النفط يرتفع والذهب يلمع    ولي العهد: تحديات المنطقة العربية لن تحول دون استمرار جهودنا المشتركة لمواجهتها    "كواي" ابتكارات عالية التقنية تعيد تعريف التفاعل عبر مقاطع الفيديو القصيرة    ديربي النصر والهلال.. فوز أصفر غائب في الدوري منذ 3 سنوات    كيف جاءت نتائج 13 مواجهة بين الاتحاد والخليج؟    وقاية.. تقصّي الأمراض الخطرة وإعداد خطط الطوارئ    السعودية: ندين محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا.. نرفض كافة أشكال العنف    اختتام الاجتماع الوزاري الثاني لمنتدى الحياد الصفري للمنتجين بمشاركة الدول الست الأعضاء بالرياض    أمير تبوك يرعى حفل جامعة فهد بن سلطان    ولي العهد يصل المنامة لرئاسة وفد المملكة في القمة العربية    أمانة الشرقية تؤكد على المنشآت الغذائية بضرورة منع تحضير الصوصات داخل المنشأة    الكشافة تُدرب منسوبيها من الجوالة على "مهارات المراسم في العلاقات العامة"    جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تحتفي بالفائزين بجائزة "تاج"    الرياض تستضيف النسخة الثالثة من القمة العالمية للذكاء الاصطناعي    أمير القصيم يسلم "بشت" التخرج لأبناء طالب متوفى    نائب أمير الشرقية يستقبل وزير الاقتصاد والتخطيط    «الأرصاد»: رياح شديدة السرعة على عددٍ من محافظات منطقة مكة المكرمة    أمير المدينة يرعى تخريج البرامج الصحية ويترأس اجتماع المحافظين    مدرب الأهلي يخضع فيغا لاختبارات فنية تأهباً ل"أبها"    خارطة طريق سعودية – أمريكية للتعاون بالطاقة النووية    أمطار على أجزاء من 6 مناطق    النفط يرتفع بدعم من قوة الطلب وبيانات التضخم الأمريكية    سمو محافظ الطائف يرعى حفل افتتاح المجمع القرآني التعليمي النسائي    إطلاق جامعة طيبة لمعرض "مكين" الهندسي    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    قمة عادية.. في ظرف استثنائي    برعاية ولي العهد.. انطلاق الملتقى العربي لمكافحة الفساد والتحريات المالية    الأهلي يتحدى الهلال والاتحاد يبحث عن «النصر»    صفُّ الواهمين    «عكاظ» تنشر الترتيبات التنظيمية للهيئة السعودية للمياه    «الصحة» تدعو حجاج الداخل لاستكمال جرعات التطعيمات    «هاتريك» غريزمان تقود أتلتيكو مدريد للفوز على خيتافي في الدوري الإسباني    71 فناناً وفنانة في معرض «كروما» بجدة    حل وسط مع الوزراء !    محاولة يائسة لاغتيال الشخصية السعودية !    السفير الإيراني يزور «الرياض»    تعزيز التعاون العدلي مع فرنسا وأستراليا    باكوبن والدقيل يزفون المهندس محمد    عبدالملك الزهراني ينال البكالوريوس    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    خادم الحرمين الشريفين يصدر عددا من الأوامر الملكية    شتلات شارع الفن    السلطات الفرنسية تطارد «الذبابة»    توثيق من نوع آخر    «حلبة النار»… النزال الأهم في تاريخ الملاكمة    إنتاج الصقور في الحدود الشمالية    "الدرعية" تُعزز شراكاتها الاقتصادية والسياحية    بوتين يصل إلى الصين في زيارة «دولة» تستمر يومين    استمرار الجسر الجوي الإغاثي إلى غزة    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    رعاية ضيوف الرحمن    سقيا الحاج    «الحر» يقتل 150 ألف شخص سنوياً    معرض"سيريدو العقاري"أحدث المشاريع السكنية للمواطنين    « سعود الطبية»: زراعة PEEK لمريض عانى من كسور الجبهة    لقاح جديد ضد حمى الضنك    مختصون يدعون للحدّ من مخاطر المنصّات وتقوية الثقة في النفس.. المقارنة بمشاهيرالتواصل الاجتماعي معركة خاسرة    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج 2374 طالباً وطالبة من «كاساو»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدم الانحياز .. تخلت عن مبدئها في قمة طهران و180 دولة في مهب الريح
نشر في اليوم يوم 06 - 09 - 2012

حركة عدم الانحياز ، واحدة من الحركات التى قفزت الى واجهة السياسة الدولية فى أعقاب سياسة المحاور الدولية التى قسمت العالم الى شرق وغرب قبيل منتصف القرن الماضى كأحد تداعيات الحرب العالمية الثانية وما اعقبها من سياسة الحرب الباردة التى كانت النهج الدائم بين معسكر الشرق بقيادة الاتحاد السوفيتى السابق ودول حلف وارسو من جهة والولايات المتحدة ومعها حلف الناتو على الجانب الغربى من جهة اخرى ، فتخلقت الحركة التى تبنتها حينها 19 دولة عقدت قمة فى مؤتمر باندوج عام 1955 تبنت فيه فكرة من بنات أفكار ثلاثة زعماء هم عبد الناصر فى مصر وتيتيو فى يوغوسلافيا وجواهر لال نهرو فى الهند مضمونها الابتعاد عن سياسة الحرب الباردة ، وبعد خمس سنوات عقد المؤتمر الاول للحركة فى بلجراد حيث زاد عدد الدول المؤسسة الى 29 دولة عام 1961 الى أن وصل بمرور الوقت الى 118 دولة عضوا فيها و18 فريقا مراقبا و10منظمات دولية من بينها الجامعة العربية .
