اعترف منسق البرامج الصحية في البنك الدولي أولسوي أديي، بأن أحداً لا يعرف مدى الآثار التي يمكن أن تنجم عن تفشي وباء أنفلونزا الطيور. لكنه حذر من تعرض البشرية لموجة حادة من هذا الوباء القاتل يمكن أن تزهق أرواح عشرات الملايين من البشر وتؤدي إلى انهيار الاقتصاد العالمي والمجتمعات كما نعرفها اليوم. ولم يحاول الطبيب الدولي، الذي تحدث أول من أمس الأربعاء، إخفاء مخاوفه بأي من العبارات الديبلوماسية المعتادة، مشدداً على أن تعرض البشرية لوباء أنفلونزا إفيان المتعارف على تسميته بوباء أنفلونزا الطيور، هو احتمال عال جداً. وأضاف إن"المسألة لم تعد مسألة ما إذا كان هذا الوباء سيقع أم لا، وإنما متى سيحدث وبأي سرعة سينتشر وكم سيكون مدمراً". وكانت منظمة الصحة العالمية حذرت أخيراً من أن فرص حدوث وباء بشري قد تزايدت، معترفة في الوقت نفسه باستحالة التنبؤ في وقت وقوعه أو شدته. وتعتبر الأنفلونزا المرض الأكثر شيوعاً وغالباً الأقل خطورة لدى البشر والطيور لكنه ينجم عن فيروسات شديدة التخصص، إذ لا يحدث الوباء القاتل إلا بعد انتقال أنفلونزا الطيور إلى الإنسان ومن ثم اكتسابها القدرة على الانتقال بين البشر. وأعرب مسؤول البنك الدولي عن مخاوفه من أن توفر الإمكانات المطلوبة لبلد ما لتلقيح كل سكانه ضد وباء أنفلونزا الطيور في شكل فعال، لن يشكل ضمانة أكيدة ضد احتمال انهيار الاقتصاد العالمي. وقال إن"العالم سيواجه بحق أوقاتاً بالغة الصعوبة في حال تعرض لوباء سريع الانتشار". وحذر من أن السيناريو الأكثر خطورة الذي يواجه العالم سيتحول إلى حقيقة واقعة في ظروف من الفوضى"حين يصاب الناس بالحيرة من أمرهم بسبب عجزهم عن الحصول على المعلومات التي لابد من توافرها لأخذ جانب الحيطة". وتابع قائلاً:"لنتصور نوع الفوضى الذي يمكن أن يحدث عندما يطاول الموت عمال الرعاية الصحية بأعداد كبيرة وتتوقف الخدمات الصحية عن أداء مهماتها.هناك احتمال بأن تتعرض شبكات التموين والتوزيع للانهيار، وفي سيناريو من هذا النوع لا ندري ما سيكون بمستطاع القوات المسلحة والشرطة أن تفعله؟". وجاءت تحذيرات البنك الدولي بعد يوم واحد من إشارة الرئيس جورج بوش إلى احتمال أن يطلب من الكونغرس الموافقة على استخدام الجيش الأميركي لفرض حجر صحي على المناطق التي تتعرض للإصابة بوباء أنفلونزا الطيور، معلناً في تصريحات للصحافيين بأن"أفضل وسيلة للتعامل مع الوباء هي عزل منطقة الإصابة وحصر الوباء في المنطقة التي بدأ فيها". وتشير تقديرات أميركية إلى أن وباء إفيان يمكن أن يصيب مليوني نسمة ويودي بحياة نصف مليون في أميركا، بينما لم يستبعد مسؤول البنك الدولي أن تصل الحصيلة الدولية للوباء إلى عشرات الملايين ولكن"أحداً لا يعلم بالضبط. لكن بالقياس إلى التجارب السابقة، وخصوصاً الوباء الذي ضرب العالم في العامين 1917 و1918، يمكن لعدد الضحايا أن يراوح بين 5 ملايين و100 مليون نسمة". إلا أن أديي حذر من التشاؤم مؤكداً أن مهمة إنقاذ العالم من وباء مدمر تحتاج إلى بذل جهود مضنية لإنجاحها، لكنها ليست مستحيلة. وأضاف:"إننا نرى، على المستوى العالمي، بروز شبكة دولية متكاملة هدفها التصدي للمسألة بقيادة منظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية لصحة الحيوان ومؤسسات أخرى مثل البنك الدولي". وأكد مسؤول البنك الدولي على أهمية تكثيف جهود المراقبة الدولية وتبادل المعلومات من أجل السيطرة على البؤر الوبائية قبل استفحالها. لكنه حذر من أن الفرصة المفيدة الوحيدة التي يملكها العالم لتجنب الخطر ستتوقف على قدرة شركات الصناعات الدوائية على اكتشاف وتطوير اللقاح اللازم وانتاجه بكميات كافية في الوقت المناسب. وكان الكونغرس خصص نحو 4 بلايين دولار لتمويل الإجراءات الاحترازية ضد وباء أفيان مثل تخزين كميات ضخمة من اللقاحات، إلا أن منظمة الصحة العالمية لفتت إلى أن الصيدلية العالمية لا تحتوي على لقاح واحد قادر على التعامل مع وباء عالمي.