«مكافحة المخدرات» بنجران تقبض على 4 أشخاص لترويجهم 70,935 قرصاً خاضعاً لتنظيم التداول الطبي    نائب أمير مكة يطلع على الاستعدادات المبكرة لحج 1445    نائب وزير الخارجية يلتقي رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبي    تحت رعاية ولي العهد.. الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي يختتم أعماله    مجلس الوزراء يجدد حرص المملكة على نشر الأمن والسلم في الشرق الأوسط والعالم    اجتماع الرياض: إنهاء حرب غزة.. والتأكيد على حل الدولتين    مفوض الإفتاء بالمدينة: التعصب القبلي من أسباب اختلال الأمن    عقد اجتماع لمدراء عموم فروع هيئة ‏الهلال الأحمر السعودي بالمنطقة الجنوبية بمقر فرع الهيئة منطقة نجران    3000 ساعة تطوعية بجمعية الصم وضعاف السمع    الحقيل يجتمع برئيس رابطة المقاولين الدولية الصينية    خبراء دوليون: تقنيات الذكاء الاصطناعي توفر 45% من استهلاك الطاقة في إنتاج المياه    ساعات حاسمة ..الهدنة أم غزو رفح؟    شؤون الأسرة ونبراس يوقعان مذكرة تفاهم    الجوازات في 2023.. أكثر من 41 مليون عملية إلكترونية داخل المملكة وخارجها    مدير هيئة الأمر بالمعروف بمنطقة نجران يزور فرع الشؤون الإسلامية بالمنطقة    الصحة: تعافي معظم مصابي التسمم الغذائي    الدكتور الربيعة يلتقي الرئيس المشارك لمؤسسة بيل وميليندا غيتس الخيرية    مركز الملك سلمان للإغاثة يوقع على ميثاق صندوق العيش والمعيشة التابع للبنك الإسلامي للتنمية    جامعة نايف العربية تفتتح في الرياض ورشة العمل الإقليمية لبناء القدرات حول مكافحة تمويل الإرهاب    التشكيل المتوقع لمواجهة ريال مدريد وبايرن ميونيخ    التشكيل المتوقع لمواجهة الهلال والاتحاد    مشروعات تطوير البنى التحتية الجديدة في محافظة جزر فرسان تجاوزت ال 16.5 مليون ريال    فيصل السابق يتخرج من جامعة الفيصل بدرجة البكالوريوس بمرتبة الشرف الثانية    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 34.535 شهيدًا    الشِّعر والنقد يفقدان النموذج الإنساني «عبدالله المعطاني»    محافظ الخرج يكرم الجهات المشاركة في حفل الأهالي لزيارة أمير منطقة الرياض    الدفاع المدني يدعو إلى عدم الاقتراب من مجاري السيول وتجمعات المياه أثناء هطول الأمطار    إطلاق هاتف Infinix GT 20 Pro الرائد    الفرص مهيأة للأمطار    محافظ أبو عريش يدشن فعاليات أسبوع البيئة    تعاون "سعودي – موريتاني" بالطاقة المتجدِّدة    تحويل الدراسة عن بُعد بوادي الدواسر ونجران    وزير الدفاع يحتفي بخريجي كلية الملك فهد البحرية    تراجع طفيف بأسعار النفط عالمياً    "هورايزن" يحصد جائزة "هيرميز" الدولية    الخريف: نطور رأس المال البشري ونستفيد من التكنولوجيا في تمكين الشباب    العميد والزعيم.. «انتفاضة أم سابعة؟»    