نائب أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء بالمنطقة    أمير جازان يطلع على أعمال البلديات في محافظات المنطقة    تداول يغلق على تراجع سيولة ضعيفة وتباين بأداء الشركات    بدء المحادثات الأمريكية الأوكرانية في فلوريدا لبحث خطة إنهاء الحرب مع روسيا    دمشق وبيروت: هل تريد إسرائيل التفاوض    تعادل تشلسي وآرسنال في قمة الجولة ال 13 من الدوري الإنجليزي الممتاز    كأس نادي الصقور 2025" يسدل الستار على مسابقة الملواح ب6 أشواط ختامية للنخبة    مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يكرم الفائزين بجائزته في نسختها الرابعة    أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء ويدشّن برنامج "معًا.. شرع وأمن    الرياض تكتب فصلا صناعيا جديدا    السودان 2025: سلام غائب وحرب تتوسع    أمير منطقة جازان ونائبه يطمئنان على صحة مدير عام التعليم ملهي عقدي    القيادة تهنئ بربادوس بذكرى الاستقلال    جامعة الخليج العربي ومركز اليونسكو يعلنان تفاصيل الملتقى الدولي لتطوير برامج التعليم الجامعي    المجلس الوزاري لمجلس التعاون يعقد دورته 166 تحضيراً للقمة الخليجية (46)    محافظ الأحساء يدشن مبادرتي "سكرك بأمان" و"الشرقية مبصرة"    الاتحاد يلاقي الخلود والهلال يواجه الأهلي في نصف نهائي كأس الملك    محافظ الطائف يكرم 14 مدرسة في مبادرة المدارس المستدامة    نائب أمير مكة يستعرض جاهزية منظومة الحج    8 قرارات هامة لأعضاء أوبك والدول المشاركة من خارجها    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تدشن معرض "الحرف اليدوية السعودية : موروث الإبداع الثقافي"    أبها يعزز صدراته وغايتان لابورد يلاحق الهدّافين    برعاية أمير المنطقة الشرقية جامعة الإمام عبد الرحمن تطلق "مجتمع شامل "    33 عامًا من الإخلاص… العماشي يختتم مسيرته ويترك بصمة لا تُنسى في تعليم جازان    وكالة الفضاء السعودية: عام 2025 يشهد نشاطا شمسيا متزايدا    القبض على مواطن بتبوك لترويجه ( 4,865) قرصاً من مادة الامفيتامين المخدر    5,651 موقعًا تشكّل قاعدة جيولوجية للتعدين بالمملكة    ارتفاع دخول مواطني دول الخليج إلى المملكة بنسبة 5.83%    عودة 270 ألف طالب وطالبة إلى مقاعد الدراسة في الطائف بعد إجازة الخريف    أمطار رعدية على جازان وعسير والباحة ومكة.. ورياح وغبار تمتدان إلى مناطق شمالية وغربية    إعلان القائمة الأولية للمترشحين والناخبين لإدارة "هيئة المهندسين"    جدة تختتم منافسات الجولة الرابعة من بطولة العالم لسباقات الزوارق السريعة الفورمولا1    رافد الحرمين تبدأ تدريب العاملين لخدمة ضيوف الرحمن لموسم حج 1447ه بمسارات اللغات.    محمد التونسي ورئيس ثقات الثقافي يكرّمان د/أمل حمدان نظير جهودها    تنطلق خلال الربع الأول من 2026.. خطة تحول كبرى جديدة لمطار الملك خالد الدولي    الزهراني يحتفل بزواج عارف    إغلاق 1.3 ألف منشأة مخالفة بحملة «مكة تصحح»    لبّان بروفيسوراً    القيادة تعزّي الرئيس الصيني في ضحايا حريق المجمع السكني بهونغ كونغ    مصر تؤكد ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في غزة    الفرنسي «سيباستيان أوجيه» يتوج ببطولة العالم للراليات في جدة    عقلية الجيل الجديد.. هل حان وقت التغيير؟    