يعقد في الرياض مؤتمر التعدين الدولي النسخة الثالثة خلال الفترة من 10-11 يناير يسبقه لقاء يوم 9 يناير لوزراء التعدين وهذا المؤتمر هو الأضخم عالميا، سيحظى المؤتمر بحضور أكثر من 95 دولة و20 منظمة دولية رسمية و30 منظمة حكومية و13 اتحاداً للعمال، عدد المتحدثين في هذا المؤتمر أكثر من 250 متحدثاً بحضور 13000 مشارك، وسيتم توقيع أكثر من 70 مذكرة تفاهم، هذا المؤتمر يعزز النقلة النوعية لقطاع التعدين في المملكة بعد إطلاق رؤية 2030 والتي تستهدف تنويع القاعدة الاقتصادية، ليكون التعدين هو الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية، ولتفعيل القطاع فقد تم إطلاق ثلاث مبادرات إستراتيجية كبداية للتطوير، والتي تتطلب العمل على مسوحات جيولوجية للمملكة، وتحديد فرص الاستثمار في هذا القطاع، بالإضافة إلى دراسة الحوافز الممكنة لتنميته، ثم صدر بعد ذلك نظام الاستثمار التعديني في منتصف عام 2020 والذي سمح لتدفق الاستثمارات على قطاع التعدين، حيث بلغت عدد رخص التعدين القائمة حتى نهاية شهر أغسطس الماضي 2,335 رخصة تعدينية منها 599 رخصة استكشاف، و1,496 رخصة محاجر مواد بناء و30 رخصة فائض خامات معدنية و26 رخصة استطلاع، و 184 رخصة استغلال وتعدين ومنجم صغير، ونتيجة لهذا الحراك الكبير والأهداف العظيمة سوف تعلن وزارة الصناعة والثروة المعدنية خلال مؤتمر التعدين عن الأرقام الجديدة للثروات المعدنية في باطن الأرض، وكانت التقديرات السابقة تشير إلى مخزون من الثروة المعدنية يتجاوز 5 تريليونات ريال، كما أعلنت شركة معادن السعودية عن اكتشاف محتمل لإمكانات كبيرة من موارد الذهب تمتد على طول 100 كيلومتر من منجم منصورة ومسرة للذهب الحالي، ويعد هذا أول اكتشاف ضمن برنامج الاستكشاف المكثف في معادن والذي أطلق في عام 2022 ويهدف إلى بناء خط إنتاج معادن، وتشير نتائج التنقيب القريبة من منصورة ومسرة إلى أن الموارد متاحة في العمق وعلى طول المنطقة، والتي تنبئ بوفرة في حجم الثروات في المنجم، مع إمكانية إطالة عمر المنجم بالتطوير تحت الأرض، يذكر أن حجم الموارد من الذهب في منصورة ومسرة تبلغ حوالي سبعة ملايين أوقية في نهاية عام 2023 مع قدرة إنتاجية تبلغ 250,000 أوقية سنويا، كل هذه الاكتشافات الجديدة سوف تعزز من مكانة المملكة اقتصاديا، وتساهم في تنمية الناتج المحلي غير النفطي مع خلق فرص استثمارية مهمة بالإضافة إلى ما تتمتع به المملكة من مزايا تنافسية تساعدها على تحقيق النجاح في قطاع التعدين، المدعوم بالطلب المحلي الكبير مع تطور الصناعات وجذب الشركات العالمية الكبرى لبدء أنشطتها الصناعية في المملكة، مما يؤهل المملكة لتكون واحدة من أهم الدول المنتجة للمعادن في العالم بحلول عام 2030، كما أن لديها القدرة لأن تصبح مركزا عالميا لمعالجة المعادن والخدمات التعدينية، ولذلك حرصت الحكومة السعودية على عقد المؤتمر الاقتصادي السعودي الأفريقي والذي ناقش مشهد قطاع التعدين وتحدياته وفرص التعاون والنمو بين المملكة والقارة الأفريقية، حيث تمتلك القارة الأفريقية ثروات هائلة من المعادن غير مستغلة وبالتالي فإن التعاون بين المملكة والدول الأفريقية في قطاع التعدين يتقاطع مع استراتيجية المملكة التعدينية وبالتالي سوف تستفيد كل من المملكة والدول الأفريقية في هذا المجال، ولعلنا نذكر هنا بعض المجالات التي يمكن أن تعزز التعاون بين المملكة والدول الأفريقية من ذلك امتلاك جمهورية الكونغو الديمقراطية 70 % من احتياطيات الكوبالت في العالم، وبالتالي فإن البلاد في وضع فريد لتصبح منتجاً منخفض التكلفة ومنخفض الانبعاثات للمواد والخلايا الأولية لبطاريات الليثيوم أيون، وتهيمن بطاريات الليثيوم أيون على سوق السيارات الكهربائية وتمثل حوالي 49 % من سوق البطاريات القابلة لإعادة الشحن العالمية، كما توفر بطاريات الليثيوم أيضا إمكانات تخزين الكهرباء المولدة من مصادر الرياح والطاقة، وإذا ما نظرنا إلى استراتيجية المملكة للتحول إلى الطاقة النظيفة نجد أن الاستثمار التعديني في جمهورية الكونغو سوف يوفر المواد التي تحتاجها المملكة لتنفيذ استراتيجيتها، كما أن المعادن الحيوية في أفريقيا، التي تعد ضرورية لتنفيذ التقنيات النظيفة وإرساء أمن الطاقة، تجعل هذه الدول هدفاً لضخ استثمارات سعودية كبيرة في هذه الدول لاستكشاف واستغلال هذه المعادن وتحويلها لمواد أولية لخدمة الصناعات السعودية.