وهَم التفرُّد    عصر الحداثة والتغيير    للمرة الثانية على التوالي.. سيدات النصر يتوجن بلقب الدوري السعودي    أمير منطقة المدينة المنورة يستقبل سفير جمهورية إندونيسيا    برؤية 2030 .. الإنجازات متسارعة    العربي يتغلب على أحد بثلاثية في دوري يلو    لوحة فنية بصرية    مسابقة لمربى البرتقال في بريطانيا    قمة مبكرة تجمع الهلال والأهلي .. في بطولة النخبة    تمت تجربته على 1,100 مريض.. لقاح نوعي ضد سرطان الجلد    بقايا بشرية ملفوفة بأوراق تغليف    إنقاص وزن شاب ينتهي بمأساة    وسائل التواصل تؤثر على التخلص من الاكتئاب    أعراض التسمم السجقي    «عقبال» المساجد !    السابعة اتحادية..    دافوس الرياض وكسر معادلة القوة مقابل الحق    ولي العهد ووزير الخارجية البريطاني يبحثان المستجدات الإقليمية والتصعيد العسكري في غزة    زرقاء اليمامة.. مارد المسرح السعودي    إنقاذ معتمرة عراقية توقف قلبها عن النبض    أمير تبوك يطلع على نسب الإنجاز في المشاريع التي تنفذها أمانة المنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإنفاق الحكومي يحرك الاقتصاد المحلي للعام الرابع على التوالي
تقرير « لشركة جدوى » يستشرف أداء الاقتصاد السعودي خلال 2012م
نشر في الرياض يوم 02 - 01 - 2012

توقع تقرير اقتصادي لشركة جدوى للاستثمار أن يسجل الاقتصاد السعودي أداءً معتدلاً عام 2012 يتعزز من خلاله نمو القطاع غير النفطي وتخف فيه حدة التضخم بينما يؤدي انخفاض إنتاج النفط إلى إبطاء النمو الحقيقي الكلي ويعمل بالتضافر مع انخفاض أسعار النفط على تقليل فوائض الميزانية والحساب الجاري، وسيظل الإنفاق الحكومي يشكل قوة الدفع الرئيسية لنمو الاقتصاد غير النفطي.
وتوقع أن يتباطأ النمو في الاقتصاد إلى 3,1 بالمائة في عام 2012 متراجعاً من 6,8 بالمائة في عام 2011، ويعزى ذلك التراجع الحاد إلى الهبوط المتوقع في إنتاج النفط مقارنة بارتفاعه الكبير خلال 2011.
إلا أن النمو في الاقتصاد غير النفطي سوف يرتفع إلى 4,7 بالمائة، كما يوفر ارتفاع حجم القروض المصرفية وزيادة الإنفاق الاستهلاكي دعماً للإنفاق الحكومي. وسوف يسجل قطاع التشييد أسرع معدلات النمو في الاقتصاد باعتباره أكبر المستفيدين من الإنفاق الحكومي.
وسيقل الإنفاق الحكومي المقدّر في ميزانية 2012 كثيراً عن حجم الإنفاق الفعلي خلال عام 2011، ولكن هذا الرقم الأخير تأثر كثيراً بمبالغ كبيرة صرفت على بنود غير متكررة. كذلك سجلت مخصصات الإنفاق الاستثماري مستوى قياسياً وسيشكل الإنفاق الإجمالي حافزاً قوياً لنمو الاقتصاد.
ومن المتوقع أن تحقق ميزانية 2012 هي الأخرى فائضاً كبيراً، حتى في حالة طرأ أي عجز في الإيرادات فلن يمثل ذلك أي مشكلة حيث تستطيع المملكة تمويل خططها الإنفاقية بالسحب على الموجودات الأجنبية لدى مؤسسة النقد التي بلغت نحو 520 مليار دولار في نهاية أكتوبر.
ورجح التقرير المتخصص الذي اعدته دائرة الاقتصاد والبحوث في جدوى للاستثمار بأن يتراجع التضخم قليلاً في 2012، وأن يبلغ معدله السنوي 4,4 بالمائة في المتوسط، وسوف يشكل الارتفاع الطفيف في الأسعار العالمية نتيجة لانخفاض أسعار السلع إضافة إلى تماسك قيمة الدولار وتراجع التضخم لدى شركاء المملكة التجاريين العوامل الرئيسية وراء ذلك التراجع.
