رمى رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي كرة الإصلاحات والتعديل الوزاري في ملعب البرلمان، وحمله المسؤولية ووضعه أمام خيارين. وقال في كلمة وجهها إلى الشعب في وقت متأخر الليلة قبل الماضية: «نود أن نوضح أن الأزمة سياسية ويجب حلها بالتفاهم بين كل القوى، ولا يجوز من أجل تحقيق الإصلاحات التأثير في الوضع العسكري أو التضييق على حركة المرور وحريات المواطنين، خصوصاً في المناطق السكنية التي تعيش حالة حرج وقلق». وأشار إلى أن «حق التظاهر مكفول في حدود احترام القانون، ونسعى بكل جد لتلبية التطلعات المشروعة لأبناء شعبنا في تحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص». وأضاف: «لقد عرضت أمام الشعب قبل شهر ونصف الشهر مطلباً للتعديل الوزاري، وطلبت من مجلس النواب وكتله السياسية التعاون لتحقيق التغيير المنشود الذي يساعد في مواجهة التحديات الاستثنائية السياسية والاقتصادية والمالية التي تواجه العراق». وأوضح أن «الكتل أصرت على أن يتم ترشيح الوزراء من قبلها، باعتبار أن النظام البرلماني هو نظام كتل انتخابية يعطيها الحق بالمشاركة في تشكيل الحكومة وفق النسب، وهناك من يطالب باختيار الوزراء من خارج المحاصصة، ما يفسح في المجال لاختيار تشكيلة على أسس جديدة». ودعا الكتل إلى «تحديد موقفها بصورة واضحة وعلنية في هذا الموضوع ، لأن رئيس الحكومة لا يمكنه العمل وتحقيق النجاح في خدمة البلاد ونظامها الديموقراطي من دون تفاهم مع مجلس النواب وانسجام مع كتله السياسية». وأضاف: «في ضوء ذلك، فإنه ليس من الحكمة تقديم تشكيلة وزارية تواجه بالرفض من مجلس النواب، وبالتالي ينتفي الغرض من التعديل الوزاري، وعليه فإن على مجلس النواب أن يحدد بصورة واضحة موقفه وما يطلبه من رئيس الوزراء، هل المطلوب تقديم وزراء من الكتل السياسية أم تقديم وزراء تكنوقراط خارج الكتل والمحاصصة وهل أن تصويته الأخير يعني ذلك أم يعني شيئاً آخر كما يصرح بذلك بعض قادة الكتل؟». وشدد على ضرورة «حسم هذا الموضوع والانتقال إلى مرحلة جديدة في عمل الحكومة وقيامها بواجباتها الجسيمة في المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية وتوفير الخدمات وإعادة الاستقرار والنازحين إلى المدن المحررة»، واعتبر «الأمن والاستقرار وتحقيق الإصلاحات والتغيير الوزاري الذي هو جزء من مشروع الإصلاحات الذي قدمناه في بدايات تشكيل الحكومة ونعتقد بأن تنفيذه يحقق طموحات شعبنا ويلبي تطلعاته المشروعة ونحن مصرون على المضي به مهما بلغت الصعوبات». وفي أول رد فعل على كلمة العبادي، قلل رجل الدين مقتدى الصدر من أهمية ما طرحه، وقال: «أنصح الأخ رئيس الوزراء أن لا يكثر من خطبه ووعوده بلا نفع، خصوصاً أن أغلبها بعيد من تطلعات الشعب العراقي المظلوم». وتابع: «أنصحه أن لا يصب جام غضبه على الاحتجاجات السلمية التي أثبت المتخصصون قانونيتها وسلميتها، بل فليصب جام غضبه على الفساد والمفسدين وكفاه خوفاً وتردداً». وزاد أن «البرلمان أعطاك موعداً أقصاه الخميس (اليوم) فعليك الالتزام به وإلا لن نكتفي بالاستجواب داخل البرلمان، بل لعلنا نصل إلى سحب الثقة». إلى ذلك، قال رئيس البرلمان سليم الجبوري، خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد أمس: «أمام رئيس الحكومة خياران لا ثالث لهما، أما أن يقدم المواصفات المطلوبة للتشكيلة الوزارية التي يراها مناسبة لمعالجة الأزمات ويتعين عند ذلك على الكتل المساهمة في إنضاجها وإخراجها من باب الشراكة والمسؤولية التضامنية، بما يرتقي الى مستوى طموح الجماهير، أو تشكيل حكومة تكنوقراط شاملة. وفي كلتا الحالتين فإن مجلس النواب يعلن استعداده لتهيئة كل الأجواء المناسبة لإنجاح الإصلاحات». وطالب كل القوى ب «مزيد من المرونة والجدية من أجل الخروج بوطننا سالماً معافى من أزماته». وكان الجبوري استقبل في مكتبة الخاص الثلثاء اللجنة المكلفة التعديل الوزاري والتي تضم هادي العامري والقيادي في «المجلس الأعلى» الشيخ حميد معله ومستشار الأمن الوطني فالح الفياض، وحض على «البدء بالإصلاحات انطلاقاً من التعديل الوزاري وانتهاءً بالملفات الأخرى وبما يحقق مطالب وتطلعات الشعب»، مؤكداً أن البرلمان «ينتظر وصول رئيس الوزراء ومعه قائمة التعديل الوزاري لعرضها على المجلس». من جهة أخرى، اشترط رئيس الكتلة الكردية في البرلمان النائب محسن سعدون، أن «تأخذ اللجنة المكلفة اختيار الوزراء في الاعتبار، المكونات والقوميات، ليس بشكل محاصصة، وإنما يجب أن يكون هناك فهم سياسي يؤمن بالدستور والفيديرالية والنظام الاتحادي، وأن يكون الوزراء الجدد من ذوي الكفاءة»، لافتاً إلى أنه «لا يجوز أن نأتي بوزير ضد الدستور»، مشيراً إلى أن «الإقليم لم يرفض الإصلاحات»، وأوضح أن « الموضوع لا يهمنا كثيراً، لأن الشراكات السابقة وطلباتنا الدستورية السابقة لم تطبق مع الحكومات ولم تكتمل». وكانت رئاسة إقليم كردستان، أعلنت في وقت سابق أن التعديلات المقترحة وترشيح أشخاص آخرين للمناصب الوزارية أو إبعاد بعض الوزراء «لم يعد لها أي أهمية تذكر لدى الرئيس (مسعود بارزاني)، ومبدأ الشراكة في الحكومة العراقية لم يعد له أي وجود أو معنى».