قال حكيم: ليس سبب مشكلاتنا ما لا نعرف، إن سبب المشكلات هو ما نعرف ولم يحل بعد. ومن هذه الحكمة أعلاه تأكدنا أن الذين يخططون لحياتهم فقط هم الذين يجنون النتائج الرائعة.. ولعلي أجد نفسي كذلك لولا أنني اطلعت قبل نحو عقد على دراسة للباحث السعودي تركي فيصل الرشيد عن التقاعد وتخطيطه ومتى يجب أن يُتخذ القرار بشأنه، وحقيقة أستغرب أن مثل هذه الدراسات القيمة التي تهم المجتمع لا تنتشر كما تستحق، حيث وجدت فيها كثيراً من الأمور التي نحتاجها، وخاصة لمن هم على رأس العمل. فأستاذنا الفاضل الرشيد يؤكد «وفقاً لدراسته» أن قلة من الناس من لديهم خطة لما بعد التقاعد، بل إنه شدد على أن الكثير يرى في التقاعد الإجباري حدثاً مأساوياً يعمل كل ما في وسعه لتجنبه والتمديد له.. هو اطلع على دراسات متقدمة وموثقة من قبل سجلات شركات كبرى مثل لوكهيد وبوينج وفورد وغيرها، ولعل الصدمة الأكبر أن الدراسات أفضت إلى أن كثيراً ممن يصل إلى التقاعد الإجباري لا يعيش طويلاً بعده، وبأرقام موثقة مقارنة بمن نحوا على التقاعد المبكر، وكيف أنهم عاشوا فترات أطول، وحسب دراسة الرشيد «الموظف الذي ينتظر إلى آخر المطاف لكي يحال إلى التقاعد يكون قد استهلك نفسه وجسده وتحمل من الهموم ما يجعل صعوبة مواصلة المشوار إلى سن 70.. وفي المقابل الموظف الذي يتقاعد عند بلوغه سن 55 غالباً يصل إلى سن 80 والأعمار بيد الله». وتشير الدراسات وما يحث عليه علماء النفس والمجتمع أن ليس معنى التقاعد المبكر هو الخمول وترك العمل نهائياً بل يجب أن يقوم الإنسان بأعمال يستمتع بها كنشاطات اجتماعية وتطوعية وسفرات ترفيهية أو العمل كدوام جزئي، فعلى الإنسان أن يستمتع بحياته ولا يفني عمره في العمل فقط. مستشهدة بالمجتمع الياباني، فالياباني يتقاعد في الغالب عند سن 55 عاماً، وذلك أحد أهم أسباب طول عمر اليابانيين.. وتمتعهم بحياتهم حتى وهم في عمر متقدم، لذا تجد أن الياباني يعد العدة لهذا الأمر بحيث تشاهد فلولهم من كبار السن ممن تجاوزوا السبعين يجوبون البحار والفيافي بحثاً عن الاستمتاع، وهو نشاط وجدوه من حسن تنظيمهم لحياتهم وقدرتهم على اتخاذ قراراتهم العملية التي من أهمها التقاعد. في مجتمعنا قد يكون هناك أسباب مالية أخرى يعاني منها المتقاعد، ونخص بذلك من ستهوي مرتباتهم كثيراً بعد التقاعد، ونحسب أن النظام الوظيفي السعودي يتحمل كثيراً هذا الأمر.. وحيث إننا أمام مرحلة مقبلة سيكون فيها مجال العمل يعتمد على الإنتاجية والمقابل المالي لها وفقاً لرؤية المملكة 2030 سواء في القطاع الخاص أو العام.. لذا لا بد من توعية كبرى وحبذا لو تبنت وزارتنا الموقرة وإعلامنا مثل تلك الدراسة القيمة لأنها السبيل نحو حياة أفضل. الأهم في القول إن من يتقاعد مبكراً يعيش طويلاً «مع إيماننا التام أن الأعمار بيد الله» لكن هي إجراءات صحية ونفسية تساعد على وضع أفضل.. لكن ظل الأمر غير مقبول لدى كثيرين، ولا نلومهم بذلك من جراء أن التوعية في هذا المجال تكاد تكون شبه معدومة، وكأن ارتباط الحياة لا بد أن يتزامن مع العمل. Your browser does not support the video tag.