كما إن هذه العوامل يدعمها انخفاض تضخم الإيجارات نتيجة لدخول المزيد من العقارات إلى السوق، وإن كان حجمها ومدى تأثيرها على التضخم غير واضح. وسوف تؤدي هذه العوامل مجتمعة على موازنة الضغوط التضخمية المحلية التي تنجم عن ارتفاع مستويات الإنفاق الحكومي والاستهلاكي.
أسواق النفط عام 2012
توقع التقرير أن تسجل أسعار النفط انخفاضاً خلال العام 2012 جراء تباطؤ الاقتصاد العالمي وأن يبلغ متوسط سعر النفط من صادر الخام السعودي 92 دولاراً للبرميل (ما يعادل 95 دولاراً لخام برنت و86 دولاراً لخام غرب تكساس).
وفي ظل ترجيح عودة الإنتاج الليبي إلى مستوى يقارب مستويات ما قبل الصراع بنهاية عام 2012 وكذلك زيادة الإنتاج من النفط العراقي بصورة مضطردة، فمن المتوقع انخفاض إنتاج النفط السعودي بنسبة 4,4 بالمائة إلى 8,8 مليون برميل في اليوم.
ومن المتوقع ارتفاع الطلب العالمي على النفط عام 2012 نتيجة للنمو القوي المضطرد في الأسواق الناشئة، خاصة أسواق آسيا التي ستشكل نحو 60 بالمائة من نمو الطلب العالمي على النفط عام 2012 حسب توقعات منظمة الطاقة الدولية.
في المقابل سيتراجع نمو الطلب من بقية أنحاء العالم نتيجة لتباطؤ النمو الاقتصادي وسيتضرر الطلب على النفط بشدة في حالة حدوث ركود عميق في أوربا؛ في عام 2009 فاق تراجع الطلب في أوربا حجم نمو الطلب من الأسواق الناشئة مجتمعة.
النمو الاقتصادي
يتوقع أن يهبط معدل النمو الاقتصادي إلى 3,1 بالمائة عام 2012 مقارنة بنمو بلغ 6,8 بالمائة عام 2011، ويعزى هذا الهبوط الحاد بتراجع حجم إنتاج النفط بعد ارتفاعه الكبير عام 2011.
وسيظل الإنفاق الحكومي المحرك الأساسي للاقتصاد. حسب مقررات الميزانية سجل الإنفاق الاستثماري مستوى قياسياً من المتوقع أن يعادل إجمالي المصروفات الحكومية 36 بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي مقارنة بمتوسط 30,1 بالمائة للسنوات الخمس المنتهية عام 2008، وسيشكل ذلك حافزاً قوياً للاقتصاد.
إنتاج النفط يتراجع إلى 8,8 ملايين برميل يومياً.. تراجع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة بين البنوك
وعلى الأرجح سيأتي تأثير الإنفاق الحكومي على قطاعات الاقتصاد المختلفة عام 2012 مغايراً لما كان عليه الوضع عام 2011، فخلال عام 2011 أسهمت مكافآت موظفي القطاع الحكومي في إطلاق معدلات نمو مرتفعة في الإنفاق الاستهلاكي.
ومن المرجح أن يشهد عام 2012 رابع عام على التوالي يشكل فيه الإنفاق الحكومي المحرك الرئيسي للاقتصاد. وسوف يرتفع نمو القطاع الخاص غير النفطي إلى 4,7 بالمائة، لكنه سيأتي دون المستويات التي سجلتها سنوات الطفرة منتصف العقد الأول من الألفية الثانية بدرجة كبيرة عندما بلغ متوسط النمو السنوي لذلك القطاع نحو 6 بالمائة.
