واشنطن - «نشرة واشنطن» - يفتقر معظم سكان النيجر في المناطق الريفية (64 في المئة من السكان) إلى مياه شرب آمنة. وتشكل مياه الشرب الملوّثة، إلى جانب سوء النظافة الصحّية، ومرافق الصرف الصحّي غير الكافية، سبباً رئيساً لحصول حالات الإسهال وغيرها من الأمراض المتعلقة بالمياه والصرف الصحي، بالأخص بين الأطفال. والبئر التقليدية في قرية كاوبري في النيجر، مثلها مثل معظم الآبار الأخرى في منطقة زيندر، تشكل مصدر مياه الشرب للناس وللماشية على حدٍّ سواء. وبما أن فتحتها لا ترتفع عن مستوى الأرض، فإن المياه المنسكبة على الأرض ومياه الأمطار تعود إليها حاملة معها الأوساخ والنفايات الحيوانية. ونجد أن معدلات وفيات الأطفال في النيجر هي من بين الأعلى عالمياً، إذ يموت 20 في المئة من الأطفال قبل سن الخامسة، ويعود السبب الرئيس للأمراض المتصلة بالمياه. وحاولت منظمات عالمية عدة حل هذه المشكلة عبر تركيب مضخّات يدوية لضخ مياه الشرب الآمنة، لكنها كثيراً ما تعطلت بعد بضع سنوات. وتعتقد منظمات غير حكومية وموظفون حكوميون أن نسبة المضخات المعطلة قد تصل إلى 80 في المئة. وهناك ثلاثة أسباب رئيسة لهذا النقص: تكلفة قطع الغيار العالية التي قد يصل ثمن بعضها إلى 500 دولار في بلد تعيش فيه نسبة 85 في المئة من السكان على أقل من دولارين يومياً، والاستعمال المفرط لسقي الماشية الذي يؤدي إلى أعطال متكررة في المضخات، وغياب التنظيم من المجتمع الأهلي لصيانتها. وتنفّذ «وينروك إنترناشونال» الأميركية في النيجر مشروعاً لخدمات المياه المتعددة الاستعمالات الذي يعالج العوائق التي تحول دون استدامة المياه الصالحة للشرب عبر خفض التكلفة وتوفير قطع غيار للمضخات، وتدريب عمال المعادن المحليين على صنع مضخّات من مواد محلية منخفضة التكلفة، حيث لا يتجاوز ثمن المضخة (لا يشمل حفر البئر) لمجتمع أهلي صغير 175 دولاراً، وتكلف قطع الغيار لها ما بين 3 و25 دولاراً. وتحرص المؤسسة على مَنع الاستعمال المفرط للمضخات، عبر احتساب الحاجات الفعلية للمياه اللازمة للمواشي ضمن الكمية المستهدفة من المياه الواجب تأمينها، وتركيب مضخات عدة في القرية الواحدة عند الضرورة. كما تقدم التدريب على إدارة المضخات في المجتمعات الأهلية. وجاءت استراتيجية الاستعمالات المتعددة التي اعتمدتها «وينروك» في النيجر نتيجة تقويم منهجي للفائدة في مقابل التكلفة، أنجزته المؤسسة وموّلته مؤسسة «بيل وميليندا غيتس» الأميركية الخيرية، لدراسة فاعلية الاستخدام الفردي للمياه في مقابل الاستخدامات المتعددة، وإمكان تطبيقها في جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وأفادت نتائج التقويم بأن خدمات الاستعمالات المتعددة، على رغم أنها تكلّف أكثر من الاستعمالات الفردية، تقدم ميزات مهمة لأنها تولّد إيرادات وفوائد أكثر، مثل تحسين الصحّة والتغذية وتوفير الوقت والأمن الغذائي.