؟ وترى في التصويت لحزبه الجديد استمراراً للسياسة"الجديدة"التي وعد شارون باعتمادها بعد انتخابه؟ أم أن رحيل رئيس الوزراء سيكون مناسبة لإعادة النظر في الخريطة السياسية والحزبية في إسرائيل؟
منذ الآن حتى الخامس والعشرين من آذارمارس القادم يبدو المشهد الإسرائيلي معرضاً لأكثر من احتمال وأكثر من حالة تغيير. فهذا الرجل الذي كانت أحب القابه"أبو الإستيطان"هو بالنسبة الى كثير من الإسرائيليين الرجل"الذي لم يفرط في أمنهم"، في حين أن سياسته المتطرفة أدت إلى قتل العديد من الإسرائيليين منذ بدء الانتفاضة حتى الأيام الأخيرة. وعندما عاد إلى السلطة مجدداً توجه إلى واشنطن والتقى الرئيس جورج دبليو، فقدم شارون أمامه الوعد القاطع:"أريد مئة يوم وسأقضي على كل أشكال الانتفاضة".
ومرت المئة يوم الأولى والانتفاضة الفلسطينية في حالة من التأجيج. وانقضت المئة يوم الثانية والثالثة والرابعة وحال المواجهة على حاله، فعمد عندها إلى"ابتكار"أسلوب جديد غبر تحميل السلطة الوطنية الفلسطينية مسؤولية جيمع العمليات الانتحارية، وطلع عندها بالشعار المعروف أن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات هو"عدو السلام"، وطالما أنه باقٍ على رأس السلطة لن يكون هناك أي اتفاق!
ونجح شارون في تسويق هذه الفكرة إلى الإدارة الأميركية، وكان مع هذا التطور فرض الحصار على"أبو عمار"في المقاطعة في رام الله.
ولم يرفع هذا الحصار إلا بالسماح لياسر عرفات بالتوجه إلى الرحلة الأخيرة إلى باريس للعلاج من"مرض خفي"أصيب به. وكانت تلك المرحلة الأخيرة في الذهاب والأياب لعرفات نعشاً ليدفن على مقربة ليست بعيدة على الإطلاق عن القدس التي أراد أن يدفن فيها.
ومع تولي محمود عباس أبو مازن السلطة رفعت إسرائيل الحصار وسمحت لخليفة عرفات بأن يتجول من دون تقديم تنازلات أخرى على صعيد الحل. وفي هذه الأثناء لم يغرب عن بال شارون باسم الحفاظ على أمن إسرائيل اللجوء إلى بناء الجدار الفاصل، فأكمل الحصار بالجدار سالباً من الأراضي الفلسطينية نسبة كبيرة لبناء الجدار، من دون نسيان أن مسار الجدار قطّع المزيد أوصال أي دولة فلسطينية يمكن أن تنشأ ذات يوم. وعلى رغم أن المحكمة الدولية في لأهاي أصدرت حكماً يعتبر الجدار عملاً غير شرعي، لكن متى كانت إسرائيل تحترم القرارات الدولية!
وحتى واشنطن عارضت في البداية، ثم قبلت المبدأ واعترضت على"خط سير"الجدار فتحول النقاش من الجدار إلى إجراء بعض التعديلات في خط سيره. وعلى رغم أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس عبرت عن عدم تأييدها لفكرة الجدار لكن سياسات الأمر الواقع التي كان يفرضها شارون حالت دون وقوع مواجهة حقيقية بين إسرائيل والولايات المتحدة... وترك أمر الجدار لوقت لاحق.
وحتى الذين كانوا يتظاهرون بصورة دورية احتجاجاً على بناء الجدار قلّ عددهم وخف ضجيجهم. فعلى من تقرأ مزاميرك يا داوود.
وفي موقف انعطافي آخر وبعد دراسة معمقة لواقع الأمر اتخذ شارون قرار الانسحاب من غزة بطريقة أحادية من جانب واحد. وعندما تم هذا الانسحاب قلنا في حينه أن هذه الخطوة تمثل اختباراً للفلسطينيين خصوصاً فصائل"حماس"والجهاد الإسلامي"لاظهار القدرة على ضبط الأوضاع في غزة حتى لا يستغل شارون أي تصرف خاطئ لإعادة فرض كابوس الاحتلال. وهذا ما حدث، وكان آخر قرار اتخذه شارون قبل دخوله المستشفى قبل أيام قليلة إيجاد منطقة عازلة على مدى سبعة كليومترات عن حدود إسرائيل تفادياً لاستمرار سقوط صواريخ القسام من غزة ضد الإسرائيليين. ولا يزال هذا القرار ساري المفعول.
