وزير الخارجية الأردني ونظيره الأمريكي يبحثان الأوضاع في غزة    أمين الرياض يحضر حفل سفارة هولندا    بيئةٌ خصبة وتنوّعٌ نباتي واسع في محمية الملك سلمان    النفط يرتفع مع تعقّد محادثات الهدنة وتصاعد مخاطر الإمدادات    جامعة طيبة تختتم مسابقة «طيبة ثون»    أمير المدينة يرعى حفل تخريج الدفعة ال60 من طلاب الجامعة الإسلامية    مساعد رئيس الشورى تلتقي وفداً قيادياً نسائياً هولندياً    "الهلال" يطلب التتويج بلقب دوري روشن بعد مباراة الطائي في الجولة قبل الأخيرة    نائب أمير الشرقية يلتقي أهالي الأحساء    الشورى يدعو لتحديث كود البناء السعودي    التأكيد على الدور السعودي في مواجهة التحديات    أمير نجران يقلد مدير الجوازات رتبة لواء    استعراض المؤشرات الاستراتيجية لتعليم جازان المنجز والطموح    «التواصل الحضاري» يعزز الهوية الوطنية    بدء أعمال ملتقي تبوك الدولي الأول لتعزيز الصحة    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُجري جراحة تصحيحية معقدة لعمليات سمنة سابقة لإنقاذ ثلاثيني من تبعات خطيرة    سحب لقاح أسترازينيكا عالمياً لتسببه بآثار جانبية نادرة وخطيرة    إدانة دولية لعمليات الاحتلال العسكرية في رفح    الحرب العبثية في غزة    اقتصاد المؤثرين    البنتاغون: الولايات المتحدة أنجزت بناء الميناء العائم قبالة غزة    تحقيقات مصرية موسعة في مقتل رجل أعمال إسرائيلي بالإسكندرية    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    تحويل «التحلية» إلى «الهيئة السعودية للمياه»: أمن مائي.. موثوقية.. استدامة وابتكار    هزيمة الأهلي لها أكثر من سبب..!    الاتحاد يطرح تذاكر مواجهة الاتفاق .. في الجولة 31 من دوري روشن    الأول بارك يحتضن مواجهة الأخضر أمام الأردن    بونو: لن نكتفي بنقطة.. سنفوز بالمباريات المتبقية    اختتام دور المجموعات للدوري السعودي الممتاز لكرة قدم الصالات في "الخبر"    الرؤية والتحول التاريخي ( 1 – 4)    رحلة استجمام الى ينبع البحر    أسواق ومسالخ العاصمة المقدسة تحت المجهر    "الجوازات" تعلن جاهزيتها لموسم الحج    30 مزاداً عقارياً في المناطق    مؤتمر الحماية المدنية يناقش إدارة الحشود    أندية الهواة وتنوّع الهوايات    اللجنة الأولمبية الدولية تستعين بالذكاء الاصطناعي لحماية الرياضيين من الإساءات خلال الأولمبياد    ولي العهد يعزي هاتفياً رئيس دولة الإمارات    برعاية وزير الإعلام.. اختتام" ميدياثون الحج والعمرة" وتكريم الفائزين    جامعة الملك سعود تستضيف مؤتمر" العلوم الإدارية"    غاب مهندس الكلمة.. غاب البدر    «البدر» و«محمد عبده».. رحلة الكيمياء والكيماوي    بدر الحروف    المدح المذموم    البدر والأثر.. ومحبة الناس !    تغريدتك حصانك !    استقبل مواطنين ومسؤولين.. أمير تبوك ينوه بدور المستشفيات العسكرية    تحذير قوي    تنظيم لهيئة الصحة العامة وتحويل مؤسسة تحلية المياه إلى هيئة    «سعود الطبية»: زيادة إصابات «الكفة المدورة» مع تقدم العمر    الفوائد الخمس لقول لا    بدء التسجيل ب"زمالة الأطباء" في 4 دول أوروبية    الرياض: القبض على شخصين لترويجهما مادة الحشيش وأقراصاً خاضعة لتنظيم التداول الطبي    مالكوم ينثر سحره مع الهلال    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    اكتشاف الرابط بين النظام الغذائي والسرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكم في قضية جوليو اندريوتي رئيس الحكومة الإيطالية السابق بالتواطؤ مع المافيا الصقلية . الإدانة الجزائية في مسألة سياسية واجتماعية... تؤرخ للديموقراطية تأريخاً قضائياً
نشر في الحياة يوم 01 - 12 - 2002

قضت هيئة المحلفين الاستئنافية بمدينة بيروجيا بيروز الإيطالية، في 18 تشرين الثاني نوفمبر، في "الشيخ" عضو مجلس الشيوخ مدى الحياة، جوليو اندريوتي 84 عاماً، بالسجن 24 عاماً. ودانته بالمسؤولية عن اغتيال الصحافي مينو بيكوريلي في آذار مارس 1979. ودان الحكم احد كبار "شيوخ" المافيا الصقلية، غايتانو بادالامنتي، بالعقوبة نفسها. ونسبت هيئة المحلفين الى السياسي الديموقراطي المسيحي القديم، وأحد اعيان الجمهورية الإيطالية الأولى 1945- 1992، الإيحاء الى "أصدقائه" بباليرمو، عاصمة صقلية الساحلية، بإسكات الصحافي القريب من الأجهزة الأمنية، وصاحب اسبوعية "اوبسرفاتوريو بوليتيكو".
