الذهب يستقر برغم توقعات ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية    وزير الطاقة يشارك في جلسة حوارية في منتدى طشقند الدولي الثالث للاستثمار    محافظ بلقرن يرعى اختتام فعاليات مبادرة أجاويد2    "جواهر" الثالثة عالمياً بمسابقة "آبل"    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    تألق سانشو لم يفاجيء مدرب دورتموند أمام سان جيرمان    حكام مباريات اليوم في دوري روشن    "إنفاذ" يباشر المساهمات العقارية محل "تصفية"    قتل مواطنين خانا الوطن وتبنيّا الإرهاب    "شرح الوصية الصغرى لابن تيمية".. دورة علمية تنفذها إسلامية جازان في المسارحة والحُرّث وجزر فرسان    أمير الرياض يصل لشقراء في جولة تفقدية ويدشن عددًا من المشروعات التنموية    مبادرة «يوم لهيئة حقوق الإنسان» في فرع الاعلام بالشرقية    فيصل بن فهد بن مقرن يستقبل مدير فرع "الموارد البشرية"    تعليم عسير يحتفي باليوم العالمي للتوحد 2024    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 34596    هاكاثون "هندس" يطرح حلولاً للمشي اثناء النوم وجهاز مساعد يفصل الإشارات القلبية    الشرطة الأمريكية تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض الاعتصامات المؤيدة لغزة    العدل تُعلن عن إقامة المؤتمر الدولي للتدريب القضائي بالرياض    السعودية تدعو لتوحيد الجهود العربية لمواجهة التحديات البيئية التي تمر بها المنطقة والعالم    سعود بن بندر يستقبل رئيس القطاع الشرقي لشركة المياه ويطلع على التقرير السنوي لغرفة الشرقية    مجمع الفقه الإسلامي الدولي يشيد ببيان هيئة كبار العلماء بالسعودية حول الإلزام بتصريح الحج    المنتخب السعودي للرياضيات يحصد 6 جوائز عالمية في أولمبياد البلقان للرياضيات 2024    انعقاد أعمال المنتدى العالمي السادس للحوار بين الثقافات والمؤتمر البرلماني المصاحب في أذربيجان    مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية    الوسط الثقافي ينعي د.الصمعان    سماء غائمة بالجوف والحدود الشمالية وأمطار غزيرة على معظم المناطق    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان رئيس الإمارات في الشيخ طحنون آل نهيان    برئاسة وزير الدفاع.. "الجيومكانية" تستعرض خططها    تيليس: ينتظرنا نهائي صعب أمام الهلال    يجيب عن التساؤلات والملاحظات.. وزير التعليم تحت قبة «الشورى»    متحدث التعليم ل«عكاظ»: علّقنا الدراسة.. «الحساب» ينفي !    «إيكونوميكس»: اقتصاد السعودية يحقق أداء أقوى من التوقعات    حظر استخدام الحيوانات المهددة بالانقراض في التجارب    اَلسِّيَاسَاتُ اَلتَّعْلِيمِيَّةُ.. إِعَادَةُ اَلنَّظَرِ وَأَهَمِّيَّةُ اَلتَّطْوِيرِ    هذا هو شكل القرش قبل 93 مليون سنة !    الهلال يواجه النصر.. والاتحاد يلاقي أحد    جميل ولكن..    