العودة إلى مقاعد الدراسة الخشبية والجلوس أمام الطاولات الصغيرة لتلقي التعليم ممن يصغرونك سناً خصوصاً بعد الانقطاع عن الدراسة لعقود عدة ليس بالأمر السهل، لكن عدداً من طلاب تعليم الكبار الذين عادوا إلى مقاعدهم الدراسية بعد الحنين إليها بسبب الحرمان الذي طال منتصف أعمارهم، لا يلتفتون لمثل هذه الآراء، ويسعون بشتى الوسائل للنجاح رغم الحواجز الاجتماعية. ويعتبر متلع الدوسري (42 عاماً)، واحداً من طلاب تعليم الكبار الذي انقطع عن الدراسة منذ سن ال 17، إثر ظروف خاصة، ويجلس هذه الأيام في قاعة الاختبار لإنجاز ما فاته في الأعوام الماضية. ولا يخفي الدوسري حسرته على السنوات التي ذهبت هباء منثوراً دون تحصيل دراسي، موضحاً أن عودته للدراسة تهدف إلى تعلم الأمور الكثيرة التي يجهلها، وفرصة لتطوير نفسه. ويؤكد الدوسري أنه لا يواجه وزملاؤه الكبار أي صعوبة في تلقي التعليم وذلك بمساندة المعلمين، مضيفاً «أشعر بسعادة كبيرة عندما أتوجه للمدرسة للتعلم، ويغمرني إحساس أن هذه الدراسة ستنعكس بفوائد عدة أستطيع من خلالها خدمة المجتمع». ولا تختلف قصة الدوسري عن زميله الطالب علي المرواني (47 عاماً) الذي انقطع عن دراسته ما يزيد على 30 عاماً، لانشغاله بالعمل في وظيفته بالقطاع الحكومي، إذ التحق بالدراسة أخيراً، حتى يستطيع الحصول على ترقية في عمله. ويقول المرواني إن أبناءه استغربوا كثيراً عند إعلان نبأ عودته للدراسة، إلا أنهم سرعان ما تقبلوا الأمر مقتنعين بفكرة والدهم الذي يدرس في المرحلة المتوسطة، موضحاً أن خطته للدراسة أيام الاختبارات تتمثل في اصطحاب كتابه إلى عمله حتى تتسنى له فرصة المذاكرة. فيما يواجه الطالب محمد القحطاني (30 عاماً) الذي انقطع عن دراسته ما يزيد على 14 عاماً، صعوبة كبيرة عند عودته لإكمال الدراسة، إلا أن معملي المدرسة ساندوه كثيراً على تجاوز المصاعب التي واجهها. ويوضح القحطاني الذي يدرس في الصف الثاني المتوسط، أنه كان يرغب بالالتحاق في الدراسة العام الماضي حتى يكمل دراسته مع ابن أخيه الذي يصغره سناً، وهو يدرس الآن في المرحلة الثالثة المتوسطة، حتى يذاكرا سوياً، لكن الوقت لم يساعده في الالتحاق بالدراسة، لكنه يستعين حالياً بابن شقيقه لمساعدته في المذاكرة.