وأراد اندريوتي بإيحائه هذا، غداة مقتل ألدو مورو، رئيس الوزراء السابق وصاحب سياسة الانفتاح على اليسار الإيطالي، على ايدي "الألوية الحمراء" اليسارية الإرهابية في 1978، التخلص من تهمة الضلوع في خطف مورو، ثم في قتله. وكان الصحافي القتيل يلوح بكشف ما يعرفه، او يزعم معرفته عن "شيكات الرئيس"، وتورط رئيس الحكومة يومها في فضيحتي نفط ليبي ورشوة. وتهدد الصحافي اندريوتي، المرشح الى منصب رئاسة الجمهورية، بنشر بعض ما كتب زميله، ألدو مورو، في اثناء سجنه الذي دام نحو الشهرين قبل قتله، وتناول فيه موقف رئيس الحكومة في المفاوضات بين الخاطفين وبين اجهزة الدولة، وعلى رأسها اندريوتي.
والحق ان حكم هيئة محلفي بيروجيا فيمن يصفه مؤرخ ايطالي معاصر خص اندريوتي بكتاب ب"أبرز رجالات ايطاليا الجمهورية ربما"، ليس مبرماً. فهيئة محلفي بيروجيا من الدرجة الاستئنافية. وهي نظرت في قضية اندريوتي، أو "قضاياه" التي تتنقل بين المحاكم منذ تهمته الأولى في 1992، بعد محكمة باليرمو. وهذه قضت بتبرئته من تهمة "الجمعية المافياوية" او مساعدة ومظاهرة عصابات خارجة على القانون، وسرية، على ارتكاب اعمال جرمية. وتترجح الأعمال الجرمية بين كتم معلومات عن القضاء وقوات الأمن و بين القتل والاحتيال على المال العام. ورفع استئناف الحكم الابتدائي القضية الى محكمة بيروجيا الجزائية. وفي وسع السياسي الديموقراطي - المسيحي "التاريخي" رفع القضية الى محكمة النقض او التمييز، على ما ينوي فعله.
وقد يقتضي ابرام حكم محكمة النقض خمس سنوات الى عشر، على مثال محكمة استئناف بيروجيا. والرجل في الرابعة والثمانين. وهو شيخ مدى الحياة. ويتمتع بحصانة جزائية لا تنتهكها صفة القضية، واختلاط الجزائي والسياسي فيها. وإلى اليوم لم تعلن هيئة المحلفين علل الحكم وحيثياته. وهذه ينبغي ان تكون، شأنها في القضايا الجزائرية، قاطعة وبينة. ومهلة إعلان علل الأحكام وحيثياتها وأدلتها، تبلغ تسعين يوماً. وعلى هذا، فمهما "تفاءل القضاء" في العمر المقسوم او المقدر والباقي للشيخ المسن، على قوله هو نفسه في ربع القرن سجناً الذي قضت به المحكمة، فالأرجح ان يقتصر الحكم على الدلالة المعنوية والرمزية، وعلى التبعة السياسية من دون الإجراء المادي أو الإنفاذ الجزائي.
التجارتان
وهذا ما لا يكاد يشك فيه احد، في ايطاليا اليوم، وربما منذ نيف وعقدين من الزمن. اي منذ انتهاج الدولة والمجتمع الإيطاليين نهجاً حازماً في تناول مسألة المافيا الصقلية تمييزاً لها من جمعيات اهلية وجرمية اضعف شأنا، مثل "الكامورا" النابولية، وأضيق انتشاراً، وأضأل دوراً، ومعالجتها معالجة قضائية وقانونية. ومثّل على المعالجة هذه انشاء "القطب القضائي" بباليرمو في النصف الأول من ثمانينات القرن العشرين. ففي اواخر السبعينات، وكانت ايطاليا لا تزال تكابد "ربيع 1968"، وحركاته "العفوية" واغتيالاته وانتفاضاته "المستقلة" منذ عشر سنين، على ما قال توني نيغري "مفكر" الإمبريالية الجديد، متفاخراً - ازدهرت تجارة المخدرات على نطاق عالمي لم يُسبق.