أمي السبعينية في ذكرى ميلادها    الدراما السعودية.. من التجريب إلى التألق    سعود عبدالحميد «تخصص جديد» في شباك العميد    هكذا تكون التربية    ما أصبر هؤلاء    «العيسى»: بيان «كبار العلماء» يعالج سلوكيات فردية مؤسفة    زيادة لياقة القلب.. تقلل خطر الوفاة    «المظهر.. التزامات العمل.. مستقبل الأسرة والوزن» أكثر مجالات القلق    «عندي أَرَق» يا دكتور !    النصر يتغلب على الخليج بثلاثية ويطير لمقابلة الهلال في نهائي كأس الملك    وزير الصحة يلتقي المرشحة لمنصب المديرة العامة للمنظمة العالمية للصحة الحيوانيّة    «سلمان للإغاثة» ينتزع 797 لغماً عبر مشروع «مسام» في اليمن خلال أسبوع    في الجولة ال 30 من دوري روشن.. الهلال والنصر يواجهان التعاون والوحدة    تحت رعاية الأمير عبدالعزيز بن سعود.. حرس الحدود يدشن بوابة" زاول"    إنستغرام تشعل المنافسة ب «الورقة الصغيرة»    العثور على قطة في طرد ل«أمازون»    أشاد بدعم القيادة للتكافل والسلام.. أمير نجران يلتقي وفد الهلال الأحمر و"عطايا الخير"    اطلع على المهام الأمنية والإنسانية.. نائب أمير مكة المكرمة يزور مركز العمليات الموحد    أغلفة الكتب الخضراء الأثرية.. قاتلة    مختصون: التوازن بين الضغوط والرفاهية يجنب«الاحتراق الوظيفي»    مناقشة بدائل العقوبات السالبة للحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكاذيب تاريخ بين تدمر و «داعش»
نشر في الحياة يوم 26 - 10 - 2017

«على المشاهدين أن يعرفوا أن تدمير تدمر لم يبدأ مع وصول «داعش»! من الواجب إظهار الحقائق والتحقيق في مسؤولية «داعش» والنظام السوري في تدمير المواقع التاريخية في سورية». خلاصة ما يقوله علماء آثار وباحثون ومؤرخون سوريون وفرنسيون بمناسبة إعادة بثّ الفيلم الوثائقي الألماني «تدمر، التراث المهدد» الذي أثار عرضه سجالاً على صفحات الصحف الفرنسية («تليراما»، «لوبس» («نوفل أوبسرفاتور» سابقاً)...).
الفيلم عرض على شاشة «آرتي» الثقافية في أيلول (سبتمبر) الماضي، ومنذ ذلك الحين والسجال قائم بسبب ظهور مقاطع فيديو فيه تبرز تدميراً في المواقع الأثرية في تدمر كما لو أنه حصل في 2015، فيما تعود تلك الصور إلى 2013، أي قبل دخول «داعش» للمدينة! واعتبر اختصاصيون أن هذا الخلط ليس مجرد «خيانة لمصدر المادة الفيلمية بل هو أيضاً تأويل آخر للتاريخ». وكان ناشط سوري يدعى إبراهيم مطلق قد دفع حياته سبباً لهذه الصور حيث «اعتقل ومات تحت التعذيب» بحسب شهادة محمد طه وهو عالم آثار سوري يرأس جمعية لحماية الآثار السورية في باريس، كان أرسل رسالة احتجاج للمحطة الفرنسية الألمانية ذكر فيها أن «إبراهيم أراد أن يشهد على التخريب الذي لحق بالآثار من قبل النظام، لكن صوره استخدمت (من قبل مخرج الفيلم الألماني مارتان بابروفسكي) لإظهار أنه من فعل «داعش»!».
واعترضت جمعية «سورية- أوروبا» على المحطة الفرنسية وطالب معترضون بعدم إعادة بث الفيلم الذي تم السبت المنصرم، أو بإلغاء تلك المقاطع. واكتفت المحطة بناء على الجدل الذي أثاره عرض الفيلم للمرة الأولى بالإشارة إلى هذا الخطأ في تاريخ الأرشيف حين عرضه الثاني قبل أيام.
