رئيس مجلس الوزراء العراقي يصل الرياض    آل حيدر: الخليج سيقدم كل شيء أمام النصر في الكأس    إلزام موظفي الحكومة بالزي الوطني    "واحة الإعلام".. ابتكار لتغطية المناسبات الكبرى    أمطار تؤدي لجريان السيول بعدد من المناطق    لرفع الوعي المجتمعي.. تدشين «أسبوع البيئة» اليوم    492 ألف برميل وفورات كفاءة الطاقة    «زراعة القصيم» تطلق أسبوع البيئة الخامس «تعرف بيئتك».. اليوم    الرياض.. عاصمة القمم ومَجْمَع الدبلوماسية العالمية    «هندوراس»: إعفاء المواطنين السعوديين من تأشيرة الدخول    "عصابات طائرة " تهاجم البريطانيين    كائن فضائي بمنزل أسرة أمريكية    أمير الرياض يؤدي الصلاة على منصور بن بدر بن سعود    وزير الدفاع يرعى تخريج الدفعة (82) حربية    وفاة الأمير منصور بن بدر بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود    إحالة الشكاوى الكيدية لأصحاب المركبات المتضررة للقضاء    القتل ل «الظفيري».. خان الوطن واستباح الدم والعرض    طابة .. قرية تاريخية على فوهة بركان    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية.. استمرار الجسر الإغاثي السعودي إلى غزة    الرياض.. عاصمة الدبلوماسية العالمية    أرباح شركات التأمين تقفز %1211 في 2023    وزير الإعلام ووزير العمل الأرمني يبحثان أوجه التعاون في المجالات الإعلامية    فريق طبي سعودي يتفوق عالمياً في مسار السرطان    برعاية الملك.. وزير التعليم يفتتح مؤتمر «دور الجامعات في تعزيز الانتماء والتعايش»    العرض الإخباري التلفزيوني    وادي الفن    هيئة كبار العلماء تؤكد على الالتزام باستخراج تصريح الحج    كبار العلماء: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    مؤتمر دولي للطب المخبري في جدة    أخصائيان يكشفان ل«عكاظ».. عادات تؤدي لاضطراب النوم    4 مخاطر لاستعمال الأكياس البلاستيكية    وصمة عار حضارية    السجن لمسعف في قضية موت رجل أسود في الولايات المتحدة    ألمانيا: «استراتيجية صامتة» للبحث عن طفل توحدي مفقود    أمير الرياض يوجه بسرعة رفع نتائج الإجراءات حيال حالات التسمم الغذائي    الأرصاد تنذر مخالفي النظام ولوائحه    التشهير بالمتحرشين والمتحرشات    استقلال دولة فلسطين.. وعضويتها بالأمم المتحدة !    زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب جزيرة جاوة الإندونيسية    64% شراء السلع والمنتجات عبر الإنترنت    تجربة سعودية نوعية    الأخضر 18 يخسر مواجهة تركيا بركلات الترجيح    الهلال.. ماذا بعد آسيا؟    تتويج طائرة الهلال في جدة اليوم.. وهبوط الهداية والوحدة    انطلاق بطولة الروبوت العربية    حكم و«فار» بين الشك والريبة !    فيتور: الحظ عاند رونالدو..والأخطاء ستصحح    الاتحاد يعاود تدريباته استعداداً لمواجهة الهلال في نصف النهائي بكأس الملك    (911) يتلقى 30 مليون مكالمة عام 2023    وزير الصناعة الإيطالي: إيطاليا تعتزم استثمار نحو 10 مليارات يورو في الرقائق الإلكترونية    سلامة موقع العمل شرط لتسليم المشروعات الحكومية    واشنطن: إرجاء قرار حظر سجائر المنثول    المسلسل    إطلاق برنامج للإرشاد السياحي البيئي بمحميتين ملكيتين    الأمر بالمعروف في الباحة تفعِّل حملة "اعتناء" في الشوارع والميادين العامة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: أصبحت مستهدفات الرؤية واقعًا ملموسًا يراه الجميع في شتى المجالات    «كبار العلماء» تؤكد ضرورة الإلتزام باستخراج تصاريح الحج    خادم الحرمين يوافق على ترميم قصر الملك فيصل وتحويله ل"متحف الفيصل"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العراق تخلص من الإحتلال الأميركي ليواجه خطر الحروب الأهلية والتقسيم
نشر في الحياة يوم 28 - 12 - 2012

تشبه نهاية عام 2012 في العراق بدايته. الذين رموا خلف قوافل الجيش الأميركي المنسحبة «سبع حجرات» سرعانما اكتشفوا انهم ما زالوا عند مفترق الطرق الذي واجهوه عندما احتلت هذه القوات بلادهم عام 2003.