المؤرخون لتلك الحقبة يقولون إن نشأتها لم تتفق فقط وسياسة الانقسام العالمى شرقا وغربا وإن توازيا أيضا مع حركة الشعوب الافريقية والآسيوية وفى امريكيا اللاتينية فى مناهضة الاستعمار والسعى الى الاستقلال وفعليا لعبت الحركة دورا كبيراً حينئذ فى ظهور دول ذات سيادة وتصفية الاستعمار كما يقول الدكتور ابراهيم نوار المستشار السياسى السابق فى الامم المتحدة ، مشيرا إلى أن المخاوف السابقة من انهيار المنظمات كعصبة الامم المتحدة والتحالف والتقسيمات الجديدة جعلت زعماء باندوج يتجهون الى الاقتصار على جعلها مجرد حركة حتى لا تسقط فى براثن البيروقراطية المعهودة فى تلك الحقبة .
السؤال المحير
القطب الناصري الدكتور عاطف النجمى رئيس جمعية الدفاع العربى يؤكد أن تلك الافكار التى تبناها عبد الناصر كانت تعبيرا عن مواكبة التطورات السياسية الناشئة فى العالم فى ذلك الوقت ، وأن تفضيله عدم الانحياز الى أى من الكتلتين جاء نتيجة للدور البارز للمنطقة التى كانت تتحلل من نير الاستعمار . لكن السؤال الذى جعل الكثير من المراقبين فى مصر يتوقفون امام مؤتمر الحركة فى طهران هذه المرة ، وانعكاساته على مبادىء عدم الانحياز العشرة التى تتجلى فى احترام حقوق الإنسان الأساسية، وأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدةو احترام سيادة جميع الدول وسلامة أراضيها.و إقرار مبدأ المساواة بين جميع الأجناس، والمساواة بين جميع الدول، كبيرها وصغيرها.وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى أو التعرض لها.و احترام حق كل دولة في الدفاع عن نفسها، بطريقة فردية أو جماعية، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.وعدم استخدام أحلاف الدفاع الجماعية لتحقيق مصالح خاصة لأيّ من الدول الكبرى مع عدم قيام أي دولة بممارسة ضغوط على دول أخرى. والامتناع عن القيام، أو التهديد بالقيام، بأي عدوان، والامتناع عن استخدام القوة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة. والحل السلمي لجميع الصراعات الدولية، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.و تعزيز المصالح المشتركة والتعاون المتبادل. واحترام العدالة والالتزامات الدولية.
استثمار إيراني
لكن على المستوى السياسى تحول المؤتمر الى محاولة للخروج من سياقات الحلقة التى رسمها الزعماء الثلاثة كما يشير العديد من المراقبين الذين تابعوا المؤتمر الاخير الذى عقد الاسبوع الماضى فى العاصمة الايرانية طهران حيث كانت الفلسفة الايرانية تهدف الى الخروج من العزلة الدولية كما يقول النجمى واستعراض العضلات الدولية من خلال كم الحضور الرئيسيين فيها وعلى رأسهم مصر ، وهو ما اتفق مع نوار الذى اعتبر أن المؤتمر كان تسويقا ايرانيا بأنها دولة غير محاصرة وأن العقوبات الدولية غير مؤثرة فيها وأنها لا تزال لديها القدرة على حشد دولى لابهار غرمائها الدوليين.
وكان السفير عبد الله الاشعل مساعد وزير الخارجية المصرى السابق قد اشار الى أن محاولات حثيثة من الجانب الايرانى الذى دعا عددا من الدبلوماسيين الايرانيين الى حفل عشاء يوم وصول وفد ايرانى رفيع المستوى يقوده نائب الرئيس الايرانى للقاهرة لتسليم الدعوة الى الرئيس المصرى محمد مرسى ، حيث كان مدعوا السفير محمد رفاعة الطهطاوى الذى سبق له العمل كدبلوماسى فى طهران ممثلا لمصر والذى اصبح رئيسا لديوان رئيس الجمهورية ، وحاول مجتبى امانى اقناعه باهمية زيارة الرئيس مرسى لايران وقبول الدعوة وضرورة الانفتاح على طهران فى ظل متغيرات السياسة المصرية الراهنة . غير أن مصدرا مقربا من الدائرة الرئاسية أشار الى أن الرئيس كانت لديه النية من قبل ذلك رغم الضغوط الدولية عليه لكن ياسر علي المتحدث الرسمى قطع الشك باليقين معتبرا أن عودة العلاقات المصرية الايرانية مرهونة بشروط مصرية.
شروط مصرية
الشروط المصرية فسرها السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية السابق للشئون الآسيوية بأنها تتجلى فى ضرورة التخلى الايرانى عن نهج سياسات عديدة ، واعتبر هريدى أن العلاقات قائمة بالفعل بين القاهرة وطهران لكن تفعيلها بالدور الذى تريده ايران بتتويج العلاقات باستعادة العلاقات الدبلوماسية كاملة قد يضير بمصالح مصر حاليا فى ظل الاوضاع الدولية والاقليمية .