وتولت الشبكة الأميركية الصقلية شطراً عظيماً من عمليات التهريب، من طريق اميركا اللاتينية والشرق الأوسط وعلاقات "رؤوسها" بهذا وتلك. وهي استثمرت شركات تصدير الحمضيات من جنوب ايطاليا وبساتينه الى سوق المزاد الكبير بنيويورك، وتوسلت بهذه الشركات قناعاً ومسرحاً الى نقل الهيرويين وتهريبه وتوزيعه. وتعود شركات تصدير الحمضيات هذه الى العقد الثاني من القرن العشرين. ومعظم "عائلات" المافيا الصقلية تحدر، ويتحدر من آباء وأجداد كانت حراسة البساتين على الساحل الصقلي الشمالي، حيث مدينة باليرمو، وفي الداخل حيث كورليونه بلدة "عراب" فرنسيس كوبولا، عملهم الأول.
وتحولت الخبرات القديمة والمتجددة هذه، وأبنيتها العائلية والأهلية والجرمية، من تجارات مجزية، من غير شك، تمزج الحمضيات بالتبغ وتبييض الأموال والنفوذ السياسي والانتخابي، الى تجارتين جديدتين لا تقارن عوائدهما بعوائد التجارات السابقة، هما تجارة المخدرات اولاً، وتجارة النفوذ والمنافسة على مخصصات الدولة الإيطالية، ونفقاتها العامة على "إنماء" جنوب ايطاليا، بين مضيق مسّينا شرقاً، ومثلث تراباني ومرسالا وفرارا ديلفالو، غرباً، ثانياً. فأشعلت المنافسة على عوائد التجارتين الثمينتين حروب المافيا الصقلية، في النصف الثاني من السبعينات، على نحو ما اشعلت المنافسة على تهريب الكحول وتصريفها حرب المافيا الأميركية وعصاباتها الصقلية المنبت في معظمها، الى شطر إرلندي وآخر مختلط في عشرينات القرن الماضي.
وأدت المنافسة الشرسة والمستميتة هذه الى عسكرة "منظمات" المافيا، واندلاع عنف "اهلي" في صفوف الأسر و"الخلايا" "كوسكا" مفرد "كوسِكه" اودى بعشرات القتلى، في اليوم الواحد، على ما يذكر عمدة باليرمو السابق، ليو لوكا اورلاندو. ولم يجف الاغتيال الجماهيري هذا، ولم ينحسر حتى انتصاف العقد التالي. وسعت الأسر المنتصرة، وبعضها انشق على نفسه وقاتل بعضها بعضاً، في جمع مقاليد النفوذ - الرجراج، والمعرَّض لانقلاب الأحلاف والنزوات على ما هي السياسة في المجتمعات "الأهلية" - بيد "اللجنة" المركزية! او "المفوضية"، على ما تسمى. فتولى ثلاثي ائتلف من توتو رينا وستيفانو بادالامنتي وغايتانو بونتاته، والاثنان الأخيران هما شريكا اندريوتي المفترضان في جرم "جمعيته" ودينا معه - تجديد التنسيق بين اذرع المافيا الصقلية، وبعث خلاياها بباليرمو وتولى بالادامنتي الأمر، واستعادة العائلات الى ولاء "اللجنة" الثلاثية.
وتولى الثلاثة تطهير المنظمة من المندسين والعملاء والمرتشين والساعين في الاضطلاع بأدوار منفردة تشرخ الوحدة "التنظيمية" و"الوطنية". وهذا وجه تقليدي ومعروف من وجوه قيادة المافيا. وثمنه التقليدي والمعروف كذلك، هو انفجار الحرب الأهلية، وتواتر اعمال التصفية والتطهير والإرهاب في سبيل توحيد الصفوف، والقسر على ولاء حديدي للمركز الواحد. وتتفق ذروة القتل مع بلوغ المافيا ذروة نفوذها. وأما الوجه الآخر، المتصل بالأول، فهو سعي "اللجنة"، إبان ازدهار التجارتين، في "الارتقاء" بمساكنة المافيا وأجهزة الدولة والطاقم السياسي الديموقراطي المسيحي والاشتراكي، وبرضا الاثنين واحدهما بالآخر، الى مستوى أعلى هو استدخال المافيا الدولةَ الديموقراطية وأجهزتَها وسياسييها.
فمن طريق كتلة جوليو اندريوتي البرلمانية، والمحفل الماسوني المعروف بP2، وحلقات السلسلة الأميركية - الصقلية، تغلغلت شبكة مافياوية ومالية في قلب السلطة الاقتصادية والسياسية الإيطالية. ولم تسلم الكنيسة الكاثوليكية من التغلغل هذا. وطمعت الشبكة في السيطرة على "رافعات" الرأسمالية الوطنية، على قول مؤرخ اندريوتي، سالفاتوره لوبو. فنفوذ المافيا اتفق، من غير مصادفة، مع "موسم" دولة الرعاية الكبير والمدرار، اي مع اضطلاع الإدارة وهيئاتها بتوزيع ارصدة كبيرة على الأطراف والمناطق "النامية" او المتأخرة.
