بدل الحديث عن التسوية الرئاسية المشهد اللبناني الداخلي، فأحدثت انفتاحاً بين الأفرقاء من جانب، لكنه لم يحجب التباينات حتى بين أبناء البيت السياسي الواحد، في كل من فريقي 14 و8 آذار. والجلسة ال 32 التي كانت مخصصة أمس لانتخاب رئيس للجمهورية خيمت عليها أجواء هذه التسوية المتمثلة بتوجه الرئيس سعد الحريري إلى تأييد النائب سليمان فرنجية للرئاسة، ففضل بعض النواب الذين حضروا إلى ساحة النجمة، التزام الصمت وعدم التعليق، فيما تباينت آراء نواب آخرين بين اعتبار فرنجية أحد الأقطاب الموارنة الأربعة المستحقين، وبين متسائل عما سيقوده الفيتو المسيحي على شخصه. قرار رئيس المجلس النيابي نبيه بري إرجاء الجلسة إلى 16 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، مكتفياً بأسبوعين بدلاً من ثلاثة كما جرت العادة، طرح أسئلة على هامش الجلسة، إذ هي من المرات النادرة التي يتم فيها تقديم موعد الجلسة، منها ما إذا كانت الجلسة ال 33 ستحمل رئيساً إلى قصر بعبدا، علماً أن بعض النواب ربط تقديم الموعد بفرصة الأعياد. واللافت في جلسة أمس التي رحلت مرة جديدة بسبب عدم اكتمال النصاب، قلة عدد النواب الذين حضروا إلى البرلمان وبلغ 39 نائباً فقط، من أصل 86 هو نصاب الجلسة. إضافة إلى تفرق النواب الحلفاء، إذ لوحظ أن الحوارات الجانبية التي كانت تجمع نواب 14 آذار، وخصوصاً نواب «المستقبل» و«القوات» تراجعت وبدت عليها البرودة. ومع تأجيل جلسة الانتخاب أمس تبقى المؤشرات حول نتائج الجلسة المقبلة، إذ إن المعطيات تشي بأن التسوية القائمة على فرنجية تعثرت، لكنها لم تسقط. وفي المواقف من ساحة النجمة أوضح عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان أن «موقفنا دائماً كان يتعلق بالحوار والحكومة ورئاسة الجمهورية، فنحن ننطلق من مبادئ ثابتة وتصور سياسي ومشروع سياسي»، مؤكداً أن «البحث بالنسبة إلينا بالرئاسة يجب أن ينطلق من المشروع الذي ترشح على أساسه رئيس الحزب سمير جعجع، وأن يشرح موقفنا من القرارات الدولية بدءاً من المحكمة الدولية والقرار 1701». وشدد على أنه «عندما يطرح علينا أي موضوع نحن لا نقوم الأشخاص بل مشروعهم وموقفهم من هذه القضايا ثم نأخذ موقفاً»، موضحاً أنه «عندما نتكلم عن تسوية، نتكلم عن تسوية بين مشروع الدولة ومشروع خارج الدولة، بالدستور وتطبيقه وسقف القانون. عندما نحارب في سورية فنحن خارج الدولة، فلا تنتظروا منا ك»قوات» أن ندخل في تسويات تتعلق بأشخاص»، مؤكداً أن «يدنا ممدودة لتسوية لإنقاذ بلدنا بالعودة إلى الدولة والدستور». وشدد على أن «14 آذار هي مشروع لا تتوقف فيه أمام أشخاص أو أحزاب، نحن ملتزمون مشروع 14 آذار، نتفق ونختلف انطلاقاً منه، وهذا هو ملك من استشهدوا ودفعوا دماً ليبقى، وعندما يسقط ستسقط الدولة، عقدنا اجتماعات عدة في تكتل 14 آذار، وهناك آراء متعددة حول ترشيح النائب فرنجية». إلى ذلك نقل نواب عن الرئيس بري بعد لقاء الأربعاء، تأكيده «أهمية اللقاءات والاتصالات الجارية في إطار تعزيز المناخ التوافقي في البلاد»، مشدداً على أن «الحوار يبقى المسار الصحيح لمعالجة المشاكل، وأن التوافق هو الخيار الطبيعي في مقاربة كل القضايا والاستحقاقات المطروحة». وعما حصل في شأن إطلاق العسكريين اكتفى بري بالقول: «بين الدموع والشموع حصلت فضيحة سيادية، ومبروك لأهالي العسكريين». أبوفاعور: التسوية المطروحة أفضل الممكن والتقى بري وزير الصحة وائل أبو فاعور موفداً من رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط، في حضور الوزير علي حسن خليل، وأكد ابوفاعور أن أي «تسوية تتطلب تنازلات من جميع الفرقاء والتسوية المطروحة افضل الممكن»، مشدداً على أن رئيس تيار «المردة» النائب فرنجية لا يحتاج إلى التوقيع أو الاعتراف بمسيحيته لأنه من المسيحيين الأربعة الأقوياء الذين تم الاتفاق عليهم في بكركي». وأشار إلى أن «التصرف بمنطق أنا ومن بعدي الطوفان بات يقود البلاد إلى منزلاقات خطيرة». وأوضح أن «النائب جنبلاط يخشى إذا لم تسر التسوية أن ندخل في المجهول الدستوري والسياسي والأمني»، داعياً إلى «الإقبال على التسوية المقترحة». وشدد على أن «ليس صحيحاً طرح سليمان فرنجية أو الفوضى على غرار إما (مخايل) الضاهر او الفوضى»، مذكراً بأنه عندما كان يتم طرح مرشحين آخرين كان السؤال عن أسباب الهروب من المرشحين الأقوياء. ولفت الى أن « الامر متاح ل 8 آذار من اجل ان تتوافق فهي توافقت على مرشح هو رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون سابقاً ولم يتم التوافق عليه وطنياً، اليوم هناك مرشح آخر من 8 آذار ربما نستطيع ان نستنبط توافقاً وطنياً حوله، فما هي المشكلة؟». وقال: «هناك مداولات تجري ولكن توقيت الإعلان لا أعرفه، وأتصور انه اصبح هناك مناخ عام غالب في البلاد ان هذه التسوية يجب ان تسير وإلا نحن ندخل في مجهول لا نعرف الى اين يمكن ان يؤدي».