ألعاب نارية واستعراضات. رقص في الشوارع ومشارب. هذا حزب شيوعي من نوع آخر. رقصت سانتياغو، المدينة الثانية في كوبا، في كرنفالات عبر العصور، في ظل الاستعمار، والرأسمالية، والإشتراكية السنوات ال44 الماضية. واعتادت كوبا على إحياء هذا الكرنفال بحلول 25 تموز يوليو من كل سنة بمناسبة عيد القديس جيمس - أي سانتياغو باللغة الإسبانية. لكن الكرنفال سيمتد هذه السنة حتى اليوم الأحد، 27 تموز، للاحتفال بالذكرى الخمسين لهجوم فيديل كاسترو على "ثكنة مونكادا" في هذه المدينة في 26 تموز. فشل هجوم كاسترو وكان في ال26 من عمره، لكنه أطلق الثورة التي جاءت به الى الحكم في 1959. كان كاسترو خطط للسيطرة على حراس الحصن وهم لا يزالون تحت تأثير الخمر من جراء مشاركتهم في الكرنفال، وهو لم يكن وحده الذي يلجأ الى مثل هذه الفكرة في تاريخ الحركات السياسية في كوبا. ففي كفاح الكوبيين من أجل الاستقلال في القرن التاسع عشر، كان الثوار يستغلون أحياناً صخب الكرنفال لتبادل الرسائل في ما بينهم تحت أنظار السلطات الاستعمارية الإسبانية. بدأت الاحتفالات، أمس، بانفجار الألعاب النارية في الجو فوق مكان الكرنفال. كان ذلك مثيراً على نحو غير معتاد كون الألعاب النارية انفجرت على علوّ منخفض لأن حشوات البارود فيها لم تكن كافية. سقطت أسهم نارية كثيرة، وهي لا تزال تحترق، في الشوارع وأمام المنازل. وتوافد مئات الصبية من تلاميذ المدارس أمس الى ثكنة مونكادا في سانتياغو، مرتدين ملابس عسكرية وفي عربات أميركية، ليعيدوا تمثيل الهجوم الفاشل الذي قاده كاسترو وأطلق الثورة ضد نظام حكم باتيستا. اعتقل جنود باتيستا العديد من الثوار ال 129 الذين قادهم كاسترو في الهجوم، وعذّبوا خمسين منهم حتى الموت. لكن ذلك أعطى نتيجة عكسية لما أراده باتيستا، إذ زاد التعاطف الشعبي مع كاسترو وأنصاره. ودافع كاسترو، وهو محام متدرّب، عن نفسه في المحاكمة التي تلت فشل الهجوم، والقى كلمة في قاعة المحكمة جلبت لأنصاره مزيداً من التأييد. قال في كلمته التي سُجّل نصها وصار يوزّع سراً: "لا أخشى السجن، كما لا أخشى غضب الطاغية التعيس... أصدِر حكماً بإدانتي. لا يهمني. فالتاريخ سيغفر لي". وأُفرج عن كاسترو والناجين الآخرين بعفو عام بعد 22 شهراً. ذهبوا الى المكسيك، ومن هناك نظّموا حرب عصابات أطاحت حكومة باتيستا في الأول من كانون الثاني يناير 1959. وكاسترو 77 عاماً الذي كان متوقعاً ان يلقي خطاباً ليل أمس، صار أقدم زعيم حكومي في العالم، فهو مستمر في الحكم منذ 44 سنة.