على قمة الدوري الإيطالي.. مواجهة نارية تجمع روما ونابولي    وسط ضغوط سياسية وقضائية.. جدل التجنيد يتجدد في إسرائيل    فيلم سعودي يستعيد بطولات رجال مكافحة المخدرات    احتضنته جزيرة شورى في البحر الأحمر بحضور الفيصل والدوسري.. وزارة الرياضة تنظم لقاء يجمع قيادات وسائل الإعلام السعودية    مقتل فلسطينيين وسط استمرار إدخال المساعدات.. الاحتلال يواصل التصعيد العنيف في غزة    أمران ملكيان بالتمديد لنائب ومساعد وزير الاقتصاد 4 سنوات    بحضور محافظ جدة .. القنصلية العمانية تحتفل باليوم الوطني لبلادها    أطعمة تساعد على النوم العميق    استشاري: ألم الصدر المتغير غالباً ما يكون عضلياً    حماية النشء في منصات التواصل    أمير جازان يعزي أسرة المحنشي    القنفذة الأقل ب4 أطباء نفسيين فقط    موجة انتقادات متجددة لShein    آل الشيخ ل الوطن: المملكة تحمل لواء الوسطية والاعتدال حول العالم    مدير إقليمي وافد يعلن إسلامه متأثرا بأخلاق المجتمع السعودي والقيم الإسلامية    أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية الفلبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرجال يرحبون بهن بدافع الفضول . نساء عراقيات يجتحن ورش البناء
نشر في الحياة يوم 07 - 02 - 2004

يقفن في الطابور منذ ساعات الفجر الأولى وحتى الظهيرة بانتظار فرصة عمل، ولكنها ليست فرصة اعتيادية، فالعمل يتطلب قوة جسمانية متميزة في رفع الطابوق والاسمنت والمواد الأخرى ذات العلاقة بعمليات البناء.
نساء عراقيات يقفن في طابور طويل مع "زملائهن" الرجال ليقنعن أرباب العمل بقوتهن واخلاصهن في العمل فضلاً عن استعدادهن المهني. وهنا لا تبدو المسألة هينة، فبعض الرجال يرفضون في شكل كامل اختيار المرأة في أعمال كهذه، في حين ان البعض الآخر يختارهن بدافع الفضول ليتأكد هل تستطيع المرأة ان تعمل في البناء؟
ام محمد 35 عاماً، كانت تعمل فلاحة في إحدى المزارع التابعة لأحد أغنياء بغداد الذي باع المزرعة، واضطرت أم محمد الى العمل مع زوجها في طابور "العمالة"، وترى ان العمل في بناء البيوت لا يقل مشقة عن العمل في المزارع والحقول، ولكن لقمة العيش فيه غير مضمونة.
أما سعيدة عبيد التي تخفي ذراعها المتورمة إثر إصابتها بطابوقة أثناء عملها، فتقول ان لقمة العيش مُرّة ولا بد من دفع الثمن غالباً، وسعيدة تعيل أربع بنات في عمر الزهور بعدما توفي زوجها في أحد الانفجارات التي استهدفت الجنود الأميركيين في بغداد واضطرت لأن تعمل. وهي لا تحبذ العمل كمنظفة في البيوت أو الشركات على رغم انه أيسر جهداً إذ يبدو لها هذا العمل مهيناً وينطوي على جانب كبير من الإذلال بسبب سوء معاملة الكثيرات من رباب البيوت للمنظفات، وترى ان دخولها الى بيت أو مكان مغلق فيه رجل لا يجوز، فهي تخاف كلام الناس.
حقوق الانسان عبارة جديدة
النساء الواقفات في الطابور، لم يسمعن عبارات مثل حقوق الإنسان وحقوق المرأة، إذ تصف إحداهن هذه العبارات بأنها كلمات جديدة ظهرت بعد سقوط صدام.
أما عن معاني هذه العبارات فلا تكاد واحدة منهن تعرف ما تعنيها إذ يرين أنها تعني "حرية المرأة في كل شيء وهذا غير مقبول" أما عن حقوق المرأة في العمل فتقول يوسفية حمادي 31 سنة، ان هذا يعني ان الرجل لا يتمكن من طردها من طابور العمل وان كل ما عدا ذلك هو أحلام مستقبل لا تشبع من جوع وان عليها ان تعمل الآن. أما كلام الأحزاب والحكومة فهو مجرد كلام مثل كلام الذين سبقوا مجلس الحكم.
