يحكى أن هناك صبيًا صغيرًا كان يعمل لدى سيدة عجوز، حيث يقوم بجز الحشائش وينظف باحة البيت وينسق النباتات.. وذات يوم ذهب إلى محل البقالة وطلب من صاحبها استخدام الهاتف، واتصل على السيدة وأخذ يقنعها بالموافقة له بالعمل لديها، وأنه سيقوم بكل ما تريد من تنظيف الباحة وجز الحشائش وغيرها من الأعمال.. لكنها رفضت عرضه وقالت: «هناك من يقوم بهذا العمل لي وأنا راضية عنه».. فعرض عليها الطفل بأن يعمل بنصف الراتب الذي يتقاضاه الآخر لكنها رفضت أيضًا.. بعد أن أغلق الهاتف ناداه البقال وعرض عليه العمل عنده لما رأى منه من حماس ورغبة في العمل من خلال إقناعه لتلك السيدة.. لكن الطفل رفض العرض وقال له: «أنا أعمل لدى تلك السيدة وأرادت أن أتأكد من رضاها عن عملي لأحسن منه!!» كم هو جميل أن نراجع أعمالنا ونتأكد منها ومن جودتها بين الحين والآخر فليس العيب أن نخطئ أو نفتر أو نقصر ولكن العيب أن نستمر بهذا القصور دون العمل على تحسينه وتطويره.. فالإنسان بطبعه يحب أن يكون الأفضل والأجمل والأجود وكل ما هو على وزن أفعل الايجابية منها طبعًا، ولعل ذلك لا يتأتى إلا بمراجعة دائمة وتطوير مستمر لنتقدم في أعمالنا ونُجود إنتاجنا ونحقق الرضا عن أنفسنا، ونرضي الآخرين بجودة أدائنا واتقان أعمالنا، وقبل هذا وذاك نعمل ليرضى الله عنا ويجازينا بالإحسان إحسانًا.. فلقد جاء في صحيح مسلم، قوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه» ومن إتقان العمل إتمامه.. فهل نكون كصبي الحديقة ونتأكد بين الحين والآخر من جودة ما نقوم به من أعمال، ونسأل عن مدى رضا الآخرين عن جودة أدائنا، ونتقبل النقد والتقييم بشكل موضوعي خالي من العصبية للذات.. [email protected]