إضافة خدمة الشحن "IM2" التابعة لشركتي "Emirates Line" و"Wan Hai" إلى ميناء جدة الإسلامي    نمو مبيعات التجزئة في الصين مايو الماضي بنسبة 6.4%    سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة: مشاركة المنتخب السعودي في الكأس الذهبية تأتي تعزيزًا لحضور المملكة الدولي وتبرز دعم القيادة لقطاع الرياضة    كبار السن.. ذاكرة الأمة وركيزة إنسانية تستحق الحماية    المنتخب السعودي يتغلب على نظيره الهايتي    الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط.. خطوات جريئة وتقدم حقيقي    رياح و حرارة شديدة على اجزاء من معظم مناطق المملكة    ارتفاع أسعار النفط    آن الأوان أن تسمى الأمور بأسمائها في الشرق الأوسط    الضربات المتبادلة مستمرة.. إسرائيل تستهدف 80 موقعاً بطهران.. وإيران ترد بصواريخ على حيفا    بالتزامن مع التصعيد ضد طهران.. الاحتلال يشدد الإجراءات في الضفة الغربية    مواسم تمضي… وحصاد ينتظر    بمتابعة مستمرة من أمير تبوك.. مدينة الحجاج بحالة عمار تواكب عودة ضيوف الرحمن إلى أوطانهم    سان جيرمان يقسو على أتلتيكو مدريد برباعية في مونديال الأندية    الهلال يستعيد كانسيلو قبل مواجهة ريال مدريد    البلجيكي برايس يقترب من قيادة النصر    "التطبيقات الذكية" تعزز التحول الرقمي في السياحة    "التجارة" تذكّر بمهلة القوائم المالية    أفراح آل حداد و اتوتا بزواج حسام    مسؤولون وأعيان يواسون أسرة آل ساب في فقيدهم زاهد    مجلس أسرة الجعفري الطيار يستضيف جمعية الرياحين لرعاية الأيتام بالأحساء    وزير التعليم يكرم بن نوح لتميزه العلمي    الضيف الذي غادر بيوتنا… وماذا بقي من البركة؟    "تحت السواهي".. مسرحية تبرز المواهب الوطنية    وقفات مع الحج    الربيعة طمأنه على مغادرة طلائع حجاج بلاده.. رئيس بعثة الحج الإيرانية: نشكر القيادة على الرعاية والاهتمام    المفتي وأعضاء اللجنة الدائمة يستقبلون المستفتيين    علماء يبتكرون دواء جديداً ل" القاتل الصامت"    حرب ترمب / نتنياهو: إيران بلا خيارات    إيران تمدد تعليق الرحلات الجوية    مصرع 3 أشخاص جراء الفيضانات في "وست فرجينيا" الأمريكية    تطوير الذات بين الوعي والتفكير النقدي    الكلمة حين تصير بيتا للمشاعر    ولي العهد ورئيس الوزراء اليوناني يبحثان التصعيد الإسرائيلي ضد إيران    المسحل: مشاركة الأخضر في «الذهبية» خطوة في جهود التطوير    باحثون يحولون الضوء إلى مادة صلبة    استعراض تقرير رئاسة البحوث العلمية والإفتاء أمام أمير جازان    سعوديات يستوحين تصاميمهن من النخلة    %17 زيارة السعوديين لمهرجانات الأعياد    مدينة الحجاج بحالة عمار تواكب وداع الحجاج    نائب أمير الرياض يستقبل رئيس المحكمة ومدير فرع النقل    الهوية الرقمية تخفي جوازات السفر قريبا    خطوات مدعومة علميا لنوم عميق    الكارديو أم رفع الأثقال أولا    100 دقيقة مشي تحمي الظهر    مكاسب محدودة وتراجع جماعي لأسواق الخليج    وزير الحرس الوطني يستقبل قادة الوزارة وكبار مسؤوليها    سفيرة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية تلتقي بعثة الهلال في أمريكا    أدبي حائل يستعرض حياة عنترة في النعي التاريخية    الأمير سعود بن نهار يستقبل أهالي الطائف المهنّئين بعيد الأضحى    وزير الحج والعمرة يطمئن رئيس بعثة الحج الإيرانية    أمير تبوك يواسي الشيخ عبدالله الضيوفي في وفاة شقيقه    الشؤون الإسلامية في جازان تعايد منسوبيها بمناسبة عيد الأضحى المبارك        نائب أمير جازان يستقبل مفوض الإفتاء ومدير فرع الرئاسة بالمنطقة    نائب أمير جازان يستقبل قائد حرس الحدود بالمنطقة    ولي العهد يُعزي رئيس وزراء الهند في ضحايا تحطم الطائرة    طبيبة تحذر من جفاف الجسم في الطقس الحار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هي والسعوديون صنوان لا يفترقان على مر الأزمان.. الإبل في المملكة.. علاقة أبدية خلدتها النقوش الصخرية
نشر في البلاد يوم 08 - 12 - 2024

تحظى الإبل في المملكة بعناية واهتمام كبيرين، وهي والسعوديون صنوان لا يفترقان على مر الأزمان، وظلت تلك العلاقة الأبدية تنتقل من جيل إلى جيل حتى وقتنا الحاضر.