ولعل هذه الوقائع المتشابكة والمتقاطعة هي تعليل سعي المافيا في استدخال الدولة من طريق استمالة بعض كبار اركانها، ومقايضة الخدمات التي يسدونها إليها من تشريع الدولة، وقضائها وسجونها وأجهزتها وأخلاقها وأموالها، ب"خدمات" شخصية وسياسية، نظيرها. وجوليو اندريوتي عَلَم على الأركان هؤلاء، وعلى دولتهم وسياستهم. فهو حين رضخ لتعيين قائد "الجندرمة"، الجنرال دالاّ كييزّا، محافظاً على صقلية، في ربيع 1981، وكان التعيين هذا إيذاناً بحزم الدولة امرها على محاربة الأخطبوط المتنامي والمتكاثر الأذرع، دعا رئيس الوزراء المحافظ الجديد الى لقائه قبل تسلم منصبه. ودوّن دالاّ كييزّا ملاحظاته على اللقاء وأنكر اندريوتي، في 1992، اللقاء والكلام الذي نسبه إليه المحافظ، وهو اغتيل في 1982، ونسب الاتهام الى اندريوتي بعض التبعة عن الاغتيال.
ورد دالاّ كييزّا سياسة اندريوتي الى ثلاثة عناصر او عوامل. الأول هو اندريوتي نفسه وعلاقته الذرائعية والانتخابية بالمافيا الصقلية. فالرجل، على ما بدا للموظف و"خادم الدولة" الحازم والمستقيم، يحسب انه لا يعدو توسيط عائلات المافيا المحلية بينه وبين ناخبيه، وناخبي لائحته وحزبه، الديموقراطي - المسيحي، بباليرمو. وهؤلاء يعدون نحو 180 ألف ناخب، إذا نسب الى كل واحد من "الناشطين" ال2700 التأثير في 80 ناخباً محتملاً. ويقود قصر الزعيم السياسي المسألة على التذرع والاستعمال الى "ضعف إدراكه" النتائج المترتبة على أنصار السياسي الصقلي البارز، وهرم العلاقات السياسية والأهلية.
"الفولكلور"
والعامل الثاني هو اصحاب اندريوتي ورهطه، "الأسرة الأشد تلوثاً في الجزيرة"، بحسب دالاّ كييزّا. وعهد رئيس الحكومات السبع الى انصاره وكبار ناخبيه، برئاسة المنطقة، وعمدة باليرمو، وعضوية المجالس البلدية، والوظائف الإدارية والأمنية النافذة. وتوسط لأجل تعيينهم في مناصب مجزية في المصارف والشركات الخاصة. وثقة الرجل برهطه، ومديري جهازه الحزبي والانتخابي، قرينة على "خفة" سياسية واجتماعية ميزت اندريوتي، على زعم سياسي شيوعي سابق، من رئيسي حكومة ديموقراطيين مسيحيين سابقين هما امنتوره فانفاني رائد يسار الوسط الإيطالي وألدو مورو، خليفة فانفاني. فعلى خلافهما، "لم يجبه اندريوتي التاريخ السياسي السقلي المعقد"، ولم يحاول تقييد اثره في الدولة والسياسة العامة. فاستخف تأثيره، وقوّم الناس والأحوال والأوضاع تقويماً افتقد الدقة والأمانة، وماشاها، وحملها على "فولكلور" لا مهرب منه ويذهب اليوم، وزير البنى التحتية في حكومة برلوسكوني، بييترو لوناردي، المذهب نفسه. والناخبون، وعائلات المافيا، والعائلات السياسية، هم العامل الثالث، على حسب تقويم دالاّ كييزّا. وهؤلاء ليسوا واحداً، على خلاف ظن اندريوتي، او على خلاف ايهامه محادثيه بهذا الظن. فحسبانهم واحداً يخول اندريوتي، وأصحابه، حمل العلاقة بالمافيا على قدر لا ملجأ منه، ومن المحال تفاديه أو تجنبه. فمن "يريد قلي العجة لا بد له من كسر البيض"، على ما قال كيم إيل - سونغ إلى وفد "مثقفين" فلسطينيين في منتصف السبعينات المنصرمة، مسفّاً ومبتذلاً. وربما أضمر اندريوتي تأويلاً لتاريخ إيطاليا السياسي منذ الوحدة في 1861-1870 يوحّده في تاريخ روابط المافيا بالسياسة والسياسيين، ويجعل من التاريخين واحداً لا ينقسم وإلى هذا يذهب قضاة الطائفية "السياسية" في لبنان، من لبنانيين "قوميين" و"مثقفين"، وخبراء وحزبيين مسيحيين، وزراء ومستوزرين.
