إن أكثر ما تخشاه الدول ويؤثر على استقرار مجتمعاتها ذلك الهاجس المخيف أو ما يسمى إن صح التعبير بالخلايا النائمة! وهي شبح قد يكون ساكناً لفترة ولا تظهر مخاطرة إلا لمن يتعامل مع الشؤون الأمنية ويدرك حجم معاناة رجال الأمن في التعامل مع العاطلين الذين ليس لهم هم إلا كيف يحصل على المال للصرف على نفسه بغض النظر في مشروعية الحصول عليه، والمحاذير الاجتماعية والسلوكية والامنية والاخلاقية غير خافية على الجميع للعاطلين والعاطلات عن العمل، وحتى ان العمل اصبح مصدر علاج لدى المرضى النفسيين وقاطني الدور الاجتماعية بما يسمى العلاج بالعمل، هذا بخلاف خطر جيش العاطلين على الاستقرار الأمني والاجتماعي، ولا هناك أحرج وأهم في قضايانا الراهنة من مشكلة البطالة الحالية، على الرغم من وجود اكثر من 8 ملايين عامل اجنبي يعمل في سوق العمل لدينا بمهن مستنسخة في السوق السعودي الذي يطلق عليه اكبر معهد تدريب في العالم!! وعلى الرغم من جهود السعودة التي من وجهة نظري لم تحقق اهدافها لان اسلوب الالزام على القطاع الخاص وهو الموظف الاكبر للعمالة غير مجدي في ظل أسباب كثيرة منها جودة التعليم والتدريب ومعدلات الأجور وهذه قضايا شائكة تحتاج الى سنوات لمعالجتها، والسؤال الآن هل ستمهلنا هذه المشكلة سنوات حتى نعالجها وهي التي لا تحتمل التأخير بوجود اعداد كبيرة تدخل سوق العمل بنسب تفوق المتوفر من فرص العمل وتستمر هذه المخاوف من البطالة؟ مع انني لا اتفق مع منح اعانات للعاطلين بشكل مباشر لانها تؤدي الى الخمول والاعتماد على الغير وتفرز ما يسمى بالبطالة المقنعة، الا ان هذه الظروف تحتم الأخذ بالاسباب وتدارك المخاطر المحتمة، لذا فان وضع برنامج إعانة للعاطلين كما هي في دول سبقتنا بالتنمية بشرط اثبات ان العاطل بحث عن عمل ولم يجده، اما ان ينام في بيته وينتظر وظيفته المكتبية فهذا خارج البرنامج، وكما اعلنت وزارة العمل ان عدد العاطلين حوالي 470 ألفا، لو خصص لكل عاطل جاد الحد الادنى وهو 3000 ريال فان اجمالي ما نحتاجه سنويا حوالي 16.9 مليار ريال وهي ولله الحمد ليست مستحيلة مع هذه الايرادات الكبيرة التي لو خصصت من دخل المملكة البالغ 8 ملايين برميل نفط يوميا بمتوسط 70 دولارا أي اننا بحاجة فقط الى دخل أسبوع واحد فقط من العام لمعالجة هذه القضية الشائكة، الكثيرين سيعارضون هذا الحل الذي يبدو غريباً وغير منطقياً لوجود أولويات انفاق على قطاعات أهم، ولكني أرى ان الفرد هو محور التنمية وهو هدف كل قطاعات الدولة في استقراره وتوفير العيش الكريم له للتخلص من أي أعباء ومحاذير يخلقها الركون بدون عمل، فيكفي ان نسبة كبيرة من الذين لديهم جرائم او انحرافات اجتماعية هم من العاطلين عن العمل والمتسربين من التعليم!، وان كان هناك تحفظ على اعانات العاطلين، فلنسمع ممن وليت أمانتهم هؤلاء المساكين الذين يحلمون بعمل شريف يشد من أزرهم في تحديات هذه الحياة العصرية، ولنضع النقاط على الحروف ونبدأ بأنظمة العمل والاستقدام والاجور تطبيقاً مجدياً وليس تنظيراً مكرراً أيها المعنييون والمعارضون، فإذا كانت الاعانة احد الحلول فبالتأكيد ليست الحل الوحيد، ولكننا بحاجة الى وقفه حازمه لمعالجة هذه القضية الشائكة. **خاطرة لا تقاس العقول بالأعمار.. فكم من صغير عقله بارع وكم من كبير عقله فارغ!