رفع السنة مع بداية العام بطاقة الانفصال(تشكيل أقاليم)، مشتكين من ظلم رئيس الحكومة نوري المالكي وطغيانه، وأصبح احد ابرز قادتهم(نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي) مطارداً خارج الحدود بتهمة الإرهاب. وشهر الأكراد بطاقة الإنفصال مرات،ومع نهاية العام وجدوا انفسهم امام خيار مواجهة عسكرية مدمرة في المناطق المتنازع عليها. قدم العرب الى العراق(القمة العربية) ولم يأتوا ابداً. وغادر الاتراك البلاد، محتضنين الهاشمي.
عام عراقي آخر لا يتيح اي اداة لقراءة مستقبل هذا البلد، حيث يسرطن الفساد، ويطيح رؤوساً كبيرة في صفقات مشبوهة، وحيث حلبة ديكة مستعدة لكل لأي شيء من اجل استمرار الاستعراض.
المالكي: مواجهات مفتوحة
بدأ رئيس الحكومة نوري المالكي عامه متحمساً لاستضافة بغداد القمة العربية، للمرة الاولى منذ اكثر من عقدين، لكن القمة لم تغير الكثير في العلاقاتة الفاترة بين العراقوبمحيطه العربي، على رغم ان الحكومة صرفت نحو بليون دولار لاستضافة الزعماء،متحملة اتهامات بالإسراف أو الفساد في هذا الملف.
الأزمة السورية ألقت ظلالها على أعمال القمة، وتزامنت مع اتهام العراق بدعم النظام في دمشق، فيما تدهورت العلاقة مع تركيا ليتبادل المالكي ورئيس حكومتها رجب طيب اردوغان اتهامات بانتهاج سياسة طائفية، وهددت بغداد بانهاء عقود الشركات التركية.
جهود المالكي لتكريس أجواء الحاكم القوي، بعد مغادرة المحتل، كانت واضحة في توجهات العراق الخارجية منذ بداية العام، فقد حرص مع نهايته على التوجه الى روسيا لعقد صفقة سلاح ب4 بلايين دولار لإثبات استقلالية قراره عن واشنطن، لكنها (الصفقة) سرعان ما تعرضت الى اتهامات فساد لتتحول الى فضيحة أطاحت الناطق باسم الحكومة علي الدباغ.
فتح المالكي أبواب العراق أمام المعسكر الشرقي لم يقتصر على روسيا، فقد حاول لكي استقطاب الشركات الكورية والصينية لاستثمارات كبرى تصل الى نحو 50 بليون دولار يتم دفعها بالآجل، من دون المرور بقوانين التعاقد الروتينية للدولة.
لكن البرلمان رفض إدراج مبالغ «الدفع الآجل» في موازنة 2012 حتى بعدما خفضتها الحكومة الى 39 بليون دولار، وهذه هي الصفقة الكبرى التي يعول عليها المالكي كثيراً لإحداث تغيير في العراق خلال فترة حكمه، دعماً لطموحه إلى ولاية ثالثة، فاصطدم أول الأمر برفض المصرف المركزي الذي عرض عليه تمويل الصفقة من الاحتياط المالي للدولة والذي بلغ في العام نفسه نحو 60 بليون دولار.
محافظ المصرف سنان الشبيبي، وهو احد علماء الاقتصاد في العراق، سرعانما حاصرته الاتهامات بالفساد خلال وجوده في مؤتمر دولي، فلم يعد الى البلاد بعدما صدرت بحقه أوامر بالإعتقال مع كثيرين من مساعديه ونحو 30 موظفاً في المصرف.
