المملكة تبحث مع الدنمارك فرص توطين الصناعات الدوائية    «سلمان للإغاثة» يدشن المشروع الطبي التطوعي للأطراف الصناعية للاجئين الأوكرانيين في بولندا    نائبة رئيس وزراء كوسوفو: المملكة تقوم بدور كبير في ترسيخ الأمن والسلام    الإعلان عن أندية الدرجة الأولى الحاصلة على الرخصة المحلية    تعديل لائحة بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين لدور ال32    المملكة توزّع 2.832 سلة غذائية وحقيبة صحية بمحافظة إدلب    من أجل ريال مدريد.. ألونسو يُعلن موعد رحيله عن ليفركوزن    الكشف عن أعداد اللاعبين في قوائم الأندية 2025-2026    بدء محادثات بوتين مع السيسي في الكرملين    مستشفى الملك فهد الجامعي بالخبر يعزز ريادته في مجال التنظير العلاجي بإنجاز طبي جديد    أموريم يقر بأن يونايتد يستحق الانتقادات رغم وصوله لنهائي يوروبا ليغ    أمانة المنطقة الشرقية تُطلق مبادرة "مواقف الطوارئ" على الطرق السريعة    ترمب يقترح خفض الرسوم على الصين: نسبة 80% «تبدو صائبة»    الدكتورة إيناس العيسى ترفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينها نائبًا لوزير التعليم    جوازات المدينة تستقبل أولى رحلات حجاج جيبوتي    سقوط مسبار فضائي على الأرض غدا السبت 10 مايو    إيران والردع النووي: هل القنبلة نهاية طريق أم بداية مأزق    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية القرغيزية بذكرى يوم النصر لبلاده    جازان تودّع ربع قرن من البناء.. وتستقبل أفقًا جديدًا من الطموح    الاقتصاد السعودي نمو مرتفع وتضخم مستقر حتى 2026    النادي الأدبي بجازان يقيم برنامج ما بين العيدين الثقافي    إمام المسجد الحرام: الأمن ركيزة الإيمان ودرع الأوطان في زمن الفتن    مستشفى الطوال العام ينفذ فعالية اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية    هلال جازان يحتفي باليوم العالمي للهلال الأحمر في "الراشد مول"    مهرجان المانجو والفواكه الاستوائية في صبيا يشهد إقبالًا استثنائيًا في يومه الثاني    أمير منطقة الجوف يختتم زياراته التفقدية لمحافظات ومراكز المنطقة    أمطار ورياح نشطة على عدة اجزاء من مناطق المملكة    الفريق الفتحاوي يرفع درجة الجاهزية.. و"قوميز": مباراة الوحدة موسمٌ كامل في 90 دقيقة    قيمة المثقف    الرياح الأربع وأحلام اليقظة    أوامر ملكية: تغييرات في إمارات المناطق وتعيينات قيادية رفيعة    الحج لله.. والسلامة للجميع    الرواية والسينما وتشكيل الهوية البصرية    اضطرابات نفسية.. خطر صادم    مرضى الكلى.. والحج    الأهلي.. قصيدة الكرة السعودية!    بتكوين ترتفع إلى 102385 دولاراً    تطوير قطاع الرعاية الجلدية وتوفير أنظمة دعم للمرضى    الحجيج والهجيج    الأمير محمد بن عبدالعزيز يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه أميرًا لمنطقة جازان    الهلال الأحمر يُفعّل اليوم العالمي للهلال الأحمر تحت شعار "الإنسانية تجمعنا"    رئاسة الشؤون الدينية تدشن أكثر من 20 مبادرة إثرائية    جامعة أمِّ القُرى تنظِّم الملتقى العلمي الرَّابع لطلبة المنح الدِّراسيَّة    جائزة البابطين للإبداع في خدمة اللغة العربية لمجمع الملك سلمان العالمي    جامعة نايف للعلوم الأمنية تنال اعتمادا دوليا لكافة برامجها    تعليم جازان ينظم لقاءً تربويًا بعنوان رحلة التحول في منظومة حوكمة إدارات ومكاتب التعليم لمديري ومديرات المدارس    15 مليون دولار مكافأة لتفكيك شبكات المليشيا.. ضربات إسرائيل الجوية تعمق أزمة الحوثيين    إحالة مواطن إلى النيابة العامة لترويجه "الحشيش"    الزهراني يحتفل بزواج ابنه أنس    تصاعد وتيرة التصعيد العسكري.. الجيش السوداني يحبط هجوماً على أكبر قاعدة بحرية    تصاعد التوترات بين البلدين.. موسكو وكييف.. هجمات متبادلة تعطل مطارات وتحرق أحياء    ضبط (4) مقيمين لارتكابهم مخالفة تجريف التربة    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. فصل التوأم الطفيلي المصري محمد عبدالرحمن    الرُّؤى والمتشهُّون    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    المرأة السعودية تشارك في خدمة المستفيدين من مبادرة طريق مكة    الرياض تستضيف النسخة الأولى من منتدى حوار المدن العربية الأوروبية    رشيد حميد راعي هلا وألفين تحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفلام بألوان الروح
نشر في الحياة يوم 14 - 02 - 2011

«حوار فاتح وأدونيس» كتاب جاء ثمرة حوار طويل في صالون منى الأتاسي، فُرِّغ الحوار الطويل بين دفتي كتاب، الحوار كان بين قامتين أساسيتين عربياً بين الفنان التشكيلي والموسيقار «فاتح» المدرس، وبين الشاعر أدونيس. تناول الحوار الوجود والفن والفلسفة والموسيقى، آراء متناثرة غير مخططٍ لها وغير مترابطة، يدخلون من موضوعٍ إلى آخر، يصلان إلى حال من الاقتراب والوجد وإعادة الذكريات ثم فجأة يحتدم النقاش بينهما، يلتقي «فاتح» بأفكار أدونيس حينما يتحدث أدونيس بصفة الفنان الذي يعشق «الكولاج»، لكنهما يفترقان في الحوار حين يضيق «فاتح» من محاولة أدونيس تحويل كل شيء إلى «نظرية» حتى شبع «فاتح» من تنظير أدونيس في عالم الفن والألوان.
