كتب الحبيب الجمحاني في "الحياة" في عددها الصادر يوم 26 كانون الثاني يناير في الصفحة 12 مقالاً حول "الحوار بين الأديان" والاستنتاج "ان حوار الثقافات يعد اسهاماً نافعاً لدعم قيم التسامح والتفاهم بين الشعوب"، يؤيده التاريخ ويحظى بالقبول الواسع. في الأيام الحالية تطور الحوار بين المسيحية واليهودية وبين المسيحية والاسلام وعزز التفاهم وإزالة بعض العكاشة التي نسجها التاريخ. مع ذلك ان هذه الممارسة تسلط الضوء على هذه الحقيقة اذ اقتصر الحوار على ثلاث ديانات كبرى ظهرت في غرب آسيا، ولم يتم تمديد دائرة الحوار الى الاديان التي يوجد لبعض منها اتباع باعداد ضخمة في المناطق الاخرى من العالم. هذه مؤامرة. وطبقاً لما ورد في القرآن الكريم قد بعث الهدى والرسل الى كل الشعوب كما ورد في سورة يونس "ولكل أمة رسول فاذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون" آية 47. وفي سورة النحل "ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين" آية 36. وفي سورة غافر "ولقد ارسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول ان يأتي بآية الا باذن الله فإذا جاء امر الله قضى بالحق وخسر هنالك المبطلون" آية 78. لذلك يمكن ان يساهم جميع الشعوب وكل الاديان في صالح هذا الحوار. ان فشل توسيع دائرة الحوار الى ما وراء اديان آسيا الغربية مدهش جداً لأن علماء الاسلام في الصدر الأول اخذوا هذه الحقيقة كلها في الاعتبار. انهم قاموا بدراسة عميقة للدين الهندي الرئيسي - الهندوسية - وإبلاغ ما وجدوا فيها الى الجمهور الواسع في عالم الاسلام. وتجدون المثال الافضل عن ذلك، مع الامثال الاخرى، في اعمال القرن الحادي عشر القرن الخامس الهجري لصاعد ابو القاسم الاندلسي في كتابه طبقات الأمم كذلك كتاب ابو ريحان البيروني الضخم الرائع حول الهند. علماً بأن المؤلفين ركزا الاضواء على وجود عقيدة توحيد في الهندوسية. وقام الشاعر الفيلسوف محمد إقبال بالشيء نفسه في مطلع القرن الجاري. لا ريب فيه، يعد التعطل عن هذا الحوار الثقافي القديم، بسبب تعدد عوامل خارجية وداخلية، احدى كوارث التاريخ الحديث وأوجدت الفجوة التي لم تكن هناك. واليوم، حين تقلص بعد المسافات بصورة كبيرة وتحسنت قنوات الاتصالات بصفة ملحوظة، هل حان الوقت لاتخاذ السلك الناظم القديم واستئناف الحوار للمنفعة المشتركة؟