أدخل فيلم “حكايات تونسية” ضمن خطوطه الدرامية حياة محمد البوعزيزي الذي دفع فجر باحراقه جسده فتيل الثورة التونسية، وأتى ذلك في خط منفرد وخارج عن سياق شريط يصور حياة الأغنياء. وهذا الفيلم يمثل تونس في المسابقة الرسمية لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية التي انطلقت فعالياتها الثلاثاء الماضي. تم تصوير هذا الفيلم بحسب ما أوضحت مخرجته ندى مازني حفيظ “في عام 2010، ومنع من العرض طوال العام الماضي. وفي مطلع العام الجاري، سمح بعرضه تجارياً في تونس، واستطاع أن يبقى في دور السينما التونسية لمدة خمسة أسابيع، في سابقة هي الأولى من نوعها بالنسبة إلى الأفلام التونسية”. وأدخل شخصية تمثل البوعزيزي في مشهد ابتدائي يعمل فيه كسائق سيارة أجرة يقوم بتوصيل أحد أبطال الفيلم الذي فقد زوجته فعاد من المهجر بعد 13 عاماً ليستقر في تونس. ثم عادت تلك الشخصية لتظهر في بضعة مشاهد يعبر من خلالها عن شقائه. وفجأة يأتي مشهد خارج عن السياق، ليصوره عائداً إلى منزله بعد أن فقد عمله كسائق سيارة أجرة. ويقرر العمل على عربة لبيع خضار كان يستخدمها والده، إلا أن رجال الأمن يلقون القبض عليه، لأنه يعمل من دون ترخيص، ويتم إذلاله من خلال اعتدائهم عليه. وفي ختام الفيلم، تقدم هذه الشخصية مشهداً ينقل حواراً داخلياً يشير إلى أن الحياة الظالمة التي يعيشها الفقراء تدفع بهم إلى الانتحار. ويبقى هذا الخط الذي يمثل غالبية قطاعات الشعب التونسي معزولاً ووحيداً. وفي حين تكثر في الفيلم الشخصيات المترفة التي تعيش أزماتها الفردية العاطفية والوجودية، يبدو واضحاً للمشاهد أن البوعزيزي شخصية مفتعلة تمثل خطاً درامياً ناشزاً عن السياق. فالفيلم يصور الحياة المترفة التي يعيشها أبطاله الغارقين في إشكالياتهم الداخلية. وتتداخل الخطوط الدرامية بين أبطال الفيلم ليتم ربطها من خلال ثلاث شابات ثريات يعانين من مشاكل عاطفية وأزمات نفسية خاصة، إذ تعاني إحداهن وهي فنانة تشكيلية من خيبة أمل على إثر اكتشافها أن الرجل الذي أحبته يخونها. أما البطلة الثانية، فرغم نجاحها الوظيفي والثروة التي جمعتها وجمالها، تعاني من إخفاقها في إقامة علاقة عاطفية، أو من تقدم أحدهم للزواج منها. من جهتها، تعيش الثالثة علاقات عاطفية مختلفة بعد طلاقها من دون أن تراعي مشاعر ابنتها، ما يؤدي إلى إفساد العلاقة بينهما. أما الرجال في الفيلم، فيصورون من خلال ذلك العائد من المهجر الذي يندفع ضمن سياق التطور الدرامي إلى الخروج من أزمة وفاة زوجته من خلال الارتباط بالفنانة التشكيلية، في حين يغرق صديقه صاحب الحانة في عالم الفساد من جنوح وتهريب مخدرات وقمار. وتدور تلك الأحداث وسط بيوت وسيارات ومستوى عيش غير متوفر حتى لابناء الطبقة المتوسطة التونسية. وأوضحت مخرجة الفيلم ندى حفيظ في ردها على الناقد أحمد فايق مدير الندوة التي أعقبت عرض الفيلم، أن “تصوير الفيلم أتى في فترة ما قبل الثورة، حيث كان محرماً التطرق إلى مثل هذه المواضيع”. وأضافت أن فيلمها الروائي الطويل الأول أتى “مخلصاً” لفيلمها التسجيلي الأول الذي تناولت فيه هذه الطبقة من زاوية أخرى مغايرة لما عالجته في فيلمها الحالي. أ ف ب | الأقصر