إطلاق خدمة «بلاغ بيئي» عبر توكلنا    إبداع شبابي    قطر تبلغ مجلس الأمن الدولي بأنها لن تتسامح مع «السلوك الإسرائيلي المتهور»    دعوة حازمة    الاتفاق يجهز ديبملي    مونديال الأندية تابعه 2.7 مليار مشجع.. وحضور قياسي للهلال    رجوع المركبة للخلف أكثر من 20 مترًا مخالفة    القبض على مروّج للقات    ضبط 20882 مخالفًا للإقامة والعمل وأمن الحدود    تاريخ وتراث    فرنسا تهزم أيسلندا بعشرة لاعبين وتعزز حظوظها في بلوغ مونديال 2026    قطر تبلغ مجلس الأمن الدولي بأنها لن تتسامح مع "السلوك الإسرائيلي المتهور"    شراكة سعودية - صينية في صناعة المحتوى الإبداعي بين «مانجا» للإنتاج و«بيلي بيلي»    مصر ترفض الهيمنة الإثيوبية على النيل    احتجاجات نيبال: من حظر وسائل التواصل إلى أزمة سياسية أعمق    منح العلا    سيرة من ذاكرة جازان: الدكتور علي مسملي    تدشين برنامج الزمالة في قيادة الحوكمة    الاثنين انتهاء حظر العمل تحت أشعة الشمس    رسالة من رونالدو إلى أوتافيو بعد رحيله عن النصر    نائب أمير تبوك يستقبل مساعد وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للخدمات المشتركة    اكتمال وصول الوفد الكشفي السعودي للمشاركة في الجامبوري العالمي للكشاف المسلم بجاكرتا    أمانة الشرقية تتصدر أمانات المملكة في مؤشر تحسين المشهد الحضري    تعزيز الابتكار في خدمات الإعاشة لضيوف الرحمن    بي أيه إي سيستمز تستعرض أحدث ابتكاراتها في معرض DSEI 2025    مجلس الوزراء: نتائج الاستثمار الأجنبي المباشر تخطت مستهدفات 4 سنوات متتالية    استشهاد رجل أمن قطري في الهجوم الإسرائيلي على الدوحة    اليوم العالمي للعلاج الطبيعي.. الشيخوخة الصحية في الواجهة    بدء فعاليات مؤتمر القلب العالمي 2025 يوم الخميس بالرياض    ‏أمير جازان يطّلع على التقرير السنوي لأعمال الجوازات بالمنطقة    "البيئة والزراعة" تنفّذ ورشة عمل لتدوير المخلفات الزراعية في بقعاء    نائب أمير تبوك يستقبل المواطن حمود الحويطي المتنازل عن قاتل شقيقه لوجه الله تعالى    أمير المدينة يفتتح ملتقى "جسور التواصل"    أمير جازان يستقبل رئيس جامعة جازان وأعضاء فريق قافلة طب الاسنان التوعوية الخامسة    ولي العهد يلقي الخطاب الملكي في مجلس الشورى غدا    فييرا: "السعودية مركز عالمي للرياضات القتالية"    في ختام معسكره الإعدادي.. الأخضر يرفض الخسارة أمام التشيك    نائب أمير المنطقة الشرقية يعزي أسرة الزامل    موجز    بدء استقبال طلبات تراخيص«الحراسة الأمنية»    محامي الفنانة حياة الفهد ينفي دخولها في غيبوبة    أنغام تشدو من جديد في لندن ودبي    تفاهم بين «آسان» و«الدارة» لصون التراث السعودي    الجيش اللبناني ينتشر في الجنوب لضبط الأمن    طهران تشدد على ثوابتها الدفاعية.. غروسي: اتفاق وشيك بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية    أمير الكويت وولي عهده يستقبلان تركي بن محمد    الفرنسي «ماتيو باتويلت» يحمي عرين الهلال حتى 2027    دواء جديد يعيد الأمل لمرضى سرطان الرئة    140 ألف دولار مكافأة «للموظفين الرشيقين»    إصبع القمر.. وضياع البصر في حضرة العدم    حين يحترق المعلم يذبل المستقبل    عندما يكون الاعتدال تهمة    يوم الوطن للمواطن والمقيم    إطلاق المرحلة الثالثة من مشروع "مجتمع الذوق" بالخبر    وزير الحرس الوطني يناقش مستجدات توطين الصناعات العسكرية    صحن الطواف والهندسة الذكية    كيف تميز بين النصيحة المنقذة والمدمرة؟    تحت رعاية وزير الداخلية.. تخريج الدورة التأهيلية لأعمال قطاع الأمن العام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحاكم والمحكوم
نشر في الحياة يوم 29 - 03 - 2011

في عهد الخديوي اسماعيل، مارس الدائنون الأجانب ضغوطاً قادت الى إشراف الدول الأوروبيّة، لا سيّما بريطانيا وفرنسا، على تنظيم ماليّة مصر. هكذا فُرضت على اسماعيل، الفاسد والمبذّر، ولو كان أيضاً بانياً ومعمّراً، حكومة نوبار باشا التي سمّاها المصريّون «الحكومة الأوروبيّة»، كما فُرضت جملة إصلاحات أراد الخديوي أن يتفلّت منها.
