تبتدع جامعات أردنية طرائق للتحايل على البطالة التي تستشري عاماً بعد عام بين الشباب الأردني، في محاولة منها لإنقاذ خريجيها أولاً من شبح الفقر والسخط الاجتماعي الذي يولد جنوحاً نحو التطرف، ثم إنقاذ نفسها من الإفلاس المالي مستقبلاً، مع انسداد الأفق الوظيفي أمام خريجيها وتكدسهم في صفوف المتعطلين من العمل. ومن أبرز هذه الجامعات التي بدأت تنظر بخطورة إلى ما ينتظر خريجيها من مصير، جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية صاحبة السمعة العريقة بين الجامعات الأردنية في جودة التعليم، وتفرد الاختصاصات التي تطرحها، إذ بدأت تعمد إلى إقامة معارض توظيف سنوية، يؤمها آلاف الخريجين لتمكينهم من التقدم بطلب توظيف للشركات المشاركة التي عادة ما تكون في حاجة إلى موظفين جدد من دون خبرات، برواتب منخفضة مقارنة بأصحاب الخبرات، والذي يطلبون رواتب مرتفعه. وفي العادة، فإن الشركات المشاركة في المعرض تكون من الشركات الصغرى التي تبحث عن موظف، تقوم على تدريبه ليقوم بعد شهور قليلة بمهمات خبراء في الوظيفة ذاتها، وبذلك تكون الشركة حصلت على خبير في غضون أشهر بتكاليف بسيطة، فيما الطالب الخريج يتمكن من الحصول على الفرصة التدريبية التي تؤهله للدخول في سوق العمل، ولاحقاً في الشركات الكبرى بخبرات جيدة، من دون أن يمر بمراحل المعاناة من بطالة والبحث المضني عن شركة لا تشترط توافر الخبرة في الاختصاص. ويشارك في المعارض الوظيفية أكثر من 300 شركة في العادة، بما لا يزيد عن موظفين اثنين يقومان بشرح طبيعة الوظائف المتوافرة لديها، واستقبال طلبات التوظيف وفرزها، والاتصال في ما بعد على من يقع الخيار عليهم من المتقدمين. آسيل الخطيب هي إحدى خريجات الفصل الأول اختصاص أنظمة معلوماتية، شاركت في معرض وظيفي أخيراً، تؤكد أن هذا المعرض وفر عليها الوقت والجهد للبحث عن شركة تطلب مؤهلاتها، من دون خبرة، مؤكدة أنها تقدمت بطلب توظيف لأكثر من 40 شركة مشاركة في المعرض لم تكن تتمكن من القدرة على معرفتها والوصول إليها منذ أشهر بعد تخرجها. وتقول أن شركات كثيرة أبدت رغبة في تدريبها وتعيينها فوراً في حال وافقت على عقد التدريب والعمل لديها، مشيرة إلى أنها لم تخرج من المعرض إلا وقد وقعت عقد عمل، كما هي الحال مع كثيرات من زميلاتها اللواتي زرن المعرض. وتضيف الخطيب: «صحيح أن الرواتب ضعيفة، لكنها فرصة للتدريب والحصول على خبرة لا تقدر بثمن، خصوصاً أن غالبية الشركات في السوق تشترط توافر الخبرة لدى المتقدم». أما ميساء أحمد وهي خريجة هندسة جينات، فتؤكد أن ندرة اختصاصها تجعل من الشركات الباحثة عن موظفين مثلها نادرة أيضاً، وتضيف: «تمكنت خلال هذا المعرض من الحصول على فرصة تدريب وعمل براتب معقول». يقول نائب رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا الدكتور محمد العبيني على هامش معرض أقيم في الجامعة أخيراً، أن المعارض الوظيفية التي تنظمها الجامعة، تجسد التشبيك بين القطاعين الخاص والأكاديمي، لتعميق الشراكة الفاعلة بين الشركات المختلفة والتعريف بنشاطات الجامعة والخدمات التي تقدمها والالتقاء بنخبة مميزة من خريجي الجامعة، ضمن رؤية الجامعة وأهدافها، ما يساهم في إخراج نتاج يتناسب مع سوق العمل، ورفد السوق المحلية بالخريجين الأكفاء وإيجاد فرص عمل، ما يساهم في حل مشكلة البطالة بين صفوف الخريجين. وقال عميد شؤون الطلاب الدكتور عوني العتوم أن هذا المعرض الوظيفي يشكل حدثاً مهما بالنسبة إلى طلاب الجامعة والخريجين في شكل خاص، لما يوفره من فتح آفاق جديدة أمام من يقفون على عتبات التخرج، ويحلمون بإيجاد فرصتهم في سوق العمل ويجعلهم على تواصل مع متطلبات سوق العمل في الاختصاصات المختلفة. ويقول مدير مكتب الإرشاد الوظيفي ومتابعة شؤون الخريجين سهم عبيدات على هامش المعرض، أن تنظيم مثل هذه المعارض يأتي نتاج عملية مستمرة ومتواصلة يقدمها المكتب لطلاب الجامعة، من إرشاد وظيفي وتدريب وتأهيل وربطهم بسوق العمل المحلية والإقليمية. وأضاف أن المعرض شهد إقبالاً كبيراً من الطلاب الخريجين والمجتمع المحلي، حيث تمكنوا من تقديم طلبات لتلك الشركات المشاركة في المعرض، مؤكداً أن المكتب سيتابع مع تلك الشركات بعد الانتهاء من المعرض الذين تم تشغليهم وتدريبهم. وبحسب المندوب في شركة مشاركة في المعرض محمد عبيدات فإن الشركة تهدف من خلال مشاركتها في المعرض إلى خدمة المجتمع المحلي أولاً، والبحث عن موظفين متميزين ومن دون خبرات لتدريبهم على العمل كموظفين خبراء بعد أشهر قليلة، برواتب معقولة، يرفضها أصحاب الخبرات، ما يساهم في توفير فرص عمل للخريجين، ويخدم الشركة في سياسة الرواتب.