أحسنت إدارات التربية والتعليم في مختلف مناطق المملكة بإطلاق مبادرات وطنية بين المدراس ومنسوبيها. ولعل مبادرة إدارة التربية والتعليم في الرياض لمست بالتسمية أهمية المناسبة. فقد اطلقت منظومة تنافسية تحمل اسم "مبادرتي الوطنية" لتحفيز التنافس الوطني بين الطلاب والطالبات، وهي تصب في ذات الاتجاه مع بقية مبادرات إدارات التربية والتعليم. ومناسبة اليوم الوطني لا تقتصر على التربية والتعليم وانما تشمل الجامعات والتعليم العالي والغرف التجارية وامانات المدن والمحافظات، بل وحتى القطاع الخاص بالاعلانات والرعاية للمناسبات المختلفة. ولعل الجاذب في التسمية انها تؤسس "لعلامة " إنتاجية وتنافسية سنوية بين القطاعات. واذا ما احسنت القطاعات المختلفة في تعزيز روح التنافس في حب الوطن والذود عنه ستموت المبادرة وتموت "علامتها" الإبداعية. ولقد عايشت صعود وموت بعض المبادرات الإبداعية بسبب موت الوهج الإعلامي المصاحب لها. ومن هنا تكمن مقومات النجاح لمشروع "مبادرتي الوطنية" الذي أتمنى ان يكون بداية انطلاق حقيقية للتنظيم المؤسسي لهذه المبادرة. ولو رجعنا للوراء قليلا فخلال العقود القليلة الماضية كنا نلاحظ حجم إعلانات التهنئة باليوم الوطني في مختلف الوسائل الإعلامية ولكن دون تجديد. ولذا أتمنى من شركات الإعلان او شركات "الشراء الإعلاني" ان تعزز من جوانب التنافس الإبداعي في الجانب الوطني وإن كنت اشك في ذلك لأنها تستنزف المعلن الوطني دون استثمار في الشق الوطني من الرسائل الاعلانية. فكم كان القراء يتذمرون من الصفحات الاعلانية النمطية المتراكمة. ولكن الإعلان الإبداعي يستفز النظر ويشد القارئ. وذات الشيء بات واضحا في الضعف الإعلاني المرئي والمسموع. ومن هنا ادعو وزارة الثقافة والاعلام والمؤسسات التي تدور في فلكها أن تستثمر هذه العلامة الإبداعية والمتمثلة في "مبادرتي الوطنية" لكي تصبح مناسبة تنافسية تحت رعايتها، وان تطلق المبادرة للتنافس بين عدة قطاعات لخلق جوائز وطنية لتكريم المبدعين في مبادراتهم الوطنية، ولتكن القطاعات التنافسية في المرحلة هي: جائزة المدارس وجائزة الجامعات وجائزة البنوك وجائزة شركات الاتصالات وجائزة الأندية الرياضية وجائزة المجالس البلدية وجائزة الغرف التجارية وجائزة اكبر مئة شركة سعودية. ويقام حفل كبير تعرض فيه المبادرات الفائزة بجائزة "مبادرتي الوطنية" او أي اسم يتم تطويره في ذات السياق. بل وحتى نكون منصفين ان يفتح المجال للافراد بالتنافس وعرض مبادراتهم الوطنية في حفل خاص بالجائزة. وسبب الدعوة لمثل هذه الجائزة المرتقبة اننا نضع اقدامنا على عمل تراكمي سنوي وبمعايير تميز واضحة لجميع المتنافسين. وعندما تعطي وسائل اعلامنا الوطنية التغطية المميزة لتلك الجوائز عندها نتوقف عن العمل العشوائي السنوي والممل. فمن يراجع مبادرة بعض القطاعات سنويا يدرك مدى حاجتها لتفعيل قدرات القطاع الخاص المالية بالرعاية مع القطاعات المعنية بالتنشئة والتعليم. فبعض الاعمال في الوطني تأتي من باب "الحضور الوهمي" في هذه المناسبة فقط. لذا، قد يأتي من يرى عدم جدوى مثل هذا العمل وأقول له وبكل وضوح العمل الوطني لا يتوقف عند حدود الجوائز ولكن تقدير الوطن لمبادرات مواطنيه يعزز الرسائل الوطنية المتضمنة في تلك المبادرات، وهي تحفيز سنوي مبكر للتنافس في حب الوطن والذود عنه. وإن كان هناك من لديه "مبادرة وطنية" تفوق قدرته على "خنق الابداع الوطني" فاتمنى ان تخرج للعلن. فالظروف التي تمر بها منطقتنا تجعل مبادراتنا الوطنية تأتي على رأس قائمة اولوياتنا. ولعل سفارات بلادنا واركاناتها خاصة الثقافية منها تثري الموضوع بما تلمسه في الكثير من الدول حين يحل موعد ايامها الوطنية. ولقد لمست شخصيا هذا الجانب في بعض الدول اكثر من غيرها ولعل نموذج الولاياتالمتحدة التي تقف في مصاف الدول القوية التي قد يظن البعض لمثل الرسائل الوطنية يجد الوضع غير ذلك. بل انها في صلب حتى صناعة الترفيه، ومن يتذكر فيلم "يوم الاستقلال" يدرك ذلك. بل ومع ذلك تخلق التنافس الشديد بين قطاعاتها للاحتفال بالرابع من يوليو – يومها الوطني. ولعل المتابع فقط لاخبار السفارة الأميركية هنا في الرياض في هذا اليوم من العقدين الماضيين يستطيع ادراك حجم التنافس بين سفارتهم في مبادرات يومهم الوطني. اتمنى ان لا ترتهن مبادراتنا الوطنية لتصبح بيد المثبطين، فقد مللنا من رسائل الصوت النشاز، ونريد صورا إبداعية نستمتع فيها ونحن نردد "دام عزك ياوطن".