واصلت سوق المعادن الثمينة العالمية مكاسبها العام الماضي، محققة 262.2 مليار دولار، ارتفاعاً من 241.3 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن ينمو القطاع المزدهر بمعدل سنوي مركب 6.8 % حتى عام 2030، حيث تكون الإيرادات مرشحة للوصول إلى 414.5 مليار دولار بنهاية العقد الحالي، في الوقت الذي يتركز فيه الطلب على المجوهرات والذهب بشكل أساسي، إذ يعد المعدن النفيس جزءاً لا يتجزأ من حفلات الزواج، خاصة في الهندوالصين، أكبر مستهلكين عالميين للحلي والمجوهرات، وعلى سبيل المثال، بلغ عدد حفلات الزفاف في الهند 2.5 مليون حالة زواج، مما ولّد إيرادات سوقية بقيمة 40.2 مليار دولار في عام 2023، وبالمثل، بلغ عدد حفلات الزفاف في الصين 6.8 ملايين حالة زواج في عام 2023، وبالتالي فإن سوق حفلات الزفاف في الصينوالهند تقدم العديد من فرص النمو للمشغولات الذهبية خلال السنوات المقبلة. يرتكز النمو المرتقب في سوق المعادن الثمينة على توسع الطلب في صناعة الإلكترونيات، فالذهب والفضة والبلاتين والبلاديوم معادن ثمينة تستخدم في إنتاج المكونات الإلكترونية مثل لوحات الدوائر والاتصالات والموصلات، ويؤدي الطلب المتزايد على الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة القابلة للارتداء إلى زيادة نمو صناعة الإلكترونيات، مما يعزز الحاجة إلى المعادن الثمينة، بسبب موصليته الفائقة ومقاومته للتآكل، ويعد الذهب المعدن الثمين الأكثر استخداماً في قطاع الإلكترونيات، بسبب موصليتها الكهربائية القوية، فيما تستخدم الفضة أيضاً بشكل شائع في المكونات الإلكترونية، ويستخدم البلاتين والبلاديوم في إنتاج المحولات الحافزة، وهي ضرورية في السيارات لتلبية متطلبات الانبعاثات. بالإضافة لذلك، يتزايد الطلب على المعادن الثمينة كاستثمار آمن، فكثيراً ما يستخدم الذهب والفضة والبلاتين كتحوط ضد التضخم وتقلبات العملة وعدم اليقين الاقتصادي، فيما يميل المستثمرون إلى نقل استثماراتهم إلى أصول الملاذ الآمن مثل المعادن الثمينة في أوقات انعدام الأمن الاقتصادي أو الاضطرابات الجيوسياسية، ونظراً لأهميته التاريخية كمخزن للثروة واستقراره الملحوظ في أوقات عدم الاستقرار، يعد الذهب أكثر أصول الملاذ الآمن شيوعاً، كما يتم استخدام الفضة والبلاتين، بدرجة أقل من الذهب، كاستثمارات آمنة، ونظراً للمخاوف الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة، فإنه من المتوقع استمرار الطلب على أصول الملاذ الآمن في السنوات القادمة، ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تحفيز الطلب على المعادن الثمينة كاستثمار آمن، مما يعزز نمو سوق المعادن الثمينة حول العالم. يستحوذ قطاع المجوهرات على حصة رئيسة من صناعة المعادن الثمينة، وعلى سبيل المثال يحصد القطاع في الولاياتالمتحدة نحو 40 % من إجمالي الإيرادات، حيث يتركز بائعو المجوهرات الذهبية في ولايات نيويورك وكاليفورنيا وتكساس وفلوريدا، ويعد ارتفاع أسعار الفائدة وقوة الدولار من العوامل المؤثرة في الطلب على الذهب، وتتأثر أسعار المعدن الأصفر سلباً بقوة الطلب الاستهلاكي والاستثماري، لكن قوة المشتريات التي تقوم بها البنوك المركزية تقدم الدعم اللازم للسوق، ومن ناحية أخرى، تتأثر أسعار الفضة بضعف الطلب الصناعي، فيما يستحوذ الذهب على حصة الأسد من الإيرادات في عام 2023، وبلغت نسبته 82.3 %، وذلك بسبب ارتفاع أسعار تداوله وزيادة استخدامه. وعموماً، فإن