وفيما يسعى زعماء إسرائيل مواجهة حالة الإرباك مع غياب آرييل شارون، فإن مثل هذا الغياب يرتب على الجانب الفلسطيني الأعباء من نوع جديد ومع محاور جديد رغم أن شارون لم يكن ذلك المفاوض السهل ولا المحاور المرن، خصوصاً أن الانتخابات التشريعية الفلسطينية أصبحت وشيكة جداً - في الخامس والعشرين من كانون الثاني يناير الحالي - ما لم يحدث ما ليس في الحسبان ويصبح تأجيل هذه الانتخابات ضرورة تحتمها دقة الوضع والمرحلة، المر الذي سيؤجج الخلاف القائم بين وجوه حركة"فتح"نفسها، وبين السلطة الوطنية وفصائل حماس والجهاد وفصائل الرفض الأخرى التي لا تزال تؤمن بأن استمرار النضال المسلح هو الذي أرغم إسرائيل على الانسحاب من غزة، وأن متابعة هذا النوع من النضال سيرغم إسرائيل على الانسحاب من مدن الضفة الغربية ومناطقها.
إن الانقسام العقدي والايديولوجي في الصفوف الفلسطينية سيكون له الكثير من التداعيات والتي لن تكون في معظمها لصالح الفلسطينيين وقضيتهم.
وسيكون هذا الامر موضع استغلال من جانب أي زعيم إسرائيلي سيبرز على الساحة خليفة لشارون. وفي غالب الظن أنه لن يكون هناك شارون آخر، فاسحق رابين الذي حطم عظام أبطال الانتفاضة الأولى قتله عامير في أول اغتيال إسرائيلي لإسرائيلي آخر، عندما لمح إلى احتمال توصله لعقد سلام مع الفلسطينيين ومع سورية. والآخر آرييل شارون الذي حاول إخضاع الانتفاضة الثانية والتي أرغمته على تغيير العديد من تكتيكاته دخل في غيبوبة من دون أن يتمكن من إنهاء روح الثأر لدى الفلسطينيين، كما لم يتمكن المفجرون الفلسطينيون من الاقتراب منه واستهدافه، يغادر الحياة وهو الذي كان يردد باستمرار انه الوحيد القادر على عقد معاهدات سلام مع الفلسطينيين وما تبقى من العرب، منطلقاً من واقع وهو أن أقصى التطرف الاسرائيلي مناحيم بيغن وقع معاهدة كمب ديفيد مع أنور السادات وكانت أول معاهدة سلام عربية - إسرائيلية، أعقبها اتفاق وادي عربة بين إسرائيل والأردن. إذاً، فصل جديد يطوى مع رحيل شارون السريري أو النهائي ومعه يغيب أحد أكبر اللاعبين الأساسيين في معادلة الحرب والسلام في المنطقة. والتاريخ يُسجل في العادة دعاة الحلول ورجالات السلام، كما يُسجل أيضاً حياة السفاحين.
ومع هذا الوضع الدقيق القائم نستعيد قولاً أكدته الأحداث وهو التالي: احذروا آرييل شارون عندما ينتصر واحذروه أكثر عندما ينهزم! فهل لا يزال أمام شارون وهو في النزع الأخير الوقت للثأر أو لإمتصاص آلة الحرب الإسرائيلية المزيد من الدماء الفلسطينية والعربية؟
نفهم جيدا مشاعر الذين وزعوا الحلوى في المخيمات لكن ليدع الفلسطينيون الحلوى وأي نوع آخر من مظاهر الاحتفال عندما يتم التحرير الكامل وتقوم الدولة على التراب الوطني وعاصمتها القدس، حتى لا تبقى هذه الكلمات شعارات تتردد بلا تنفيذ. ليس منتظراً أن تُذرف الدموع على غياب شارون لكن النضال لم ينته بعد، ويحتاج إلي الكثير من التضحيات، ففي نهاية الأمر كلهم... إسرائيل.
أما ملامح التغيير الآخر ولو بشكل مختلف تماما فقد بدأت معالمه تظهر إلي العلن مع التصريحات النارية التي أطلقها السيد عبد الحليم خدام ضد النظام السوري من موقعه الباريسي الجديد، الذي جاء إليه لكتابة مذكراته وهو الذي أمضى في حضن النظام ما يزيد على ثلاثة عقود، والآن جاء الوقت لكشف المستور والمحظور حسب رأيه.
إن تصريحات خدام مرشحة للتفاعل أكثر فأكثر وفي غير إتجاه، ونكتفي بالقول إننا لا نعلم متى تنتهي صلاحية جواز سفر نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام، باعتبار انه يتوقع تغيير النظام قبل هذا"التاريخ". فهل يمسك تحالف واشنطن وباريس بهذه السانحة للمشاركة في الإنقضاض على دمشق؟
إن أي تغيير يجب أن يأتي من الداخل من أبناء الوطن فهم أصحاب الحق في الإبقاء على القائم، أو بناء مستقبل تغييري جديد.
وبين الحكم والانشقاق ،خيط رفيع عند العرب، حيث تختلف المواقع والمواقف فجأة بمعدل 380 درجة دفعة واحدة، فتتناقض التصريحات وتتحول صفات النعت الجيد إلي صفات السوء، وبالعكس.
العام الجديد بدأ ساخنا وشديد التوتر... ويبقى الأَتي الأعظم هو الذي يحكم المرحلة الآتية ويتحكم بها.
* كاتب لبناني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.