لكن السؤال الاهم الذى ينظر اليه الكثيرون فى ظل انحراف السياسة الخاصة بعدم الانحياز فى المؤتمر الاخير وظهور سياسات توجهها أجندات خفية لصالح ايران التى ستديرها على مدار السنوات المقبلة يجعل من عدم الانحياز فائدة وضرورة سياسية ، يقول النجمى بانتهاء زعامات المؤسسين للحركة واهدافها الرئيسية فى التحرر انتهى دورها السابق فى تأثيرها فى مجريات الاحداث العالمية ، ولكن هذا لا يعنى التخلى عنها فاذا نشطت اكثر ستصبح اهميتها ضرورة لكون العالم الان فى احتياج الى الخروج من مأزق القطب الواحد الذى تمثله الولايات المتحدة ، والتى تدور فى فلكها المنظمات الدولية الكبيرة مثل منظمة الامم المتحدة ، وحتى مع ظهور الصين كقطب اقتصادى منافس سيتحول الى محايد فى السياسة الدولية لكن مهيمن على الاقتصاد الدولى وهو ما يعني طرح اعادة هيكلة الحركة لخلق تكتل دولي جديد يواجه القوة الحالية بتحدياتها السياسية والقوة الصاعدة بتحدياتها الاقتصادية وهو ما اتفق معه نوار بإضافته ان الاجندات الخاصة واستغلال المحافل الدولية للترويج لسلع سياسية مرتبطة بأجندات محددة الاهداف يخرج بعدم الانحياز عن الهدف الرئيسى ويحوله الى سياق مختلف ومن الصحيح ان سياسة المحاور الدولية التى اسست عليها الحركة انتهت سواء سياسة الاستعمار ومساندة الشعوب فى تقرير مصيرها كما أن انهيار الاتحاد السوفيتى وغياب سياسة المعسكرات يجعل الحركة بحاجة الى تطوير فى بنيتها لتبنى سياسات جديدة ، لكن الفكرة هل اعضاء الحركة غير منحازين ؟ كما هو اساس التسمية والهدف الذى ظهر يوحي بالعكس فالكل كان منحازا لسياساته الخاصة حتى وإن تم التلاقى فى بعض الاهداف على جدول الاعمال مثل القضية الفلسطينية.
تحديات عديدة
السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية السابق للشئون الاسيوية يقول انه من أشد المؤيدين بالحركة ويتمنى للقيادات التاريخية لها أن تعمل مع اعضاء الحركة على تفعيل دورها ، مضيفاً « فالحركة لم تكن تدعو الى عدم الانحياز بين القطبين الدوليين فقط ، وانما كانت لها مجموعة من المبادىء التى تمثل روح الحركة التى تمثل التعايش السلمى من عدم جواز التهديد باستخدام القوة وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول وهى مبادئ لا تموت ، وحمت النظام الدولى فى ظل الحرب الباردة ، وهى صالحة لليوم فالكل يتوقف على الارادة السياسية للحركة ، ومن الطبيعى انه لا مجال للابقاء على الحياد الايجابى انما دور الحركة فى السياسات الدولية الراهنة مهم تطويره ، خاصة فى ظل التحديات الكثيرة والتى فى مقدمتها العولمة والهيمنة الاقتصادية الدولية للمؤسسات على الاقتصاد الدولى، ومن ثم دول الحركة امامها فرصة وفى نفس الوقت تحديات كثيرة كونها أكبر تجمع بعد الامم المتحدة ، وسبقت ما يطلق عليه الان تحالف الحضارات ،على الرغم من أن الحركة تتناقض فى ظروف نشأتها وعملها وفلسفتها مع الواقع الراهن الذى واكب ظهور وصعود الاسلام السياسى لقمة الحكم فى دولة مؤسسة مثل مصر ، لكن حتى الان بامكان دفع عجلة التقريب بين اقطابها فى ملف مثل الملف السورى الذى تشكلت بصدده لجنة اتصال من الحركة من مصر وايران وفنزويلا .
وحول الموقف السياسى الايرانى من تغيير فلسفة الحركة سياسيا اضاف السفير هريدى « من الضرورى أن نفرق بين الصدفة التى أرادت أن يكون الدور على ايران لترأس الحركة وبين المناخ القائم فى الخلاف بينها وبين الولايات المتحدة واسرائيل ، وما اذا كانت تهدف الى تسييس الحركة لصالح خدمة أجندتها الداخلية فرئيس الحركة له مهام على مدار السنوات الثلاث القادمة سيسأل عنها لكنه فى الوقت ذاته لا يديرها بمفرده فلديها مكتب ادارى فى واشنطن ونائب للرئيس وهيكل كامل ومن ثم فرئيسها سيكون ملزما بالتحرك فى ضوء سياسات عامة وليست خاصة .

10 مبادئ لمؤتمر باندونج رسخت سمعة «عدم الانحياز» عالمياً
ركزت الأهداف الأساسية لدول حركة عدم الانحياز، على تأييد حق تقرير المصير، والاستقلال الوطني، والسيادة، والسلامة الإقليمية للدول؛ ومعارضة الفصل العنصري، وعدم الانتماء للأحلاف العسكرية متعددة الأطراف، وابتعاد دول حركة عدم الانحياز عن التكتلات والصراعات بين الدول الكبرى، والكفاح ضد الاستعمار بكافة أشكاله وصوره، والكفاح ضد الاحتلال، والاستعمار الجديد، والعنصرية، والاحتلال والسيطرة الأجنبية، ونزع السلاح، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والتعايش بين جميع الدول، ورفض استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات الدولية، وتدعيم الأمم المتحدة، وإضفاء الطابع الديمقراطي على العلاقات الدولية، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإعادة هيكلة النظام الاقتصادي العالمي، فضلا عن التعاون الدولي على قدم المساواة. منذ بداية قيام الحركة، بذلت دول عدم الانحياز جهودًا جبارة لضمان حق الشعوب الواقعة تحت الاحتلال والسيطرة الأجنبية، في ممارسة حقها الثابت في تقرير المصير والاستقلال.
وبعد مؤتمر باندونج بستة أعوام تم تأسيس حركة دول عدم الانحياز على أساس جغرافي أكثر اتساعًا، أثناء مؤتمر القمة الأولى الذي عُقد في بلجراد خلال الفترة من 1-6 سبتمبر 1961، وقد حضر المؤتمر 25 دولة هي: أفغانستان والجزائر واليمن وميانمار وكمبوديا وسريلانكا والكونغو وكوبا وقبرص ومصر وإثيوبيا وغانا وغينيا والهند واندونيسيا والعراق ولبنان ومالي والمغرب ونيبال والمملكة العربية السعودية والصومال والسودان وسوريا وتونس ويوغوسلافيا.
