قررت «القائمة العراقية» استئناف حضورها جلسات البرلمان، بعدما انسحبت من جلسة أول من أمس، احتجاجاً على انتخاب رئيس جلال طالباني رئيساً للجمهوريةالجمهورية، قبل الإتفاق على صلاحيات مجلس السياسات الإستراتيجية التي أسندت رئاسته إلى إياد علاوي. وجاء تراجع «العراقية» عن موقفها اثر اتصال هاتفي بين زعيمها إياد علاوي والرئيس باراك أوباما، ومحادثات بينه ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، وتعهد بمناقشة صلاحيات مجلس السياسات الإستراتيجية. وفيما رحبت فرنسا وبريطانيا بالإتفاق بين العراقيين، واعتبره الرئيس باراك أوباما «محطة مهمة في تاريخ العراق»، وأكدت سورية أنها ساهمت في تفاهم جميع القادة على تشكيل حكومة وطنية، وأنهم «على اتصال مستمر معها». ومن المقرر ان تركز جلسة اليوم على اختيار لجان البرلمان ومناقشة ورقة قانون «المجلس الوطني للسياسات العليا» الذي ستكون صلاحياته تنفيذية، شرط حصول قراراته على 80 في المئة من مجموع اعضائه كي تكون ملزمة للحكومة. وكانت الاطراف السياسية العراقية انهت الخميس حقبة طويلة من الجدل باتفاق على تقاسم السلطة، وسط اجواء من عدم الثقة بيننها، على ما أكدت جلسة الخميس التي شهدت انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه ورئيس الجمهورية، وصاحبتها اعتراضات واسعة من «العراقية» قادت الى انسحابها من الجلسة. وتم الخميس انتخاب اسامة النجيفي عن «العراقية» رئيساً للبرلمان، جلال طالباني عن «التحالف الكردستاني» رئيساً للجمهورية وهو بدوره كلف نوري المالكي عن «التحالف الوطني» تشكيل الحكومة، شفهياً على ان يتم التكليف الرسمي بعد عيد الاضحى. وقال القيادي في «العراقية» جمال البطيخ عقب انتهاء اجتماع موسع لأعضاء القائمة امس ل «الحياة» ان «قرار العراقية المشاركة في الحكومة نهائي لا رجعة فيه»، مشيرا الى ان «ما حصل في جسلة البرلمان سوء فهم لا يرقى الى الخلاف، وتم اليوم (امس) حل القضايا خلال اجتماعات واتصالات جرت بين القادة السياسيين». واضاف ان «اعضاء العراقية سيحضرون جلسة البرلمان غداً (اليوم) في لأن القائمة قبلت أن تكون احد ركاز حكومة الشراكة الوطنية»، لافتا إلى أن «الانسحاب من الجلسة الأولى لا يضعنا في خانة المقاطعين للعملية السياسية». واوضح البطيخ انه «سيتم الاتفاق على النقاط الخلافية التي حصلت أمس قبل الدخول إلى الجلسة، وما جرى ليس له علاقة بالوضع العام والعملية السياسية وعملية تشكيل الحكومة». الى ذلك ابلغ مصدر قريب من رئيس البرلمان المنتخب اسامة النجيفي «الحياة» ان جدول اعمال جلسة اليوم يتضمن تشريع قانون «المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية»، والبحث في تشكيل لجنة لمراجعة ملفات المعتقلين واطلاق من لا تثبت ادانته، ومناقشة مصير هيئة اجتثاث البعث. وأفادت بعض المصادر أن اتصالاً بين اوباما وعلاوي اعقبه بيان اصدرته وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلنتون، واتصال آخر أجراه بارزاني اعتبرت بمثابة تعهد بإجراء الاصلاحات وتنفيذ الالتزامات التي تطالب بها «العراقية». وقالت كلنتون في بيانها إن «قرار تشكيل حكومة الائتلاف اليوم إشارة بارزة إلى بزوغ العراق الجديد، وشهادة على تصميم الشعب العراقي على بناء ديمقراطيته». واضافت إن «هذا الاتفاق يضمن للفائزين في الانتخابات تمثيلاً له مغزاه، يشمل كل الفئات والأطياف في المجتمع العراقي. ويتضمن الاتفاق أيضا بنوداً مهمة تتعلق بتقاسم السلطة وإصلاحات أخرى، تشمل مراجعات لعملية إجتثاث حزب البعث. علاوة على ذلك، اتفق الزعماء العراقيون على تأسيس مجلس قومي للسياسات الاستراتيجية. وهذه الهيئة المهمة ستكون بمثابة لجنة موجِّهة في مجالات سياسة الدفاع، والشؤون الخارجية، والسياسة الاقتصادية، وقضايا استراتيجية أخرى». وبدا انسحاب اعضاء «العراقية» من اجتماع البرلمان الخميس رسالة تفيد بعدم ثقة الكتلة بتعهدات شركائها. ويعتقد ان «العراقية» قدمت تنازلات كبيرة من أجل تشكيل الحكومة، وان فرصها كانت اكبر قبل شهور، باعتبارها الفائزة الاولى في الانتخابات. عملياً، احتلت القائمة المركز الثالث في سلم المناصب الرئاسية الثلاثة، مراهنة على أن يكون منصب «السياسات العليا» تعويضاً لها في حال تم منحه صلاحيات تنفيذية. واكدت معظم الكتل السياسية أمس التزامها التوافقات المعلنة، لكن الناطق باسم الحكومة علي الدباغ اعلن في تصريحات ان «المجلس الوطني للسياسات» يحتاج الى موافقة 100 في المئة من اعضائهلتكون قراراته نافذة. وقال الدباغ ان «المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية سيتخذ بعض القرارات المصيرية، ولن تكون ملزمة ما لم يتم التصويت عليها بنسبة 100 في المئة»، واكد أن «هذا المجلس لن يكون بديلا عن مجلس النواب ولا عن الحكومة». وستشكل جلسة البرلمان اليوم اختباراً جديداً للتوافقات الهشة، مع بروز عراقيل قانونية واجرائية. وتقول اوساط «العراقية» ان القائمة مستعدة في اي لحظة لمقاطعة البرلمان او العودة الى الشارع واستخدام التظاهرات والاحتجاجات السلمية والعصيان المدني في حال واجهت مناورات جديدة من الكتل الاخرى.