في ظل الغموض الذي يكتنف مستقبل اليورو هناك عدة سيناريوهات تراوح بين سيناريو مخفف (تنفّذ الإصلاحات اللازمة وتصبح الأموال متوفرة ومن ثم تخف حدة الأزمة) وسيناريو مرعب (تنهار العملة وتتدهور أوضاع البنوك وتدخل المنطقة في خانة ركود أعمق من الذي حدث عام 2008). ومن المتوقع أن يظل اليورو عملة قائمة لكن ستشهد منطقة اليورو حالة ركود وتواجه البنوك الأوربية عاماً صعباً. هذا السيناريو سيؤثر على المملكة بالطرق التالية:
الأوضاع المالية
كان للتدهور المفاجئ في الأوضاع المالية عقب انهيار بنك ليمان برازارز تداعيات كبيرة على الاقتصاد السعودي في أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009. حالياً يعتبر القطاع المصرفي في المملكة في وضع أفضل بكثير، حيث تم كبح النمو في الإقراض وارتفعت الودائع بدرجة كبيرة (تبلغ نسبة القروض إلى الودائع حالياً 80 مقارنة بمعدل 90,6 في سبتمبر 2008) وتراجعت نسبة الودائع الأجنبية إلى إجمالي الودائع (الآن تبلغ 14 بالمائة مقابل 18 بالمائة في سبتمبر 2008).
إضافة إلى ذلك، البنوك السعودية تموّل بالكامل عن طريق ودائع عملائها بينما تعتمد البنوك الأوربية بدرجة كبيرة على التمويل من المصادر المختلفة (التمويل يفوق ودائع العملاء) التي لم تعد متاحة بسهولة.
السيناريو الرئيسي المتوقع هو أن ينحصر التأثير في المملكة في تقلص مشاركة البنوك الأوربية في تمويل المشاريع وغيرها من الأنشطة المحلية. النتيجة الأخرى المتوقعة والتي قد تكون ذات تأثير أكبر هي انقطاع القروض المصرفية العالمية وتراجع شهية الإقراض لدى البنوك المحلية، لكن الهيئات الحكومية السعودية ستستمر في تقديم التمويل اللازم. وليس للبنوك السعودية حيازات في ديون الدول الهامشية في منطقة اليورو، لكنها تملك مبالغ صغيرة في الديون السيادية لأسبانيا وإيطاليا.
أسعار النفط
سيكون لركود منطقة اليورو تأثير واضح على الطلب على النفط وبالتالي خلق ضغوط تقود إلى خفض أسعار النفط وتقليل الحاجة إلى الخام السعودي. يفوق استهلاك الدول الأوربية الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من النفط استهلاك الصين بنحو 50 بالمائة، كما أن حجم التراجع في الطلب على النفط من دول المنطقة عام 2009 فاق الزيادة في إجمالي الطلب من الدول خارج المنظمة. ومن المتوقع أن تلجأ الحكومة إلى السحب من احتياطيها من الموجودات الأجنبية (التي بلغت 519 مليار دولار في نهاية أكتوبر) في حال حدوث تراجع حاد في إيرادات النفط، ومن المستبعد لجوئها إلى وقف الإنفاق.
سوق الأسهم
يعتبر انكشاف شركات المساهمة أمام اقتصاد منطقة اليورو محدوداً ويقتصر بدرجة كبيرة على قطاع البتر وكيماويات، لكن الأثر الأكبر على سوق الأسهم يأتي من تأثير الأحداث في منطقة اليورو على الحالة السلوكية للمستثمرين المحليين.
وقد تسبب الوضع المتدهور في منطقة اليورو في إضعاف أسواق الأسهم في مختلف أنحاء العالم خلال عام 2011 كما ساهم في تراجع مؤشر الأسهم السعودي.
وبما أن المستثمرين الأفراد يهيمنون على سوق الأسهم السعودي فإن تحركات أسعار الأسهم تؤثر على ثقة المستهلكين ومستويات إنفاقهم. كذلك سيؤثر التذبذب في سوق الأسهم على توقيت أي خطوة جديدة لزيادة فتح السوق أمام المستثمرين الأجانب.
