جمع الفصل "الأول الابتدائي" في محو الأمية بمدرسة البراء بن عازب بمحافظة رفحاء 10 شباب من عائلة واحدة على مقاعد الدراسة، فلم يمنع تفاوتهم الكبير في السن تجاورهم في مقاعد الدراسة، ولم يمنعهم حب حياة البادية، وتربية الماشية التي عايشوها وأشغلتهم عن الدراسة زمنا، من الانخراط في دفعة واحدةً للتعلم، فشغلوا 10 مقاعد في فصل دراسي لا يتجاوز عدد طلابه 12 طالبا. الشباب العشرة من عائلة سعودية واحدة تقطن (100 كيلو متر جنوب رفحاء) أصغرهم سنا يبلغ 11 عاما، وأكبرهم 28 عاما، سجلوا أنفسهم في الصف الأول الابتدائي سوياً وجلسوا على مقاعد الدراسة في فصل واحد ، أصغرهم سنا لم يدخل مدرسة منذ 5 سنوات وأكبرهم ترك المدرسة منذ 22 عاما. القصة وفصولها رصدتها "الوطن" في زيارتها لمدرسة البراء بن عازب الابتدائية لتعليم الكبار بمحافظة رفحاء، حين التقت أبناء عمومة جمعوا بين حب حياة البادية والتعلم، وحجزوا فصلاً دراسياً كاملاً في ذات المدرسة، كما يقول مديرها سلطان عقاب الرخيص، مبدياً إعجابه الكبير هو وزملاؤه المعلمون بحماس الطلاب، وحرصهم الشديد على التعلم، مشيراً إلى أن إدارة المدرسة هيأت لهم الجو المناسب للتعلم وشجعتهم على البدء في الدراسة، وبينت لهم أنه لا يوجد عمر محدد للدراسة. يقول أكبرهم سناً الطالب منور الحربي (28 عاما) ل"الوطن": "لم تساعدنا ظروفنا في السابق على البدء في الدراسة في عمر مبكر أنا وإخوتي وأبناء عمي؛ لانشغالنا في تربية ماشيتنا، والعناية بها، والتنقل بها من مكان لآخر ، لا سيما وأن والدينا رحمهما الله كانا كبيرين في السن يحتاجان مساعدتنا". وأشار إلى حرصه هو وإخوته وأبناء عمومته على التعلم، حتى وإن فاتهم قطار التعلم بالمدارس الصباحية، وأن ذلك دفعهم إلى التسجيل مع بداية هذا العام بمدرسة البراء بن عازب لتعليم الكبار برفحاء، مؤكدا أنه سعيد وفخور جدا بإخوته، وأبناء عمه الذين جمعوا بين العمل في تربية ماشيتهم والدراسة. وأضاف الحربي، أنه يقطع مع أبناء عمه الكبار مسافة 200 كيلو متر ذهاباً وإياباً أيام دوام المدرسة من مكان ماشيتهم في نفود المعيزيلة إلى مدرستهم في رفحاء، أما أبناء عمه وإخوته الصغار فيسكونون حاليا في منزل استأجره في رفحاء، بغرض أن تكمل أسرتهم تعليمها، ذاكرا أن إخوته، وأبناء عمه وزملاءه بالفصل تتراوح أعمارهم مابين 11سنة إلى 28 سنة. ومن جانبهم، أشاد معلمو المدرسة بمستوى منور، وإخوته، وأبناء عمه، مشيرين إلى أنهم يملكون موهبة وذكاء فطريا يضاهي ذكاء طلاب المدارس النظامية، ويتحلون بأخلاق عالية، مؤكدين أنهم يعاملونهم معاملة الأصدقاء، ويتواصلون معهم خارج وقت الدوام لشرح أي درس لم يستطيعوا فهمه داخل الفصل.