لجوء الهاشمي
أمضى نائب رئيس الجمهورية احد زعماء»القائمة العراقية» طارق الهاشمي اليوم الأول من هذا العام في منزل رئيس الجمهورية جلال طالباني على قمة جبل في السليمانية، هرباً من اتهامات فجرها المالكي ضده بتزعم مجموعات إرهابية.
شغلت تلك الاتهامات الشارع ووسائل الإعلام، لكنها ألقت ظلالاً ثقيلة على الوضع السياسي في العراق، تحدث كبار السياسيين في جلساتهم الخاصة عن خرق المالكي قوانين اللعبة، وبدأت المخاوف تتصاعد في أوساط معارضيه: «إذا كان قادراً على إسقاط نائب رئيس الجمهورية ب 140 تهمة تبدأ بقتل شرطي مرور ولا تنتهي باستهداف مواكب دينية، فانه سيكون قادراً بالضرورة على إسقاط الجميع». بدت الضربة موجعة تحت الحزام، وبدا الهاشمي الذي استجار بالأكراد أكثر حيرة من سواه، فعليه أن يواجه تلك الاتهامات أو يواجه نتائجها.
بعد شد وجذب وانسحابات برلمانية وسلسلة بيانات ومقابلات، قرر الهاشمي مغادرة اقليم كردستان إلى اسطنبول استجابة لدعوة وجهها إليه وزير الخارجية التركي احمد داود أوغلو، ومن هناك عين فريق محامين للدفاع عنه، مؤكداً أن التهم التي ألصقت به ذات طابع سياسي وطائفي.
مع بدء المحاكمات أيعلن نائب رئيس الجمهورية وفاة احد حراسه من بين عشرات من عناصر حمايته الذين اعتقلوا في بغداد، وبعد أسابيع أكد وفاة حارس آخر تحت التعذيب، فيما أكدت الحكومة انه توفي نتيجة فشل كلوي. وسريعاً أصدر القضاء حكماً بإعدام الهاشمي بتهمة تحريض عناصر حمايته على قتل محامية، ثم حكم بإعدام ثان وثالث ورابع، وقبل نهاية العام أعلن الهاشمي وفاة حارس ثالث في السجن.
قضية الهاشمي احتلت في بداية العام مساحة واسعة من الحراك السياسي، كانت مركز مطالبة «القائمة العراقية» التي اعتبرت الاتهامات ضد احد زعمائها استهدافاً لخطها السياسي وللمكون السني الذي يدعمها. حساسية الموقف دفعت عدداً من النواب الشيعة في «العراقية»الى الانسحاب منها وتشكيل تكتلات جديدة، وتوالت خلال منتصف العام إعلانات من مكاتب»العراقية» في مدن الجنوب بالانسحاب منها بسبب «دفاعها عن محكوم بالإعدام».
في منتصف العام تخلت «العراقية» عن إدراج موضوع الهاشمي شرطاً للحوار، نزولاً عند رغبة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ، مقابل انضمامه الى الجبهة المطالبة بحجب الثقة عن رئيس الحكومة.
الصدر في مصيف بارزاني
وصول طائرة الصدر قادماً من طهران إلى اربيل للمشاركة في اجتماعات الإطاحة بالمالكي، كان حدثاً استثنائياً . الزعيم الشاب الذي نزل من سلم الطائرة برداء اسود طويل يمثل الزي التقليدي لرجال الدين، وعمامة سوداء كبيرة وجد على أرض مطار اربيل استقبالاً حافلاً، فهذه أكثر من زيارة مجاملة، فانضمامه الى جهود إقالة المالكي لا تعني إكمال العدد المطلوب في البرلمان لتمرير المشروع، بل قبل ذلك تمنح غطاء للتحرك الكردي– السني عماده قاعدة شيعية عريضة، تمنح جبهة المعارضين زخماً غير مسبوق.
الصدر الذي سيكتب لاحقاً مذكرات رحلته الى اربيل، واجتماعه بالرئيس جلال طالباني وزعيم «العراقية» إياد علاوي ورئيس البرلمان أسامة النجيفي، بالإضافة الى بارزاني، وقع بياناً عرف ب «إعلان اربيل»، كشف للمرة الأولى أيضا الأجواء السرية التي تحيط بدور إيران ورجلها الغامض قاسمي سليماني في إدارة اللعبة في العراق.