ومن المرجح أن يتباطأ نمو القطاع الصناعي خلال عام 2012، ورغم أن تباطؤ الاقتصاد العالمي لم يؤثر على حجم مبيعات المملكة من منتجات البتر وكيماويات حتى الربع الثالث من عام 2011، إلا إننا نعتقد أن حجمها سوف يتراجع لأن التباطؤ سيمتد إلى عام 2012.
وسيبقى قطاع خدمات الكهرباء والغاز والمياه أحد أسرع قطاعات الاقتصاد السعودي نمواً، فالقطاع الذي بلغ متوسط معدل نموه السنوي 6,4 بالمائة خلال العقد الماضي سينمو بمعدل أسرع عام 2012 بفضل الوحدات السكنية والتجارية والمكاتب الجديدة المرتقبة وكذلك ارتفاع الطلب الصناعي.
ويتوقع أن يكون قطاع التشييد أسرع القطاعات نمواً عام 2012. حتى اليوم حيث أن التقدم الفعلي الذي تحقق في خطة الحكومة لبناء 500,000 وحدة سكنية جديدة التي تم الإعلان عنها في مارس 2011 ضئيل نسبياً، وجاء النمو في مبيعات الأسمنت وواردات مواد البناء خلال عام 2011 متوافقاً مع المعدلات السابقة.
وربما يعود التقدم المحدود في تشييد الوحدات السكنية إلى أن انطلاق الزخم في وزارة الإسكان الجديدة ويحتاج إلى بعض الوقت كما أن العمل التأسيسي يقتضي إجراءات توفير الأراضي وإعداد التصاميم للمساكن وتجهيز البنيات التحتية، لذا من المتوقع أن يشهد عام 2012 المزيد من أعمال التشييد.
وتوقعت جدوى للاستثمار أن ينتعش النمو في القطاع المالي لكنه سيظل بطيئاً بعض الشيء. ورغم الارتفاع المتوقع في القروض المصرفية والأرباح سيتواصل الحذر لدى المستثمرين وسيأتي التحسن في سوق الأسهم طفيفاً مع ضعف في عدد الصفقات المنفذة.
ومن المتوقع استمرار النمو في قطاع التأمين بفضل تزايد الإقبال على التأمين الصحي والتأمين على السيارات (نما إجمالي أقساط التأمين بمتوسط سنوي 24 بالمائة خلال السنوات الخمس الماضية). وستؤدي الزيادة في المعروض من المنازل إلى رفع القيمة المضافة الناتجة من خدمات التطوير العقاري (كالوكلاء العقاريين مثلاً).
التضخم
من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم إلى 4,4 بالمائة في المتوسط بفضل تراجع الضغوط التضخمية من الخارج. وستنشأ بعض الضغوط التضخمية المحلية نتيجة لارتفاع مستويات الإنفاق الحكومي والاستهلاكي على حد سواء. وسوف ينخفض تضخم الإيجارات مع دخول المزيد من العقارات إلى السوق، حيث ارتفاع الإيجارات خلال الشهور الماضية كان نتيجة لزيادة مؤقتة في مداخيل المستهلكين، ما يعني أن الانخفاض لن يكون كبيراً.
وستتيح الأوضاع العالمية فرصة لتراجع معتدل في معدلات التضخم في المملكة، حيث يتوقع أن يخف تأثير ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية التي ظلت مصدراً هاماً للتضخم طيلة السنوات القليلة الماضية.
كذلك يتعين أن تسهم الإجراءات المحلية في تخفيف تضخم أسعار المواد الغذائية حيث يبدو أن الضغوط التي مارستها الجهات الحكومية على الأطراف العاملة في نشاط التجارة المحلية قد حالت دون ارتفاع الأسعار في المملكة تبعاً للارتفاع الحاد في الأسعار العالمية في أواخر عام 2010 وأوائل عام 2011، ومن المتوقع أنه سيكون هناك المزيد من التدخل لمنع أي زيادات في أسعار المواد الغذائية عام 2012.
