اعتبر خبراء في واشنطن أمس ان الاقتصاد العالمي "قد يواجه الأمرين" بسبب انقسام الحلفاء في شأن الأزمة العراقية وتسارع حركة العزلة وصولاً حتى الى تعريض مسيرة العولمة للخطر. ويخشى بعض الاقتصاديين ليس من الكلفة المرتفعة للحرب وحسب، ولكن من تعرّض مكاسب التجارة العالمية للتآكل، بسبب الانشقاقات المتنامية بين حلفاء تعود علاقاتهم الى زمن بعيد، مثل فرنساوالولاياتالمتحدة. وبسبب هذا الانشقاق، قد تضعف فرص ايجاد حلول للمشاكل المزمنة، مثل خفض الرسوم الجمركية أو إنتاج المواد الغذائية المعدّلة وراثياً. كما يمكن ان يُترجم بنزاعات مثل مقاطعة النبيذ الفرنسي او منتجات أميركية. وقال ستيفان ريختر من "مركز الأبحاث الشاملة" المتخصص في العولمة: "اذا قُتل جنود أميركيون في الشرق الأوسط فيما تواصل اوروبا انتقاداتها، فإن المسؤولين الأميركيين سيجدون صعوبة في إقناع الرأي العام بتسويات في شأن مسائل اقتصادية كبرى". وأضاف: "واذا اكتشف الاوروبيون مساء كل ليلة على شاشات التلفزيون ان مدنيين يتعرضون للقصف وان ضحايا أبرياء سقطوا، فان مسؤوليهم سيكونون أقل قدرة - وأقل ميلاً - لاقناع مواطنيهم بأن اقتراحات مستوحاة من الولاياتالمتحدة تستحق ان تُعتمد". وأشار الى ان الوضع يُذكّر، بطريقة ما، بالوضع الذي كان سائداً في القرن العشرين، عندما كانت العولمة لا تزال فكرة قبل إهمالها بسبب حربين عالميتين "دفعتا عدداً كبيراً من الدول الى التقوقع". وذكّر بأن "حصة التجارة في 1950، وبعد حربين عالميتين وعشرين عاماً من التوترات الدولية بين هذين الحدثين المشؤومين، لم تكن تتجاوز نسبة 7 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي العالمي"، أي أقل من نسبة ال9 في المئة لإجمالي الناتج الداخلي المسجّل عام 1913. الأزمة العراقية وفي العودة الى الأزمة العراقية، حذّر ريتشارد بيرنر، الاقتصادي لدى "مورغان ستانلي"، من ان "هذا النزاع يهدّد استقرار التحالف الغربي المنبثق من العملية السلمية بعد الحرب العالمية الثانية". وقال انه اذا اندفعت الولاياتالمتحدة في هذه الحرب من دون دعم الحلفاء القدامى، "فان ذلك قد يصيب التحالف بأضرار لا تعوض" مع نتائج اقتصادية ضمنية. ورأى بيرنر ان "حجم نتائج انشقاق التحالف الغربي وحرب باردة طويلة الأمد، غير قابل للحصر على الأرجح على مستوى الأسواق المالية". وأضاف: "لكن ربما شكّلت هذه المخاطر خوفاً كبيراً بالنسبة إلينا نحن الاقتصاديين لكي نفكر فيها بجدية". في المقابل، أكد اقتصاديون آخرون انه اذا نجح الرئيس الأميركي جورج بوش في بلوغ أهدافه في العراق، فسيكون ذلك بمثابة الحافز للاقتصاد العالمي. وقال ناريمان بهراوش، رئيس قسم الاقتصاديين في معهد "غلوبال إنسايت" للأبحاث، ان رحيل الرئيس العراقي قد يكون "فائدة للمنطقة وبقية أنحاء العالم". وخلص الى القول ان مثل هذا المخرج "سيؤدي الى الحد من بعض المخاوف الجيو-سياسية التي أصابت ثقة المستهلكين والشركات خلال العامين الماضيين".