وكان مؤسسو الحركة فضلوا إعلانها كحركة وليس كمنظمة، تفاديًا لما تنطوي عليه الأخيرة من آثار بيروقراطية.
المبادئ العشرة لباندونج
1) احترام حقوق الإنسان الأساسية، وأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
2) احترام سيادة جميع الدول وسلامة أراضيها.
3) إقرار مبدأ المساواة بين جميع الأجناس، والمساواة بين جميع الدول، كبيرها وصغيرها.
4) عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى أو التعرض لها.
5) احترام حق كل دولة في الدفاع عن نفسها، بطريقة فردية أو جماعية، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.
6) عدم استخدام أحلاف الدفاع الجماعية لتحقيق مصالح خاصة لأيّ من الدول الكبرى. وعدم قيام أي دولة بممارسة ضغوط على دول أخرى.
7) الامتناع عن القيام، أو التهديد بالقيام، بأي عدوان، والامتناع عن استخدام القوة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة.
8) الحل السلمي لجميع الصراعات الدولية، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.
9) تعزيز المصالح المشتركة والتعاون المتبادل.
10) احترام العدالة والالتزامات الدولية.
دفعة حاسمة
في عام 1960، وفي ضوء النتائج التي تحققت في باندونج، حظي قيام حركة دول عدم الانحياز بدفعة حاسمة أثناء الدورة العادية الخامسة عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي شهدت انضمام 17 دولة إفريقية وآسيوية جديدة. وكان رؤساء بعض الدول أو الحكومات في ذلك الوقت، قد قاموا بدور بارز في تلك العملية، وهم جمال عبدالناصر من مصر، وقوامي نكروما من غانا، وشري جواهرلال نهرو من الهند، وأحمد سوكارنو من أندونيسيا، وجوزيب بروزتيتو من يوغوسلافيا، الذين أصبحوا، فيما بعد، الآباء المؤسسين للحركة، ورموز قادتها. ولكن.. ومع انتهاء السبب الرئيسي لتأسيس الحركة، بانهيار الاتحاد السوفييتي السابق فى عام 1991، وتعدد القوي المؤثرة عالميًا بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين واليابان وغيرهم، ظهرت تساؤلات عديدة حول جدوى وجود تلك الحركة خاصة مع تأثيرها المحدود للغاية فى رسم السياسة الدولية.
يقول الدكتور أحمد فوزى أستاذ القانون الدولى بجامعة بنى سويف. لقد نشأت دول عدم الانحياز فى ظل ظروف دولية معينة مرتبطة بانقسام العالم الى المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي والصراع المتواجد بينهما مما أدى الى وجود مجموعة من الدول ليس لها مصلحة مع أي من القوتين لا تنحاز لأي قطب ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في فترة التسعينات انخفض ضوء هذه الحركة.
وأضاف ان هذه الدول على مستوى السياسة الدولية تمثل رمانة الميزان في الوقت الحالي وخاصة بعدما انضمت لما يسمى بجبهة «الأنتى أمريكان» أو مجموعة الدول المجابهة للولايات الأمريكية وقد نشأت هذه الجبهة نتيجة للسياسات الأمريكية المعادية لدول العالم ومراعاة ما يتفق مع مصالحها فقط فوجود دول عدم الانحياز ضمن هذه الجبهة هو ضرورة لابد منها فهي بذلك حصن أمان للدول الضعيفة وهي كتلة واحدة في الجمعية العامة للأمم المتحدة وتؤثر بشكل قوي في قرارات مجلس الأمن ولها دور فعال على مستوى الاقتصاد الدولي.
ترابط محدود
أما الدكتور صلاح الجندى أستاذ الاقتصاد الدولي بجامعة المنصورة فأكد أن حركة دول عدم الانحياز تمثل ترابطا ما زال يزاول دوره السياسي والاقتصادي ووجوده في الوقت الحالي له أهمية كبيرة تتمثل في الكفاح المستمر ضد الاستعمار الخارجي للدول وفرض السياسات الأجنبية على دول الحركة.. ولابد أن تسود علاقات تعاونية تحقق الافادة لجميع الدول الاعضاء وليس لدولة على حساب أخرى.
لابد أن تتبنى دول عدم الانحياز ارادة سياسية قوية وأن تتكاتف سويا مثلما فعلت دول الاتحاد الأوربي التي استطاعت أن تكون أكبر اقتصاد عالمي بالرغم من عدم اشتراك هذه الدول جميعها في عادات متقاربة ولغة واحدة وأن تستفيد من تجربة دول العالم العربي التي تسعى دائما لتقوية علاقات الترابط بين بعضها البعض الا أن الخلافات الموجودة بينها ما زالت تعكر صفو هذا الترابط.
فرصة قوية
وأكد الدكتور أحمد جودة الخبير السياسي أن دول عدم الانحياز تكونت في ظروف قاسية كان العالم حينها لا يزال متأثرا بنتائج الحرب العالمية الثانية وكان هناك دول تريد أن تنهض بأنفسها دون الدخول في مهاترات أو مناوشات عسكرية أو سياسية مع أي من المعسكرين الغربي والشرقي لذا فكرت هذه الدول بقيادة زعمائها عبدالناصر ونهرو ونكروما في انشاء حركة عدم الانحياز تسعى لاستقلال الدول المحتلة والنهوض باقتصادها لذلك لابد من تفعيل دور هذه الحركة من جديد وخاصة في ظل الربيع العربي وقيام الثورات في عدد من دول منطقة الشرق الأوسط التي تضم معظم دول عدم الانحياز.