النساء الواقفات في طابور العمل في مختلف الأعمال الشاقة والمرهقة كرفع الأنقاض وتنظيف الشوارع وزراعة الحدائق فضلاً عن بناء البيوت يفتقرن إلى ابسط الضمانات الاجتماعية والرعاية الصحية وغالباً ما يتركن أطفالهن في البيت من دون رعاية.
وتشير إحداهن الى ان أطفالها يأكلون الخبز فقط ريثما تعود الى البيت بشيء بسيط من الخضراوات.
ولا تحصل النساء على أي مساعدات خيرية من أي جهة على رغم سكنهن في مناطق فقيرة جداً، وبعضهن يسكن في أكواخ من طين لا تتوافر فيها ابسط مستلزمات المعيشة.
أما طابور العمالة في ساحة الطيران في بغداد فهو أوسع كماً ونوعاً من طابور بغداد الجديدة، إذ يقف فيه عشرات وعشرات العمال العراقيين والسودانيين والمصريين للعمل في مختلف أعمال البناء وسمكرة الأنابيب والصباغة ورفع الأنقاض وغيرها، وتقف مع طابور الرجال ثلاث نساء تترأسهن أم سعد وهي امرأة عصامية قوية ذات ملامح قاسية يهابها زملاؤها في العمل ويحسبون لها ألف حساب "على حد تعبير إحدى زميلاتها" وهي تدافع عن زميلاتها وتتصيد لهن فرص العمل التي تتطلب الركض والصراخ خلف المقاول.
وتكاد ظروف طابور ساحة الطيران تختلف عن ظروف طابور منطقة بغداد الجديدة، إذ تقل هناك فرص العمل في المجال الزراعي وتزداد فرص أعمال البناء وتبرز أهمية الصعوبات في هذه المنطقة من طبيعة المشكلات السائدة فيها، إذ تعد المنطقة ملتقى لبائعي الأسلحة والتجار ومتعاطي حبوب الهلوسة والمخدرات وعصابات السرقة والخطف وغيرها.
ويبدو ان أسلوباً من التعايش ظهر بين فئة العمالة وهؤلاء، إذ ان الساعات الأخيرة من الظهيرة وعندما ينسحب العمال الذين لم تتوافر لهم فرصة عمل تبدأ تلك العصابات بالظهور ومزاولة نشاطاتها غير المشروعة. كما ان هذه العصابات تحترم وجود هؤلاء العمال وبخاصة النساء إذ يرونهن من "أهل المنطقة" أو "الديرة"، وهم لا يتوانون عن الدفاع عنهن ان تطلب الأمر ذلك. وتذكر إحدى العاملات الواقفات في الطابور ان الجميع يبحث عن لقمة العيش، بعضهم يجدها بالحرام وبعضهم - وتقصد العمال - يجدها بالحلال ولا شأن لطرف بآخر.
وصار معتاداً سماع إطلاق العيارات النارية هنا وهناك أو مقتل شخص بين آونة وأخرى وبخاصة في الشهور الأولى بعد سقوط النظام، إذ كانت ساحة الطيران ملتهبة بالعنف والموت والسلاح. وتذكر أم سعد أنها تعرضت للقتل خطأ في هذه المنطقة اكثر من ثلاث مرات وهي ما زالت مصرة على نهجها في الوقوف طلباً لرزق الحلال إذ لا سبيل لها غيره.
ويبدو ان وجود الشرطة العراقية في الفترة الأخيرة ساعد قليلاً في شيوع الأمن في المنطقة ولكن ليس إلى حد كبير. وهي تدعو كل امرأة ترغب في العمل الى ان تأتي إلى هذه المنطقة "والرزق على الله" على ان تجلب معها مسحات أو آلة حادة لقطع الأشجار أو منجلاً وهي أدوات للعمل أولاً ووسيلة للدفاع عن النفس في معظم الأحيان!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.