وينسب أحد مؤرخي المافيا المعنى المضمر هذا إلى قرار الإتهام الأول في قضية اندريوتي 1992. وينسبه اليوم معلقون إيطاليون كثر إلى حكم هيئة المحلفين ببيروجيا الأخير، وينددون به، ويحملونه على دمج تواريخ كثيرة - مثل تاريخ "التجارات"، وتاريخ "الأعماق" الصقلية الأهلية، وتاريخ النظام السياسي الإيطالي الوطني وأطواره وأدواره - في تاريخ واحد ومسطح. فينكر محرر "لا ستامبا" على الإدانة الجزائية كتابتها تاريخ إيطاليا الديموقراطية "كتابة قضائية". فيُوكَل إلى المحاكم والقضاة البت في المشكلات السياسية والإجتماعية المعقدة بتاً جزائياً يفصل في البراءة والإدانة، وكأن هذا الضرب من المشكلات يحتمل فصلاً وأحكاماً على المثال الجزائي، وكأن الخصم السياسي لا محالة مجرم ينبغي إنزال القصاص فيه.
ويخلص محرر "لا جيورناله" إلى أن إقرار محكمة التمييز حكم محكمة الاستئناف، أي الإدانة الجزائية، إنما يدين التاريخ الإيطالي المعروف في أثناء نصف القرن المنصرم برمته. وينجم عنه الخلوص إلى ان الإيطاليين، في نصف القرن هذا، كان يحكمهم نظام "مجرم وقذر" هو النظام الديموقراطي بعجره وبجره. ومثل هذا النقد للديموقراطية، مهما بلغت نقائصها وثغراتها، قلما يصدر عن ديموقراطيين صادقين، أو يفضي إلى تقويم الديموقراطية وإقالتها من عثراتها. ولا ريب في أن كثيراً من اللبنانيين والمشرقيين يذكرون المآل الذي آل إليه هذا الضرب من النقد، ويَؤول إليه اليوم.
وأياً كان تأويل التاريخ الذي أضمره اندريوتي أو يضمره، فالرجل تألّف عائلات المافيا الصقلية، وحلقاتها الأميركية الصقلية. وكانت علاقاته بها، وعلاقاتها به، وثيقة على مختلف المراتب والمستويات، من أدناها، في أحياء باليرمو وأقلامها الانتخابية، إلى أعلاها، في أروقة القصور الحكومية والرئاسية، بروما، وردهات حاضرة الفاتيكان. فمنذ تصدره حزب الديموقراطية المسيحية بصقلية، في ستينات القرن العشرين، واستمالته "مفاتيح" الحزب، أو كبار ناخبيه في الجزيرة، رضي اندريوتي بما يرتبه التصدر، وترتبه الاستمالة من مبادلات ومقايضة. وكان هذا الرضا سبباً في تخلي الوجهاء المحليين عن فانفاني. وأوكل اندريوتي تدبير مبادلاته ومقايضته المتشعبة إلى مستودع ثقته سالفو ليما وإغناتسيو سالفو وإبن عمه نينو وداكويستا ونيلّو ماريتلوتشي - وهم، تباعاً، نائبان في كتلة اندريوتي، ورئيس منطقة صقلية، وعمدة باليرمو - . وهم من تقدم وصف دالاّ كييزّا إياهم بأشد العائلات "تلوثاً" وفساداً في الجزيرة التي تعد من تعدهم من "العائلات".
وانتهى سالفو ليما وأغناتسيو سالفو، وثالث هو روزاريو نيكوليتّي، صرعى قَتَلة العائلات. فهم كانوا "رهائن" المافيا في الدائرة الأقرب من اندريوتي، والوسطاء بين سياسي العاصمة النافذ وبين مصالح العصابات الكثيرة في الجنوب. وفي 1975 خطفت المافيا والد زوجة نينو سالفو، أحد أقرب "مدبري" اندريوتي، وقتلته. ولم تنفع سالفو "صداقته" باثنين من ثلاثي "اللجنة"، بادالامنتي وبونتاته. فالإرهاب هو وسيلة، لا غنى للمافيا عنها، الى التأثير في سياسة الأحزاب السياسية الكبيرة، وتخويف الحلفاء وحسم المنافسة بين الحماة. واغتيل ليما وسالفو جزاء عجز السلطة السياسية، واندريوتي من أقطابها، عن الحؤول بين القضاء و"قطبه" الذي كان فالكونه وبورسيلّينيو، وهما اغتيلا في 1992، قبل عشر سنوات، من أركانه وبين تثبيت أحكام "المحاكمة العظمى" بباليرمو، على ما سميت. ويخلص لوبو، مؤرخ المافيا واندريوتي، من الوقائع الجرمية هذه إلى ان المافيا تتدخل في دنيا الأعمال ودنيا الانتخابات من غير التسليم بمنطق الأعمال أو بمنطق السياسة الانتخابية، ومن غير أن تتحوّل الى دائرة من دوائر رجال الأعمال والوجهاء. فإذا جبه المافيا تحدٍ يفوق طاقة وسطائها السياسيين والماليين على الحل والمعالجة بما يماشي توقع المافيا، ردت هذه على التحدي بآلة إرهابها وقتلتها.