وقديمًا ولمكانة الإبل عندهم كانوا يخلدونها بالنقش على الصخور، كما وثقت الاكتشافات الأثرية الحديثة تلك العلاقة بين إنسان الجزيرة العربية والجمال مُنذ آلاف السنين، وتنتشر على صخور جبال العُلا وغيرها من المواقع مجموعات كبيرة من النقوش والرسومات المتنوعة، وشكلت الإبل بطبيعة الحال جزءًا كبيرًا منها.
وتعد تلك النقوش الموجودة في عديد من مناطق المملكة شاهدًا ثقافيًا وتاريخيًا يبرهن على أهمية الإبل في حياة الأجداد، حيث لا يزال كثير منها صامدًا رغم مرور الزمن، عبر من خلالها الإنسان عن علاقته العميقة بالبيئة المحيطة، إذ كان سكان المملكة يرمزون لملكية إبلهم ومواشيهم ب "الوسم" وهو عبارة عن رمز أو علامة بأشكال وأحجام مختلفة عن طريق الكي أو القطع؛ بهدف تحديد ملكيته، وما زالت مرسومة ومنقوشة في جبال المملكة وأوديتها.
يقول أستاذ الكتابات العربية القديمة الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب، وفقاً لوكالة الأنباء السعودية: "إن نحت الإبل يمثل النسبة الكبرى من الفنون الصخرية في شبه الجزيرة العربية، الدال على الأهمية المُعطاة لهذا الحيوان مِن قبل مَن استوطن المُنطقْة في عصورها القديمة، ولا غرابة في ذلك فاستئناس الجمل واستخداماته المُتعددة، والأوجه المختلفة لحياته، جعلت له مكانة كبيرة لدى سكان شبه الجزيرة العربية، حتى إنه سيطر على خيال فنانها قديمًا، فظهر ذلك واضحًا على نحته ومصوراته، ورسوماته لهذا الحيوان، كما يدل أيضًا على وجود بيئة صالحة ومراعٍ مناسبة لمثل هذه الحيوانات المهمة في حياة سكان تلك المواقع".
وسُجل -بحسب الذييب- أقدم نحت للجمل العربي ذي السنام الواحد المعروف اليوم داخل شبه الجزيرة العربية في موقعين كليهما في المملكة، حيث عثر على نحت جمل بري صغير يشبه الجمل المعروف الآن، وتبين من دراسة أدواته احجرية انه يعود إلى فترة العصر الحجري القديم.
وصاحب الفن الصخري رموز ووسوم عديدة الأشكال، تحمل عناصر هندسية تنتشر بكثرة في مواقع مختلفة من شبه الجزيرة العربية، خصوصًا في المملكة الذي يعد انتشارها فيها أمرًا فريدًا من حيث كميتها التي لا يوجد مثلها في الأقطار المجاورة، وهذه الوسوم التي تدمغ على أجسادها تدل على ملكية الإبل (عرب الصحراء)، أفرادًا أو جماعات (العشيرة والقبيلة)، أما إذا كانت هذه الرموز والوسوم على الواجهات الصخرية، فالأقرب أنها تشير إلى ملكية سكان الموقع لأماكن الرعي بما عُرف لاحقًا في الفترة الإسلامية بنظام الحمى.
وتمثّل الإبل رمزًا للصمود والقوة والرفيق الوفي في الصحاري والقفار، ففضلًا عن قيمتها التجارية والاقتصادية والغذائية والاستئناس بها والانتفاع من لحومها ووبرها، تجتمع فيها مزايا اقتصادية عدة.
وكان للإبل دور كبير في توحيد المملكة على يد المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ورجاله الذين وحدوا ترابها على ظهور الخيل والإبل، وكانت "مصيّحة" واحدة من أبرز الإبل التي ارتبط اسمها بتاريخ الملك عبدالعزيز – رحمه الله- وتميزت بسرعتها الفائقة وقدرتها على تحمل المشاق، ما جعلها مثالية للمهام السريعة والمهمات الحساسة في ذلك الزمن، كما ارتبطت الإبل قديمًا بالحج للبيت العتيق، حيث كان الحجاج يمتطونها في الذهاب لأداء فريضة الحج.
