شكلت قمة دول عدم الانحياز التي عقدت في العاصمة الإيرانيةطهران محطة هامة في تاريخ هذه المنظمة الدولية العالمية الجامعية. فحركة عدم الانحياز التي كانت وليدة تداعيات الحرب العالمية الثانية، ونتيجة مباشرة للحرب الباردة التي تصاعدت بين المعسكرين الغربي المتمثل في الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلف الناتو، وبين المعسكر الشرقي المتمثل في الاتحاد السوفياتي وحلف وارسو حال نهاية الحرب العالمية، وتدمير دول المحور. وكان هدف الحركة الرئيسي الابتعاد عن سياسات الحرب الباردة، ونزع السلاح، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والتعايش بينها، ورفض استخدام القوة أوالتهديد بها في العلاقات الدولية وتدعيم الأممالمتحدة. هذه الحركة التي لم تعرف قراراتها الوضوح، ولا آليات تنفيذية واضحة تحاول إيران اليوم انتهاز لحظة عدم التوازن العالمي لإدخال تعديلات بنيوية وجوهرية على مسارها يخرجها من عدم الانحياز إلى الانحياز المطلق منقلبة على كل المبادىء الأخلاقية التي قامت على أساسها ومن أجلها. إيران لم تحد يوما عن إقحام سياستها في دوامات المحاور، وتقاطعات السياسات العالمية. هذه الدولة تريد من العالم اليوم أن ينحاز لها غير آبهة بمستقبله، وهي التي تعادي العرب، وتحمل راية الطائفية، وتضع نفسها في خدمة المشاريع الخارجية تماما كما فعلت في أفغانستان، والعراق، وتفعل اليوم في سورية. إيران عليها أن تعرف الفرق بين عدم الانحياز والانحياز. والدول الحاضرة في طهران تعرف تماما أن إيران الطموح ستكون من خامة الدول التي هرب منها «عدم الانحيازيين» الحالمين بعالم تتواصل حضاراته.