وعلى هذا ف"تمدين" المافيا من طريق تألفها، ومهادنتها، واستدراجها الى دخول الحياة السياسية الديموقراطية، بله الدورة الاقتصادية السوية، هذا "التمدين" أو السعي فيه ضرب من العبث شأن التوسل ب"أسلحة السلام" إلى حمل الأنظمة الشيوعية على الديموقراطية، أو التسليم للميليشيات المسلحة إلى بناء الدولة المدنية.... فمراتب الجريمة ومراتب المصالح والمال متضافرة ومتآخية. ولا تنفك هذه من تلك. وإذا انفكت المصالح من الجريمة المنظمة، ومن منطق الارهاب والخوف، كان معنى هذا الخروج من المافيا ويدين جوزيف بونانّو، عراب "عائلة" ما رانزانو بنيويورك، في 1931، بطول العمر، هو المتوفى عن 97 عاماً في أيار / مايو 2002، إلى انسحابه من "المنظمة" إلى "الأعمال"، وخروجه فعلاً وعملاً من الجريمة. وأما الجمع بين الأعمال وبين المنظمة فمعناه، على الدوام، غلبة المنظمة على الأعمال، ورجحان كفتها على كفة "التمدن" الاقتصادي.
وكان تقرير هذا الأمر، والإقتناع به، وراء إنشاء "القطب القضائي" المناهض للمافيا، والساعي في حتفها وموتها بواسطة إعمال القانون وحده، شريطة إعماله كله، في منتصف الثمانينات. وتوجت "المحاكمة العظمى"، في 1986 بباليرمو، المرحلة الأولى من عمل "القطب". فقضت في 475 "رجل شرف"، على ما يسمي رجال "العائلات" والجريمة والسكوت المتواطئ أنفسهم، بالسجن مئات الأعوام. وأظهرت إلى العلن الخيوط الخفية والمطوية التي تربط منظمة الجريمة بمواقع النفوذ السياسي والاشتراعي والقضائي والأمني والاقتصادي، وبأصحاب هذا النفوذ في الدولة الإيطالية وهيئاتها ومرافقها. وأفضى الحزم القضائي والأمني إلى تدني عدد الجرائم بباليرمو من 240-250 جريمة قتل سنوية بباليرمو وحدها في منتصف الثمانينات المنصرمة، تعود كلها إلى المافيا المحلية، إلى 8 جرائم في العام 2000، ليس بينها وبين "العائلات" رابطة واحدة. وصادرت الدولة المدانين والمحكومين على 440 مليون دولار أميركي، تفوق بكثير ما صادرته الهيئات الدولية من مال الإرهاب السياسي المنظم بن لادن وأقرانه في السنة المنصرمة.
ولم تقوَ الدولة الديموقراطية على هذا إلا جراء إقدامها على ما أحجمت عنه طوال العقود الأربعة المنقضية بين أواخر الحرب الثانية وبين انتداب دالاّ كييزّا حاكماً على صقلية، وهو سن القوانين القاطعة في محاسبة العصابات، والحؤول بينها وبين تضييع التبعة عن أعمالها، وذلك بواسطة إلقائها على صغار المنفذين. وتولى جوليو اندريوتي، وأمثاله وأصحابه، عرقلة سن القوانين القاطعة هذه، على نحو ما يتولى، اليوم، أقطاب "فورتسا إيطاليا" و"حلف الشمال" و"الحلف الوطني"، حول سيلفيو برلوسكوني، إضعاف الجسم القضائي عموماً، وشطره الذي يقضي في قضايا المافيا الصقلية خصوصاً وهو يعد في صفوفه "أعلاماً" قتلتهم العصابات، وآخرين لا تزال تهددهم.