حركة عدم الانحياز.. فكرة مثالية تشكو الجمود ولا تواجه الواقع
قمة طهران .. مسار آخر على فشل الفكرة
هل أضحت حركة عدم الانحياز التى عقدت قمتها السادسة عشرة فى العاصمة الإيرانية طهران، قبل أيام ملائمة للواقع السياسى المعاصر الذى يقوم على الأحادية القطبية أم أنه بات من الضرورى إعادة النظر في أهدافها ومبادئها على نحو ينسجم مع التغييرات فى المنظومة العالمية؟
لاشك أن الحركة تعمل منذ مطلع الألفية الجديدة وسط متغيرات دولية جديدة تفرض تحديات كبيرة أمامها خاصة فيما يتعلق بدورها المستقبلي , فأحداث الحادى عشر من سبتمبر 2001 أثرت على مبادئ العلاقات الدولية والقانون الدولى، وصاحب ذلك تغيرات استراتيجية فى سياسات الأمن الدولى وكان نتيجة هذه الاستراتيجيات الجديدة اهتزازا فى أسس العمل متعدد الأطراف مما أدى إلى إعادة نظر الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى فى أولوياتها ومواجهة التحديات الجديدة للحفاظ على السلم والأمن الدوليين.
لا فكر صالح لكل زمان ومكان
وحسب منظور الدكتور فخرى الطهطاوى استاذ العلوم السياسية ومدير مركز إدارة الأزمات بالقاهرة : فإنه لا يوجد فكر صالح لكل زمان ومكان وخاصة فيما يختص بالعلاقات الدولية عامة والتنظيم الدولي بصفة خاصة, ولقد شهدت السياسة الدولية مع بداية النصف الثاني من القرن العشرين ظهور سياسة الحياد وعدم الانحياز التي اعتنقتها مجموعة كبيرة من الدول حديثة العهد بالاستقلال في كل من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ,والتى تعتمد وتقوم على نبذ مبدأ الارتباط بعجلة التكتلات الدولية التي لا تخدم في الأساس إلا مصالح الدول الكبرى لافتا الانتباه الى أن حركة عدم الانحياز، تعتبر واحدة من نتائج الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، ونتيجة مباشرة أكثر للحرب الباردة التي تصاعدت بين المعسكر الغربي (الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو) وبين المعسكر الشرقي (الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو) عقب نهاية الحرب العالمية الثانية وتدمير دول المحور، وكان هدف الحركة هو الابتعاد عن سياسات الحرب الباردة.
29 دولة
وقد تأسست الحركة - كما يضيف - من 29 دولة، وهي الدول التي حضرت مؤتمر باندونج 1955، والذي يعتبر أول تجمع منظم لدول الحركة . وهي من بنات أفكار رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو والرئيس المصري جمال عبدالناصر والرئيس اليوغوسلافي تيتو وانعقد المؤتمر الأول لها في بلجراد عام 1961، وحضره ممثلو 25 دولة، ثم توالى عقد المؤتمرات. ووصل عدد الأعضاء في الحركة الآن إلى أكثر من 120 دولة، وفريق رقابة مكون من 17 دولة و7 منظمات ويشير الدكتور الطهطاوى الى أن أصوات الكثير من المتخصصين ترتفع اليوم وتطالب بتفعيل دور الحركة في تحقيق السلم والتحرر والتنمية وغيرها من الأهداف التي رسمها لها الآباء المؤسسون في مؤتمرها التأسيسي العام 1961م خاصة في ظل رؤية بعض المتابعين لحركة عدم الانحياز، بأنها باتت غير ملائمة للواقع السياسى المعاصر الذى تغيرت كثيرا معطياته عن الوقت الذي تأسست فيه الحركة للدرجة التي أصبح من الضرورى إعادة النظر فيها وتغيير أهدافها ومبادئها العشرة على نحو ينسجم مع التغييرات فى المنظومة العالمية معبرا عن قناعته بأنه من المفيد الوعي بأن أية محاولة لإعادة تفعيلها سوف تصطدم بصعوبات جمة، فالحركة نشأت خلال أوضاع دولية محددة، وهذه الأوضاع تغيرت بصورة ملموسة، ما يقضي بالقيام بمراجعة جدية لأهداف الحركة ولدورها على النطاق الدولي. وكان من المفروض أن تكون هذه المراجعة هدفاً رئيساً للقمم التي انعقدت بعد نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفييتي وتفكك يوغوسلافيا التي كانت واحدة من أبرز الدول المؤسسة للحركة، إلا أن المؤتمرات التي انعقدت في السابق لم تقم بهذه المهمة على الوجه المطلوب.
ويضيف: إن الكلمة السحرية للعديد من التحديات والمشاكل السياسية والاقتصادية في عالم اليوم تكمن في إصلاح حقيقي وجوهري للنظام الدولي بشرط أن يستوعب معطيات الواقع الدولي الجديد ولا يعيد أخطاء ممارسات الماضي وذلك بتحقيق العدالة الدولية خاصة في القرار الدولي، مشيرا الى أن هذه الإشكاليات والتحديات لا توازي التحدي الأكبر الذي واجهته حركة عدم الانحياز يوم وقعت الحرب بين الصين والهند، البلدين اللذين أسهما في تأسيس الحركة . فقد لزم أكثر أعضاء الحركة الصمت، وكسرت ست دول بمبادرة مصرية هذا الصمت لكي تدعو إلى انسحاب الصين غير المشروط من الأراضي الهندية. ولكن هذا الموقف لم يلزم الحركة بشيء ولا أثر تأثيراً مباشراً في سير القتال. وكان هذا أول امتحان قاس للحركة ما لبث أن حدد لها سقفاً لم تتمكن من اختراقه في تحركها على الصعيد الدولي وهو ما يدل على ضرورة وأهمية الإدراك الواقعي للنظام الدولي ومراجعة المبادئ والأسس التي قامت عليها حركة عدم الانحياز على ضوء المتغيرات التي طرأت على العالم اليوم.
