بعد ثلاثة أشهر من إقبال سعوديين على العمل في شركات النقل بسيارات الأجرة التي تنفذ عبر التطبيقات الذكية، لما يحقق لهم من إيرادات مالية في ظل شح الوظائف حالياً، بدأ هؤلاء يشكون من التغيّر المفاجئ في خدمات هذه الشركات، وضعف الموارد والضمانات المالية، مشيرين إلى أن هذه الشركات تمارس «سياسة تطفيش السعودي لإحلال الأجنبي بدلاً منه». وقال محمد العصيمي، الذي عمل مع إحدى شركات النقل بالتطبيقات الذكية: «بعد أن شهدت هذه الشركات إقبالاً من السعوديين للعمل لديها، هبطت أسعارها إلى الحضيض، وكأنها عملية رفض للسعودي بطريقة مبطنة، إذ يصل الآن المشوار الواحد إلى ستة ريالات، وفي شركة أخرى يصل إلى 6.75 ريال، كذلك لم يعد متاحاً الحصول على ضمان للسائق كما هو متبع في السابق، فأصبحت الشروط عسيرة للحصول عليه، بسبب قلة الأجانب وكثرة السعوديين». وأضاف العصيمي: «أصبحت الشركات تتلاعب بنا، وترسل طلبات نقل العملاء للأجانب، ولا تلقي لنا أهمية ونحن ننتظر، وعلى رغم أننا نبذل الجهد ونعمل ونقدم للعميل خدمات إضافية ندفعها من جيوبنا مثل الماء والإنترنت، إلا أن العميل الأجنبي بعد أن نوصله إلى مشواره الذي طلبه يضع لنا في التقييم درجة «صفر»، محاباة لبني جلدته، ونصرة لمن يعملون لدى الشركة من العمال الوافدين». ولفت إلى أن 90 في المئة من الركاب السعوديين يرغبون في الركوب مع السائق السعودي «لما يتميز به من حياء وخلق»، نافياً صحة ما يتداول من مشاهير «سوشال ميديا» بأن السائق السعودي يتقاضى عوائد مادية تصل إلى 18 ألف ريال، واعتبر ذلك «جسر عبور للوصول إلى الشهرة، أو ربما لإظهار مدى دعم هذه الشركات للسعودة، وأنها تدر أرباحاً على السعوديين، فيما الحقيقة أن الأمر كله خداع». وزاد العصيمي أن شركات النقل لم تعد أيضاً تعوّض السائقين عندما يلغي العميل طلبه «إلا بشروط تعجيزية»، وقال: «إن الحال ينطبق على جميع السائقين، فنحن 66 سائقاً نعاني من هذه الظروف»، لافتاً إلى أنهم لم يلجؤوا للعمل فيها «إلا لحاجتنا الماسة إلى المال». وأيّده زميله خالد بن حامد، موضحاً أن شركات النقل تضع الأولوية للسائق الأجنبي «وتعطي الطلب لشركات الأجرة التي يعمل فيها مقيمون، معتبرين سيارات الأجرة شريكاً رئيساً لهم، فيما يعتبرون السعوديين فرعيين، فتجد بوناً شاسعاً في دخل السائق العامل في شركات الأجرة والسائق السعودي، إذا عملوا بمقدار الساعات نفسها». وأضاف ابن حامد أن هذه الشركات «لا تأخذ بمبدأ الأفضلية لصاحب التقييم الأعلى كما تدعي، فهي سخية فقط مع غير السعوديين بشكل كبير وملاحظ»، لافتاً إلى أن الشركات «تأخذ الحصة الأكبر من حساب السائق، إذ إن خفض الأسعار المتبعة حالياً في الشركات يتحمله السائق، وهو ما ألحق الضرر بالسعوديين، خصوصاً أن لدينا التزامات وقروضاً مصرفية يجب سدادها». وأفاد بأن شركات النقل تفتقد التنظيم، «ففي حال التوصيل من المطار يمنعنا المرور، ويتم حجز السيارة، فيما نحن مرخصون من وزارة النقل، والشركة تقول إذا تمت مخالفتك نسدد عنك المخالفة، وإذا حجزت السيارة فإنهم يتخلون عنا، وعملية التنقل بين المرور والشركة لإخراج السيارة تأخذ الوقت والجهد والمال الذي يتحمله السائق بمفرده». واقترح ابن حامد حلولاً للحد من تفاقم المشكلات التي يواجهونها مع شركات النقل، وقال: «لا بد لوزارة النقل من مراقبة ومتابعة مدى تطبيق اشتراطات العمل لغير السعوديين، وتطبيق العقوبات على الشركات المخالفة»، مؤكداً أهمية تعاون وزارتي النقل والعمل وبنك التسليف في تقديم سيارات بنظام التقسيط للشباب الراغبين في العمل بهذا المجال، ويؤخذ في الاعتبار تقييم السائق وجديته في العمل. وشدد على وضع بطاقات تعريفية للسائقين «حتى لا يقعوا في إحراج من بعض ساكني الأحياء خصوصاً في الأوقات المتأخرة من الليل، وفي الوقت نفسه إيجاد خط ساخن بين السائق والشركة في الحالات الطارئة، لحماية السائقين». وحاولت «الحياة» التواصل مع شركات النقل التي تقدم خدماتها عبر التطبيقات الذكية، غير أنها لم تتلقَّ رداً.