عندما كانت دبابات الجيش السوري تهدر في شوارع حمص ودرعا وغيرهما من مدن سورية وتتصدى للاحتجاجات الشعبية الواسعة على نظام الرئيس بشار الأسد، كان هناك جيش آخر من نشطاء الإنترنت يتحرك في معركة صامتة ولكن حامية الوطيس.. كان النشطاء يتبادلون المعلومات بشأن ما يحدث في مخلتف المدن للاحتفاظ بقوة الزخم الشعبي، ويتواصلون فيما بينهم لترتيب مواعيد المظاهرات وأماكنها وتحديث قوائم الضحايا والمقبوض عليهم. وكان هناك حساب على موقع «تويتر» أنشئ في 18 إبريل الجاري وتضمن فيضا من الشعارات كي يستخدمها المحتجون، وهي شعارات ابتكرها مستخدمو الموقع ورددها المتظاهرون بالفعل. وينشر حساب آخر أخبار مثيري الشغب الذين يطلق عليهم وصف «الشبيحة» ويرصد عملية نقلهم إلى مدينة درعا لاستخدامهم في التصدي للمحتجين. وهناك موقع يرصد النقاط التي يتظاهر فيها الطلاب وما يتعرضون له من اعتقالات تعسفية في العاصمة دمشق. أما صفحة «فيس بوك» التي تحمل عنوان «الثورة السورية 2011» وأصبح لها 120 ألف مشترك، فقد وجهت الدعوة لكل مستخدمي الموقع إلى الخروج في احتجاجات الجمعة بعد أن انكسر حاجز الخوف، على حد قولهم. وفي غياب المراسلين الأجانب عن أحداث سورية، دعا أصحاب تلك الصفحة كل من لديه صور أو مقاطع فيديو عن المواجهات مع قوات الأمن إلى إرسالها. ومن خلال الموقع يمكن لوسائل الإعلام الدولية استخدام تلك المواد أو الحديث مع شهود العيان أو الحصول على آخر الأخبار. ويمكن القول إنه إذا كان الجناح الشعبي للاحتجاجات هو الذي يخرج إلى الشوارع يوما بعد آخر، فإن الجناح الإلكتروني لا يقل أهمية من حيث إنه يعطي التحركات الشعبية قدرا من التنسيق على المستوى القومي ويسد إلى حد بعيد الفجوة الناتجة من غياب الإعلام الأجنبي عن الساحة «من لا يستطيعون النزول إلى الشوارع مع المتظاهرين، يساهمون من خلال الإنترنت في الربط بين الناس على الأرض، فنحن نساعد المتظاهرين في درعا مثلا كي يطمئنوا إلى أنهم ليسوا وحدهم». وعلى غرار ما حدث في تونس ومصر، فإن نشطاء الإنترنت هم شباب من عامة الناس وليس لهم زعيم ظاهر، ولكن يقودهم أعضاء بارزون يتولون التنظيم فقط. * موقع هيئة الإذاعة البريطانية