ويربي السعوديون عديدًا من سلالات الإبل التي تنقسم إلى ثلاث سلالات تندرج تحتها تقسيمات ثانوية تعتمد على ألوانها منها "المجاهيم" و"المغاتير" وفئة "الحُمر"، وتعرف المجاهيم من الإبل بأنها الأكثر انتشارًا في وسط وجنوب المملكة وهي الإبل الملحاء شديدة السواد ،وتتميز بإدرارها الحليب وكبر حجمها، بينما تنتشر المغاتير في شمال المملكة، ولها أربع درجات لونية هي الوضحاء، والشقحاء ، والشعلاء ، والصفراء، وكذلك فئة الحُمر وهي متوسطة الحجم وتنقسم إلى سلالات ثانوية وهي العمانية أو الباطنية ، والحرائر، والحضنية، والآركية، ويعد لحم الحاشي "صغير الإبل" من اللحوم المرغوبة لدى المستهلكين، كما ارتبط قديمًا الحليب الذي ينتج من خلفات الإبل "التي وضعت مولودها حديثا" بعادات الكرم والضيافة في الثقافة المحلية لبعض المناطق، حيث يقدم مع التمر للضيوف.
وهذا الاهتمام الكبير والحب المتجذر للإبل عند السعوديين، أشعل قرائح الشعراء فنظموا فيها القصيد، الذي لخص العلاقة الحميمة بالإبل، كما لخص الدور والمهمة التي تؤديها الإبل؛ مما عزز عندهم ضرورة اقتنائها، وغالبية الأشعار أضاءت كثيرًا من المعاني المقصودة، وكشفت عن حالة تعلق وهيام تجعل تربية وتملك الإبل عندهم تتعدى الجانب الاقتصادي كنشاط معيشي إلى جانب اجتماعي وموروث ثقافي، يشكل التفاخر والنظرة المجتمعية سنام الاهتمام، وقد نظم العديد من الشعراء السعوديين قصائد عن الإبل سواء في وصفها أو محبتها، ولا يزال كثيرون يرددون تلك القصائد حتى وقتنا الحاضر.
وللحفاظ على هذا الموروث الأصيل سعت المملكة سعيًا حثيثًا للحفاظ عليه من خلال عدة مبادرات وجهود بارزة، لكون الإبل جزءًا مهمًا من الهوية الثقافية الوطنية، إذ أسست مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل الذي أُطلقت فعاليات نسخته التاسعة في 1 ديسمبر 2024م في أرض الصياهد تحت شعار "عز لأهلها"، لتأصيل موروث الإبل وتعزيزه محورًا للهوية الثقافية السعودية، ويعد الأكبر من نوعه على مستوى العالم، ويجمع محبي الإبل من داخل المملكة وخارجها، ويهدف إلى إبراز الدور التاريخي للإبل، كما أنشأت المملكة نوادي ومراكز متخصصة لدعم مربي الإبل.
واستمرارًا لتلك العناية تبذل المملكة جهودًا دؤوبة في مجال البحث والدراسات من خلال دعم الباحثين والمؤسسات الأكاديمية المعنية بدراسة تاريخ الإبل واستخداماتها في حياة الإنسان، واختتمت وزارة الثقافة في نوفمبر الماضي أعمال فرز وتقييم المشاركات في منحة "دراسات الإبل"؛ لتعزيز الإنتاج البحثي الثقافي للموضوعات المرتبطة بالحياة الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية في قطاع الإبل، وشارك فيها العديد من الباحثين من مختلف الجامعات.
وتأكيدًا لاهتمام المملكة وعنايتها بتراثها الثقافي وموروثها العريق، وترسيخ عناصر الهوية الحضارية والتاريخية والثقافية، جاءت تسمية عام 2024 ب"عام الإبل"؛ بهدف تعزيز التراث الوطني وجعله جزءًا من الثقافة المحلية والعالمية، ولتستمر الأجيال القادمة في تقدير هذا الموروث وحمايته.
وفي إطار مواكبة عام الإبل أصدر مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية كتابًا يحمل عنوان "دليل الإبل"، يجسد اعتزاز المملكة بالقيمة الثقافية والحضارية للإبل، ليؤكد التزامها بالمحافظة على التراث العربي وتعزيزه، وربطه بالأجيال الجديدة.
وعلى الصعيد الدولي كان للمملكة عديد من المشاركات الدولية، حيث نظمت انطلاقًا من رئاستها السنة الدولية للإبليات 2024م، وبالشراكة مع البعثة الدائمة لدولة بوليفيا، ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، وبالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة في جنيف، معرض "موكب الهجن أبطال الصحاري والمرتفعات تغذية للناس والثقافات"؛ لتسليط الضوء على الأهمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للإبل وإسهاماتها في الأمن الغذائي والتغذية والنمو الاقتصادي والتراث الثقافي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.