قالت الكاتبة حليمة مظفر إن صفة الحياء تُمارسها المنابر الدينية والمدارس على مستوى نظري، فإنها لا تنزل بها منزلة التطبيق المؤثر،وتسائلت لماذا ارتبط الحياء كثيرا في ثقافتنا بالمرأة دون الرجل؟! حيث يحاول المجتمع أن يجرد الرجال منها لاعتبارها عيبا فيهم، من منطق التشبه بالنساء. وأضافت في مقالتها صحيفة “الوطن” أننا مذ كنا صغارا وحتى الآن، نسمع ب”الحياء شعبة من شعب الإيمان”، لماذا باتت حدود الحياء في عقول الكثيرين وتصرفاتهم ضيقة، وأكثرهم بات لا يشعر به؟ تجدهم يُطالبون المرأة بأن تستحي لدرجة إلغاء صوتها في المطالبة بحقوقها، وإلا فهي لا تستحي إذا ما أعلنت عمّا أبيح لها؟! وقالت : هؤلاء ينسون سريعا سورة “المجادلة” التي يقرؤونها في القرآن الكريم، وينسون المرأة التي قالت للفاروق “أخطأت”! هؤلاء ينسون أن على الرجال أن يستحوا ويشعروا بالحياء الذي يمنعهم من التحرش بالنساء ومعاكستهن كما يُطالبون المرأة بأن تستحي في ملبسها ومشيتها وحجابها! هؤلاء يتناسون أن على الرجال أن يستحوا حين يغتصبون حقوق مطلقات في حضانة أطفالهن أو حين يضربون النساء أو يعضلوهن أو يغتصبون أموالهن أو حقوقهن في علاج أو تعليم أوعمل! أو حين يجعلون من فقيرات معلقات لأنهن لا يملكن مهرا يرجعنه! هؤلاء يتناسون أن على الرجال أن يستحوا إذا ما اغتصبوا حقوق غيرهم من المستضعفين كما يُطالبون المرأة أن تستحي إذا ما طالبت بحقوقها أمام الأقوياء. استطرد إن الموقف الذي تشمئز منه حين ترى امرأة غاضبة في مكان عام تتلفظ ببذاءة، وينتقص من أنوثتها هو الموقف الذي يجبرك الحياء أن تتخذه حين تسمع رجلا يفعل فعلها وينقصه! إنه الحياء، يجعل ما تمارسه مع أسرتك فتربط لسانك في البيت فلا يسمع أطفالك كلمات نابية منك؛ هو نفسه الذي يجبرك وأنت في الشارع ألا تؤذي آذان النساء والأطفال. واختتمت مظفر إن الحياء الذي تُمارسه بين زملائك وأصدقائك هو ما يفترض أن تتمثله وأنت تكتب خلف اسم مستعار في مواقع التواصل الاجتماعية، إنه الحياء الذي يجعلك تستحي أن تسمع في عرضك ما يخدشه؛ فيُجبرك على احترام أعراض الآخرين وتستحي من قذفهم ب”عاهرة”! كاتبا كنتَ أو واعظا أو مغردا أو أي شيء، فمن لا يستحي من الخلق، فهو حتما لا يستحي من الخالق، وكما أن الحياء للمرأة دليل نضج أنوثتها؛ فهو دليل تمام الرجولة للرجل.. فاستحوا! .
