تبادل مصنعو الأسمنت وموزعوه في السعودية الاتهامات حول أزمة الأسمنت التي تجددت في منطقة مكةالمكرمة أخيراً، ففي حين اتهمت المصانع الموزعين بالاحتفاظ بالأسمنت في المستودعات، ما تسبّب في رفع سعر الكيس إلى 20 ريالاً (5.3 دولار) في جدةومكة، أكد موزعون أن خطوط الإنتاج في المصانع هي السبب الرئيس في تذبذب كميات الأسمنت التي يحصلون عليها، إذ تحجز المصانع الإنتاج في شكل كامل لشركات مقاولات كبرى معروفة. وقال مسؤول التوزيع في أحد المصانع خالد سعيد البيتي في تصريح الى «الحياة»: المشكلة الأساس ليست في نقص المعروض في السوق بل في أساليب ملتوية ينفذها بعض الموزعين لإرباك السوق وتقليص المعروض وبالتالي رفع الأسعار، ثم إلقاء التهم على المصانع بخفض الكميات، وهو أمر غير منطقي خصوصاً أن المصانع ملتزمة بعقود ثابتة لا يمكن تجاوزها، ويتم تحديد الكميات التي تُسلّم للموزعين والتي تُباع مباشرة إلى شركات المقاولات. وأضاف أن «شركات المقاولات درجت على التعاقد مع معظم المصانع في المناطق التي تنفذ فيها مشاريع كبرى من أجل ضمان سير العمل، ما يعني حجز خطوط إنتاج كاملة في المصانع، وذلك ليس جديداً ولم يكن سبباً في نقص الكميات في السوق، فالمصانع ملتزمة بتوفير الكميات المطلوبة في شكل منتظم إلى الموزعين». وأوضح أن بعض الموزعين ومتعهدي بيع الأسمنت يستغلون أي خلل في إنتاجية المصانع لرفع الأسعار، وأحياناً لا ينتظرون سبباً مباشراً فيرفعون السعر ويلقون التهم على المصانع. وارتفع سعر كيس الأسمنت إلى 20 ريالاً في جدة بعدما استغل موزعون عدم حصول بعض زبائنهم على رخص بناء فرفعوا الأسعار. وأشار موزع الأسمنت سليمان بن ناصر الشمر إلى أن «سعر الأسمنت في جدةومكة شهد تذبذباً خلال الأيام التي سبقت عيد الأضحى المبارك وراوح سعر الكيس بين 17 و20 ريالاً، وهو أمر غير نظامي وسببه مشكلات في مصنع أسمنت ينبع، ما تسبب في تكدس الشاحنات أمام المصنع وانتظارها فترة طويلة للحصول على الكميات المحددة لها، ما انعكس مباشرة على نقص الكميات في السوق، فرفع بعضهم الأسعار». ولفت إلى أن «الزبائن الذين لا يملكون رخصة بناء هم أبرز ضحايا هذه التصرفات، إذ يُستغل وضعهم وتُرفع الأسعار من قبل باعة المباسط وبعض الموزعين». وأوضح أن «مصانع الأسمنت تحرص بشدة على عدم حدوث نقص في كميات شركات المقاولات الكبرى المتعاقدة على خطوط إنتاج كاملة، بينما لا نجد ذلك الحرص عندما تنقص كميات الأسمنت من السوق للمستهلك العادي»، متهماً المصانع بسحب كميات من حصة السوق لتعويض النقص الذي يحدث في خطوط الإنتاج المخصصة لتلك الشركات. وبيّن موزع الأسمنت في المنطقة الجنوبية عبدالله الشلوي أن «أزمة نقص الأسمنت تشتد مع حدوث خلل في الإمداد وصعوبة تأمينه للموزعين من المصانع في حال حدوث عطل في أحد خطوط الإنتاج، ما يتسبب في أزمة حقيقية تضطر فيها الشاحنات إلى الانتظار ساعات للحصول على حمولتها المحددة، وهو ما يتكرر كثيراً». وأضاف: المصانع طاقتها محدودة، ونادراً ما تجد مصنعاً يستطيع زيادة إنتاجه لتغطية أزمة، وهذا أحد أسباب شح المعروض. وطالب المصانع بزيادة خطوط الإنتاج خصوصاً في المنطقتين الجنوبية والغربية اللتين تشهدان طلباً كبيراً من المقاولين لإنشاء المشاريع. وألقى مدير مصنع «أسمنت الجنوب» سلطان بن شيلة الكرة في ملعب وزارة التجارة، وحمّلها جزءاً كبيراً من مسؤولية الأزمة التي تتكرر دائماً، وقال «الإجراءات التنظيمية ما زالت تكبل المصانع وتمنعها من افتتاح فروع في المدن التي تشهد زيادة في الطلب، ولو سُمح لها بذلك لكانت انتهت الأزمة»، موضحاً أن «الإنتاج ثابت في كل المصانع والمملكة تشهد مشاريع عمرانية ضخمة. وأكد أن ثبات الإنتاج وزيادة الطلب خلق السوق السوداء التي يلجأ إليها من لا يستطيع الحصول على الأسمنت بأسعار مرتفعة، ما جعل التحكم في السعر يخضع لقانون هذه السوق لا النظام. يُذكر أن وزارة التجارة والصناعة حددت في آذار (مارس) الماضي سعر كيس الأسمنت بما لا يتجاوز 12 ريالاً (تسليم المصنع) و14 ريالاً للمستهلك النهائي في مباسط ومحال بيع الأسمنت، في حين حددت سعر الطن السائب ب240 ريالاً.