يواصل المنتخب الجزائري مغامرته الافريقية، ويسعى إلى تقديم عرض مميز ومشرف عندما يلاقي اليوم نظيره المصري في مواجهة لا تقبل القسمة على اثنين لمناسبة مباراة الدور نصف النهائي للبطولة الافريقية للأمم المقامة في أنغولا. ويسعى الجزائريون، بحماستهم المعهود ومهارتهم العالية وبداية انسجامهم الجماعي، إلى وقف زحف الفراعنة وإلحاق أول خسارة بهم بالكأس الافريقية للأمم. علماً أن آخر خسارة للمصريين كانت بالدور الأول لكأس افريقيا للأمم بتونس 2004 أمام الجزائر نفسها بهدف «الحرامي» الشهير حسين عشيو 2-1. وهذه هي المرة الأولى التي يبلغ فيها المنتخب الجزائري الدور قبل النهائي منذ عشرين سنة أي منذ بطولة أمم أفريقيا التي أقيمت بالجزائر 1990، والمرة الخامسة بتاريخ مشاركاتها الافريقية، والمرة الرابعة التي يواجه فيها افريقياً نظيره المصري. وحتى وإن كان أداء المنتخب المصري في اللقاءات السابقة غير مقنع، طوال التصفيات الافريقية، وجاء فوزه على الكاميرون بالحظ – على حد تعبير الخبراء المصريين أنفسهم بينهم الدكتور علاء صادق- فإنه في مواجهة اليوم قد «يشرس» أملاً باستعادة كبريائه من منافس خطف منه – بامتياز- تأشيرة المرور إلى «المونديال». وتحسباً للمباراة، أبعد الجهاز الفني بقيادة رابح سعدان لاعبيه عن الضغط الإعلامي وتم الاتفاق، في ما يبدو، على عدم الإدلاء بأي تصريحات قد تزيد من توتر الوضع قبل المباراة. وفي محاولة للوقوف بصف مواطنيها، سارعت السلطات الجزائرية إلى تحميس الشباب الجزائري للانتقال إلى أنغولا لتشجيع «الخضر» وقدمت تسهيلات كبيرة بينها خفض ثمن التذكرة من 250 ألف دينار إلى نحو 60 ألف دينار فقط (نحو 800 دولار)، وابدت شركة الخطوط الجوية الجزائرية استعدادها لنقل نحو ألفي مشجع يوم المباراة. بيد أن ذلك لم يحرك في الشباب الجزائري أي رغبة بإعادة تجربة الخرطوم في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. ولاحظت «الحياة»، لدى تنقلها، أمس، بين عدد من مكاتب الوكالات السياحية المنظمة للرحلات خواءها من «مشجعي المنتخب» إلا من عدد قليل من المحظوظين. وحتى الساعات الأولى من صباح أمس (الأربعاء) لم يكن عدد الحاملين لتذاكر السفر إلى أنغولا سوى 300 جزائري يرتقب أن يتم تسفيرهم، اليوم الخميس، إلى مدينة بانغيلا عبر طائرات ذات حجم 100 مقعد. وتأكد ل «الحياة» أن عزوف المشجعين الجزائريين من التنقل إلى أنغولا جاء بسبب ثمن التذكرة الباهظ (60 ألف دينار) وغلاء المعيشة بأنغولا فضلاً عن خشيتهم من التعرض لأمراض طارئة. وتأتي محاولات تسفير الجزائريين إلى أنغولا نزولاً عند رغبة لاعبي «الخضر» برؤية المناصرين لهم في المدرجات تماماً كما حدث أمام مصر في أم درمان. ونقل عن الزميل حفيظ دراجي، معلق الجزيرة الرياضية، قوله إن لاعبي المنتخب على غرار كريم زياني ونذير بلحاج وآخرين طلبوا توجيه نداء للسلطات الجزائرية لتمكين مئات الجزائريين من السفر إلى أنغولا لتشجيعهم أمام مصر. ولا