كنت أعتقد انني قارئ جيد، وكنت أعتقد انني مجتهد أقدم عملي على هواياتي، أو ما أحب، فاقرأ كتباً سياسية، بالانكليزية، مع انه لو ترك الخيار لي لقرأت كتب الأدب العربي القديم، وبعض الروايات الحديثة. واعتقدت مع هذا وذاك انني قرأت ما يكفي من الكتب عن الحرب على العراق، إلا انني فوجئت، أو فجعت، بأن أكتشف على موقع الكتروني انه منذ الحرب على العراق قبل حوالى سنتين صدر أكثر من 300 كتاب عن الحرب، أقدر نصيبي منها بما لا يزيد على خمسة في المئة. هذه مقدمة أرجو أن يتذكرها القارئ وأنا أعرض عليه كتباً قرأتها وأخرى لم أقرأها، وهوامش للاطلاع. حاولت أن أبحث عن كتب جديدة عبر الموقع الالكتروني لجريدة"واشنطن تايمز"اليمينية ووجدت ان أول ثلاثة كتب من تأليف بيل غيرتز، وتحمل العناوين"غدر"و"خيانة"و"انهيار"، أو سقوط. وكان الكتاب الرابع له أيضاً، وعنوان تخويفي هو"تهديد الصين: خطة إلحاق الهزيمة بأميركا". غيرتز يكتب في الجريدة التي تروج لكتبه، وواضح انه من المحافظين الجدد طالما ان خبرته في الغدر والخيانة والسقوط. وكنت عرضت على القراء في السابق بعضاً من عمله، فكتبه تلقى رواجاً، وهي لا تخلو من معلومات أو تحليل، إلا انه يخلط أحياناً السم بالدسم، أو يقدم المعلومة الجيدة ثم يتبعها بشيء أراه مستحيلاً. وفي كتابه"الغدر: كيف يسلح أصدقاء أميركا وأعداؤها اعداءنا سراً"يقدم غيرتز سلسلة من المزاعم التي لا أصدقها شخصياً مثل ان فرنسا وألمانيا وروسيا باعت المتمردين في العراق السلاح لقتل الجنود الأميركيين، وأن الصين سلحت القاعدة بعد إرهاب 11/9/2001، وان تقريراً لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية يقول ان القاعدة تسعى لامتلاك اسلحة نووية وكيماوية وبيولوجية وربما امتلكتها فعلاً، وان روسياوفرنسا بقيتا تتعاونان مع صدام حسين حتى بعد بدء الحرب في آذار مارس قبل سنتين. المعلومات ضد فرنسا وألمانيا وروسياوالصين هي ما يتمنى المحافظون الجدد حدوثه لا ما حدث. وشخصياً لا أصدق استخبارات لم ترَ 20 إرهابياً يدخلون الولاياتالمتحدة ويخرجون على امتداد سنوات، ثم تزعم انها تعرف الأسرار اليوم. هذه المعلومات سوفياتية، فهي من نوع الدعاية السوداء التي عرفتها الحرب الباردة، ولا يصدقها إلا جاهل. كنت عندما رأيت عناوين الغدر والخيانة والسقوط عند بيل غيرتز تذكرت شيئاً بالمعنى نفسه لكاتبة مشهورة أميركياً مع أن العرب لا يعرفونها هي آن كولتر التي ضحكت عليها يوماً في هذه السطور مع الكاتب الليبرالي آل فرانكن. ولم يخب ظني فقد وجدت لها كتاباً بعنوان"خيانة"تماماً مثل غيرتز، مع عنوان فرعي هو"غدر الليبيراليين من الحرب الباردة الى الحرب على الإرهاب". ووجدت لها كتاباً آخر عنوانه"قدح وذم"أو"تشويه". كولتر متطرفة من عصابة المحافظين الجدد وما قيل فيها