لا أحد ينكر أن الشباب هم أمل المستقبل وهم الذين يعول عليهم في الارتقاء بالحضارة وبتطوير المجتمعات ولكن كيف نبني جيل الشباب هذا ونخلق فيه الفكر والابداع في ظل معطيات ليست قادرة على خلق هذا الجيل من الشباب فالبناء يتطلب منظومة متكاملة ليتحقق فيها الأسس المطلوبة لتكوين فكر تقدمي قادر على مواجهة المشكلات ووضع الحلول والتصرف ضمن قوانين وأنظمة لا تخرج عن الأطر القانونية ولا تعترف بالفساد.. لكي نسلم الشباب دفة القيادة لابد وأن نؤهله وندربه على حرفية القيادة... ما يحدث في المناخ العربي من حراك سياسي واقتصادي واجتماعي يسير ضمن منظومة تقليدية موروثة تكرر نفسها ولا تخضع للتطور والتغيير وحتى أوجه التغيير التي تحدث انما تكون ضمن إطار الموروث الفكري والسلطوي والعقائدي والاجتماعي فالتغيير في العالم العربي يشكل تهديدا لكل ماهو موروث لأن الشخصية العربية تخشى مستجدات الأمور وهو أمر ينطبق حتى على أصغر الشؤون الانسانية فالخوف من الجديد هو السمة الغالبة على مجتمعاتنا لأن الاعتقاد السائد في غالبيته يتمحور حول فكرة واحدة :إن التغيير سيصيب مجتمعاتنا بالفساد وهو فكر يخضع لنظرية النعامة التي تدس رأسها بالرمال.. فالفساد أمر واقعي ويحدث في كل تفاصيل مجتمعاتنا.. فهناك فساد الأخلاق وفساد الذمم وأنواع متعددة من الفساد لا نستطيع أن ننكر وجودها ولكننا رغم هذا نرفض الاعتراف بهذا وهو أمر بحد ذاته أعتبره من مظاهر المرض النفسي المتفشي على امتداد الخريطة العربية .. فهل نحن مؤهلين لكي نؤهل أجيال شباب قادرة على خلق تغيير للمفاهيم الموروثة أو حتى القيام بتطويرها ونحن أنفسنا غير قادرين على فهم ما يحدث في مجتمعاتنا. لكي نحقق مناخا ملائما ولكي نخلق جيلاً من الشباب يتولى القيادة ويطالب بالتغيير ويقرر حقه في اختيار طريقة عيشه لا بد وان نكون نحن انفسنا قابلين للتغيير ولدينا مرونة كافية لتفهم المعطيات والمستجات التي تطرأ على العالم حولنا ولا بد أن نكون قادرين على فهم تلك المعطيات بطريقة تغلب عليها الحكمة والمنطق ولا بد أن يكون هناك الكثير من نكران الذاتن والخروج من الأنانية التي تطغى على الشخصية العربية والتي تمتلك السلطة أو تكون في محل يخولها التصرف في شؤوون تلامس احتياجات وشؤون المواطن العادي.. السؤال الذي أعتبره في الوقت الحالي سؤال الحياة هو هل تحقق تأهيل ما لهؤلاء الشباب داخل عالمنا العربي ؟ إن الشباب اليوم يحملون الكثير من خيبات الأمل... الكثير من الاحباط... الكثير من اليأس.... فهل هؤلاء هم من يطالبون بالتغيير.؟... إذن مانوع التغيير الذي سيحدث بعد أن يتحقق لهؤلاء المحبطون القيادة والسلطة ؟ السؤال الآخر... هل تم تأهيل شبابنا من خارج منظومتنا العربية ؟ انه سؤال يحتاج منا لإعادة النظر فيما كان يدور حولنا وداخل مجتمعاتنا دون أن نشعر... أن هناك أيد خفية تكتب لنا مصيرا جديدا يحدده هؤلاء الشباب الذين تم تدريبهم على ان يقودوا مجتمعاتنا لآفاق فكرية تم صناعتها في معامل أجنبية... إن ما يحدث اليوم أعتبره دائرة من الفوضى التي سينجم عنها النظام ولكنها الفوضى المخيفة.. الفوضى التي تتشكل كإعصار هائل قد يأتي على الأخضر واليابس... ويبقى لنا أن ننتظر أو يبقى لنا أن نعي وان كان بعد فوات الأوان أننا لا بد وأن نتدارك ما فاتنا ولننهض بانسان عربي جديد خال من الاحباط ومفعم بالكرامة... وهي كرامة لا تأتي إلا في ظل الأخذ بيد الشباب واحتوائهم والنظر في متطلباتهم واحتياجاتهم... هكذا هو الأمر بمنتهى البسطة... فلنمنح الشباب أسباب الحياة.. لنمنحهم الكرامة ولسوف نهيأهم لقيادة أمتنا. شاعرة واعلامية سعودية [email protected]