وإذ عجز الحاكم عن ضبط الإنفاق، حاول التنصّل من التزاماته باستخدام أدوات كان يُفترض عدم التلاعب بها: فكان يحرّك برلمانه الشكليّ لإشعار الأوروبيّين أنّ «إرادة الشعب المصريّ» شديدة الاعتراض عليهم، كما كان يحرّك ضبّاطه للهدف نفسه، موحياً للبريطانيّين والفرنسيّين أنّه لا يستطيع ضمانة الاستقرار.
وهذا تقليد عريق في التجارب العربيّة الحديثة كان أحد آخر ممثّليه الراحل ياسر عرفات، تقليدٌ شجّع الحاكمَ عليه أنّ من السهل توجيه غضب المحكوم نحو الغريب الذي حمل تسميات مختلفة: الصليبيّ والكافر والناهب والمتآمر والقاهر والامبرياليّ والشيطان. وللأسف، ومنذ أواسط القرن الماضي، جُعلت القضيّة الفلسطينيّة السبب الأبرز في تحويل الأنظار من الحاكم القريب إلى الاجنبيّ الغريب، وكان يُعطف عليها، بين وقت وآخر، شرف الأمّة وقداسة الدين. وقد جاءت عبارة جمال عبدالناصر الشهيرة «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» تلخّص هذا المنحى الناجح فعلاً، بدليل أنّ عبدالناصر، شيخ الطريقة القمعيّة في العالم العربيّ، استحقّ تمجيداً غير مسبوق ولا ملحوق بسبب مواجهاته مع «الاستعمار والامبرياليّة».
بطبيعة الحال ظهرت، لا سيّما في أوساط اليسار، محاولات لإدماج المشكلتين، فجُمع بين «الرجعيّة والامبرياليّة»، وقيل ب «تحالف نقديّ» مع «قادة التحرّر الوطنيّ». لكنْ في لحظات الاختيار الحاسم، كان لا يتبقّى إلاّ الصراع مع الغريب فيما تنعقد «جبهات وطنيّة وتقدّميّة» مع الحاكم القريب. أمّا في حالتي صدّام والقذّافي، فكان هذا الخطاب يطرح على الجميع مأزقاً لا حلّ له، مفاده «لا للديكتاتوريّة»، فيما هي تتهاوى، و «لا للتدخّل الأجنبيّ». إذاً ما العمل؟
وربّما كان أهمّ ما تقوله الثورات والانتفاضات الراهنة أنّ المحكوم العربيّ ما عادت تنطلي عليه معادلة «لا صوت يعلو فوق مصلحة المعركة»، وأنّ مشكلته الأولى والأساس باتت مع الحاكم القريب، فيما العلاقة بالأجنبيّ الغريب أمست عرضة للاختبار: الأوّل لا حلّ معه بغير النقض والإبدال، فيما التعايش ممكن مع الثاني وقد يصل إلى حدّ التحالف أحياناً.
فإذا صحّت أرقام الثروات المنسوبة إلى الحكّام العرب، وهي في أغلب الظنّ صحيحة، كنّا أمام نهب وفساد فلكيّين معطوفين على قمع لا يُطاق. وللتذكير فحسب، فإنّ «الإمبرياليّة» حين ارتفعت أسعار النفط أربعة أضعاف، في 1974، دفعت مقابل النفط بموجب سعر السوق. ولئن أدّى ذاك الارتفاع إلى أزمة اقتصاديّة في الغرب كلّه كانت الأكبر منذ نهاية الحرب العالميّة الثانية، فهذا ما لم يحمل على تجريد الأساطيل واحتلال الآبار والحقول.
لا يقال هذا امتداحاً للغرب، الذي يهتمّ طبعاً وأوّلاً بمصالحه. إلاّ أنّه يقال امتداحاً لتلك المصالح نفسها والتي لولاها لما نشأ عالم تسعى انتفاضاتنا الراهنة للحاق به وتقليد حريّاته والمطالبة ب «ديموقراطيّته البرلمانيّة» وب «فصل السلطات» فيه. فشكراً لوجود تلك المصالح وما واكبها وترتّب عليها من أفكار.
واقع الحال أنّ هذه الخرافات شرعت تتداعى وتُسحق في شوارع المدن العربيّة. أمّا الرهان على أنّ «الممانعة» ستفعل اليوم الفعل نفسه الذي كان للمعادلة الناصريّة الشهيرة، فأغلب الظنّ أنّه رهان خائب وسيبقى كذلك حتّى لو قال به شافيز الذي لا يكفّ عن نصحنا «الأخويّ» بأن نعانق عبوديّتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.