إنتاج الذهب يشهد نمواً مستمراً منذ 11 عاماً مع تشغيل مناجم جديدة منذ عام 2019، وبالتالي، ستؤدي إضافة منتجات جديدة ومتنوعة للقطاع إلى زيادة الطلب على الذهب خلال السنوات القادمة، من جهة أخرى، من المتوقع أن ينمو قطاع الفضة بمعدل سنوي مركب قدره 2.7 % حتى نهاية العقد الحالي، ومن المرجح أن يتضاعف إنتاج الفضة بشكل مطرد بسبب استخدامها على نطاق واسع في قطاعي الصناعة والمجوهرات، إلى جانب التكلفة المنخفضة مقارنة بنظيراتها، فيما تظل المكسيكوبيرو مركزي الإنتاج الرئيسين لسلع الفضة، حيث بلغ إنتاج الفضة في المكسيك 6300 طن متري، تليها بيرو ب3100 طن متري، والدول المنتجة الرئيسة الأخرى هي روسياوالصين وأستراليا وتشيلي. يؤثر انكماش صناعة السيارات على طلبيات البلاتين والبلاديوم، وقد حصلت التطبيقات الصناعية على أكبر حصة من الإيرادات بنسبة 45.5 % في عام 2023، ويعزى نمو القطاع إلى زيادة إنتاج قطاع الكهرباء والإلكترونيات، حيث يتم استخدام غالبية الفضة لأغراض مختلفة، ومن المرجح أن يخلق قطاع المجوهرات آفاقًا صحية لصناعة المعادن الثمينة العالمية خلال عام 2024، إذ تظل سمات الاستهلاك الثابتة في قطاع المجوهرات الذهبية في الصينوالهند محركاً رئيساً خلال السنوات القادمة، بينما توفر سوق حفلات الزفاف في كلا البلدين فرصاً على مدار العام لبائعي المجوهرات، مما يساعد على زيادة الطلب على السلع الثمينة، مثل الذهب والفضة. خلال العام الماضي، وصل حجم سوق البلاتين العالمي إلى 7.7 مليارات دولار، ومن المتوقع أن يصل إلى 11.9 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 5 %، ويعد البلاتين عنصراً حاسماً في المحولات المستخدمة لتقليل الانبعاثات الضارة في السيارات، وعموماً، فقد أدت لوائح الانبعاثات الأكثر صرامة حول العالم إلى زيادة الطلب على البلاتين الذي يعد بالغ الأهمية لتطبيقات السيارات والمجوهرات والتطبيقات الصناعية، وتهيمن جنوب أفريقيا على إنتاج البلاتين، بالإضافة إلى روسيا وزيمبابوي، وقد تؤدي العوامل الجيوسياسية، والإضرابات العمالية، والقوانين البيئية إلى تعطيل الإنتاج والأسعار، مما يؤثر على السوق، ومع ذلك، فإن متغيرات الاقتصاد الكلي، ومعنويات المستثمرين، والمضاربة ستؤثر على أسعار البلاتين، مما يسبب تقلبات قصيرة الأجل وزيادات طويلة الأجل. وقد شهد سوق البلاتين العالمي عجزاً قياسياً في عام 2023، ومن المتوقع أن يمتد هذا العجز حتى عام 2024، فيما يستمر انخفاض الأسعار منذ العام الماضي وحتى الآن، مما يهدد ربحية عمال مناجم المعدن رغم النقص المستمر في المعروض، وسجل سوق البلاتين العالمي عجزًا قدره 878 ألف أوقية في 2023، وفقًا لتقرير صادر عن مجلس استثمار البلاتين العالمي، وقد نما الطلب على أساس سنوي بنسبة 25 % إلى 8 ملايين أوقية في عام 2023، بينما انخفض العرض بنسبة 2 % إلى 7.1 ملايين أوقية، وهو ثاني أدنى رقم مسجل منذ عام 2013، ولم يتم تجاوزه إلا في عام 2020 المتأثر بالجائحة، كما شهدت السوق انخفاض أسعار البلاديوم، والروديوم، مما أدى إلى تآكل ربحية معادن مجموعة البلاتين، ما دفع جميع المنتجين الرئيسين للإعلان عن خطط إعادة الهيكلة. في المقابل، يتوقع نمو الاستثمارات بمعدل سنوي مركب قدره 6.5 % حتى نهاية العقد الحالي، وقد أثار الانخفاض المستمر في أسعار البلاتين اهتماماً أكبر من قبل المستثمرين اليابانيين، الذين من المرجح أن يواصلوا سلوك الشراء القوي، ويركز