"الجمعية المافياوية"
ففي سياقة الحرب على المافيا سن البرلمان الإيطالي تشريعات خصت الجريمة المنظمة بلجنة من لجان مجلس القضاء الأعلى، وقفت عملها على تعقب الاحتياجات التشريعية والتنفيذية الناجمة عن الحرب هذه. وأقرت التشريعات هذه استعمال اعترافات "التائبين"، والمرتدين على منظمتهم، في التحقيقات والتعقبات والإدانات. وخولت القضاة حماية التائبين، ومجازاتهم على اعترافاتهم عقوبات مخففة، وحمايتهم في سجونهم. وألزمت الشرطة وقوات الأمن حماية القضاة، وتخصيصهم، هم وأسرهم، بمواكبة ثابتة ويقظة. وفرقت المدانين المسجونين بعضهم من بعض. وحالت بينهم وبين المراسلة المنتظمة مع الخارج. وفوق هذا أقرت تعريف "الجمعية المافياوية"، والمسؤولية الجزائية والمباشرة عنها. وكان إيهام التعريف مخرجاً جاهزاً لحل السياسيين و"شيوخ" العصابات و"العائلات" من مسؤولياتهم عن الجرائم والصفقات.
وكان هذا كله مدار مفاوضات اندريوتي والمافيا، السرية. فالمافيا، وهي جمعيات وروابط أهلية، على معنى القرابة والجوار والعصبية، ضعيفة التأثير في السياسة العامة الديموقراطية إذا لم تتوسل بحزب سياسي يضطلع، على نطاق الدولة والمجتمع، برعاية مصالحها. وهي، في معظمها، مصالح سالبة تناهض الدولة، وتعوق عموم قوانينها، وترعى "جزرا" من "اللاّ حقّ"، على ما يسميه الأوروبيون، ومن "أرض السباء"، على ما يسميه العرب. ولعل هذا الفرق بين المافيا وبين السياسة والدولة، او هذا البعد بينهما، هو "مسوغ" الإرهاب، وتوسل المافيا به الى التأثير في الحياة السياسية، التشريعية والإدارية، على وجوه الاستمالة والتخويف والجزاء الاقتصاص. ومن القرائن على هذا اغتيال المافيا اقرب مساعدي اندريوتي إليه، سالفو وليما، غداة ظهور عجزه عن الوفاء بوعده توتو رينا إبطال احكام "المحاكمة العظمى" بباليرمو. وفي 1993 عزم اثنان من الأسرة الكورليونية، هما جيوفاني بروسكا وليولوكا باغاريلا قتل بعض ابناء اندريوتي نفسه، اقتصاصاً منه جراء "إدارته ظهره" الى اصحابه وأصدقائه القدامى ونسيانه "خدماتهم"، على ما جاء في شهادة جيو واكينو لا بَربيرا في محاكمة اندريوتي، في 1992.
ومثل هذه الأقوال والمزاعم كثيرة في محاضر الدعاوى التي يتقلب السياسي الإيطالي "التاريخي" بينها. وهي مرآة للعلاقات المضطربة والمعقدة التي ربطت الطاقم السياسي الجمهوري بالعائلات الصقلية، ومر وصفها. فالمافيا، مهما تقلبت اطوارها، ثابتة على نواة "عسكرية" جرمية. وثباتها هذا يحول بينها وبين تحولها الى "حزب" سياسي، او الى جزء او شطر من منظمة سياسية، على نحو ما يحول بينها وبين اندماجها السوي في بورجوازية اعمال، ولو "بيضت" الشطر الأعظم من عوائدها و"دورته" في استثمارات مشروعة.
وما يدين جوليو اندريوتي، على ما ذهب إليه كارلو ألبرتو دالاّ كييزّا، ليس ايعازه باغتيال الصحافي مينو بيكوريلي إذا ثبت هذا الإيعاز، على عسر إثباته، بل إغفاله نسيج العلاقة "السياسية"، على النحو الذي تفهمه المافيا، وتحمله عليه. ويرجح مراقبون كثر ان يكون احد "شيوخ" العصابات، بالادامنتي او بونتاته او ميكيله غريكو عراب العرابين قبل رينا، اراد من تلقاء نفسه "إهداء" حليف المافيا السياسي والانتخابي "هدية" تخرجه من الحرج الذي قد يرميه فيه الصحافي المزعج، لو اذاع الأخبار التي تهدده بإذاعتها. فأمر بقتل الصحافي هذا. ويتفق هذا "النهج" الذي تجري عليه الجريمة المنظمة في تعاطيها السياسة، وتجري عليه عصابات "سياسية" حاكمة او مقاتلة كثيرة. وحمل هذا النهج على "الفولكلور"، او على "الخصوصية" الصقلية وعلى غيرها من "الخصوصيات" والعبقريات القومية والثقافية، هو الثغرة الفادحة التي تدخل منها الجريمة الى السياسة، وتنقل إليها جرثومتها.
وهذا ما لم يقر به اندريوتي، ولا ينوي الإقرار به، ناسجاً على منوال المافيا نفسها، ومنوال بعض تائبيها من امثال توماسو بوسكيتا، اول كبار التائبين ومفشي ضلوع اندريوتي المفترض في اغتيال بيكوريلي، وتواطؤه على قتل ألدو مورو بعد خطفه، ثم على اغتيال دالاّ كييزّا. وهو لا يقر بالأمر، ولو على هذا النحو، على رغم شهادة بعض اصحاب الأدوار الثانوية من غير "الشيوخ"، مثل فرنتشيسكو مارينو مانّويا، في قضية اندريوتي، عام1992، وقوله انه ندبه عرابون كبار الى تحذير رئيس الوزراء السابق من سن قوانين متشددة واستثنائية في جرائم المافيا، كتلك التي انشئ "القطب القضائي" بموجبها.