ووفقا للدكتور الطهطاوى فإنه من الضرورى الاستنتاج بأن الهدف الرئيس لمثل هذه الحركة اليوم، هو إصلاح النظام الدولي، فحبذا لو يركز زعماء الحركة اليوم على هذا الهدف، وأن يعملوا على تحقيقه عبر تطوير آليات حركة عدم الانحياز وعبر الأطر المشروعة للنظام الدولي باستحداث آليات جديدة خاصة لفض المنازعات وإنشاء قوة تدخل سريع في الأزمات علاوة علي الضغط المتواصل من أجل إصلاح الأمم المتحدة وخاصة مجلس الأمن الدولي خاصة أنه من بين أهم أهدافها الإسهام في تحقيق السلم والتحرر والتنمية.
ويختتم محدثنا كلامه بالقول: على الرغم من الانتقادات الكثيرة التي توجه إلى حركة عدم الانحياز التي نشأت في مطلع الستينات، فإن سجلها لا يخلو من الإنجازات، خاصة على صعيد التحرر . وكما يقول مايكل يهودا الأستاذ في كلية لندن للاقتصاد في كتابه “السياسة الدولية في آسيا - المحيط الهادئ”، فقد أسهمت الحركة في تحويل العالم الثالث من مجال الصراعات القوى الكبرى الجيوسياسية، إلى مجموعة من الدول المستقلة التي اجتهدت في بلورة مفهومها الخاص للعلاقات الدولية . كذلك أسهمت هذه الحركة، وفي إطار هذا المفهوم، في دعم نضالات إفريقيا ضد الأبارتايد والعالم ضد الأنظمة الاستبدادية، وفي إطلاق عدد من الصيغ والمشاريع التي غذت النضال الفكري والإنساني مثل الدعوة إلى إقامة أنظمة جديدة عالمية في مجالات الاقتصاد والإعلام ، ولكنها وعلى المستوي العربي تبقى القضية الفلسطينية عصية على التنظيم الدولي بما فيه حركة عدم الإنحياز.
تقييم الحركة
وعن تقييمه لأداء الحركة ولاسيما في السنوات الأخيرة وعما اذا كانت قد نجحت في الدفاع عن قضايا العالم الثالث.. وما اذا كانت تمتلك الإمكانية لأن تشكل أساسًا لنظام دولي جديد يتجاوز هيمنة دول معينة، يقول الدكتور السفير عمر الحسن رئيس مجلس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية فى حديثه ل «اليوم» أنه رغم التحديات التي واجهت حركة عدم الانحياز على مدار سنوات وجودها والتي تتجاوز النصف قرن (وهذه التحديات تم وضع سؤال مقترح لها)، إنه مقتنع تماماً بقدرة الحركة على أن تكون الأساس لنظام دولي جديد يتوقف على توافق دول الحركة وتوافر الإرادة السياسية الجماعية والآليات اللازمة والتي تساعدها على القيام بدور مؤثر وأكثر فاعلية في النظام الدولي فبدون ذلك سيستمر الوضع الذي ساد خلال العقود الخمسة الماضية وستستمر هيمنة القوى الكبرى على ذلك النظام.
آليات التفعيل
ولكن ما هي الآليات المطلوبة لتفعيلها بحيث تكون حركة قادرة على أن تكون مظلة للتعاون بين الدول النامية أو ما يسمى دول الجنوب؟
يجيب: يعد إنشاء جهاز دائم أو أمانة عامة أو ما شابه ذلك أمرًا ضروريًا وحيويًا لإمكان الحفاظ على مسيرة حركة عدم الانحياز؛ بحيث يكون لهذا الجهاز دوره في التنسيق لكافة الأنشطة المشتركة لأعضاء الحركة، خاصة في الفترات بين انعقاد مؤتمر القمة.
كما أن هناك حاجة لإيجاد آلية ثابتة ومحددة لتسوية الصراعات واحتوائها بين دول حركة عدم الانحياز، لاسيما وأن عدم وجود هذه الآلية كان من عوامل زيادة حدة المشاكل. رغم ظهور توجهات مطالبة بتكوين نخبة لتسوية نزاعات الحدود القائمة بين الدول الأعضاء غير أن العديد من دول الحركة عارضت ذلك لعدم موافقتها على أي شكل من أشكال تسوية المنازعات. متمسكين بحقوق السيادة التي تحقق لهم اختيار وسائل تسوية صراعاتهم مع الدول. رافضين بذلك أي إجراءات إجبارية يمكن أن تفرض عليهم.
وأيضًا ثمة حاجة إلى إيجاد آلية فاعلة لإدارة الحوار بين الجنوب والشمال فيما يخص مطالب الجنوب لتطوير النظام الاقتصادي العالمي حتى يكون أكثر عدلاً وحتى يراعي مصالح هذه الدول وتحقيق طموحاتها في تحقيق التنمية الاقتصادية.
ويضيف: إذا كانت مبادئ حركة عدم الانحياز العشرة صالحة لكل زمان ومكان، فإنه مع تزايد عضوية الحركة وضح أهمية التطوير في إطارها التنظيمي حتى تحقق الفاعلية، كما يجب أن يعاد النظر في تكوين الحركة وتحديد الخطوط الرئيسية لأهدافها في ضوء الظروف والمتغيرات الدولية الجديدة وكذلك إعادة تحديد وتوصيف مبادئ عدم الانحياز، كما يجب احتواء المنازعات الداخلية، وإذا كانت الحركة قد قامت أساسًا على فكرة أو عقيدة معينة قبلت من كافة الدول طواعية وبغض النظر عن الاختلافات القائمة بينها، فإن حركة عدم الانحياز في وصفها الحالي مطالبة بالالتزام بهذه القواعد الأساسية وذلك بغرض عدم التدخل في سياسات أعضاء الحركة ما دام هم ملتزمين بصفة عامة بمبادئ عدم الانحياز .