اقتنيتُ الكتاب مغلّفاً، لم يكن لدي خيار الاطلاع على فهرسه أو محتواه، أخذته من دون نقاش لإيماني بأنه حوار متشعب غير منتظم ولا مترابط، وهذا بحد ذاته أغراني على اقتنائه، لأننا مللنا من الترابط والانتظام والتبويب الذي لا يأتي إلا بفقر علمي وفكري مدقع. في آخر الكتاب ألصق الناشر قرصاً مدمجاً ولم أفتحه إلى بعد انتهائي من قراءة الكتاب، وحينما بدأت بمشاهدته وجدتُ أنه فيلم وثائقي وحوارات بصرية مع فاتح المدرس أجراها المخرج الذي رحل قبل أيام «عمر أميرلاي»، وتأثرتُ بالحوار كثيراً، لأن مأسوية حياة المدرس كانت بادية في كل جوانب الفيلم، لم يكن يبكي، كان يسرد قصصاً عن موت ابنته وهي تلعب في الحديقة، وعن مأساته العائلية، إلى أن دخل على الإنسان والفن، والخير والشر، والموسيقى والروح، كان فيلماً تحسبه من شدة مروره أنه صامتٌ لا ينطق، تصوير ال «أميرلاي» وإخراجه الباذخ لمثل ذلك اللقاء كان مذهلاً ومرعباً في الوقت ذاته، مرعبًا كما الجمال الصارخ والإبداع الجامح! وكلما أثقل ال «أميرلاي» المدرس بأسئلته اتجه المدرس إلى ألوانه وبدأ بالحديث.
افتتح أميرلاي مجالاً مهملاً لم يخدم حقّ الخدمة حين اتخذ من الشخصيات المؤثرة فكراً أو إدارةً أو سياسةً موضع أفلامه، التي تجيء كمزيج من القصة والحوار والوثائقي الدقيق عن الجانب الآخر للشخصية موضع النقاش، صوّر مع سعد الله ونوس وصنع عن رفيق الحريري فيلماً اسمه: «الرجل ذو النعل الذهبي»، لم يكن حواراً تبجيلياً، بل كان مليئاً بالمساءلة، ولا أزال أذكر أسئلة سمير قصير الساخنة لرفيق الحريري حول سياساته وأعماله، لكن كان الصمت الذي يفصل بين اللقطات في أفلام أميرلاي أبلغ من أي موسيقى في هذا العالم.
دخل على الجانب السياسي في فيلم «طوفان في بلد البعث» عام 2003، وقد حوى الفيلم نقداً سياسياً لاذعاً. بمشاهدتي لبعض إنتاجه أرى في أعماله مسحة من الاكتشاف للذات التي يحاورها، وهو ليس الاكتشاف الذي يمكن لأي حوارٍ أن يكتشفه، بل يدخل بأداة تصويره إلى عمق الذات، حين يترك الضيف الحديث عن الأشياء الكبيرة والقضايا المتشعبة، ويبدأ في الحديث عن التفاصيل، كان الفنان التشكيلي فاتح المدرس يتحدث بتهدج وهو يكتشف مفاهيم كثيرة تحيط بحياة الإنسان ووجوده، من الألوان، إلى الورود والحيوانات، إلى الموت والحياة، إلى الصداقة، والغيرة والحقد، يمرّ على كل تلك الصور وهو يتحدث، كأنه يرسم صورتها عنده بريشةٍ من لغةٍ عفوية دقيقة، لهذا جاء اكتشاف أميرلاي للمدرس ممتعاً ومفيداً وأنتج عملاً فنياً راقياً.
تمنيتُ لو أن المخرجين يلتفتون إلى اكتشاف الجانب الآخر من الأشخاص المؤثرين، من مثقفين وأدباء وفنانين، وأن نتجاوز الأفلام الوثائقية المملة التي لا تضيف عن الشخصية شيئاً، برحيل أميرلاي نفتقد الفن الذي برع وامتاز فيه خلال نصف قرن.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.