ومن غير المتوقع أن يشكل سعر الصرف مصدراً لأي ضغوط تضخمية، فالدولار احتفظ بوضعه ملاذا آمنا بسبب سيولة وحجم واتساع أسواقه المالية رغم خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة في وقت سابق هذا العام، كما أن معظم المحللين يتوقعون في ظل احتمالات تواصل المشاكل في منطقة اليورو حدوث بعض الارتفاع في قيمة الدولار وبالتالي قيمة الريال (أنظر أسعار الصرف).
ظلت الإيجارات تشكل المصدر الرئيس للتضخم في المملكة في معظم فترة السنوات الخمس الماضية ثم تفوقت عليها مجموعة "سلع وخدمات أخرى" عام 2011، لكنها انتعشت في النصف الثاني من العام بعد أن ظلت في مسار هابط منذ منتصف عام 2008. وهذا الانتعاش يعود إلى الزيادة المؤقتة في مداخيل المستهلكين التي أدت إلى رفع الطلب على العقارات ومن ثم شجعت ملاك الأراضي على زيادة الأسعار، فضلاً عن أن العقارات الجديدة في الأسواق ليست بالحجم الذي يضاهي الطلب.
الحساب الجاري
وتوقعت جدوى للاستثمار هبوطاً كبيراً في فائض الحساب الجاري في 2012 نتيجة لانخفاض إيرادات صادرات النفط، حيث يتوقع أن يتراجع الفائض من 27,6 بالمائة من إجمالي الناتج الإجمالي إلى 14,9 بالمائة منه وأن يتراجع من حيث قيمته بالدولار بمعدل النصف تقريباً إلى 82,2 مليار دولار مقارنة بأعلى فائض على الإطلاق حققه عام 2011 عند 159,5 مليار دولار.
وتشكل إيرادات النفط بين 85 بالمائة إلى 90 بالمائة من إجمالي إيرادات الصادرات، ولذلك فإن انخفاض حجم الإنتاج وتراجع الأسعار المتوقع عام 2012 سيتسبب في هبوط كبير في إجمالي الصادرات ولكن رغم ذلك من المتوقع أن يكون ثاني أكبر إجمالي على الإطلاق. وسترتفع الصادرات غير النفطية بدرجة طفيفة.
ومن غير المرجح زيادة نمو إيرادات البتر وكيماويات عام 2012، حيث يرجح أن تنخفض الأسعار كما أن غياب أي طاقة إنتاجية جديدة يعني عدم وجود فرصة كبيرة لزيادة حجم الإنتاج، ويتعين أن تستفيد صادرات البلاستيك وغيرها من مشتقات النفط من تزايد الطلب من دول آسيا.
وتشير التوقعات إلى انتعاش الواردات بفضل ارتفاع الطلب على مواد ومعدات البناء نتيجة لتنفيذ مشاريع الإسكان وغيرها من المشاريع الحكومية الخاصة بترقية البنيات التحتية، كما ستؤدي زيادة الإنفاق الاستهلاكي إلى تعزيز واردات المستلزمات المنزلية والسيارات والالكترونيات. وهبوط الفائض التجاري إلى 162 مليار دولار عام 2012 مقارنة بفائض 244 مليار دولار لعام 2011.
وستظل تحويلات العاملين الأجانب تمثل المصدر الرئيسي للتدفقات المالية إلى خارج المملكة من الحسابات غير المنظورة، ويتوقع استمرار تدفق العاملين الأجانب إلى المملكة الذي تقتضيه ضخامة حجم أعمال التشييد المنتظرة، كما أن العدد الإجمالي للعاملين الأجانب سيزداد رغم التدابير الرامية إلى زيادة أعداد السعوديين في القطاع الخاص وسترتفع تحويلاتهم إلى نحو 30 مليار دولار عام 2012. كذلك.
