يستشف من كلمة معالي وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية أثناء انعقاد الاجتماع الوزاري لمنتدى الطاقة الدولي الخامس عشر في الجزائر أمس أن المملكة مازالت محتفظة بسياستها التوازنية فيما يتعلق بانتاج النفط حفاظا على الأسعار وتجنيب الأسواق الدولية مغبة الدخول في تذبذب غير مفيد بالنسبة للمنتجين من داخل منظمة الأوبك أو خارجها، وهي سياسة أدت بالفعل الى الوصول الى أقصى مستويات الاستقرار في الأسواق العالمية. ولا شك في أن العالم - كما أكد معالي الوزير- سيدفع ثمنا باهظا للغاية ان تم انتاج النفط بمستويات أدنى من المطلوب، فخفض الانتاج لابد أن يتوافق مع استقرار الأسواق ولا يضر بكافة الدول الأعضاء في المنظمة، ولا يضر بالتوازن المنشود داخل تلك الأسواق، فالتفاؤل في أسواق النفط العالمية مرهون بالتزام كافة الأعضاء من داخل المنظمة وخارجها بعدم اغراق الأسواق بالنفظ أو خفضه بطريقة تبتعد عن نظرية التوازن الواجب توافرها في الأسواق الدولية. التخطيط لمستويات انتاج أدنى من المطلوب سوف يؤدي الى إلحاق الضرر بكافة المنتجين للنفط، وهو تخطيط غير حكيم ولا يتوافق مع متطلبات أسواق النفط في العالم، وبالتالي فإن تلك الأسواق سوف تشهد مصيرا مظلما في حالة المبالغة في الاستثمارات والانتاج دون تخطيط سليم ومتوازن. وإزاء ذلك فإن المملكة كانت ومازالت تركز في كل الاجتماعات ذات العلاقة بالبحث في مسائل أسعار النفط على أهمية التعاون المنشود بين كافة الدول المنتجة للنفط من داخل منظمة أوبك ومن خارجها للتمكن من رسم مستقبل بعيد المدى للطاقة المستدامة، وهو تركيز مازال يحظى بإعجاب دول المنظمة وتثمينها، فهو السبيل الأمثل للوصول الى تنشيف الأسواق وعدم إغراقها بالنفط تفاديا لتذبذب أسعار سوف يضر بمصالح كافة الدول. والمملكة ماضية قدما لرفع كفاءة الاستهلاك والاهتمام بمصادر الطاقة المتجددة كما جاء في تضاعيف رؤيتها الاقتصادية الطموح 2030، وقد حرصت دائما على التعامل مع الحقائق ومناقشتها بطريقة عقلانية وشفافة، وعدم اللجوء الى قرارات متسرعة بشأن خفض أو رفع الانتاج النفطي، فالركون الى مبدأ التوازن هو الطريق الأمثل والأفضل للوصول الى الاستقرار النفطي في الأسواق الدولية. التفاؤل بأوضاع سوق النفط الحالية هو ما تنشده المملكة، ولابد لتحقيقه على أرض الواقع من العودة الى مبدأ التوازن في الانتاج بشكل يبعد الأسواق النفطية عن الاضطراب وعدم الاستقرار، ووفقا لأبعاد التفاؤل المنشود فإن اقتصاد المملكة سيغدو أكثر قوة وشموخا وتنافسية على الصعيد العالمي خلال مستقبل قريب منظور استنادا الى الرؤية الاقتصادية الطموح التي بدأت المملكة في ترجمتها وتحقيقها منذ زمن. وتلك الرؤية التي تسعى المملكة لاستكمالها تركز أساسا على الاصلاحات الاقتصادية الشاملة، كما تركز أيضا على تنويع مصادر الاقتصاد الوطني، ومن شأن هذه الرؤية أن تنقل المملكة نقلة نوعية تضعها في مكانها اللائق والمرموق بين دول العالم المتقدمة، وهو طموح يجري تفعيله بواقعية وحكمة مستمدة من توجيهات القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين، وهي توجيهات لها أهميتها في النهوض باقتصاد المملكة وتنويع مصادره. دأبت المملكة في سائر اجتماعات منظمة أوبك على شرح سياستها النفطية لسائر الأعضاء والمتمحورة في أهمية الحفاظ على التوازن في عمليات انتاج النفط بطرق عادلة ومنطقية تجنب الأسواق الدولية مغبة الدخول في دائرة تذبذب الأسعار وعدم استقرارها بما يؤثر على كافة دول العالم المستفيدة من النفط، فالعودة الى التوازن داخل المنظمة فيما له علاقة بالانتاج هو السبيل الأمثل للوصول الى الاستقرار المنشود في الأسواق العالمية.