يبدي لاعبو «الخضر» أي خوف من منافسهم المقبل على رغم إدراكهم بأنهم كانوا السبب في حرمانهم بالتأهل للمونديال، ويؤكدون جاهزيتهم لملاقاته بنفس الروح والعزيمة التي واجهوه بها بأم درمان في نوفمبر الماضي. وقال عنتر يحيى، مدافع المنتخب الجزائري، إنه «لا يخشى أي منافس في الدور نصف النهائي»، مضيفاً ان «طموح الجزائريين اليوم لا يتوقف عند العمل على هزم منافس اليوم بل الذهاب بعيداً في المنافسة الافريقية والعودة باللقب الافريقي». من جانبه، أكد عامر بوعزة، صاحب هدف الفوز الجزائري أمام كوت ديفوار، أن «عناصر المنتخب الجزائري مستعدة تمام الاستعداد لخوض المباراة»، مشيراً إلى أن «إمكانات «الخضر» النفسية والبدنية جيدة وأفضل من أي وقت مضى. وتابع: «يتعين علينا مواصلة المسيرة بثبات ورزانة والإعداد الجيد لمباراة مصر من اجل الاستمرار في سلسلة النتائج الإيجابية، وكذا الاحتفاظ بنفس الروح والعزيمة في المباراة المقبلة ضروري لأجل إسعاد الشعب الجزائري». وتأتي عزيمة الجزائريين ليس من تألقهم اللافت بالدورة السابعة والعشرين الجارية بانغولا وإزاحتهم، أداء ونتيجة، للعملاق الإيفواري 3-2 في مواجهة ستبقى لزمن طويل مرجعاً للكرة الحديثة فحسب، بل أيضاً من نجاحهم المتواصل في الإطاحة بالمنتخب المصري بالملاعب المحايدة حتى بات «الخضر» الشبح الأسود للفراعنة. وفي هذا الشأن، سبق للجزائر أن هزمت مصر في جميع مواجهاتهما القارية بدءاً من مباراة نصف النهائي لكأس افريقيا للأمم بنيجيريا عام 80، حيث انتهى اللقاء آنذاك 2 – 2، قبل أن يحسم بلومي، فرقاني، ماجر، ابن ساولة والراحل ابن ميلودي الموقف لصالح الجزائر إثر ركلات الجزاء (6 – 4) أبدع فيها الحارس الجزائري الشهير مهدي سرباح. وأعاد المنتخب الجزائري الكرّة سنة 1984 في كأس أفريقيا التي احتضنتها كوت ديفوار، وفاز ب 3 – 1 على المصريين بأهداف حملت تواقيع ماجر وبلومي وياحي حسين. وفي دورة 1990 التي أقيمت بالجزائر، أشرك المدرب الجزائري آنذاك الشيخ عبدالحميد كرمالي تشكيلة من الاحتياطيين حيث نجحت في إلحاق الهزيمة الافريقية الثالثة بالمنتخب المصري الرديف 2 – صفر. علماً بأنّ تلك الدورة شهدت امتناع مصر عن إرسال منتخبها الأول بسبب خوفها على أمن بعثتها في أعقاب أحداث القاهرة في عام 89. والتقى المنتخبان مرة رابعة في جانفي 2004 بمدينة سوسة بمناسبة كأس أفريقيا للأمم بتونس، ولم تشذ المواجهة عن القاعدة، إذ هزم الجزائريون نظراءهم المصريين 2-1 بفضل الهدف الشهير للحرامي حسين عشيو. وعاد المنتخبان ليلتقيا مرة خامسة بميدان محايد، لكن هذه المرة بملعب أم درمان السوداني، في 18 نوفمبر 2009، بمناسبة المباراة الفاصلة المؤهلة لمونديال جنوب أفريقيا. وكما في المناسبات السابقة فرض الجزائريون منطقهم على منافسهم ونجحوا، بامتياز، في خطف ورقة التأهل بفضل هدف المدافع عنتر يحيي في نهاية الشوط الأول. وهو الفوز الذي أعاد الجزائر إلى الواجهة بعد 24 سنة من الغياب.