وشرح مانّويا للمحكمة، ومن ورائها للجمهور الإيطالي، ان التلويح بالاقتصاص من الناكصين، أو ضعيفي الولاء ومبدليه، جزء لا يتجزأ من "سياسة" "اصحاب الشرف"أو "رجاله". والاقتصاص الفعلي، بالقتل غالباً، جزء لا يتجزأ بدوره من التلويح. ولولا التلازم المزدوج هذا لفقدت القيادة المافياوية مهابتها، وعجزت عن سوق "العائلات"، وخسرت قوتها على الردع، على ما يقال في مضامير اخرى. ولتفرق "رجال الشرف" ايدي سبأ، وتحولوا الى "نساء" او "مريات"، في لهجة عربية. وهذا ذروة المهانة، او حضيضها، في ثقافة تنزل الرجولة او الفحولة منها المرتبة الأعلى.
وكل القضايا التي يتذرع بها القضاء الى تهمة اندريوتي تهمة مباشرة تتقاطع عندها علاقات رجال العصابات والجريمة المنظمة بالسياسيين وإدارات الدولة، في المنعطف "التجاري" الذي غلبت عليه تجارتا المخدرات ومناقصات دولة الرعاية و"الإنماء". ففي منعطف السبعينات الى الثمانينات المنصرمة، وكان اندريوتي اكثر الناس إلماماً به على ما يُفهم من رواية دالاّ كييزّا، ضلع رئيس الوزراء الديموقراطي المسيحي في قضية المصرفي سيندونا، الذي انتهى "منتحراً". وسيندونا هذا جمع تدبيره اموال جماعة بونتاته وانزيريلّو، وهي حلقة في الشبكة الأميركية الصقلية كان يترأسها جون غامبينو "النيويوركي" وروزاريو سباتولا بباليرمو، الى صلات وثيقة بالحاضرة الفاتيكانية. وعندما تعسّرت احوال سيندونا المصرفية، طلب إليه العرابون الممولون رد اموالهم. فلم يفلح في تسديد الودائع المموهة والخفية. فاغتال العرابون وكيل تفليسه المصرف، وثنوا بمحاولة اغتيال نائب مدير مصرف امبرو سيانو المرتبط بمصرف سيندونا، وقتلوا كالفي، مساعد اندريوتي، و"انتحروا" سيندونا نفسه.
وعلى رغم انتشار خبر سيندونا، قبل ادانته، ثم بعد ادانته القضائية، لم يتبرأ اندريوتي منه، ولم يتنصل، لا هو ولا انصاره من الرجل "الموبوء". وكان في وسعه، على ما يقترح عليه مؤرخه، القول انه سانده لينقذ علاقات ايطاليا بالفاتيكان. وعلى المثال نفسه، كان في وسعه التذرع بالعلل الانتخابية والمحلية الى تسويغ رابطته القوية بسالفو ورابطة سالفو به، وبجهله المعقول بانقلاب ليما وسالفو ونيكوليتي الى رهائن بيد "اللجنة". وهذا لم لم يتذرع به اندريوتي، شأنه فيما اسر به الى دالاّ كييزا، من غير ان ينتبه ربما. ولكنه رفض الذرائع "الدفاعية" هذه، وتمسك بإنكار قاطع لا يعقل.
ويزيد الأمر ابهاماً، اذا حُمل على السياسة و"عقلانيتها" ولم يحمل على سبر الظلال النفسية، ان "فورتسا ايطاليا"، حزب برلوسكوني، خاضت ثلاث حملات انتخابية، في 1994 و1996 و2000، ب"برنامج" ذهبت بنوده المتصلة بالجريمة المنظمة مذهب اندريوتي. فنددت باختصار عقوبة التائبين وحمايتهم، ودعت الى إبطال جريمة "الجمعية المافياوية"... ومعظم محامي العرابين هم من نواب "فورتسا ايطاليا". ويندد زملاء فالكونه، اليوم، بتخفيف الحماية الأمنية عن قضاة يضطلعون بدور بارز في "القطب القضائي" مثل ايلدا بوكاسّيني وجيانكارلو كاسيلّي. وقد تكون هذه الإجراءات بين اسباب الحكم الأخير، ونحوه نحو التنديد المباشر بالسياسيين، وتحميلهم المسؤولية الجزائية عن تبعة سياسية وأخلاقية لا شك فيها.
* كاتب لبناني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.