ونظرًا لأن مكتب تنسيق حركة عدم الانحياز ليس هو الجهاز الفعال الذي من خلاله تستطيع الحركة إصدار أحكامها وقراراتها في شأن الدول الأعضاء، لذا يلزم تشكيل الجهاز المناسب الذي يعمل على دعم سياسة عدم الانحياز بطريقة واعية وبأسلوب ديمقراطي.
* هل تعتقد أن غياب القادة التاريخيين الذين أسسوا الحركة وأطلقوها في خمسينيات وستينيات القرن الماضي أثر على فاعليتها؟
لقد كان لوجود القادة التاريخيين وفي مقدمتهم «نهرو» و»جمال عبدالناصر» و»تيتو» دور بارز في تكوين الحركة فمن خلال فكرة الحياد الإيجابي وعدم الانحياز جرت مواجهة المعسكرين الغربي والشرقي، واستطاع الزعماء الثلاثة أن يحققوا توازنًا مقبولاً مما سمح لهذه الدول باتباع سياسة مستقلة بمواجهة القوى العظمى وأن يدافعوا عن حق دول عدم الانحياز وكذلك الدفاع عن حق الشعوب الصغيرة التي طالبت بتقرير مصيرها في الأمم المتحدة، كذلك جرت مساعدتهم اقتصاديًا وعسكريًا، كما كان لوجود الزعماء التاريخيين أثره الواضح في تجميد ووقف الصراعات المحلية، ما منح حركة عدم الانحياز قوة خلال الفترة ما بين نشأتها وحتى عام 1973، لكن يجب الاعتراف بأن القوة بدأت تتلاشى بسبب غياب الزعماء المؤسسين للحركة، كذلك كان الترهل الكمي في عدد دول عدم الانحياز والذين كان معظمهم منحازًا أدى في النهاية إلى انكشاف التركيبة الهشة للحركة، ولاسيما بعد انعقاد قمة دول عدم الانحياز في هافانا 1979وغياب «تيتو» من الساحة بوفاته في 5/5/1980.
منطق القوة الواحدة
وعما إذا كان يرى أن منطق القوة الواحدة السائدة الآن والمتمثلة في الولايات المتحدة قابل للاستمرار أم أن النظام الدولي الجديد في حاجة إلى بعث قوى جديدة يعلق الدكتور عمر الحسن بقوله : لقد برزت الولايات المتحدة وكما سبقت الإشارة كقطب أوحد مسيطر في العالم بعد انتهاء الحرب الباردة بسقوط الاتحاد السوفيتي وانهيار المعسكر الاشتراكي (الشرقي) وساعدها على الانفراد بقيادة النظام العالمي ما تتمتع به من نفوذ سياسي وما تحظى به من قوة اقتصادية وعسكرية غير مسبوقة في التاريخ.
ورغم تورطها في أعقاب هجمات 11 سبتمبر في حروب شملت أفغانستان والعراق في إطار ما يسمى بالحرب على الإرهاب وما ترتب على ذلك من خسائر وصلت إلى 4 تريليونات منذ بدء هذه الحرب عام 2001 بما تعنيه من خلق مشاكل اقتصادية كان من إفرازاتها الأزمة المالية عام 2008 فإن الولايات المتحدة تظل مع ذلك هي صاحبة الاقتصاد الأقوى بناتج قومي إجمالي يتجاوز ال15 تريليون دولار، فضلاً عما تمتلكه من قوة عسكرية لا نظير لها، مما يجعلها مؤهلة للاستمرار بقيادة العالم في المستقبل المنظور.
ومع ذلك، يمكن القول في ظل معطيات الواقع أن قبضة الولايات المتحدة على العالم آخذة في الضعف ولاسيما مع بروز منافسين لها على قيادة العالم وفي مقدمة هؤلاء الصين التي أصبحت صاحبة ثاني أقوى اقتصاد في العالم بإجمالي ناتج قومي يتجاوز ال 11 تريليون دولار، فضلاً عما تحظى به من قوة عسكرية تقليدية ونووية يؤهلها للبروز كقطب منافس لأمريكا بحلول عام 2015 بحسب البعض و2020 بحسب البعض الآخر، وأيضًا فإن الاتحاد الأوروبي في مسعاه لاكتساب نفوذ سياسي إلى جانب ما يحظى به من قوة اقتصادية مؤهل لمنافسة الولايات المتحدة كقطب جديد على قيادة العالم، وكذلك روسيا تسعى هي الأخرى إلى استعادة المكانة التي فقدتها بانهيار الاتحاد السوفيتي، إضافة إلى وجود دول أخرى مرشحة لدخول حلبة المنافسة مثل الهند والبرازيل، وهي ما يعني أن العالم مقبل في المستقبل على مرحلة تعددية قطبية.. وهو بلا شك أمر قد يكون في صالح أمن واستقرار العالم.
وأخيرا سألته: كيف يمكن لحركة عدم الانحياز أن تساهم في دعم القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وثورات الربيع العربي؟
فيجيب: إن عالمية حركة عدم الانحياز (حيث تضم 120 دولة أي ثلتي عدد أعضاء الأمم المتحدة إلا قليلاً) بما يعني أنها تمثل أكبر تكتل داخل منظمة الأمم المتحدة يجعل منها قوة تصويتية كبيرة داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة يعني أن هذه الحركة يمكن أن يكون لها دور كبير في خدمة القضايا العربية، وأيضًا في دعم حركة التغيير الديمقراطي التي تشهدها المنطقة العربية في ظل ثورات الربيع العربي.
