شكلت مسألة الزواج من أجنبيات ظاهرة اجتماعية في عمان، ومعظم تلك الزيجات تكون عادة من نساء من الدول الآسيوية، وأفرز ذلك مشكلات اجتماعية كبيرة من أهمها تفشي هذه الزيجات لتتحول إلى ظاهرة أشبه بالتجارة، فمن لديه القليل من المال يمكنه الزواج بأكثر من واحدة في السنة ومن ثم تأتي الحسابات الخاطئة بثمارها المرة: أطفال مشتتون وزوجات في المحاكم يطالبن بحقوقهن وسماسرة يسهلون العملية، يعرفون المناطق التي يمكن الزواج منها والعائلات، والمهم أن العمولة جاهزة. وفي عام 1993 صدر قرار ينظم موضوع الزواج من أجنبيات يتيح لوزير الداخلية الموافقة على طلب الزواج... وبشروط صعبة منها أن يكون لطالب الزواج أسباب اجتماعية أو صحية تدعوه إلى هذا الزواج وألاّ يكون متزوجاً من عمانية ما لم تكن غير قادرة على القيام بالواجبات الزوجية وان تكون لديه القدرة المالية على توفير السكن المناسب وإعالة الأسرة. وشكلت لجنة لبحث طلبات الزواج تضم أعضاء من وزارة الداخلية ووزارة التنمية الاجتماعية وشرطة عمان السلطانية، وترفع اللجنة توصياتها إلى وزير الداخلية لاصدار القرار المناسب، لكن يمكن وزير الداخلية الموافقة مباشرة إذا كان أحد طرفي الزواج من إحدى دول مجلس التعاون أو ولد في عمان لام عمانية وحافظ على إقامته فيها مدة ثمانية عشر عاماً وان كانت المرشحة للزواج مترملة أو مطلقة من زوج عماني ولها منه أولاد وكذلك إذا كان الراغب في الزواج من القاطنين في المناطق الحدودية، وأيضاً إذا رأى وزير الداخلية من الأسباب ما يوجب الموافقة على الطلب. هذا على المستوى الاجتماعي لكن هناك اشتراطات صحية منها خلو الراغبين في الزواج من الأمراض المعدية وان يكون فارق السن مناسباً. هناك من تزوج في السر من دون إعلام الجهات الرسمية بالأمر، فقد تكون "العروس" مقيمة مع عائلتها أو يمكن ادخالها البلاد بتأشيرة عمل... لكن الأمر ينكشف مع انجاب الاطفال الذين لا يمكن إخفاؤهم بعيداً من قوانين التسجيل وما قد ينتج من ذلك من حرمانهم للجنسية وإشكاليات لا يمكن التنبوء بما قد تصل إليه من مشكلات اجتماعية وانسانية... وللخروج من هذا المأزق قررت الجهات المعنية مراعاة الأمر إنسانياً وفرضت عقوبات على من يخالف القانون أي لا يحصل على الموافقة المسبقة لهذا الزواج فيعاقب بغرامة تقدر بألفي ريال عماني أي اكثر قليلاً من سبعة آلاف دولار مع حرمانه من تولي وظائف في القطاع الحكومي وحرمانه من إدخال الزوجة إلى البلاد وهناك استثناءات في هذا الجانب. وتشير الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد المتزوجين من أجنبيات يبلغ 12 ألف شخص تقريباً غالبيتهم من كبار السن والميسورين. ويتيح القانون الجنسية العمانية للزوجة بعد خمس سنوات، وكذلك الحقوق المدنية للأطفال الذين لهم حق الجنسية العمانية من دون أي معوقات. ح.س... شاب تزوج من فيليبينية قبل اكثر من 15 عاماً، وحدث الزواج اثناء احدى سفراته الى تلك البلاد القريبة من الشرق العماني، وله منها اولاد اكبرهم عمره 13 عاماً، يقول انه عندما قرر الزواج لم يفكر بالقانون، تعرف إليها وأعجب بها، وعندما يود زيارة العائلة عليه السفر الى مانيلا او احضارها الى دبي القريبة من عمان وبعد جهود كبيرة وتقاعده المبكر تمكن من الحصول على الموافقة. وعلى رغم إحساسه بالفوارق بينه وزوجته وهي الفوارق التي أدت الى حالات طلاق كثيرة حصلت لنساء أجنبيات بعد أسبوع من حضورهن إلى عمان بفعل الصدمة التي أيقظتهن من أحلام الثراء والعز ليجدن أنفسهن نساء عاملات في مجتمع تقليدي محافظ. ينتقد ح تلك القوانين مطالباً بالحرية في اختيار شريكة الحياة. أما الجهات العمانية المختصة فلها مبرراتها التي حتمت عليها اتخاذ مثل هذه الإجراءات التي تبدو تنظيمية اكثر من كونها قوانين مصادرة للحقوق المدنية، فالمشكلات التي حدثت أقنعت المسؤولين بأهمية التحرك لمنع تفاقم المشكلات، رجال يهجرون بيوتهم للزواج من آسيوية ببضعة دولارات في امتهان للإنسانية إذ تتحول المسألة إلى بيع وشراء، يقول أحد المسؤولين أن الأمر ليس كما يراه أولئك الراغبون بالزواج والدليل انه سمح لهم بشروط بسيطة للزواج من مواطنات دول مجلس التعاون لما بينها من تقارب في العادات والتقاليد. ومن المشكلات الأخرى قيام بعض المسنين بالزواج من صغيرات في السن وما يحدثه ذلك من أزمات اجتماعية خطيرة ولا يمكن إغفال التركيبة السكانية للمجتمع الذي يتواجد فيه أكثر من ربع الأجانب غالبيتهم من العمالة الآسيوية. يعلق أحدهم ضاحكاً: انه قرار لحفظ حق المواطنات من العنوسة، وعلى رغم كل تلك القوانين لا تزال العنوسة ظاهرة في المجتمع، بينما يرى آخر أن تحسين مستوى الجمال في المجتمع لا يكون بزيجات من بلدان أجنبية.