تحدث الصدر بصراحة عن اجتماع مغلق مع المالكي وسليماني هدفه إقناعه بعدم التوجه الى اربيل، إستمع من سليماني الذي يقود «فيلق القدس» المتهم بدعم المجموعات المسلحة في العراق، رفضاً إيرانياً لتوجهه الى اربيل فكتب :»وفي نهاية المطاف أو اللقاء أخبرتُ المالكي بأنني سأذهب إلى (اربيل) أو كردستان، فهل من حاجة(لديك) أُبلغها لهم لتقريب وجهات النظر، فما كان جوابه إلا مصحوباً بتأييد (قاسم سليماني) أنْ لا تذهب، فذهابك فيه مُخاطَرَة وإضعاف شعبي، وقد وصفوا الأكراد بوصف لا أريد ذكره هنا. فأبيتُ ذلك، وقلتُ إنّها زيارة طبيعية ولا ضرر فيها أبداً. إذن هذه الزيارة– أعني زيارتي اربيل – هي انتحار بنظر (المالكي) و(طهران) وبعض الأطراف الأخرى، وقد تكون خراباً بنظر لآخرين يقولون إنَّ جميع مَنْ في اربيل ضد الحكومة ورئاسة الوزراء. وهذا ما قد ينتج أموراً تُسيء إلى العراق وأهله لا سمح الله».
ركز الصدر في سلسلة بيانات لاحقة أعقبت فشل جهود سحب الثقة من المالكي على أن ما يقوم به ضد «تمركز السلطة في يد المالكي» و»ولاية ثالثة» و»مهاجمته الشركاء» و»عودة الديكتاتورية» هو دفاع عن «المصالح العليا للشيعة»، ومحاولة لمنع تحولهم من «مظلوم الى ظالم»، لكنه واجه مع نهاية العام اتهامات صريحة احياناً، ومبطنة من المالكي نفسه، فهو «زعيم ميلشيات سابق» و»بياناته لا وزن لها»، ما أثار انصاره الذين خرجوا في تظاهرات ضد رئيس الحكومة.
الضغط على طالباني
في واحدة من أكثر اللحظات السياسية حرجاً، قرر الرئيس طالباني مغادرة العراق للعلاج، ترك خلفه ازمة سياسية طاحنة، زعماء اجتماع اربيل حملوه مسؤولية عدم المضي في قرار سحب الثقة من المالكي، فاتهمهم بتزوير تواقيع النواب.
رفض طالباني ان يكون سحب الثقة من المالكي عبره، على رغم ان الدستور يتيح له ذلك، وطلب من المعارضين التوجه الى البرلمان لتمرير القرار، حيث كان الجميع يعلم ان الاجراءات البرلمانية التي تتطب الاستجواب قبل التصويت لن تسمح بتمرير القرار، واعترف الصدر ان مساندته جهود علاوي وبارزاني كلفته جزءاً من شعبيته فانسحب من التحالف، مشترطاً ان يكمل الحلفاء العدد المطلوب للتصويت.
طالباني الذي يواجه مشاكل صحية منذ نحو عامين، ينظر اليه انه صمام الأمان في الازمات، لكن ازمة سحب الثقة اكبر من قدرته على فرض حل توافقي، فكانت رحلة العلاج فرصة للتهدئة، وكان يجري اتصالات يعد من خلالها لمؤتمر وطني شامل ينهي الازمة او يجبر الجميع على التعامل مع حدودها الدنيا.
في غياب طالباني ظل المتخاصمون يتبادلون الاتهامات، واقدم المالكي على اصدار قرار، لم يكن مثيراً للاهتمام أول الأمر، يقضي بتشكيل قيادة عمليات عسكرية في ديالى وكركوك باسم «عمليات دجلة»، وقبل عودة طالباني الى العراق قرر توسيع نطاقها لتشمل محافظة صلاح الدين.
رفض الاكراد بشكل قاطع تشكيل هذه القوات لان مهماتها تمتد الى المناطق املتنازع عليها، خصوصا كركوك، بعد ايام من عودة طالباني تحركت تلك القوات الى مشارف المحافظة. فاعتبر الاكراد تحركها عملاً «عدوانياً» هدفه تهديدهم، فحركوا في المقابل قوات «البيشمركة» إلى حدود كركوك الشمالية.