المستثمرون اليابانيون بشكل كبير على شراء المعادن الثمينة نظراً لمعدلات الخصم الأوسع مقارنة بنظرائهم، وقد سيطرت منطقة آسيا والمحيط الهادئ على السوق، مستحوذة على أكبر حصة من الإيرادات بنسبة 59 % في عام 2023، وتضم هذه المنطقة القوى العالمية القادمة، مثل الهند واليابان والصين، ومن بين هذه الدول، تتمتع الصين بأكبر تأثير في سوق المعادن الثمينة، حيث تعد المستهلك الرئيس للذهب والمعادن الثمينة، ومن المعروف أن التصنيع المحلي القوي في الصين هو العامل الرئيس الذي يدفع الطلب على السلع الثمينة. هناك عامل رئيس آخر يدفع نمو السوق، وهو ظهور الهند كقوة بديلة للصين، حيث تعتبر نيودلهي ثاني أكبر مستهلك للذهب في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتتمتع البلاد بقطاع مجوهرات قوي بسبب حفلات الزفاف الضخمة، ولهذا، تعمل الهند على تطوير قدراتها التصنيعية من خلال جذب الاستثمار الأجنبي في مجالات الكيماويات والطاقة والسيارات والبناء، ومن المرجح أن تلعب الهند خلال السنوات المقبلة دوراً رئيساً في تعزيز نمو صناعة المعادن الثمينة العالمية، ومن المتوقع نمو القطاع في أميركا الشمالية بمعدل سنوي مركب 6.9 % حتى 2030، وستؤدي وفرة موارد الفضة في المكسيك وقاعدة التصنيع القوية في الولاياتالمتحدة وكندا إلى دفع نمو سوق المعادن الثمينة في المنطقة، أما في أوروبا، فإن سوق المعادن الثمينة يشهد ازدهاراً بسبب ارتفاع الطلب، خاصة في السوق الألمانية، فيما تعد سوق المعادن الثمينة في المملكة المتحدة الأسرع نمواً في المنطقة الأوروبية. أما في السعودية، فإن تجارة المعادن الثمينة تشهد انتعاشاً كبيراً بين دول الشرق الأوسط، وتمثل المجوهرات المستوردة الأغلبية العظمى من السوق بنحو 90 %، فيما تصل صادرات المملكة من المعادن الثمينة سنوياً إلى 2.07 مليار دولار، مما يجعلها المصدر رقم 48 في القطاع، وكانت وجهات التصدير الرئيسة إلى سويسرا (595 مليون دولار)، وألمانيا (569 مليون دولار)، والإمارات (548 مليون دولار)، والهند (202 مليون دولار)، وسنغافورة (31.9 مليون دولار)، في المقابل، تستورد السعودية معادن ثمينة بنحو 7.6 مليارات دولار، لتصبح المستورد العالمي رقم 21 في القطاع، والذي يأتي معظمها للمملكة من الإمارات (3.7 مليارات دولار)، وسويسرا (3.1 مليارات دولار)، والمملكة المتحدة (241 مليون دولار)، والصين (99.4 مليون دولار)، والولاياتالمتحدة (90.3 مليون دولار). من جهة أخرى، تساعد الإجراءات الأوروبية والأميركية لتتبع المصادر الأصلية للمعادن الثمينة في الحد من أنشطة السوق السوداء، وقد أجبرت الهيئات التنظيمية البائعين على تقديم تفاصيل الإفصاح الكامل فيما يتعلق بمصادر السلع ومنشأها، في ذات الوقت، يركز اللاعبون الرئيسون على إنشاء مشاريع مشتركة لاستكشاف واستخراج السلع الثمينة في القارة الأفريقية، حيث تحاول الشركات الكبرى اكتشاف احتياطيات كبيرة غير مستغلة، وستلعب مشاريع التعدين الجديدة دوراً رئيساً في دعم الطلب على السلع الثمينة، وتوفر العديد من الفرص الواعدة، وعلى سبيل المثال، في يوليو 2023، كشفت شركة باريك جولد عن تمديد عمر منجم الذهب في تونجون بكوت ديفوار حتى عام 2026، بعد النتائج الإيجابية التي حققتها أنشطة التنقيب عن الذهب في المنطقة، وفي يوليو 2023، تم استئناف عمليات التعدين في منجم كاينانتو للذهب في بابوا غينيا الجديدة مع إعطاء الأولوية للسلامة بعد حادث مأساوي داخل المنجم.