يركز الفيلم الألماني على التدمير الهائل الذي ألحقه «داعش» بآثار تدمر من خلال الصور التي التقطتها الأقمار الاصطناعية للمواقع الأثرية في سورية، ويحاور خبراء ألمان حول التقنيات المتطورة المستخدمة لتحليل تلك الصور ولتقدير مدى التدمير الذي لحق بالآثار كما الوسائل المستخدمة لتسجيل الوثائق التاريخية رقمياً للحفاظ عليها. كما يستعيد تاريخ المدينة ويحلل دوافع إرهابيي «داعش» لفعل التدمير، وأنها سعت عبره «لمحو كل ما ومن يمثل طريقة مغايرة لفكرها سواء كان أثراً أم شخصاً». وأنه ليس حرباً إعلامية وحسب تؤكد فيها المنظمة الإرهابية على واجهتها الدينية بل أيضاً لتغطي تجارة نهب الآثار التي اعتمدتها.
الفيلم عرض على «آرتي» في وقت الذروة أي التاسعة مساء أما الفيلم الثاني «سورية، الحصون الأخيرة للتراث» للفرنسي جان لوك راينو فعرضته «فرانس 5» التاسعة والنصف من صباح الأحد! الفيلمان يستخدمان صوراً متشابهة لكنهما لا يقولان الشيء ذاته! ففيما يستضيف الأول مسؤولين سوريين في الآثار مع النظام ويركز فقط على دور «داعش» في التخريب والهدم فإن الثاني يستضيف سوريين معارضين ويلقي بالمسؤولية على النظام و «داعش» معاً.
الفيلم مثير للمشاعر عبر ربطه بين تدمير الآثار ومحو الهوية السورية، وكذلك في إبدائه محاولات سوريين يعملون في الظل لحماية آثار بلدهم، فيلتقي بأساتذة وباحثين سوريين مثل محمد طه وعلي شيخ موس ومهتمين بالتراث السوري مثل عمر إسلام الذي كان في حلب وقت القصف عليها وشهد التدمير الذي لحق بها. كما يبرز الوثائقي عجز اليونيسكو الكامل وعدم تدخلها في تدمر قبل دخول داعش وهذا على رغم كل الصور والاستنجاد بها منذ 2012 لإنقاذ آثار تدمر مما تتعرض له من انتهاكات، كما يبين مسؤولية النظام السوري في ما لحق بها منذ بداية التظاهرات فيها وحتى اليوم مع وجود القواعد العسكرية الروسية فوق مواقع لم يتم التنقيب عنها بعد.
ويتساءل طه في إشارة إلى عدم اهتمام النظام السوري والمجتمع الدولي بتدمر: «كيف لم يروا قوافل «داعش» المتقدمة من الرقة إلى تدمر وهم يستطيعون قراءة المكتوب على الأحجار؟ خمس ساعات ولم يفعلوا شيئاً «للرمز العالمي لسورية»! لا أحد اهتم بتدمر هذا «الإرث الاستثنائي» قبل وصول «داعش»!».
وحلل المؤرخ والباحث الفرنسي جان- بيار فيليو أن تدمر غير مهمة عسكرياً ولهذا سُلّمت ل «داعش» في 2015 وأنها كانت رهينة النظام السوري و «داعش» وتركت لمصيرها «تدمر ضحية الدعاية الداعشية (مشهد حكم الإعدام على مسرح المدينة) والدعاية الروسية (الحفلة الموسيقية)».
الفيلم لا يركز فقط على تدمر بل على حلب وكل القصف عليها من قبل النظام «من دون أدنى اعتبار أو احترام للآثار» ويبين صوراً عن تدمير البلدوزر لمنطقة من العصر الروماني في حلب كي تمر دبابات الجيش. كما يتناول الآثار العراقية ويلقي الضوء على هؤلاء الذين عملوا في الظل للحفاظ على الهوية السورية والعراقية عبر المجهود الضخم الذي بذلوه لحماية الآثار ومنهم فك منبر جامع حلب قطعة قطعة لحمايته من القصف. وينتهي إلى طرح السؤال الذي يبقى بلا إجابة: «لماذا نتدخل بعد وليس قبل؟!»... حين لا يبقى من الآثار سوى أثرها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.