وعلى صعيد القضايا العربية سبقت الإشارة إلى الدور الذي قامت وتقوم به الحركة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وتأييدها الحقوق التاريخية الثابتة للشعب الفلسطيني، ولاسيما حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وموقفها المدين للانتهاكات الإسرائيلية بحق هذا الشعب، وكان آخر موقف لها بهذا الصدد موقفها المدين لسياسة الاعتقال الإسرائيلي وللأوضاع المزرية للسجناء الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
أيضًا فيما يخص الأزمة السورية باعتبارها من إفرازات الربيع العربي فقد أيدت الحركة جهود حل الأزمة سلميًا ودون تدخل عسكري مبدية ترحيبها بالمبادرة الرباعية المصرية لحل الأزمة السورية (والتي تضم مصر والسعودية وإيران وتركيا) وكذلك دعمها لمهمة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الجديد «الأخضر الإبراهيمي».
ولأن القضية الفلسطينية قضية عربية مركزية وتتداول في أروقة الأمم المتحدة منذ أربعينيات القرن الماضي وأجهضت في مرات عديدة محاولات التعامل معها بفعل الفيتو الأمريكي.
ولأن الأزمة السورية كأزمة مستحدثة بدورها تعثرت جهود التصدي لها هي الأخرى في مجلس الأمن بفعل الفيتو الروسي والصيني فمن الممكن أن تقود حركة عدم الانحياز بما تتمتع به من قوة تصويتية في الجمعية العامة للأمم المتحدة التصدي للقضية الفلسطينية والأزمة السورية باعتبارهما تشكلان حاليًا تهديدًا للسلام أو خرقًا للسلام أو عملاً عدوانيًا من خلال صيغة الاتحاد من أجل السلم، وذلك لمواجهة حالة الشلل التي يواجهها مجلس الأمن في التصدي لها نتيجة لاستخدام إحدى الدول الدائمة العضوية لحق الفيتو، وبما يؤهلها لإصدار توصيات الدول الأعضاء لاتخاذ تدابير جماعية لصون السلم والأمن أو استعادتهما.

سياسة عدم الانحياز في كتاب
في كتابه «سياسة عدم الإنحياز وآفاق تطورها» يعرض الكاتب العراقي شريف جويد علوان، الظروف التي أدت إلى ظهور حركة عدم الإنحياز التي تتمثل في الحرب الباردة ولجوء المعسكرين الأمريكي والسوفيتي إلى التعايش السلمي والانفراج الدولي، بالإضافة إلى تفكك النظام الاستعماري القديم وخروج معظم الدول من تحت سيطرة الهيمنة الأجنبية، ويقول الكاتب : إن سياسة عدم الإنحياز بدأت رسميا مناقشات باندونج واستمرت كسياسة منشودة من قبل بلدان العالم الثالث، وقد شهدت تطورا ملموسا بازدياد عدد البلدان المنضمة إليها سنة بعد أخرى.
سياسة عدم الانحياز وفلسطين
في فصل آخر من الكتاب يعرض الكاتب الدور الذي لعبته سياسة عدم الإنحياز في دعم القضية الفلسطينية، حيث تناولت القرارات الصادرة عن مؤتمري القمة الأول والثاني لحركة عدم الإنحياز القضية الفلسطينية ضمن القرارات التي تعالج الوضع في الشرق الأوسط، إضافة إلى التأكيد على القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بخصوص تسوية قضية اللاجئين وضمان عودتهم.
وكان المشاركون في الاجتماع الخاص بعدم الإنحياز قد أكدوا على عدم جواز اكتساب أراض عن طريق الحرب، وطالبوا بانسحاب القوات الأجنبية من جميع الأراضي المحتلة منذ 5 يوينو.
التحديات التي تعوق الحركة
وفي جانب آخر من الكتاب يعرض المؤلف التحديات العديدة التي تسهم في التقليل من فاعلية الحركة على الصعيد الدولي، وتأكيده على ضرورة تخطي هذه التحديات من أجل تطور الحركة.
وقسم هذه التحديات إلى ثلاثة هي: التحدي الاقتصادي الذي يفرض ضرورة القضاء على التخلف الذي تعاني منه بلدان العالم الثالث، والتحدي الثاني سياسي وهو الذي يعني البحث عن النموذج الأمثل في بناء النظام السياسي، بعد أن فشلت النماذج السياسية التي استوحتها هذه البلدان من تجارب مطبقة في الخارج، وتجارب بلدان العالم الثالث في هذا المجال كثيرة وقاسية، وجوهر المشكلة هو البحث عن النموذج الأفضل في البناء السياسي للنظام الاجتماعي في اختيار ما يتلاءم مع التجارب العالمية مع التراكيب الخاصة للبلدان النامية، وبهذا تكون هذه البلدان قد ضمنت الانفتاح على التجارب العالمية مع التراكيب الخاصة للبلدان النامية، والتحدي الثالث هو الثقافي، الذي يعد من أخطر أنواع التحديات وأكثرها شمولا وتأثيرا في مسارات التطور الاجتماعي اللاحقة، فعمليات التسميم الفكري والثقافي الذي تتعرض له الدول النامية يمثل البداية المتقدمة لانحراف هذه الدول نحو تكريس المفاهيم والتقاليد الأجنبية التي تنسف التقاليد والقيم الحضارية والقومية لها، ويؤكد الكاتب أن مجابهة التحديات الثقافية والاقتصادية والسياسية التي تواجهها سياسة عدم الانحياز كفيل بتعزيز حركة بلدان هذه الحركة في المجتمع الدولي وترسيخ أسس هذه الحركة بما يخدم أهدافها في التحرر والاستقلال والتقدم لصالح الشعوب النامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.