عقب تخرجه في قسم اللغة الإنكليزية في كلية آداب القاهرة، سافر سامي غنيم إلى ألمانيا لدراسة الدراما في جامعة ميونيخ. ومع بداية الإرسال التلفزيوني بدأ بكتابة الدراما، وحققت أعماله "النقاب الأزرق" و"السهول البيض" عن روايتين لعبدالحميد جودة السحار وإخراج محمد سليمان، و"السمان والخريف" عن رواية لنجيب محفوظ، و"شيء من الخوف" لثروت أباظة، نجاحاً جماهيرياً كبيراً. وتوالت أعماله بعد ذلك للسينما، فقدم ثمانية أفلام أبرزها "صباح الخير يا زوجتي العزيزة" لصلاح ذو الفقار ونيللي، و"من أجل حفنة أولاد" لرشدي أباظة. وقدم إلى المسرح الكوميدي مسرحيتين هما "أنا وهي ومراتي" لزبيدة ثروت وهياتم، و"تذكرة للجنة" لوحيد سيف. وخلال الأعوام الماضية قدم مسلسلين قوبلا بنجاح كبير هما "الأبطال" و"الفرسان" من إخراج حسام الدين مصطفى. عن بداياته وعمله أكثر من 14 عاماً مع الأديب نجيب محفوظ والجديد الذي يُحضّر له، أجرت معه "الحياة" الحوار الآتي: مع بداية التلفزيون كتبت مسلسلين قُدما في فيلمين سينمائيين ناجحين هما "السمان والخريف" و"شيء من الخوف" ألم تخشَ الفشل أو المقارنة؟ - استهوتني حبكة الرواية في "السمان والخريف": البطل عيسى الدباغ الذي كان في قمة السلطة هوى فجأة إلى قاع المجتمع، وهذه هي الأزمة النفسية التي اخذتها من الرواية واستأذنت الاستاذ محفوظ، الذي كنت أعمل معه وتربطني به علاقة وطيدة، في تأليف مسلسل مبني على فكرة الرواية وهو ما حدث نفسه مع رواية "شيء من الخوف". وما الذي دفعك إلى الاقلاع عن الاستعانة بأعمال الآخرين بعد ذلك؟ - قدمت رواية "خان الخليلي" لنجيب محفوظ، وكنت ابتدعت شخصية غير موجودة فيها هي شخصية إنسانية لممرضة تقع في حب الأخ الأصغر وأدتها باقتدار ممثلة معروفة. وفي ندوة في التلفزيون أقيمت لمناقشة العمل سئلت الممثلة عن دورها، فقالت "لما قريت الرواية وأنا تلميذة، بُهرت بدور عايدة الممرضة، وتمنيت من ساعتها أن أمثل الدور ده". كان واضحاً أن ما تقوله غير صحيح، وفي تلك اللحظة قررت الاستعانة بموهبتي المتواضعة، وعدم اللجوء إلى أعمال أي أديب، مهما كان كبيراً. وهل وجدت فرقاً بين كونك كاتب القصة والسيناريو والحوار وكونك كاتب السيناريو والحوار لقصة روائي آخر؟ - الجزء الثاني من سؤالك يشبه شرائي قطعة قماش حيكتها وارتديتها، فدوماً أحس أن هناك صانعاً آخر للقماش، أما الجزء الأول فيعني أنني أفرزت الخيط وغزلته ونسجته وحكته وارتديته. فأي متعة في ذلك؟ عملت مديراً للمكتب الفني لرئيس المؤسسة المصرية العامة للسينما في حينه نجيب محفوظ، 14 عاماً، ومع عبدالحميد جودة السحار سبعة أعوام، ماذا تعلمت منهما؟ - تعلمت من محفوظ الالتزام والسيطرة على الحواس، والاستماع أكثر من الكلام، تعلمت أن أكون مرحاً في مجال المرح. أما السحّار الأديب الذي لم يأخذ حقه إلى الآن - على رغم أنه يكفيه أنه مؤلف الأجزاء العشرين من "محمد رسول الله والذين معه" وعلى رغم أن له يداً طولى على كثير من الأدباء في نشر أعمالهم من خلال دار النشر التي أسسها وشقيقه سعيد - فتعلمت منه الانسانية في التعامل. ما مواصفات كاتب السيناريو الجيد، من وجهة نظرك؟ - أن يكون مخلصاً لنفسه وفنه، وأن يعد الفن رسالة سامية ونبيلة، إضافة إلى الموهبة التي لا بد من أن تُصقل بالدراسة والمثابرة واكتساب الخبرة الأوسع في الحياة، وأن يكون قارئاً في كل نواحي المعرفة، وأن يتأكد أن الفن رسالة لا "سبّوبة" أو "نحتة" كما يقال. كان السواد الأعظم من الجمهور، أصعب الأنواع إلى وقت قريب، يمل الأعمال الدرامية التاريخية ولا يحرص على متابعتها، ما السبب من وجهة نظرك، ولماذا تأخرت في هذا اللون من الكتابة؟ - الكتابة التاريخية أصعب أنواع الكتابة للكاتب الذي يريد أن يكتب شيئاً ذا قيمة، لأنه كالباحث عن الذهب، وليس التلفزيون وحده، بل السينما في لجوئها إلى الأعمال التاريخية كانت هشة وساذجة التناول، ومعظمها كان يُصنع بلغة بدوية لا أدري ما علاقتها بالأعمال التاريخية؟، والفيلم التاريخي الكبير الذي يحسب لصنّاعه "الناصر صلاح الدين" وفي التلفزيون هجم الكُتاب على مرحلة ظهور الرسول وما قبلها أو بعدها بقليل، لأنها موجودة في كُتب ومراجع كثيرة، وتم تناولها في سذاجة، فكان المؤلفون يلجأون إلى كتب التراث وينقلون منها ولا يجهدون أنفسهم حتى في القراءة وإعادة الصوغ إلى جانب فقر الانتاج. وما رأيك في ما يتعرض له كاتب الدراما التاريخية من انتقادات، خصوصاً من اللجان؟ - هو يتعرض لانتقادات من لا يفهم أصول كتابة الدراما التاريخية، أما أنا فقد انبرى لي عشرات أساتذة التاريخ ينتقدون: هولاكو كان شنبه إيه؟ جنكيز خان كان لديه أربعة أولاد لا خمسة، وهكذا. أشياء صغيرة جداً ليس لها علاقة بالعمل الدرامي ولا تُغير التاريخ، وأذكر أنهم ناقشوني كثيراً في شخصية سليمان الحلبي، وآسف لأن ما فعلوه معي ينم عن جهل قومي رهيب، وعلى كاتب الدراما أن يفلسف التاريخ ويفسره لا أن يسجله. يتردد أنك شخص تصادمي.. لماذا؟ - أنا أتعب كثيراً في الكتابة، لذلك أكون حريصاً على ما أكتب، وأكون عنيف التصادمية إذا أحسست أن عملي يتعرض لعبث. وفي غير ذلك أكون في قمة التفاهم. ما سبب قلة أعمالك للسينما والمسرح؟ - طوال تاريخي لم أكتب سوى ثمانية أفلام، ومرجع ذلك وقوعي في هوى التلفزيون. ولدي مسرحيات عدة سترى النور قريباً. ما أخبار الجزء الثالث من مسلسل "الأبطال"؟ - ل"الأبطال" جزءان ثالث ورابع، ول"الفرسان" جزء ثان، لكنني الآن في هدنة مع الكتابة التاريخية. وما جديدك؟ - انتهيت من كتابة عشرين حلقة من "نادي القلوب الجريحة"، وهو مسلسل رومانسي جداً. وأجهز لعمل عن بطولات الاستخبارات المصرية، خصوصاً أنني لم أكن راضياً عن مسلسل "السقوط في بئر سبع" تمام الرضا.