مشروع الحلول العاجلة لأزمات تصريف مياه السيول في جدة له وجه آخر، فالشوارع تتعرض إلى عملية تجريف غير متعمدة فأصبحت كثيفة الهبوطات والتلال والحفريات مختلفة الأشكال والألوان وزاد الأمور تعقيدا سوء ردم الحفريات التي قامت بها الشركات المنفذة للمشاريع، إذ اتضح بعد فترة من انتهاء المشاريع هبوط بعضها وعدم استطاعتها الصمود طويلا أمام المركبات العابرة يوميا، ما تسبب في تلفيات وعطب المركبات والطرقات على حد سواء وباتت التلفيات مصدر شكاوى الكثير من السائقين. تحت الاختبار ورغم كثرة شكاوى أهالي الأحياء إلا أن كل معاناتهم لا تجد طريقا إلى الزوال أو الحل، إذ أبدى الأهالي قلقهم مما أطلقوا عليه صمت الجهات المعنية عن خطر الهبوطات، فضلا عن الصمت عن مساءلة القائمين على التنفيذ السيئ للمشاريع ما يجعلها عرضة لعوامل التعرية المبكرة. وبما أن الفترة التالية لهطول الأمطار تعتبر المحك الحقيقي لاختبار المشاريع المنفذة من طرق وأرصفة وخلافه، فإن ذلك كله يضع المشاريع في اختبار صلاحية، هل تتحمل الظروف الجوية أم أنها تتعرض للتدمير بفعل زخات المطر؟ فبعض أحياء جدة التي تعاني من تراكم تجمعات المياه عقب الأمطار تهدد سلامة الشوارع والعابرين ما يعني أهمية مضاعفة الجهد في البحث عن حلول والتعامل الجاد مع البلاغات الواردة إلى الأمانة والبلديات الفرعية. ارتطام عنيف يقول صابر الحكيم (أحد سكان العزيزية في منطقة شمال المحكمة العامة) إنه يشعر بالأسى من سوء تنفيذ شركات المقاولات للمشاريع، مبينا أن مشروع تصريف السيول تبعه مشروع آخر يتعلق بتركيب نقاط الألياف البصرية لإحدى شركات الاتصالات ما تسبب في أزمة مضاعفة للسكان الذين يتخذون من هذه الشوارع ممرا دائما من وإلى منازلهم. ويروي من جهته علي بابصيل تجربته الشخصية ويقول: «تعرضت سيارتي لتلفيات نتيجة اصطدامها بحافة نقطة تعرضت للهبوط ولم أنتبه إلا على صوت الارتطام العنيف واضطررت لإصلاح المركبة بمقابل مادي كبير دون ذنب اقترفته». صالح جمعان أشار إلى أن كل المشكلات تحدث الآن قبل حلول موسم الأمطار ولم تختبر الشوارع بصورة جيدة فكيف يكون الحال مع مواسم الهطول الغزير مستقبلا؟ من المؤكد أن حينا سيتحول إلى مصائد للسيارات وسيشكل الحي برمته خطرا على الجميع، خصوصا الأطفال والنساء والمسنين، ويطالب جمعان الأمانة بالتدخل العاجل لمحاسبة الشركات المنفذة لتلك المشاريع وإيجاد حل عاجل لعمليات الترقيع غير المجدية. تعميق الجوفية في المقابل يقول رئيس المجلس البلدي الدكتور عبدالملك الجنيدي إن البنية التحتية تحتاج إلى تدعيم واهتمام، لافتا إلى أن المسألة ترتبط مباشرة بمشروع شبكة الصرف الصحي التي من شأنها تعميق المياه الجوفية والحد من ارتفاعها إلى مسافة قريبة من السطح كما يحدث الآن في بعض الأحياء، وإيجاد شبكة جيدة يلغي تماما التعامل مع الوضع الحالي لبعض الأحياء التي لا تزال تعتمد على الصهاريج في نقل مياه الصرف الصحي، الأمر الذي ينعكس مباشرة في خفض مستوى المياه الجوفية ومنه إلى تخفيف التأثير على الأسفلت وتعرضه إلى التلف. وأضاف الجنيدي: هذه هي مشكلة جدة منذ عشرات السنين، إلى أن وصلت المياه إلى أعلى نسبها في بعض الفترات، فضلا عن تلك المناطق التي تكون قريبة من ماء البحر، والحل الأفضل لهذه المشكلة يكمن في إكمال شبكة الصرف الصحي في جميع أنحاء المدينة والعمل على الحلول المؤقتة إلى حين انتهاء المشروع، والحل المؤقت يتم بالتنسيق بين الأمانة وشركة المياه والمحافظة سعيا لتخفيض مستوى المياه الجوفية وإبقائها في أعماقها كي لا تقترب من البنى التحتية والبيوت والأرصفة، ويتم ذلك عبر الاستعانة بالمضخات التي توجه المياه إلى البحر، وطالب المجلس الأمانة وشركة المياه بذلك وبين أنه بتلك الطريقة تعود المياه الجوفية إلى وضعها الطبيعي. محاسبة الشركات رئيس المجلس البلدي دعا إلى أهمية زيادة البند المخصص للسفلتة في الأمانة رغم أنها تجتهد في إيجاد الموارد، وهذا لا يجعلنا ننسى أهمية إيقاف الهدر الذي مصدره عدم اكتمال شبكات الصرف. وأوضح أن لدى المجلس جهودا عديدة، منها زيارة المواقع التي تحتاج إلى عناية وقد سبق وأن طالب الأمانة بعلاج حالة بعض الأحياء، مثل حيي الرياض والخمرة، وقد أدى هذا لاستجابة الأمانة والشروع في سفلتة الشوارع، مؤكدا أن الأمانة تجتهد في واجبها، أما فيما يتعلق بدور المجلس فإنه يقوم بجولات رقابية ولديه أولويات تتمثل في معالجة السفلتة حسب الأقدمية والحاجة الماسة. من جانبه أوضح مصدر مسؤول بأمانة محافظة جدة ل«عكاظ» أن الأمانة ترصد بشكل مستمر من خلال البلاغات والجولات الأحياء المتضررة من المشاريع سيئة التنفيذ وتباشر في إيجاد الحلول المناسبة لها، فضلا عن محاسبة الشركة المنفذة حتى لا يتكرر الخطأ، مبينا أن الأمانة رصدت ضمن ميزانية خاصة مبالغ لإعادة سفلتة وترقيع بعض الشوارع.