وتشكل العائدات على المحفظة الاستثمارية للحكومة المورد الرئيسي للإيرادات غير التجارية، ومن المتوقع نموها بدرجة طفيفة عام 2012 نتيجة لارتفاع احتياطي المملكة من الموجودات الأجنبية. يُستثمر معظم تلك الإيرادات في سندات حكومية أجنبية خاصة السندات الأمريكية، وبما أن أسعار الفائدة العالمية ستظل منخفضة جداً فيما يبدو فستظل تدفقات العائدات الاستثمارية إلى المملكة دون مستوياتها لعامي 2008 و2009 بدرجة كبيرة.
السياسة المالية
سيظل الإنفاق الحكومي الضخم هو الداعم الرئيسي لنمو الاقتصاد. ويتوقع أن تسجل ميزانية العام 2012 فائضاً قدره 12 مليار ريال وذلك بناء على حجم إيرادات يبلغ 702 مليار ريال ومصروفات تبلغ 690 مليار ريال. وهذه أول ميزانية سعودية منذ عام 2008 تتضمن تقديراتها تسجيل فائض.
ويتركز الإنفاق في الميزانية الجديدة على بنود الدفاع والتعليم والرعاية الصحية. ولا تتضمن هذه الميزانية المبلغ المخصص لبرنامج تمويل بناء الوحدات السكنية، حيث تم تحويل كامل المبلغ الذي تبلغ قيمته 250 مليار ريال سلفاً من فائض إيرادات العام الحالي إلى حساب خاص لدى مؤسسة النقد.
وتؤكد الميزانية على عزم الحكومة الاستمرار في دعم النمو الاقتصادي، وسيؤدي الإنفاق الاستثماري المقرر والذي ارتفع بدرجة طفيفة مسجلاً أعلى مستوى له على الإطلاق حيث بلغ 265 مليار ريال إلى دعم نمو اقتصادي قوي كما سيشجع القطاع الخاص ويتيح له فرص جيدة في وقت تسود الأسواق فيه حالة من عدم اليقين إزاء الأوضاع العالمية والإقليمية على حد سواء.
رغم أن الإنفاق المقرر في ميزانية 2012 يقل كثيراً عن الإنفاق الفعلي للعام 2011، إلا أن ذلك لا يستدعي القلق حيث أنه من الطبيعي أن يتخطى الصرف الحكومي الفعلي الإنفاق المقرر في الميزانية لذا أتى إجمالي الإنفاق المقرر في العام الجديد أقل من الإنفاق الفعلي للعام السابق.
ومن المتوقع أن تتخطى الإيرادات والمصروفات المستويات المقدرة في ميزانية العام الجديد بتحقيق فائض قدره 91 مليار ريال.
السياسة النقدية
ستبقى أسعار الفائدة متدنية بصورة استثنائية عام 2012، ورغم أن ذلك سيعيق جهود الحكومة لضبط التضخم إلا أنه سيدعم الاقتصاد. ويتحتم أن تتعقب أسعار الفائدة في المملكة نظيرتها الأمريكية نتيجة لارتباط سعر صرف الريال بالدولار وحرية عمليات الحساب الرأسمالي.
ورغم أن الاقتصاد الأمريكي يحقق نمواً لكنه لا يزال ضعيفاً كما أن معدل البطالة لا يزال مرتفعاً بصورة عنيدة. وبما أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) أعلن في أغسطس أنه لن يغير أسعار الفائدة لمدة عامين وحيث يجمع الاقتصاديون على أن سعر الفائدة لن يرتفع حتى النصف الثاني من عام 2013، لذا متوقع أن يظل سعر إعادة الشراء وإعادة الشراء العكسي في المملكة عند 2 بالمائة و 0,25 بالمائة على التوالي في عام 2012.
وتوقع التقرير المتخصص أن ترتفع أسعار الفائدة بين البنوك وهي الأسعار التي تقرض بها البنوك بعضها البعض كما أنها تشكل الأساس لكثير من القروض إلى الشركات. إن أكثر ما يقلق البنوك بشأن الأوضاع المالية، وخاصة في منطقة اليورو، هو ارتفاع أسعار الفائدة بين البنوك في مختلف أنحاء العالم والتي ستظل تسجل ارتفاعاً إلى أن يطمئن متخذي القرارات المالية لنتائج الخطط التي تنفذها دول منطقة اليورو في التعاطي مع مشاكلها القائمة.
