أكدت مصادر أمنية قريبة من مجلس الحكم الانتقالي في العراق ل"الحياة" ان هناك معلومات عن ان حزب البعث المنحل أعاد تنظيم بعض صفوفه وخصوصاً في منطقة الفلوجة، وانه قام أخيراً بعقد تحالفات مع قوى اسلامية في المدينة. واضافت المصادر ان ثمة رعاية اقليمية أكيدة لهذه التحالفات، وربطت بين التحذيرات الأميركية لعدد من دول الجوار وبين اكتشاف قوات التحالف خيوطاً تفضي الى ادوار ميدانية لهذه الدول في الفلوجة. لكن الجديد في هذه المعلومات هو تلميح عدد من أعضاء مجلس الحكم الذين اتصلت بهم "الحياة" الى اعتقادهم بأن الأميركيين لا مانع لديهم في ان يُعطى بعض رموز البعث الذين لم يكونوا في واجهة النظام مباشرة ادواراً في العراق اليوم، خصوصاً اذا ادى ذلك الى تنفيس بعض الاحتقان في الأوساط العراقية السنية، ولكن ذلك لن يتم بحسب اعضاء المجلس عبر القنوات الاقليمية. وقال عضو مجلس الحكم محمود عثمان ل"الحياة" ان الأميركيين اطلقوا اشارات قد يفهم منها ذلك مثل اطلاقهم سراح عدد من رموز البعث من دون العودة الى مجلس الحكم. ومن الذين اطلقوا وزير الداخلية السابق سمير الشيخلي وياسر ابن سبعاوي الأخ غير الشقيق لصدام حسين وماهر عبدالرشيد. ورأى عثمان ان الأميركيين لا يبدون حساسية من التعامل مع بعثيين في العراق، خصوصاً اذا كان الهدف من ذلك محاصرة الاسلاميين من اعضاء "القاعدة" وغيرهم من الشبكات التي يتوسع انتشارها في العراق. وقال عضو آخر في مجلس الحكم رفض الكشف عن اسمه ان الاسلاميين والبعثيين حققوا مكاسب في معارك الفلوجة منها دعوة الأميركيين الى مفاوضتهم وتكريس حصة لهم في الدولة العراقية المقبلة، وسحب بعض الدول مشاركتها في قوات التحالف ومحاولة تحويل الارهاب الى مقاومة مشروعة. المصادر الأمنية في مجلس الحكم استبعدت اهتزاز الفيتو الأميركي على حزب البعث ورموزه، ولكنها اكدت ان هناك اكثر من اشارة الى اعادة هذا الحزب تنظيم صفوفه ومنها صدور اكثر من بيان عنه في الآونة الأخيرة، وضبط تعليمات جديدة من جانب قيادة هذا الحزب الى عدد من الأعضاء تدعوهم الى الانخراط في الأحزاب العراقية المختلفة. وتشير هذه المصادر الى بعض الوجوه البعثية التي تتحرك في شكل علني في العراق ومنها بعض الذين عادوا من الخارج بعدما كانوا اجروا مصالحة مع النظام السابق قبل سقوطه بقليل في ما اطلق عليه في حينه "المعارضة الوطنية في الخارج". ولفتت الى ان هناك ثلاث صحف على الأقل تصدر اليوم في العراق ناطقة او شبه ناطقة باسم حزب البعث، وهي مجهولة مصادر التمويل وتتمتع بانتشار لا بأس به في عدد من مدن العراق. ورأت ان للبعثيين "الجدد" طموحات سياسية على ما يبدو، فهم يتحركون بواجهات جديدة بهدف اقناع الأميركيين بالتعامل معهم مع استمرارهم بإشهار العداء لهم. وفي مقابل الكلام عن بداية قبول الأميركيين بمفاوضة شخصيات بعثية، ترى المصادر الأمنية ان عودة البعث مرتبطة الى حد كبير بأدوار عدد من الدول المحيطة بالعراق.