بلدة طوزخرماتو التي تفصل كركوك عن ديالى شهدت أول الاحتكاكات بين الجيش العراقي وعناصر امن كردية، راح ضحيتها شرطي تركماني وجرح 11، وفجرت الحادثة مخاوف كبرى من نشوب حرب في المنطقة، حذر المالكي فيما بعد من «حرب عربية – كردية» وقال الاكراد ان كل الانظمة السابقة، بينها نظام الرئيس الراحل نظام صدام حسين، لم تستخدم هذه العبارة للحديث عن استهدافها الاكراد.
عاد طالباني الى بغداد وشرع في جهود لتهدئة الازمة خلصت الى اتفاق اولي على سحب قوات الطرفين والاستعانة باهالي كركوك انفسهم لتشكيل قوة عسكرية وامنية، لكن تطبيق هذا الاتفاق لم يتم عمليا حتى نهاية العام.
سورية في قلب الازمة
الانقسام العراقي حول الموقف من سورية استمر وتوسع خلال عام 2012 زأيد السنة والاكراد تغيير النظام، وتحفظ الشيعة، واتهمت الحكومة العراقية بإيصال اسلحة ايرانية الى النظام في دمشق، وعلى رغم نفيها هذا الاتهام، فإن كل الأحداث والخلافات الداخلية التي تفاقمت تم تسويغها بدلالة الموقف من الازمة السورية. وتلك الدلالة احالت بشكل مباشر الى الانقسام الاقليمي حول الازمة الداخلية العراقية.
مع نهاية العام أعلنت المرجعية الشيعية العليا التي تمثل الزعامة الروحية للشيعة في العالم ان موقفها من الازمة «متوازن» لاتنحاز إلى أي طرف، ودعت الى وقف نزيف الدم المسلم من الجانبين.
رفض العراق في بادىء الامر استقبال اللاجئين السوريين الذين حاولوا، ثم تراجع بعد أيام، وبعدما تصاعدت الإدانات الشعبية والرسمية والدولية له فقرر اقامة مخيم للاجئين على حدود محافظة الانبار لم يستقبل حتى نهاية العام اكثر من 9 ألاف لاجئ، فيما توجه نحو 50 ألفاً الى مناطق اقليم كردستان التي لم تنتظر قراراً من بغداد لفتح حدودها امامهم.
كان مقربون من المالكي يتهمون رئيس الاقليم مسعود بارزاني بتدريب مقاتلين من الاكراد السوريين ، ويعربون عن استيائهم من تطور علاقته بتركيا التي تتهمها بغداد بالتدخل في الشأن السوري ودعم الثوار عسكرياً.
المراوحة في مفترق الطرق
الانسحاب الاميركي من العراق كان ابرز حدث عام 2012، ونشط تنظيم «القاعدة» بشكل لافت وتبنى هجمات كبرى واقتحامات لسجون.
كان لافتاً ان ينجح التنظيم في ظل الاجراءات الامنية العراقية المشددة في مهاجمة سبعة مدن في وقت واحد، وتكررت مثل هذه العمليات لتحصد الاف الضحايا.
قوات الامة التي وجدت نفسها امام اسئلة كبيرة عن قدراتها وامكاناتها، لم تتردد في تحميل الخلافات السياسية مسؤولية عودة نشاط «القاعدة»، فيما تبادل رئيس الحكومة ومعارضوه الاتهامات بالتورط في الاحداث او التغاضي عنها او الفشل في ادارتها.
وعلى رغم أن زيارات كبار المسؤولين الاميركيين لم تتوقف، بل تضاعفت في النصف الثاني من العام نفسه، الا ان غيابهم العسكري كشف مراوحة العراقيين في منطقة مطربة، فالدستور الذي يجب أن يمثل مرجعيتهم ، تحيط به «دساتير» المذاهب والأعراق. والاتفاقات السياسية تكشف مصالح شخصية وفؤوية، والاجتماعات لا تتعدى اهدافها التقاط الصور التذكارية، كل ذلك قديتقود في أيِّ لحظة إلى حروب داخلية، يحشد من أجلها العسكر وتسن آلات القتل أسنانها.
طالباني من ثائر الى رئيس للجمهورية
أعلن مسؤولون عراقيون في 18 كانون الأول (ديسمبر) ان الرئيس جلال طالباني أصيب بجلطة دماغية نقل، على أثرها، إلى المستشفى، حيث يخضع لعلاج مكثف، وان حالته مستقرة.