أما في المملكة فقد ارتفع سعر الفائدة بين البنوك لأجل ثلاثة شهور من 0,6 بالمائة في نهاية سبتمبر وهو أدنى مستوى له على الإطلاق إلى 0,74 بالمائة في نهاية ديسمبر.
وربما تلجأ الحكومة إلى استخدام وسائل أخرى من وسائل السياسة النقدية لاحتواء أي ضغوط تضخمية قد تنشأ. مثال ذلك، شهد مطلع عام 2011 نشاطاً في إصدار أذونات الخزانة لامتصاص السيولة التي تدفقت بسبب المكافأة التي منحت إلى موظفي القطاع العام. كذلك يوفر إصدار صكوك بفئات صغيرة من قِبل أي جهة حكومية للتحكم في السيولة وسيلة مفيدة في حال تم إصدار تلك الصكوك بصورة منتظمة. أيضاً، قد تلجأ الجهات المختصة إلى إجراء تعديلات على متطلبات الاحتياطي الإلزامي والودائع الحكومية في القطاع المصرفي في حال شرع التضخم يرتفع.
أسعار الصرف
سيبقى الريال مرتبطاً بالدولار ومن غير المتوقع بروز أي مخاطر تهدد هذا الربط خلال عام 2012. ومتوقع أن ترتفع قيمة الدولار مقابل معظم العملات الرئيسية عام 2012، مستفيداً من وضعه ملاذا آمنا وكذلك من سيولة وحجم وعمق أسواقه المالية في وقت تسود فيه حالة عدم اليقين بشأن الاقتصاد العالمي وخاصة في منطقة اليورو. وبينما تجمع التحليلات الحالية على توقع ارتفاع طفيف في الدولار، هناك عدد من السيناريوهات المحتملة لحدوث هبوط حاد في قيمة اليورو.
وبرهنت المشاكل في منطقة اليورو على أهمية وجود إطار مؤسساتي مناسب للعملة الخليجية الموحدة، وخاصة الحاجة إلى نظام منهجي لنقل مخصصات الموازنة بين الدول وكذلك إلى بنك مركزي إقليمي يتمتع بصلاحية شراء ديون الدول الأعضاء وتوفير كامل السيولة اللازمة. ومن المؤكد أن الموافقة على كل هذه التدابير تقتضي الحصول على تأييد شامل وقوي في كل دولة من الدول الأعضاء، وهو ما ظل مشروع العملة الموحدة يفتقده طوال السنوات القليلة الماضية. ومن غيرالمرجح اتخاذ خطوات جدية تجاه الوحدة النقدية الخليجية عام 2012.
التوقعات لعام 2013
من المتوقع أن يسجل التضخم مزيداً من التراجع ليصل إلى 4 بالمائة مع دخول المزيد من الوحدات السكنية التي تخطط لها الحكومة إلى السوق. مع استبعاد أن يكون التحسن في الاقتصاد العالمي مرتفعاً بدرجة تؤدي إلى زيادة التضخم العالمي أو أسعار السلع، لكنه ربما يتسبب في خفض طفيف في قيمة الدولار. وكذلك ستتراجع الضغوط التضخمية المحلية حيث متوقع أن تأتي إيرادات النفط الإجمالية دون مستوى عام 2012 بسبب تعادل تأثير انخفاض أسعار النفط وارتفاع حجم الاستهلاك المحلي مع الزيادة في الإنتاج.
أيضا متوقع تقلص فائض الميزانية وكذلك فائض الحساب الجاري نتيجة لنمو الواردات والإنفاق الحكومي؛ وربما تقترب الميزانية من تسجيل عجز ومن غير المتوقع أي تغيير في سياسة ربط سعر صرف الريال بالدولار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.