دخل فتى صغير إلى محل تسوق، وجذب صندوقاً إلى أسفل كابينة الهاتف، وقف الفتى فوق الصندوق ليصل إلى أزرار الهاتف، وبدأ باتصال هاتفي، انتبه صاحب المحل إلى الموقف، وبدأ بالاستماع إلى المحادثة التي يجريها الفتى. قال الفتى: سيدي، أيمكنني العمل لديك في تهذيب عشب حديقتك؟ أجابه السيد: شكراً فلدي مَنْ يقوم بهذا العمل. قال الفتى: سأقوم بالعمل بنصف الأجرة التي يأخذها هذا الشخص. أجاب السيد: أنا راضٍ بعمل ذاك الشخص ولا أريد استبداله. ثم أصبح الفتى أكثر إلحاحاً، وقال: سأنظِّف أيضاً ممر المشاة، والرصيف أمام منزلك، وستكون حديقتك أجمل حديقة في المدينة. ومرةً أخرى أجابه السيد بالنفي، فتبسَّم الفتى، وأقفل الهاتف. هنا تقدم صاحب المحل، الذي كان يستمع إلى المحادثة، من الفتى فقال له: لقد أعجبتني همتك العالية، وأحترم هذه المعنويات الإيجابية فيك، وأعرض عليك فرصةً للعمل لدي في المحل، فأجابه الفتى الصغير: لا أرغب، وشكراً لعرضك، أنا كنت فقط أتأكد من أدائي للعمل الذي أقوم به حالياً، فأنا أعمل لدى هذا السيد الذي كنت أتحدث إليه. هنا انتهت قصة الفتى، وهي تحمل رسالة قيِّمة ومعبِّرة، إن تأملها الجميع في هذه البلاد بدءاً من الموظفين العاديين حتى نصل إلى كبار الوزراء، وعملنا بما فيها من قيم وعبر لأصبحت بلادنا الغالية في مصاف دول العالم المتقدمة، فالدول التي سبقتنا لم تتقدم علينا إلا بإخلاصها في العمل والتفاني فيه! نحن بفضل من الله نمتلك عناصر مؤهلة، وكذلك إمكانات كبيرة تتمتع بها بلادنا، وتُميِّزنا عن تلك الدول، ويمكنها أن تجعلنا نتقدم عليها بكل بساطة إن اجتهدنا فعلاً، وأخلصنا في عملنا، واستخلصنا ما في تلك القصة من عبر وقيم من خلال تقييم كل شخص نفسه بنفسه ليتأكد بأن أداءه في عمله هو كما يجب عليه أن يكون بإخلاصٍ وإتقانٍ وتفانٍ. إعادة الحسابات بجدية، والاستمرار في تقييم الذات بين الحين والآخر بكل شفافية وصدق، هما ما سيجعلنا نتقدم ببلادنا نحو الصدارة العالمية.