وتوقع سياسيون عراقيون ومراقبون أن يترك غياب طالباني، إذا طال علاجه، حالاً من الفراغ السياسي، إذ أنه كان حلقة الوصل بين كل الأطراف، وقد أطلق مبادرة لتسوية الخلاف بين الحكومة الإتحادية وإقليم كردستان.
طالباني هو الرئيس التاسع للعراق منذ تأسيس الجمهورية عام 1958، وأول كردي يشغل هذا المنصب، عُيّن رئيساً عام 2005، خلال فترة الحكومة الانتقالية. اختارته لهذا المنصب الجمعية الوطنية لمدة 4 سنوات في 2006 . وجددت ولايته عام 2010 .
وُلِدَ طالباني في كركوك في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 1933. بدأ مسيرته السياسية في بداية الخمسينات عضواً مؤسساً لاتحاد الطلاب في كردستان، ثم انتسب إلى الحزب «الديموقراطي الكردستاني» وترقى في صفوفه فأصبح عضواً في اللجنة المركزية عام 1951، أي بعد 4 سنوات فقط من أنضمامه إلى الحزب وكان عمره آنذاك 18 عاما.
في عام 1953 بدأ دراسته في كلية الحقوق في جامعة بغداد، وفي 1961 شارك في انتفاضة الأكراد ضد حكم عبدالكريم قاسم، وبعد الانقلاب على قاسم عام 1963، قاد طالباني الوفد الكردي إلى المحادثات مع رئيس الجمهورية آنذاك عبدالسلام عارف.
وبعد خلافات جوهرية بينه وزعيم الحزب «الديموقراطي الكردستاني» مصطفى بارزاني انضم عام 1964 إلى مجموعة انفصلت عن «الديموقراطي الكردستاني» ليشكلوا المكتب السياسي للحزب، بزعامة إبراهيم أحمد الذي أصبح لاحقا حماه.
تفرقت المجموعة عام 1970، بعد توقيع «الديموقراطي» والحكومة اتفاقاً أعطى الأكراد حكماً ذاتياً.
وبعد انهيار حركة المقاومة الكردية، بزعامة مصطفى بارزاني، في أعقاب اتفاق الجزائر عام 1975، أسس طالباني مع عدد من رفاقه حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني». وبعد تشكيله بسنة بدأ الحزب حملة عسكرية ضد الحكومة المركزية توقفت لفترة قصيرة في بداية الثمانينات، في خضم حرب الخليج الأولى، حين عرض الرئيس الراحل صدام حسين صلحا مع «الاتحاد»، لكن المفاوضات فشلت وبدأ الصراع مرة أخرى ومني حزب طالباني بانتكاسة قاسية فاضطر إلى مغادرة شمال العراق واللجوء إلى إيران.
بدأت حقبة جديدة في حياة طالباني السياسية بعد حرب الخليج الثانية وانتفاضة الأكراد في الشمال ضد الحكومة المركزية عام 1991، ومهد التحالف الغربي بحظره الجوي على الطيران العراقي لبداية تقارب بين الحزب «الديموقراطي الكردستاني»، بزعامة مسعود بارزاني، و»الاتحاد الوطني الكردستاني»، بزعامة طالباني. ونُظمت انتخابات في إقليم كردستان وشكلت عام 1992، إدارة مشتركة من الحزبين، لكنها لم تستطع إنهاء الخلاف بينها، ما أدى إلى مواجهة عسكرية بين الطرفين عام 1996 وضعت حداً لها الولايات المتحدة، وخاض الزعيمان مفاوضات شاقة أسفرت عن اتفاق سلام وقعه طالباني وبارزاني في واشنطن عام 1998، وبعد الغزو الأميركي وقعا اتفاقاً آخر تولى بموجبه الاول رئاسة العراق فيما شغل الثاني منصب رئيس اقليم كردستان.
عُرف عن طالباني اهتمامه بالشعر، ويقول عن نفسه أنه راوي قصائد الشاعر محمد مهدي الجواهري، كما انه عمل صحافياً لفترة طويلة وكان من مؤسسي نقابة الصحافيين العراقيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.