بيروت، الناصرة - "الحياة"، أ ف ب - مرّ تدشين لبنان مشروع جر مياه الوزاني في الجنوب بسلام امس، في احتفال رسمي وشعبي حاشد، تحوّل الى مناسبة وطنية بفعل الحضور المفاجئ لرئيس الجمهورية اميل لحود والمشاركة السياسية الواسعة من الطوائف اللبنانية كافة، فيما راقب جنود الاحتلال الإسرائيلي من مسافة امتار المهرجان الخطابي الذي نظمه مجلس الجنوب برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع بدء ضخ كمية من المياه ل15 قرية جنوبية. راجع ص7 وفي وقت شكّل تدشين هذا المشروع سابقة مهمة هي الأولى على الصعيد العربي لاستغلال دولة عربية محاذية لإسرائيل جزءاً من مياه تشترك معها فيها جغرافياً من دون اتفاق مسبق، فإن الاحتفال خرق حاجز الخوف من الاعتراضات والتهديدات الإسرائيلية التي رافقت بدء الأشغال بالمشروع في اوائل شهر آب اغسطس الماضي، خصوصاً انه سبق لإسرائيل ان حالت بالقوة دون استفادة لبنان من مياه الحاصباني العام 1965 بقصف المعدات التي كان ينوي تركيبها لهذا الغرض. وبدا ان مشهد الاحتفال يرمز الى الكثير. مع ان لبنان سيستفيد من المشروع الذي دشنه امس بأقل من خمسة ملايين متر مكعب، وهي كمية اقل بكثير من الحصة التي يحق له فيها، فإن المداخلات الدولية، ادت الى لجم التهديدات الإسرائيلية. وفي وقت اعلن بري انه "في احوال طبيعية تتقيد فيها الدول بمبادئ الأممالمتحدة، ما كان مشروع بسيط مثل الذي نحن في صدده يحتاج الى كل هذا الضجيج... لكن اسرائيل ما زالت تمثل استثناء لا تطبق عليها القرارات الدولية"، لم يتأخر رد الفعل الإسرائيلي. فقد وجّه رئيس الحكومة الإسرائيلية بالوكالة وزير الخارجية شمعون بيريز تحذيراً للبنان من ان اسرائيل لن تسلم بمخطط الضخ اللبناني الذي يمس بمصادر مياهها. وقال ان من شأن النزاع حول المياه ان يتحول الى نزاع اقليمي. وقال بيريز امام الكنيست ان "مسألة مياه الوزاني اختبار صعب قد يؤثر شكل تطورها في سلوك سورية والفلسطينيين في قضية المياه ومن شأن الخطوة اللبنانية الأحادية الجانب ان تؤدي الى تصعيد خطير بين لبنان وإسرائيل"، مضيفاً انه على ثقة ان لبنان ليس معنياً بهذا التصعيد لكن "حزب الله" يسعى الى ذلك "انه تنظيم قتل ودمار وإرهاب وكراهية وإشعال حرائق بعباءة دينية ويسعى دوماً الى الاستفزاز". وقال ان إسرائيل تحتفظ لنفسها بحق الدفاع عن مياهها، وفق القانون الدولي "وكلنا امل بأن يتصرف لبنان كدولة عضو في المجتمع الدولي". وختم بيريز بأنه لا يريد إطلاق التهديدات للبنان وأن إسرائيل تنتظر استنفاد الجهود الديبلوماسية. واللافت في احتفال التدشين ان السفارة الأميركية في بيروت تقصدت الغياب عنه، على رغم دعوتها إليه. وقالت مصادر واسعة الاطلاع ل"الحياة" ان الموقف الأميركي شكل رسالة الى لبنان بعدم الموافقة على خطوة ضخ مياه الوزاني، من دون تفاهم، ولو غير مباشر مع إسرائيل، خصوصاً في المستقبل. وقالت المصادر ل"الحياة" ان الموقف الأميركي انسحب جزئياً على الأممالمتحدة ودول أوروبية، فخفضت حضورها التدشين الى المستوى الفني، وعلم ان الجانب الأميركي برر موقفه باحتجاجه على التهديدات التي اطلقها الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصر الله أول من امس بأنه سيرد بعد دقائق في حال اي اعتداء إسرائيلي. ومساء امس قال الرئيس الفرنسي جاك شيراك في حديث لتلفزيون "المستقبل" وإذاعة "الشرق" رداً على سؤال عن الخلاف حول الوزاني: "ان فرنسا تعتبر انه يجب اللجوء الى الحوار اولاً. في قضايا المياه، هناك قواعد دولية. وسيأتي خبراء الى لبنان: أوروبيون وأميركيون وفرنسيون، وسيقولون ما هي القاعدة الدولية. ولن يبقى عندها سوى تطبيقها. ما أتمناه هو ألا يقوم احد من اي من الجانبين بخطوة غير مفيدة بانتظار ذلك". وقال: "اننا على اتصال مع الولاياتالمتحدة والأمور تجري بشكل طبيعي". وتمنى "إدارة هذه القضية بهدوء من دون عدوانية". وتوقع عقد مؤتمر باريس -2 لمساعدة لبنان اقتصادياً قبل نهاية العام الجاري. وأدلى رئيس الحكومة رفيق الحريري امس بتصريحات لوكالة "فرانس برس" رحب فيها بالدور الإيجابي الذي لعبته المجموعة الأوروبية وخصوصاً فرنسا للحؤول دون مواجهة بين لبنان وإسرائيل حول الوزاني مشدداً على دور شيراك في ذلك وأميركا وروسيا والأممالمتحدة.