قالوا عن أكذب الشعر عذب لكنهم بهذا الوصف كذبوا ، ومال بعض الشعراء عن الصدق فمالوا ، وجاء بعضهم بواقع فما راق ، وتخيل آخرون مواقف فما لاق ، لكن فحول الشعراء كان لهم مع المعاني وفاق ، فوظفوا موهبتهم في التأثير وجعلوا من شعرهم نورا للمستنير ، واختاروا الكلمة بميزان والمفردات بمعيار والعبارات والتراكيب جعلوا لها محددات من المصداقية و حلوها بالبيان جمالا و إطار. ولا شك أن أسلوب الشعر يقابله تعبير النثر ، فالشعر شعر من صياغته وأسلوب تقديمه واعتماده على الإحساس والشعور ، متأثر بذلك خاضعا لمطالبها محكوم بمؤشرها من حيث الرضى والغضب والقبول و الرفض ، فقصيدة الغاضب هجاء والراضي مدح وبينهما تجري قصائد الأغراض بحسب المواقف ، وهذا في حق الشعر عامل مهيمن يملي مطالبه على القائل ، أو بمعنى آخر مؤثر سلبي ، بعكس النثر الذي لا يرى في هذا العوامل قيودا ، مخير كاتبه وقائله ، مع العلم أن كل من يريد التعبير يلزمه الحياد والموضوعية. و في الشعر قد تكون صناعة الخيال أهم من تقرير الواقع ، وكذلك في بعض طرق التعبير وهي عديدة فللخيال دوره في صناعة عالما مفترضا لا حقيقة له . يقول الشاعر هيكل الشمري يقولون الشعر عادي كلام وقافيه و اوزان وانا اقول الشعر هو موهبه والهام رباني وازيد ان الشعر نوبات آفة تذهب الانسان تحطه في مواقف هو غنى عنها يالاخواني طلبني واحدن منهم على كل الحكي برهان وقلت اسمع قصيدة تثبت الواقع وبرهاني الا ياللي تقول شلون اصوّر اجمل القيفان انا لا غمضت عيني ادش بعالم ثاني أرى نفسي وسط بحر الشعر في مركبي ربان و أقود لمركبه كل ما احس ان الوعد حاني ولو إن البحر هايج ابد ما هاب انا الطوفان معي حورية افكاري تساعدني إلى جاني توصلني على بر الامان وها المكان جنان أرى ما يأسر الخفاق و أرى ما يدهش اعياني ترا عيني معالم عالمٍ فيه القصيد الوان به الحكمة من انصافي وفيه الوصف هزاني اشوف ان الشعر همٍ واشوف ان الشعر احيان مثل ضوٍ ضرب جال الغدير وشكّل الواني الا ياللي تقول شلون اصوّر اجمل القيفان انا لا غمضت عيني ادش بعالم ثاني و يقول الشاعر فهد المفرج في عرض إحساس وشعور من واقع عبر ببعضه وليس كله بلا شك ، لأن الموقف ولو كان واقعا إلا أنه يستعصي على من يريد وصفه ، يقول في ابنته ريوف : يا ريوف ياعلّك بحالي تروفين لا قلّ شوفي وانحنت بي عصايه يمين من نزّل تبارك وياسين انك قمر عمري وكوكب فضايه أدراك بالخاطر واعاملك باللين وارجي عسى الله مايخيّب رجايه احب من حبك واعادي المعادين وادعي لك الله بالستر والهداية فقدتك البارح وجريت صوتين هذي وهي ليلة وعند أنسبايه ويقول الشاعر ممدوح التويجري: عسفت الصعايب لين راحت وجيه عداي من الغبن يسفي فوق هاماتها السافي نجاحي مكفي عن تعب رمحي وشلفاي كشف لي من الكذاب والصاحب الوافي تراكيت يوم الناس بانت على مركاي ولاعاد به شيٍ مغطى ولا خافي هل الطيب والمعروف شفهم على يمناي وهل الخبث وعلوم الردى شفهم خلافي ناصر الحميضي