لا يترك لمثلي فرصة للاستزادة. وما كنت لأعود اليها اليوم لولا انني قرأت مقالاً لها تهاجم فيه الصحافية المخضرمة هيلين توماس، عميدة صحافيي البيت الأبيض، وتعتبرها خطراً أمنياً لأنها من أصل عربي، مع ان أكبر خطر على أمن أميركا هو تطرف المحافظين الجدد. هيلين توماس من أصل لبناني، وتعرف البيت الأبيض منذ أيام دوايت أيزنهاور، وبصفتها عميدة الصحافيين، فلها حق توجيه أول سؤال في أي مؤتمر صحافي، ولعل هذا ما يحرك أحقاد آن كولتر على عجوز في الرابعة والثمانين لا أذكر يوماً انها سألت سؤالاً عربياً، أو وقفت موقفاً يذكر، حتى في أثناء الاجتياح الاسرائيلي في الثمانينات، عندما كنت أقيم في واشنطن وأرى هيلين توماس وأتابع نشاطها، ومذكراتها الشخصية أميركية قبل أي شيء آخر. هل سمع القراء بكتاب عنوانه"عندما نامت أميركا..."؟ كنت طلبت عبر الانترنت بعد أن قرأت عرضاً عنه، وتلقيت كتاباً بهذا العنوان قرأت صفحات منه ثم تملكتني حيرة، فالموضوع غير ما اعتقدت. الكتاب كان"عندما نامت أميركا تجول أعداؤها بحرية"من تأليف غاري باريت، إلا انه لم يكن عن الارهاب أو الحرب على العراق، بل يحكي قصة زوجين يتعرضان لاضطهاد السلطات بسبب معتقداتهما الدينية المسيحية، فالكتاب كله عن جماعة مسيحية تحاول أن تحمي إيمانها. وتذكرت انني طلبت هذا الكتاب في السابق، وأكون أخطأت بطلبه مرتين. عدت الى الانترنت واجتهدت في البحث ووجدت مقالاً بعنوان"عندما نامت أميركا: فهم الإرهاب والرد عليه"من تأليف إيلين ليبسون، ومقالاً بعنوان"عندما نامت ميركا: كيف فشلت الولاياتالمتحدة في اكتشاف الأدلة على الإرهاب"من تأليف مايكل ايليوت، ومقالاً بعنوان"عندما نامت أميركا: هل هي جولة أخرى من تراشق التهم السياسية؟"كتبه ريتشارد بيرغ - أندرسون. في النهاية تلقيت كتاباً بعنوان"لماذا نامت أميركا؟"من تأليف جيرالد بوزنر وهو يهبط بالتلفيق الى درك أدنى، إذا كان هذا ممكناً عندما يقارن بأمثال بيل غيرتز وآن كولتر، وقد عرضت هذا الكتاب فلا أعود اليه اليوم. وأختتم بكتاب اسرائيلي لم أقرأه بعنوان"ثمن الغطرسة"للأكاديمي الاسرائيلي شلومو سويرسكي الذي يتحدث عن نفقات احتلال الأراضي الفلسطينية على امتداد 40 سنة أو نحوها، ويقول ان السنوات العشرين الأولى كانت محدودة الثمن، ولكن بعد الانتفاضة الأولى سنة 1987 ارتفع ثمن الاحتلال بحدة، وارتكب الاسرائيليون أخطاء باهظة كان ثمنها باهظاً. وقد خسر الناتج القومي الاسرائيلي خلال الانتفاضة الثانية بين 40 بليون شيقل جديد و55 بليوناً. وفي حين أن العرض الذي قرأت عن الكتاب لا يحدد الثمن في أرواح الناس من فلسطينيين واسرائيليين، وهي أهم، فإنه يظل دراسة أكاديمية عن الخسائر الاسرائيلية من وجهة نظر إسرائيلية، والقارئ العربي المهتم يستطيع الحصول عليه عبر الانترنت.